فتنہ کبریٰ علی و بنوہ
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
اصناف
أمرتهم أمري بمنعرج اللوى
فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد
فلما عصوني كنت منهم وقد أرى
غوايتهم وأنني غير مهتد
وهل أنا إلا من غزية إن غوت
غويت وإن ترشد غزية أرشد
وأكاد أشهد الأشعث بن قيس وقد استقام له كل ما أراد، فهو جذلان مسرور لا يكتفي بالرضى والغبطة، وإنما يأخذ الصحيفة فيمشي بها في الجيش يقرؤها على الجند ويكلف من يقرؤها عليهم حين تجهده القراءة، والجند يسمعون فيرضى كثير منهم؛ لأن الحرب قد كفت عنهم، وتسخط منهم جماعة غير قليلة لأنهم يرون في هذه الحكومة وصحيفتها انحرافا عن الدين، ومخالفة عما أمر الله به في القرآن، فمنهم من كان يقول: أتحكمون الرجال في دين الله؟ ومنهم من كان يكتفي بهذه الصيحة التي أصبحت شعارا للخوارج فيما بعد: «لا حكم إلا لله»، ومنهم من كان يخرجه الغضب عن طوره فلا يكتفي بالقول وإنما يضيف إليه العمل، فقد يقال إن رجلا من هؤلاء المنكرين للحكومة كره أن يشارك أصحابه، فاستل سيفه وصاح: لا حكم إلا لله. ورمى بنفسه جيش أهل الشام، فقاتل حتى قتل.
ومن المحقق أن عروة بن أدية، أخا ذلك الخارجي الذي حفظ التاريخ اسمه، وهو مرداس أبو بلال، لم يكد يسمع ما قرئ عليه من الصحيفة حتى ثار بالأشعث يريد أن يقتله، فنفرت دابة الأشعث وأصاب سيف عروة عجزها، وكاد الشر أن يقع بين اليمانية أصحاب الأشعث والتميمية قوم عروة، لولا أن مشت وجوه تميم فاعتذروا إليه حتى رضي.
وما ينبغي أن ندع جيش علي يترك صفين دون أن نبين حجة هؤلاء الذين أنكروا الصحيفة وكرهوا الحكومة، وكان لهم بعد ذلك في تاريخ الإسلام شأن أي شأن! وحجتهم كانت واضحة أشد الوضوح وأقواه، جاء بها القرآن صريحة لا لبس فيها؛ فالله عز وجل يقول:
وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بغت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين * إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون .
نامعلوم صفحہ