فتنہ کبریٰ علی و بنوہ
الفتنة الكبرى (الجزء الثاني): علي وبنوه
اصناف
وجعل الناس يسمعون لها ويتأثرون بها، وكيف لا يتأثرون وهي أم المؤمنين وحبيبة رسول الله التي مات بين سحرها ونحرها، وبنت أبي بكر الصديق الذي صحب النبي في الهجرة وأنزل الله فيه ما أنزل من القرآن، والذي لم يكن المسلمون يعدلون به أحدا بعد رسول الله
صلى الله عليه وسلم ؟!
كان الناس إذن يسمعون لها ويتأثرون بما كانوا يسمعون منها، وكان كتاب علي بتولية خالد بن العاص بن المغيرة على مكة قد وصل إلى مكة وهي أشد ما تكون من الثورة؛ لما كانت تسمع من حديث عائشة، فكان ما كان من رفض البيعة وإلقاء الكتاب الذي كتبه علي في سقاية زمزم، وبعد ذلك بقليل أقبل طلحة والزبير، فانضموا إلى من كان بها من الغاضبين لعثمان المخالفين لعلي، ومنذ ذلك اليوم أصبحت مكة مثابة لكل من كان ينكر إمامة علي من غير أهل الشام.
الفصل السادس
وقد جعل القوم يأتمرون، فاتفقوا على أن هذه الفتنة قد أحدثت في الإسلام حدثا خطيرا: قتل الخليفة مظلوما، ولا بد من القيام في هذا الأمر بما يرأب الصدع ويقيم دين الله كما ينبغي أن يقام، وأول ذلك أن يثأر لعثمان من الذين قتلوه مهما يكونوا، ثم يرد أمر المسلمين شورى بينهم فيختاروا لخلافتهم من يريدون عن رضى النفوس وهوى القلوب واطمئنان الضمائر والنصح للإسلام والمسلمين، لا عن عنف ولا استكراه ولا خوف من السيوف المسلطة على الأعناق، ثم جعلوا يأتمرون في الطريقة التي ينفذون بها ما صمموا عليه؛ فرأى بعضهم الغارة على علي وأصحابه في المدينة، ولكنهم ردوا هذا الرأي إشفاقا من قوة أهل المدينة - فيما يقول المؤرخون - وتحرجا من غزو مدينة رسول الله وإحياء قصة الأحزاب، كما فعل الثائرون بعثمان في أكبر الظن، ورأى بعضهم الذهاب إلى الكوفة ونصب الحرب فيها لعلي وأصحابه، ولكنهم ردوا هذا الرأي أيضا لمكان أبي موسى من الكوفة وكراهيته للفتنة؛ لأن أشد الثائرين بعثمان والجادين في أمره كانوا من أهل الكوفة؛ فكان من الطبيعي أن يمنعهم قومهم ولا يقبلوا فيهم الدنية. وآثروا الذهاب إلى البصرة لكثرة المضرية فيها، ولأن عبد الله بن عامر زعم لهم أن له بين أهلها صنائع وأن له عند كثير منهم مودة وإلفا؛ فهم أجدر أن يسمعوا له ويطيعوا وأن يعينوه ويعينوا أصحابه على ما يريدون، ولم يخطر لهم أن يتخذوا مكة دار حرب؛ لأنها حرم آمن لا تسفك فيه الدماء. وقد كفاهم معاوية أمر الشام، وكان جديرا أن يكفيهم أمر مصر أيضا إن غلبوا هم على العراق وما وراءه من الثغور.
وقد جعلوا يستعدون للرحيل، وأمدهم عبد الله بن عامر ويعلى بن أمية بكثير من المال والظهر والأداة، وانتدب الناس للسير معهم؛ فكانت جماعتهم قريبا من ثلاثة آلاف، وقد رأى طلحة والزبير أثر عائشة وأحاديثها في الناس؛ فرغبا إليها في أن تصحبهم إلى البصرة، فقالت: أتأمرانني بالقتال؟ قالا: لا، ولكن تعظين الناس وتحرضينهم على الطلب بدم عثمان. فقبلت في غير تردد، وأقنعت حفصة أم المؤمنين بالسير معها، ولكن أخاها عبد الله بن عمر ردها عن أن تخالف ما أمر الله به نساء النبي في قوله عز وجل:
وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى
إلى آخر الآية. فأقامت.
وأزمع القوم الرحلة، وجاءت أخبارهم عليا فتحول عن قتال أهل الشام ليرد هؤلاء الثائرين مما قصدوا إليه.
الفصل السابع
نامعلوم صفحہ