Fundamentals and Methods of Da'wah 3 - Al-Madinah International University
أصول الدعوة وطرقها ٣ - جامعة المدينة
ناشر
جامعة المدينة العالمية
اصناف
حياة النبي ﷺ قبل البعثة:
بعدما تزوج محمد ﷺ من خديجة ﵂ لم يعد محتاجًا لمال يسعى لتحصيله، أو ينشغل في العمل من أجل كسبه، فلقد أغناه الله بمال خديجة ﵂ وأغناه كذلك برضا النفس، وهدوء البال، وأغناه بالميل نحو التأمل والتفكير، لذلك نراه ﷺ يبدأ حياة التأمل، ويتفرغ للتحنث، بعيدًا عن صخب الحياة وضجيج العمل.
وفي فترة ما قبل البعثة عاش محمد ﷺ وعاش العالم كله مقدمات البعثة، والتي منها كثرة المبشرات.
تمتلئ كتب السيرة والتاريخ بالمبشرات الكونية والإنسانية، التي أشارت إلى قرب ظهور نبي في بلاد العرب، يُبعث للعالم كله لنشر العدل وتحقيق الأمن والسلام، وقد أتت أغلب هذه المبشرات من أحبار اليهود ورهبان النصارى، وكهان العرب.
إن مبشرات أهل الكتاب -من اليهود والنصارى- هي مبشرات صحيحة؛ لشهادة القرآن الكريم، حيث بيَّن الله تعالى بصورة قاطعة معرفة الأحبار والرهبان برسالة محمد ﷺ وتحديد مواصفاته، ومكان ظهوره، وطبيعة رسالته العالمية. يقول الله تعالى: ﴿الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾ (البقرة: ١٤٦).
ودلالة الآية صريحة في أن أهل الكتاب -وهم اليهود والنصارى- يعرفون محمدًا ورسالته معرفة تفصيلية، ومع ذلك فقد جحد فريق منهم نبوة محمد ﷺ وكتم ما يعرفه.
وإنما شبه معرفتهم له ﷺ بمعرفتهم بأبنائهم، ولم يشبهه بمعرفتهم بأنفسهم؛ لأن الوالد يعرف ابنه في كل وقت وفي كل حال، وقد يغفل عن نفسه أحيانًا.
1 / 79