Foundations and Methods of Da'wah 1 - Al-Madinah University
أصول الدعوة وطرقها ١ - جامعة المدينة
ناشر
جامعة المدينة العالمية
اصناف
ولقد كانت قَطرات الدّم الأولى في تاريخ البشرية، حينما امتدت يَد قابيل لِقتل أخيه هابيل حَسدًا وبَغيًا وظلمًا، هي بداية النَّزيف الدَّموي بين بني الإنسان من خلال التنافس على الدنيا، واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان، واستعباده وانتهاك عِرضه وسَلب وأمواله. وأصبح هذا سِمةً من سِمات الدنيا، ومَعلَمًا واضحًا في تاريخ البشرية، ولا سيما حينما تَبتعد عن وحي السماء، ورسالات الأنبياء، وسلوك عباد الله الأتقياء.
وإنّ ما شَهده العالَم في القرن الماضي من حَربيْن عالَميّتيْن أزهقتا أرواح ما يزيد عن الخَمسين مليونًا من البَشر، وما تَشهده البَشرية مَطلع هذا القَرن من افتراس الدّول القَويّة الكُبرى للدّول والشُّعوب الضَعيفة، ما هو إلاّ بسبب تَخلِّي أمّة الدَّعوة إلى الله عن رسالتها، وتهاونها فيما شرّفها الله به وكرّمها بحَمْله.
فالمسلمون وحْدهم دون غَيرهم من أمم الأرض وشعوب الدنيا، مطالبون شرعًا وعقلًا أن يَمسحوا آلام البشريّة، وأن يُوقفوا نَزيف الدماء المستمر، وأن يَهْدوا العُقول الحائرة، والقُلوب الضالة، وأن يرُدّوا النفوس التائهة والشاردة إلى فطرة الله التي فطر الناس عليها، كما قال الله تعالى: ﴿فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ (الروم:٣٠).
وإنّ المستضعَفين في العالَم والمُضطهَدين من الأفراد والجَماعات، ليتطلّعون إلى أمّة الدّعوة أن تدعُوَهم إلى الإيمان، وتبلّغ إليهم الإسلام، وتَشرح لهم عقائده وعباداته وأخلاقه، وأن تخلِّص العالَم من كابوس الكُفر والجَهل. قال تعالى مُخاطبًا أمّة الدعوة ومعاتبًا لها الرّكونَ إلى الأرض، والتخاذلّ عن نجدة المقهورين والمغلوبين: ﴿وَمَا لَكُمْ لاَ تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ
1 / 70