(باب الوضوء) أما قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين﴾ (١).
فإنه يدل بظاهره على وجوب أربعة أفعال مقارنة للوضوء، ويدل من فحواه على وجوب النية فيه، لأنه عمل والأعمال بالنيات.
ثم اعلم أن القيام إلى الصلاة ضربان: أحدهما ان يقوم للدخول فيها، والاخر أن يتأهب باستعمال الطهارة للشروع فيها. فالأول لا يصح من دون الثاني، والثاني انما يجب بشرط تقدم الأول. فبهذا الخطاب أمرهم الله انهم إذا أرادوا القيام إلى الصلاة وهم على غير طهر أن يغسلوا وجوههم ويفعلوا ما أمرهم الله به فيها.
وحذف الإرادة لان في الكلام دلالة عليه، ومثله قوله تعالى ﴿فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله﴾ (٢)، معناه إذا أردت قراءة القرآن فاستعذ، وقوله ﴿وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة﴾ (3)، معناه فأردت أن تقيم لهم الصلاة.
والذي يدل عليه هو أن الله أمر بغسل الأعضاء إذا قام إلى الصلاة بقوله (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا). ومعلوم أنه إذا قام إلى الصلاة لا يغسل أعضاءه، لأنه لا يقوم إليها ليصلي الا وقد غسل الأعضاء أو فعل ما قام مقامه، فعلم أنه أراد إذا أردت القيام إلى الصلاة فاغسل أعضاءك، فأمر بغسل الأعضاء، فثبت أن الغسلين والمسحين كليهما واجب في هذه الطهارة.
ويدل قوله تعالى (ما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا) (4) على
صفحہ 10