79
ذلك، فقد يكتب المرء سيرة رجل من النكرات، أو سيرة رجل عادي، ثم ينسى كتابه بعد صدوره بقليل. إن المتعة التي يتبعثها القصة في نفوس القراء، لا تحققها السير إلا أن كانت قائمة على شخصية لها مميزاتها الفارقة، سواء كانت تلك المميزات مستمدة من الأحداث الدائرة حولها، أو من طبيعة السلوك الخلقي والنفسي. وفي حياة كل شخص فترات جامدة متوقفة لا نشاط فيها، ولا يستطيع كاتب السيرة أن يظهر هذه الفترات، فإذا كثرت تلك الفترات الراكدة في حياة أحد الناس، لم تكن حياته صالحة تمامًا لأن تصاغ في سيرة، ولو كان شخصًا متألقًا في الحياة الاجتماعية. وإذا كانت حياة إنسان هادئة في الخارج قائمة على الصراع في الداخل، كان من العسير أن يصورها كاتب السيرة لأن الذي يفهم هذا الصراع ويعرف دواعيه وأوقاته هو ذلك الإنسان نفسه، فإذا لم يصرح بها أو يكتب مذكراته عنها، بقيت محجبة عن اعين الجمهور، مجهولة عند كل إنسان، عدا صاحبها. ولذلك كان لا بد لنجاح السيرة من هذا التعاون بين الحيوية الخارجية المتصلة بالمجتمع، والصراع النفسي الداخلي؛ ولا بد من بعض التقلبات والأعاصير التي تحتاج حياة شخص ما لتجعل منها موضوعًا صالحًا للسيرة، مثيرًا لشهوة الاستطلاع. إن اندريه موروًا نفسه لا يستطيع أن يكتب أي سيرة أخرى ثلما كتب سيرة شللي، لأن في حياة شللي نفسه من الأحداث والتقلبات والثورات، ما يبث المتعة في

1 / 81