حالت لفقدكم أيامنا فغدت
سودا وكانت بكم بيضا ليالينا
فلما قرئ عليه هذان البيتان قال للقارئ: يطلب منا جواري سودا وبيضا! قال القارئ: لا يا مولاي، ما أراد إلا أن ليله كان بقرب أمير المسلمين نهارا؛ لأن ليالي السرور بيض، فعاد نهاره ببعده ليلا؛ لأن ليالي الحزن ليال سودة ... فقال: والله جيد، اكتب له في جوابه: إن دموعنا تجري عليه ورءوسنا توجعنا من بعده ... وكذلك شأني في وصف الجنة وكلام أهليها، بعد هبوطي إلى الدنيا وتمرغي فيها، وما حيلتي وقد كانت مرآة ذهني وأنا في الجنة، أسمع كلام أولئك الجلة، كأنها الوذيلة المستوية صفاء وصدقا وبلاغا،
134
فلما غادرتها وظننت أني سأقص لذلك عليك أحسن القصص، وأروي لك ما سمعت كما هو دون أن أخرم منه حرفا، أو أن أحيف عليه حيفا،
135
رأيت هذه المرآة وقد آضت مقعرة حدباء، فأنى لك بعد هذا إلا أن تسمع هذه الأحاديث محرفة شوهاء، ولا غرو فليس في الدنيا مما في الآخرة إلا الأسماء، أما المسميات فبينها من التفاوت ما بين الأرض والسماء! بيد أنه - كما قلنا - إن لم يكن صداء
136
فماء، وإن لم يكن خمر فخل، وإن لم يصبها وابل فطل، ومن لم يجد ماء تيمما، فتفطن دائما لذلك ولا تخله قط من بالك.
هوامش
نامعلوم صفحہ