والسنان فكلاهما فِي نَصره أَخَوان شقيقان وَكِلَاهُمَا شجيع لَا يتم إِلَّا بشجاعة الْقلب وثبات الْجنان وَهَذِه الْمنزلَة الشَّرِيفَة والمرتبة المنيفة مُحرمَة على كل مهين جبان كَمَا حرمت عَلَيْهِ المسرة والأفراح وأحضر قلبه الهموم والغموم والمخاوف وَالْأَحْزَان فَهُوَ يحْسب أَن كل صَيْحَة عَلَيْهِ وكل مُصِيبَة قاصدة إِلَيْهِ فقلبه بالحزن مغمور بِهَذَا الظَّن والحسبان
وَقد علم أَن الفروسية والشجاعة نَوْعَانِ فأكملها لأهل الدّين وَالْإِيمَان وَالنَّوْع الثَّانِي مورد مُشْتَرك بَين الشجعان
وَهَذَا مُخْتَصر فِي الفروسية الشَّرْعِيَّة النَّبَوِيَّة الَّتِي هِيَ من أشرف عبادات الْقُلُوب والأبدان الحاملة لأَهْلهَا على نصْرَة الرَّحْمَن السائقة لَهُم إِلَى أَعلَى غرف الْجنان علقته على بعد من الأوطان واغتراب عَن الْأَصْحَاب والإخوان وَقلة بضَاعَة فِي هَذَا الشَّأْن فَمَا كَانَ فِيهِ من صَوَاب فَمن فضل الله وتوفيقه وَمَا كَانَ فِيهِ من خطأ فَمن الشَّيْطَان وَالله وَرَسُوله مِنْهُ بريئان
فَأَقُول وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَان وَعَلِيهِ التكلان
ثَبت عَن النَّبِي ﷺ أَنه سَابق بالأقدام وَثَبت عَنهُ أَنه سَابق بَين الْإِبِل وَثَبت عَنهُ أَنه سَابق بَين الْخَيل وَثَبت عَنهُ أَنه حضر نضال السِّهَام وَصَارَ مَعَ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ فَأَمْسَكت الْأُخْرَى وَصَارَ مَعَ الطَّائِفَتَيْنِ كلتيهما وَثَبت عَنهُ أَنه رمى بِالْقَوْسِ وَثَبت عَن الصّديق أَنه رَاهن كفار مَكَّة على غَلَبَة الرّوم للْفرس وراهنوه على أَن لَا يكون ذَلِك وَوَضَعُوا الْخطر من الْجَانِبَيْنِ وَكَانَ ذَلِك بِعلم النَّبِي ﷺ وإذنه وَثَبت عَنهُ ﷺ أَنه طعن بِالرُّمْحِ وَركب الْخَيل مسرجة ومعراة وتقلد السَّيْف
1 / 84