ایرانی فنون اسلامی دور میں
الفنون الإيرانية في العصر الإسلامي
اصناف
36
وذاع صيت بهزاد في إيران وفي غيرها من البلاد التي كانت لها بالإيرانيين صلات فنية، وفاق في الشهرة من سبقه من المصورين ومن عاصره أو خلفه منهم؛ فأثنى عليه المؤرخون الثناء الجم، وقرنوه بماني الذي يضرب به المثل عند الإيرانيين في إتقان التصوير، وقالوا : إن مهارته محت ذكرى سائر المصورين، وإن شعره من فرشاته قد أكسبت الجماد حياة ... إلخ، كما أعجب به الملوك والأمراء فتسابقوا إلى جمع آثاره الفنية وكتب عنه «بابر» القيصر الهندي المغولي أنه أعظم المصورين قاطبة.
وعندما أقبل بعض مؤرخي الفنون من الغربيين على دراسة التصوير الإسلامي عرفوا لبهزاد منزلته الجليلة، ولكن بعض المحدثين منهم يرون أنه نال أكثر مما يستحق
37 - وفي رأينا أن هذا الزعم الأخير مبالغ فيه إلى حد كبير.
على أن هذه الشهرة الواسعة التي أصابها بهزاد جعلت من الصعب أن نعرف على وجه التحقيق كل آثاره الفنية؛ لأن المصورين أقبلوا على تقليده بل كانوا يكتبون اسمه على الصور التي يرسمونها إعلاء لشأنها، كما أن تجار العاديات وبعض الهواة كانوا ينسبون إليه صورا ليست من عمله رغبة منهم في الكسب الوافر. والحق أن هذا جعل دراسة أسلوبه الفني أمرا عسيرا؛ فإننا لا نستطيع أن نطمئن إلى حكم نصدره بعد بحث الصور القليلة التي يثبت قطعيا نسبتها إليه.
وثمة صور أخرى ليست بعيدة كل البعد عن أسلوبه في الرسم، ولكن ليس عليها إمضاءه، ولعل الخير كل الخير في مواصلة الدرس والموازنة؛ حتى يمكن أن نعرف عن حقيقة آثاره الفنية أكثر مما نعرف الآن.
38
وكان بهزاد من أوائل المصورين المسلمين الذين عنوا بوضع إمضائهم على آثارهم الفنية، وقد استطاع بفضل علو مكانته أن ينتصر على الخطاطين انتصارا مبينا؛ فقد ذكرنا أنهم كانوا أعلى منزلة من المصورين، وكانوا يتحكمون في حجم الصور، وفي انتقاء الموضوعات، وفي تحديد الفراغ الذي يتركونه في صفحات المخطوطات ليرسم فيه المصورون، ولكن بهزاد قضى على ذلك كله واختار الموضوعات التي أرادها، ورسمها بالحجم الذي كان يبتغيه في صفحة أو صفحتين متجاورتين.
وامتاز بهزاد ببراعته العظيمة في مزج الألوان وتفهم أسرارها، وفي التعبير في صوره عن الحالات النفسية المختلفة، وفي رسم العمائر والمناظر الطبيعية، وأنك لتحس أمام آثاره الفنية أن بين يديك صورا أرستقراطية، بهدوئها، وحسن ذوقها، وإبداع التركيب فيها، ودقة الزخرفة وانسجامها؛ مما يشهد بأن بهزاد كان المصور الكامل الذي انتهى على يديه تطور التصوير الإيراني في عهد المدرستين الإيرانية المغولية ثم التيمورية.
وقد عاش بهزاد طويلا، وتنسب إليه صور عديدة من القرنين التاسع والعاشر بعد الهجرة (الخامس عشر والسادس عشر بعد الميلاد) وكثير من هذه الصور تمثل دراويش من العراق وإيران. ومما كتبه أحد المؤلفين الهنود عن بهزاد أنه لم يحرز هذه الشهرة الواسعة؛ لأنه سار بأساليب التصوير الإيراني إلى الكمال الطبيعي الذي كان مقدرا له أن يصل إليه في تطوره فحسب، بل لأنه سار به أبعد من ذلك؛ فأدخل فيه عنصرا من الحب الإلهي؛ لتأثره بمذهب الصوفية الذي بلغ أوج عظمته في إيران قبيل أن يولد بهزاد وحين كان صبيا.
نامعلوم صفحہ