[68] أخبرنا أبو القاسم الطبراني ، حدثنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي الدمشقي ، بدمشق سنة سبع وسبعين ، حدثنا سليمان بن عبد الرحمن ابن بنت شرحبيل ، حدثنا إسماعيل بن عياش ، عن يحيى بن أبي عمرو السيباني ، عن عبد الله بن الديلمي ، قال : " أتى رجل ابن عباس ، فقال : بلغنا أنك تذكر سطيحا ، تزعم أن الله عز وجل خلقه ، ولم يخلق من ولد آدم شيئا يشبهه ؟ قال : نعم ، إن الله عز وجل خلق سطيحا الغساني لحما على وضم ، والوضم : شراح من جريد ، وكان يحمل على وضمه ، فيؤتى به حيث يشاء ، ولم يكن فيه عظم ، ولا عصب إلا الجمجمة والكفين ، وكان يطوى من رجليه إلى ترقوته ، كما يطوى الثوب ، ولم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه ، فلما أراد الخروج إلى مكة ، حمل على وضمه ، فأتي به مكة ، فخرج إليه أربعة من قريش : عبد شمس ، وعبد مناف ابنا قصي ، والأحوص بن فهر ، وعقيل بن أبي وقاص ، انتموا إلى غير نسبهم ، وقالوا : نحن أناس من حج ، أتيناك لما بلغنا قدومك ، ورأينا أن إتياننا إياك حق لك ، واجب علينا ، وأهدى إليه عقيل صفيحة هندية ، وصعدة ردينية ، فوضعت على باب البيت الحرام ؛ لينظروا هل يراهما سطيح أو لا ؟ فقال : يا عقيل ، ناولني يدك ، فناوله يده ، فقال : يا عقيل ، والعالم الخفية ، والغافر الخطية ، والذمة الوفية ، والكعبة المبنية ، إنك الجاي بالهدية ، الصفيحة الهندية ، والصعدة الردينية ، فقالوا : صدقت يا سطيح ، فقال : والآت الآت بالفرح ، وقوس قزح ، وسائر الفرح ، والحطيم المنبطح ، والنخل والرطب والبلح ، إن الغراب حيث مر سلح ، فأخبر أن القوم ليسوا من جمح ، وإن نسبهم في قريش ذي البطح ، قالوا : صدقت يا سطيح ، نحن أهل البلد الحرام ، أتيناك لنزورك لما بلغنا من علمك ، فأخبرنا عما يكون في زماننا ، وما يكون بعد إن يكن عندك في ذلك علم ، قال : الآن صدقتم ، خذوا مني من إلهام الله عز وجل إياي ، أنتم يا معشر العرب ، في زمان الهرم ، سواء بصائركم ، وبصيرة العجم ، لا علم عندكم ، ولا فهم ، وينشأ من عقبكم ذوو فهم ، يطلبون أنواع العلم ، يكسرون الصنم ، يبلغون الردم ، يقتلون العجم ، يطلبون الغنم ، قالوا : يا سطيح ، ممن يكون أولئك ؟ فقال لهم : والبيت ذي الأركان ، والأمن والسكان ، لينشأن من عقبكم ولدان يكسرون الأوثان ، وينكرون عبادة الشيطان ، ويوحدون الرحمن ، وينشرون دين الديان ، يشرفون البنيان ، ويستفتون العميان ، قالوا : يا سطيح ، من نشوء من يكون أولئك ؟ قال : وأشراف الأشراف ، والمحصي لإسراف ، والمزعزع الأحقاف ، والمضعف الأضعاف ، لينشأن آلاف من عبد شمس ، ومناف ، نشوءا يكون فيهم اختلاف ، قالوا : يا سوأتاه ، يا سطيح ، مما تخبر من العلم بأمرهم ، ومن أي بلد يخرج أولئك ؟ فقال : والباقي الأبد ، والبالغ الأمد ، ليخرجن من ذي البلد نبي يهدي إلى الرشد ، يرفض يغوث والفند ، يبرأ من عبادة الصدد ، يعبد ربا انفرد ، ثم يتوفيه الله محمودا ، من الأرض مفقودا ، وفي السماء مشهودا ، ثم يلي أمره الصديق ، إذا قضى صدق ، في رد الحقوق لا خرق ، ولا ترق ، ثم يلي أمره الحنيف محرب غطريف ، يترك قول العنيف ، قد صاف المصيف ، وأحكم التجنيف ، ثم يلي أمره وازع لأمره مجرب ، فيجتمع له جموع وعصب ، فيقتلونه نقمة عليه ، وغضبا ، فيؤخذ الشيخ ، فيذبح إربا ، فيقوم به رجال خطبا ، يعني عثمان رضي الله عنه . ثم يلي أمره الناصر ، يخلط الرأي برأي باكر ، يظهر في الأرض العساكر ، يعني معاوية رضي الله عنه . ثم يأتي بعده ابنه يأخذ جمعه ، ويقل حمده ، ويأخذ المال ، ويأكل وحده ، ويكثر المال لعقبه من بعده ، ثم يلي بعده عدة ملوك ، الدم لا شك فيهم مسفوك ، ثم يلي من بعده الصعلوك ، يطأهم كطية الدرنوك ، يعني أبا العباس ، ثم يلي من بعده عصفور يقصي ويدني نفرا ، يفتح الأرض افتتاحا منكرا ، يعني أبا جعفر ، ثم يلي قصير القامة ، بظهره علامة ، يموت موتا وسلامة ، يعني المهدي ، ثم يلي أمره قليل ماكر ، يترك الملك باكر ، ثم يلي أخوه بسنته سائر ، يختص بالأموال والمنابر ، ثم يلي أمره من بعده أهوج ، صاحب دنيا ، ونعيم محتلج ، شاوره تنادره ، ومعاشره ودودة ينهضون إليه يخلعونه ، يأخذون الملك ويقتلونه ، ثم يلي أمره من بعده السابع ، يترك الملك مخلا ضائعا ، يثور في ملكه كل مشوه جائع ، عند ذلك يطمع في الملك كل عرثان ، ويلي أمره الصبيان ، يرضي نزارا بجمع قحطان ، إذا التقى بدمشق جمعان ، بين بيسان ولبنان ، تصنف اليمن يومئذ صنفين : صنف المشوه ، وصنف المحذول ، لا يرى إلا خباء محلولا ، وأسيرا مغلولا ، بين الفرات والجبول ، عند ذلك تخرب المنازل ، وتسلب الأرامل ، وتسقط الحوامل ، وتظهر الزلازل ، وتطلب الخلافة وائل ، فيغضب نزار ، ويدنى العبيد والأشرار ، ويقصى النساك والأخيار ، وتغلوا الأسعار في صفر الأسفار بقتل كل جبار ، ثم يسيرون إلى خنادق وأنهار ذات أسفال وأشجار ، يصمد لهم الأغمار ، يهزمهم أول النهار ، فيظهر الأخيار ، فلا ينفعهم نوم ولا قرار ، حتى يدخل مصرا من الأمصار ، فيدركه القضاء والأقدار ، ثم يجيء الرماة ، تلف مشاة ، بقتل الكماة ، وأسر الحماة ، ومهلك الغواة ، هناك يدرك في أعلى المياه ، ثم يثور الدين ، وتتقلب الأمور ، ويكفر الزبور ، ويقطع الجسور ، فلا يفلت إلا من كان في جزائر البحور ، ثم يثور الجريب ، ويظهر آلأعاريب ، ليس فيهم صعيب ، على أهل الفسق والمريب ، في زمان عصيب ، لو كان للقوم حيا ، وما يغني المنى ، قالوا ، ثم ماذا يا سطيح ؟ قال : يظهر رجل من أهل اليمن ، أبيض كالشطن ، يذهب الله عز وجل على رأسه الفتن " *
صفحہ 140