أيها الصديق ليس من العدل أن تقاطع أصحابك في حين أنت وشيك المفارقة لهم. ولقد انتظرتك أمس أنا وسلفي فلم تأت، وعسى أن لا يضيع انتظارنا في هذا المساء. والسلام.
ميلادي
فلما أتم قراءة الرسالة قالت له كاتي: هل أنت ذاهب؟ قال: نعم، وهو ما تدعوني إليه الضرورة لئلا توجس مني شيئا في انقطاعي بعد كثرة ترددي، وأخاف أن يلحق بك من ذلك مكروه، وكيف كان الحال فلا سبيل لك إلى الغيرة علي، فليست زيارتي لها بزيارة عشق بل زيارة استطلاع لما في القلوب، فاطمئني وانصرفي. فانصرفت.
ولما كانت الساعة التاسعة ذهب دارتانيان إلى ميلادي ودخل عليها فوجدها جالسة على مرتبة وهي مصفرة الوجه وفي عينيها أثر الحزن والوجد، فاستخبرها عن حالها فقالت: في كرب شديد. قال: إذن أخرج عنك فأنت في حاجة إلى الراحة؟ قال: لا، بل تظل لدي فإن مقامك عندي يخفف عني بعض ما بي، فقال دارتانيان في نفسه: أراها تزيد لينا ولطافة، فيجب أن أحذرها وقد قيل:
إن الأفاعي وإن لانت ملامسها
عند التقلب في أنيابها العطب
ثم قالت له: هل لك خليلة؟ فتنهد وقال:
تسائلني من أنت وهي عليمة
وهل بفتى مثلي على حاله نكر
تسألينني عن ذلك وأنا لك عاشق وبك مفتون من يوم رأيتك حتى صح في ما قيل:
نامعلوم صفحہ