فصل فی ملل
الفصل في الملل والأهواء والنحل
ناشر
مكتبة الخانجي
پبلشر کا مقام
القاهرة
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَأَيْضًا فَإِن هَذَا القَوْل الْمَنْسُوب إِلَى مُوسَى ﵇ كذب مَوْضُوع لَيْسَ فِي التَّوْرَاة شَيْء مِنْهُ وَإِنَّمَا فِيهَا من أَتَاكُم يَدعِي نبوة وَهُوَ كَاذِب فَلَا تُصَدِّقُوهُ فَإِن قُلْتُمْ من أَيْن نعلم كذبه من صدقه فانظروا فَإِذا قَالَ عَن الله شَيْئا وَلم يكن كَمَا قَالَ فَهُوَ كَاذِب هَذَا نَص مَا فِي التَّوْرَاة فصح بِهَذَا أَنه إِذا أخبر عَن الله تَعَالَى بِشَيْء فَكَانَ كَمَا قَالَ فَهُوَ صَادِق وَقد وجدنَا كلما أخبر بِهِ النَّبِي ﷺ فِي غَلَبَة الرّوم على كسْرَى وإنذاره بقتل الْكذَّاب الْعَنسِي وَيَوْم ذِي قار وبخلع كسْرَى وَبِغير ذَلِك فَإِن قَالُوا إِن فِي التَّوْرَاة أَن هَذِه الشَّرِيعَة لَازِمَة لكم فِي الْأَبَد قُلْنَا هَذَا محَال فِي التَّأْوِيل لِأَنَّهُ كَذَلِك أَيْضا فِيهَا أَن هَذِه الْبِلَاد يسكنونها أبدا وَقد رأيناهم لعيان خَرجُوا مِنْهَا
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ فَإِن قَالَ قَائِل فقد قَالَ لكم مُحَمَّد ﷺ لَا نَبِي بعدِي قيل لَهُم وَبِاللَّهِ تَعَالَى نأيد لَيْسَ هَذَا الْكَلَام مِمَّا ادعيتموه على مُوسَى ﵇ لأننا قد علمنَا من أخباره ﵇ أَنه لَا سَبِيل إِلَى أَن يظْهر أحد آيَة بعده أبدا وَلَو جَازَ ظُهُورهَا لوَجَبَ تَصْدِيق من أظهرها وَلَكنَّا قد أيقنا أَنه لَا تظهر آيَة على أحد بعده ﵇ بِوَجْه من الْوُجُوه فَإِن قَالَ قَائِل وَكَيف تَقولُونَ فِي الدَّجَّال وَأَنْتُم ترَوْنَ أَنه يظْهر لَهُ عجائب فَالْجَوَاب وَبِاللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيق إِن الْمُسلمين فِيهِ على أَقسَام فَأَما ضرار ابْن عمر وَسَائِر الْخَوَارِج فَإِنَّهُم ينفون أَن يكون الدَّجَّال جملَة فَكيف أَن يكون لَهُ آيَة وَأما سَائِر فرق الْمُسلمين فَلَا ينفون ذَلِك والعجائب الْمَذْكُورَة عَنهُ إِنَّمَا جَاءَت بِنَقْل الْآحَاد وَقَالَ بعض أَصْحَاب الْكَلَام أَن الدَّجَّال إِنَّمَا يَدعِي الربوبية ومدعي الربوبية فِي نفس قَوْله بَيَان كذبه قَالُوا فظهور الْآيَة عَلَيْهِ لَيْسَ مُوجبا لضلال من لَهُ عقل وَأما مدعي النُّبُوَّة فَلَا سَبِيل إِلَى ظُهُور الْآيَات عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ يكون ضلالا لكل ذِي عقل
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَأما قَوْلنَا فِي هَذَا فَهُوَ أَن الْعَجَائِب الظَّاهِرَة من الدَّجَّال إِنَّمَا هِيَ حيل من نَحْو مَا صنع سحرة فِرْعَوْن وَمن بَاب أَعمال الحلاج وَأَصْحَاب الْعَجَائِب يدل على ذَلِك حَدِيث الْمُغيرَة بن شُعْبَة إِذْ قَالَ للنَّبِي ﷺ أَن مَعَه نهر مَاء ونهر خبز فَقَالَ لَهُ رَسُول الله ﷺ هُوَ أَهْون على الله من ذَلِك حَدثنَا يُونُس بن عبد الله بن مغيث حَدثنَا أَحْمد بن عبد الرَّحِيم حَدثنَا مُحَمَّد بن عبد السَّلَام الْخُشَنِي حَدثنَا مُحَمَّد بن بشار بنْدَار حَدثنَا يحيى بن سعيد الْقطَّان حَدثنَا هِشَام بن حسان الفردوسي حَدثنَا حميد بن هِلَال عَن أبي الدهماء عَن عمرَان بن حُصَيْن عَن النَّبِي ﷺ قَالَ من سمع من أمتِي الدَّجَّال فلينأ عَنهُ فَإِن الرجل يَأْتِيهِ وَهُوَ يحسبه مُؤمن فيتبعه مِمَّا يرى من الشُّبُهَات
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ فصح بِالنَّصِّ أَنه صَاحب شُبُهَات
قَالَ أَبُو مُحَمَّد ﵁ وَبِهَذَا تتألف الْأَحَادِيث وَقد بَين رَسُول الله ﷺ فِي هَذَا الحَدِيث أَن مَا يظْهر الدَّجَّال من نهر مَاء ونار وَقتل إِنْسَان وإحيائه أَن ذَلِك حيل وَلكُل ذَلِك وُجُوه إِذا طلبت وجدت فقد تحيل بِبَعْض الأجساد المعدنية إِذا أذيب أَنه مَاء وتحيل بالنفط الْكَاذِب أَنه نَار وَيقتل إِنْسَان ويغطي وَآخر معد مخبوء فَيظْهر ليرى أَنه قتل ثمَّ أحيي كَمَا فعل الْحُسَيْن بن مَنْصُور الحلاج فِي الجدي الأبلق وكما فعل الشريعي والنميري بالبغلة وكما فعل زبزن بالزرزور وَأَنا أَدْرِي من يطعم الدَّجَاج الزرنيخ فتخدر وَلَا يشك فِي مَوتهَا ثمَّ يصب
1 / 89