الأصول الخمسة
بسم الله الرحمن الرحيم
روى علي بن عامر، قال: قال القاسم بن إبراهيم صلوات الله عليه:
من لم يعلم من دين الإسلام خمسة من الأصول، فهو ضآل جهول.
أولهن: أن الله سبحانه إله واحد ليس كمثله شيء، بل هو خالق كل شيء، يدرك الأبصار ولا تدركه الأبصار وهو اللطيف الخبير.
والثاني من الأصول: أن الله سبحانه عدل غير جائر، لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يعذبها إلا بذنبها، لم يمنع أحدا من طاعته بل أمره بها، ولم يدخل أحدا في معصيته بل نهاه عنها.
والثالث من الأصول: أن الله سبحانه صادق الوعد والوعيد، يجزي بمثقال ذرة خيرا، ويجزي بمثقال ذرة شرا، من صيره إلى الثواب فهو فيه أبدا خالد مخلد، كخلود من صيره إلى العذاب الذي لا ينفد.
والرابع: من الأصول أن القرآن المجيد فصل محكم، وصراط مستقيم لا خلاف فيه ولا اختلاف، وأن سنة رسول الله صلى الله عليه ما كان لها ذكر في القرآن ومعنى.
والخامس من الأصول: أن التقلب بالأموال في التجارات والمكاسب في وقت ما تعطل فيه الأحكام، وينتهب ما جعل الله للأرامل والأيتام، والمكافيف والزمناء، وسائر الضفعاء، ليس من الحل والإطلاق كمثله في وقت ولاة العدل والإحسان، والقائمين بحدود الرحمن.
فجميع هذه الأصول الخمسة لا يسع أحدا من المكلفين جهلها، بل تجب عليهم معرفتها.
تم كتاب الخمسة الأصول والحمد لله كثيرا.
صفحہ 362
[فروض الله على المكلفين]
قال القاسم بن إبراهيم، صلوات الله عليه:
سألتم، يا ولدي، وفقكم الله للرشاد، عن أمهات فروض الله على من كلفهن من العباد، وأحببتم أن تعلموا من جملهن، أصولا كافية في تفسير كلهن، بقول جزم مختصر، قريب المأخذ والمدكر، ليس فيه حيرة ولا تخآؤل، ولا تكثر منه الأقوال.
فأول - يا بني- فرض الله على خلقه، ومقدمات أمهات فرضه، الإيقان لله بوحدانيته، والإقرار له بربوبيته، لأن من أقر لله بالربوبية عرف أنه لله عبد، ومن أيقن له بوحدانيته علم أنه ليس له والد ولا ولد، وبرئ عنده من مكافأة الأنداد ، وعز وجل ثناؤه عن مناوأة الأضداد، [لأنه] لا يكون من معه ند أو ضد، ومن له في الأوهام والد أو ولد، أحدا أبدا، وصمدا فردا.
وكيف يكون عند من توهم ذلك فيه سبحانه واحدا، وقد توهم معه أبا وابنا أو ندا أو ضدا، ومن شبه الله بشيء من خلقه، فقد خرج من المعرفة بالله وحقه، وجعل لله ندا مماثلا، وكفيا ونظيرا معادلا، في كل ما يشبهه به فيه من أوصاف الخلق في معنى واحد أوفي كل معنى، لأن في تشبيهه له سبحانه، بمعنى واحد من الخلق، إبطال الوحدانية، ومفارقة الأزلية، ومن جور الله في حكمه فقد أشرك به، إذ شبهه بالجائرين، وخرج بتجويره له في حكمه من توحيد الله رب العالمين، وكان بفريته على الله في ذلك من المشركين، حكمه حكمهم، واسمه اسمهم، لأنه أشرك بين الله وبين الجائرين في الجور، ومثله سبحانه بهم فيما مثل فيه بينه وبينهم من الأمور.
وكذلك كل تمثيل أو تشبيه قيل به فيما بين الله وبين خلقه فهو شرك بالله صريح، ومعنى شرك صاحبه به فهو شرك في اللسان صحيح، لأنه أشرك بين الله وغيره، قال به في ذات الله أو تجويره.
صفحہ 363
وكل من وصف الله بهيئات خلقه، أو شبهه بشيء من صفاتهم، أو توهمه صورة ما كان من الصور، أو جسما ما كان من الأجسام، أو شبحا، أو أنه في مكان دون مكان، أو أن الأقطار تحويه، أو أن الحجب تستره، أو أن الأبصار تدركه. من جميع خلائقه أو شيء منها، أو أن شيئا من خلائقه يدرك شيئا مما خلق، وذرأ وبرأ، أو مما كان أبد الأبد، فقد نفاه وكفر به وأشرك، وعبد غيره.
فافهموا، وفقنا الله -وكل مؤمن- لإصابة الحق وبلوغ الصدق، إنه قريب مجيب.
صفحہ 364
[فصل في التوحيد والعدل]
بسم الله الرحمن الرحيم.
من عجز إدراك الحواس بارئها ثبت له التوحيد، وباستحقاق التوحيد ثبت العدل، لأن المتفرد بالوحدانية لا يجور، لوجود الجور فيمن ليس بواحد، ولما ثبت العدل وجب الوعد للمطيع، والوعيد على العاصي، ولما صح الوعد والوعيد وجب التحاجز بين المتظالمين، وهو بالرسول الآمر الناهي، بما آتاه الله، بعد استحقاقه للرسالة منه بالطاعة، والإتصال به، فأظهر عليه علامة الإتصال بالمعجزات والدلالات، فرقا بين المتصل والمنقطع عن الله، ليصح صدق خبر رسوله عنه، وكما لم يجز في العقل مشافهة الباري، وخطابه لخلقه، خاطبهم منهم بهم، بجنسهم ومثلهم، إذ ليس في فطرهم غير ذلك .
تم والحمد لله كثيرا.
صفحہ 365
[مذهب القاسم في الأصول]
إن سأل سائل فقال: ما مذهبك ؟ فقل: أنا قاسمي المذهب في القول بالتوحيد والعدل، ونفي الجور والتشبيه عن الله، ورأي السيف في القريب والبعيد، إذا عاند بعد الإنذار والبيان، فاطمي المقال موالاة العترة والقول بإمامة سبطي الأئمة سيدي شباب أهل الجنة، وفي إثبات الدعوة وإيجاب البيعة لمن قام بالحق من ولديهما عليهما السلام، إذا كان عالما بالحق عاملا بأحكامه، داعيا إلى سبيل ربه، ناصرا لأهله، وعلوي السيرة في موالاة الأولياء ومنابذة الأعداء، والصبر على البلوى، والغمض على القذى، مع شهر السيف على من ينكث البيعة، ويحرف عن الدين، ويخرج عن إمام المسلمين، فهذا مذهبي وديني، فمن أبى أنكر، ومن أحب أقر، فأنا لا أبالي بإنكار منكر و[لا] أباهي بإقرار مقر، لأني أرى الحق لا يستوحش من الوحدة، ولا يبالي عمن أعرض وتولى. والسلام.
صفحہ 366
[أصول الدين]
قال القاسم بن إبراهيم عليه السلام أصول الدين ثمانية عشر أصلا:
أولها: التوحيد.
2- والعدل.
3- وتصديق الوعد.
4- والوعيد.
5- والنبوة.
6- والإمامة.
7- والولاء.
8- والبراء.
9- والصلاة.
10- والزكاة.
11- والصوم.
12- والحج.
13- والجهاد.
14- والأمر بالمعروف.
15- والنهي عن المنكر.
16- وبر الوالدين.
17- وصلة القرابة.
18- وأن تحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لنفسك، فجملة ذلك ثمانية عشر أصلا.
ثم اعلم أن لكل أصل من ذلك حقيقة، فحقيقة التوحيد: نفي جميع صفات التشبيه عنه، وحقيقة العدل: نفي الفاقة، وحقيقة تصديق الوعد والوعيد: الخلود، وحقيقة النبوة: المعجزات، وحقيقة الإمامة: الأربع الخصال، القرابة من رسول الله صلى الله عليه، والعلم البارع، والزهد، والشجاعة، وحقيقة الولاء والبراء: الحب في الله والبغض في الله، وحقيقة الصلاة: المحافظة على أوقاتها والمواظبة لها. والخمس من الطهارة، وهي طهارة القلب، وطهارة البدن، وطهارة اللباس، وطهارة الماء، وطهارة المصلى.
والست الخصال:
أولها: الأذان، والافتتاح، والتكبيرة، والقراءة، والتسبيح، والتسليم.
صفحہ 367
وحقيقة الزكاة: أخذها من حقها وصرفها في أهلها، وحقيقة الصيام: اجتناب الرفث، ومجالسة أهل البغي، وحقيقة الجهاد: بذل المال والمهجة، وأن لا يولي دبره إلا متحرفا لقتال أو متحيزا إلى فئة، وحقيقة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: قول النبي صلوات الله عليه: ( من غابت عليه شمس نهاره ولم يأمر بمعروف ولم ينه عن منكر فقد تبوأ مقعده من النار )، وحقيقة بر الوالدين: قول الله عز وجل: { ولا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما } [الإسراء: 23]، وحقيقة صلة القرابة: التفقد لهم والاطلاع لأحوالهم، فمن كان منهم مؤمنا كان عليك أن تؤدي ما في رقبتك من حقه، لأن حقه فرض عند الله، وذلك قول الله سبحانه :{ الذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب } [الرعد: 21]، ومن كان منهم عاصيا وعظته، لقول الله سبحانه :{ وأنذر عشيرتك الأقربين } [الشعراء: 214]، وتحب للناس ما تحب لنفسك، وتكره لهم ما تكره لها، وهذا بحر عميق، غرق فيه بشر كثير.
صفحہ 368