فقه عمل اليوم والليلة

Abdullah bin Mani' Al-Roqi d. Unknown

فقه عمل اليوم والليلة

فقه عمل اليوم والليلة

ناشر

دار التدمرية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٥ هـ - ٢٠١٤ م

پبلشر کا مقام

الرياض - المملكة العربية السعودية

اصناف

فقه عمل اليوم والليلة تأليف عبد الله بن مانع الروقي دار التدمرية

نامعلوم صفحہ

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين. أما بعد: فهذا مختصر لما ينبغي أن يكون عليه المسلم في يومه وليلته، اجتهدت في تقريبه وإيضاحه، وحرصت على ذكر وظيفة الوقت وخصيصته، وما ينبغي فيه. أسأل الله أن يكتب له القبول، وأن يجعله من الزاد الصالح المقبول، إنه جواد كريم، والحمد لله كثيرا.

1 / 6

فصل في تفاضل العبادات حسب الأوقات قال الغزالي في الإحياء: "إن الله سبحانه إذا أحب عبدًا استعمله في الأوقات الفاضلة بفواضل الأعمال، وإذا مقته استعمله في الأوقات الفاضلة بسيئ الأعمال؛ ليكون ذلك أوجع في عقابه وأشد لمقته؛ لحرمانه بركة الوقت، وانتهاكه حرمة الوقت" (١) ا. هـ. وقال ابن القيم في المدارج: "الصنف الرابع، قالوا: إن أفضل العبادة العمل على مرضاة الرب في كل وقت بما هو مقتضى ذلك الوقت ووظيفته. فأفضل العبادات في وقت الجهاد: الجهاد، وإن آل إلى ترك الأوراد: من صلاة الليل وصيام النهار، بل ومن ترك إتمام صلاة الفرض، كما في حالة الأمن. والأفضل في وقت حضور الضيف مثلا: القيام بحقه، والاشتغال به عن الورد المستحب، وكذلك في أداء حق الزوجة والأهل.

(١) إحياء علوم الدين (١/ ١٨٨).

1 / 7

والأفضل في أوقات السحر: الاشتغال بالصلاة والقرآن، والدعاء والذكر والاستغفار. والأفضل في وقت استرشاد الطالب، وتعليم الجاهل: الإقبال على تعليمه والاشتغال به. والأفضل في أوقات الأذان: ترك ما هو فيه من ورده، والاشتغال بإجابة المؤذن. والأفضل في أوقات الصلوات الخمس: الجد والنصح في إيقاعها على أكمل الوجوه، والمبادرة إليها في أول الوقت، والخروج إلى الجامع، وإن بعُدَ كان أفضل. والأفضل في أوقات ضرورة المحتاج إلى المساعدة بالجاه، أو البدن، أو المال: الاشتغال بمساعدته، وإغاثة لهفته، وإيثار ذلك على أورادك وخلوتك. والأفضل في وقت قراءة القرآن: جمعية القلب والهمة على تدبره وتفهمه، حتى كأن الله تعالى يخاطبك به، فتجمع قلبك على فهمه وتدبره، والعزم على تنفيذ أوامره أعظم من جمعية قلب من جاءه كتاب من السلطان على ذلك. والأفضل في وقت الوقوف بعرفة: الاجتهاد في التضرع والدعاء والذكر دون الصوم المضعف عن ذلك.

1 / 8

والأفضل في أيام عشر ذي الحجة: الإكثار من التعبد، لاسيما التكبير والتهليل والتحميد، فهو أفضل من الجهاد غير المتعين. والأفضل في العشر الأخير من رمضان: لزوم المسجد فيه والخلوة والاعتكاف دون التصدي لمخالطة الناس والاشتغال بهم، حتى إنه أفضل من الإقبال على تعليمهم العلم، وإقرائهم القرآن، عند كثير من العلماء. والأفضل في وقت مرض أخيك المسلم أو موته: عيادته، وحضور جنازته وتشييعه، وتقديم ذلك على خلوتك وجمعيتك. والأفضل في وقت نزول النوازل وأذاة الناس لك: أداء واجب الصبر مع خلطتك بهم، دون الهرب منهم، فإن المؤمن الذي يخالط الناس ليصبر على أذاهم أفضل من الذي لا يخالطهم ولا يؤذونه. والأفضل خلطتهم في الخير، فهي خير من اعتزالهم فيه، واعتزالهم في الشر، فهوأفضل من خلطتهم فيه، فإن علم أنه إذا خالطهم أزاله أو قلله فخلطتهم حينئذ أفضل من اعتزالهم.

1 / 9

فالأفضل في كل وقت وحال: إيثار مرضاة الله في ذلك الوقت والحال، والاشتغال بواجب ذلك الوقت ووظيفته ومقتضاه " (١).ا. هـ. وقال ابن الجوزي في صفة الصفوة: "عبد الله بن وهب قال: سمعت مالك بن أنس يقول: «ليس العلم بكثرة الرواية، وإنما هو نور يضعه الله في القلب»، وعنه: قيل لمالك بن أنس: «ما تقول في طلب العلم؟» قال: «حسن جميل، ولكن انظر إلى الذي يلزمك من حين تصبح إلى حين تمسي فالزمه (٢) ".ا. هـ. وقال ابن عبد البر في التمهيد: "وكان الصحابة ﵃ وهم الذين خوطبوا بهذا الخطاب - لم يكن منهم من يحفظ القرآن كله ويكمله على عهد رسول الله ﷺ إلا قليل، منهم: أبي بن كعب، وزيد ابن ثابت، ومعاذ بن جبل، وأبو زيد الأنصاري، وعبد الله بن مسعود، وكلهم كان يقف على معانيه ومعاني ما حفظ منه، ويعرف تأويله، ويحفظ أحكامه، وربما عرف العارف منهم أحكامًا من القرآن كثيرة وهو لم يحفظ سورها، قال حذيفة بن اليمان: «تعلمنا الإيمان قبل أن نتعلم القرآن، وسيأتي قوم في آخر الزمان يتعلمون القرآن قبل الإيمان»، ولا خلاف بين العلماء

(١) مدارج السالكين (١/ ١٠٩). (٢) صفة الصفوة (١/ ٣٩٧).

1 / 10

في تأويل قول الله ﷿ ﴿يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ﴾ ﴿البقرة: ١٢١﴾ أي يعملون به حق عمله، ويتبعونه حق اتباعه، قال عكرمة: «ألم تستمع إلى قول الله ﷿: ﴿وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا﴾ ﴿الشمس: ٢﴾، أي: تبعها». وفي هذا الحديث دليل على أن من لم يتعاهد علمه ذهب عنه، أي: من كان؛ لأن علمهم كان ذلك الوقت القرآن لا غير، وإذا كان القرآن الميسر للذكر يذهب إن لم يتعاهد، فما ظنك بغيره من العلوم المعهودة، وخير العلوم ما ضبط أصله، واستذكر فرعه، وقاد إلى الله تعالى، ودل على ما يرضاه " (١) ا. هـ. وقال أيضا: "وبعث رسول الله ﷺ معلمًا، وكانوا يسألونه؛ لأنهم كانوا خير أمة كما قال الله ﷿، فالواجب على المسلم مجالسة العلماء إذا أمكنه، والسؤال عن دينه جهدَه، فإنه لا عذر له في جهل ما لا يسعه جهله، وجملة القول أن لا سؤدد ولا خير مع الجهل" (٢) ا. هـ.

(١) التمهيد (١٤/ ١٣٣). (٢) التمهيد (١٤/ ٧٧).

1 / 11

قال أبو محمد: وأعظم ما يدل على الله أن تطلب العلم لله، ومن طلب العلم لله فالقليل يكفيه كما قاله العلماء، فاحرص على حضور مجالس العلم ومجالسة أهله على الحقيقة تفلح. وقال في التمهيد ما نصه: "والبكور إلى مجلس العالم كالبكور إلى الجمعة في الفضل إن شاء الله" (١) ا. هـ.

(١) التمهيد (١/ ٣١٦).

1 / 12

فصل في ذكر الأوقات مع وظائفها من العبادات والطاعات وهذا أوان الشروع في ذكر الأوقات مع وظائفها، وقد جعلتها موزعة على اليوم والليلة، وابتدأت بأول النهار (من طلوع الفجر) وذكر وظيفته .. وأسأل الله لنا الإعانة فيما توخينا من الإبانة .. فأقول:

1 / 13

أولا: من طلوع الفجر إلى ارتفاع الشمس: o فصل في الحث على التبكير إلى الصلاة، والمبادرة إليها o فصل في هدي النبي ﷺ وما ورد عن السلف في هذا الوقت o فصل: لا تدل مشروعية تخفيف ركعتي الصبح على أن وقت النهي يبدأ بطلوع الصبح o فصل: في بعض خصائص وأحكام سنة الفجر o فصل في وقت قضاء سنة الفجر o فصل: فيما تستحب القراءة به في صلاة الصبح يوم الجمعة o فائدة: لا يصح حديث معاذ في التغليس بالفجر والتطويل فيها شتاء، والإسفار بها صيفا. o فصل: في المراد بالأربع في حديث» ابن آدم لا تعجز لي عن أربع ركعات في أول النهار». o فصل: في الحث على أذكار طرفي النهار. o فصل: يسن الاشتغال بالذكر بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس o فصل: في مشروعية الاشتغال في هذا الوقت بما فيه المصلحة o فصل: لا يصح حديث مرفوع في فضل شهود صلاة الصبح ثم اتصاله بالذكر حتى تطلع الشمس ثم صلاة ركعتين o السنة في هذا الوقت الاشتغال بالذكر حسب دون الصلاة. o فصل: في النهي عن النافلة التي لا سبب لها بعد الصبح حتى ترتفع الشمس

1 / 14

فصل في الحث على التبكير إلى الصلاة، والمبادرة إليها قال ابن رجب في شرح البخاري ما نصه: "وقد ندب النبي ﷺ إلى التهجير إلى الصلاة، وهو القصد إلى المساجد في الهجير، إما قبل الأذان أو بعده، كما ندب إلى التهجير إلى الجمعة: انتظار الصلاة بعد الصلاة، وقال للذين انتظروه إلى قريب من شطر الليل لصلاة العشاء: «إنكم لن تزالوا في صلاة ما انتظرتموها». وقد كان كثير من السلف يأتي المسجد قبل الأذان، منهم: سعيد بن المسيب، وكان الإمام أحمد يفعله في صلاة الفجر. وقال ابن عيينة: «لا تكن مثل أجير السوء، لا يأتي حتى يدعى «يشير إلى أنه يستحب إتيان المسجد قبل أن ينادي المؤذن. وقال بعض السلف في قول الله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ﴾ [الواقعة: ١٠]: «إنهم أول الناس خروجا إلى المسجد وإلى الجهاد». وفي قوله: ﴿سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [الحديد: ٢١] قال مكحول: «التكبيرة الأولى مع الإمام»، وقال غيره: «التكبيرة الأولى والصف الأول».

1 / 15

قال ابن عبد البر: "لا أعلم خلافا بين العلماء أن من بكر وانتظر الصلاة، وإن لم يصل في الصف الأول أفضل ممن تأخر، وإن صلى في الصف الأول" (١).ا. هـ.

(١) فتح الباري لابن رجب (٥/ ٣٥٢).

1 / 16

فصل في هدي النبي ﷺ وما ورد عن السلف في هذا الوقت قال ابن القيم في التبيان: قال ابن وهب: أخبرني مسلم بن علي، عن الأوزاعي، قال: «كان السلف إذا طلع الفجر أو قبله كأنما على رؤسهم الطير مقبلين على أنفسهم، حتى لو أن حبيبًا لأحدهما غاب عنه حينًا ثم قَدِم لما التفت إليه، فلا يزالون كذلك إلى طلوع الشمس، ثم يقوم بعضهم إلى بعض فيتخلفون بأول ما يقتضون فيه أمر معادهم وما هم صائرون إليه ثم يأخذون في الفقه» (١) ا. هـ. قال أبو محمد: روينا في صحيح مسلم من طريق شعبة، عن زيد بن محمد، قال: سمعت نافعًا، يحدث عن ابن عمر، عن حفصة ﵂، قالت: «كان رسول الله ﷺ إذا طلع الفجر، لا يصلي إلا ركعتين خفيفتين» (٢).

(١) التبيان في أقسام القرآن (١/ ٤٢٥). (٢) صحيح مسلم (٧٢٣).

1 / 17

فهديه ﵊ المستقر في هذا الوقت هو صلاة ركعتي الصبح، وتخفيفهما، وعدم الزيادة عليهما، والاشتغال بالذكر حتى يصلي صلاة الصبح. واختلف الناس في وقت النهي عن الصلاة، هل يبدأ بطلوع الفجر أو بفراغه من صلاة الصبح على قولين، والصحيح الثاني، وهو الذي دلت عليه الأخبار الصحيحة. فقد روينا في صحيح البخاري من طريق شعبة، عن عبد الملك، سمعت قزعة، مولى زياد، قال: سمعت أبا سعيد الخدري ﵁، يحدث بأربع عن النبي ﷺ، فأعجبنني وآنقنني قال: «لا تسافر المرأة يومين إلا معها زوجها أو ذو محرم، ولا صوم في يومين: الفطر والأضحى، ولا صلاة بعد صلاتين بعد الصبح حتى تطلع الشمس، وبعد العصر حتى تغرب ولا تشد الرحال، إلا إلى ثلاثة مساجد مسجد الحرام، ومسجد الأقصى ومسجدي» (١). وهو نص صريح في بيان معنى الصبح الواقع في الأحاديث الأخرى، وأن المراد فعل الصلاة لا طلوع الفجر.

(١) صحيح البخاري (١١٩٧).

1 / 18

نعم دلت السنة على ترك التنفل بعد طلوع الصبح كما تقدم، لكن لم يثبت نهي عن ذلك، والأخبار في النهي عن ذلك كلها معلولة، وإنما النهي بعد الفراغ من الفريضة. ولهذا قال أبو العباس: "النهي معلق بالفعل فإنه قال: بعد الفجر حتى تطلع الشمس، ولم يقل الفجر، ولو كان النهي من حين طلوع الفجر لاستثنى الركعتين بل استثنى الفرض والنفل، وهذه ألفاظ الرسول، فإنه نهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، كما نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس. ومعلوم أنه لو أراد الوقت لاستثنى ركعتي الفجر والفرض، كما ورد استثناء ذلك في ما نهى عنه حيث قال: «لا صلاة بعد الفجر إلا سجدتين» فلما لم يذكر ذلك في الأحاديث علم أنه أراد فعل الصلاة كما جاء مفسرا في أحاديث صحيحة. ولأنه يمتنع أن تكون أوقات الصلاة المكتوبة فرضها وسنتها وقت نهي وما بعد الفجر وقت صلاة الفجر سنتها وفرضها فكيف يجوز أن يقال: إن هذا وقت

1 / 19

نهي؟ وهل يكون وقت نهي سن فيه الصلاة دائما بلا سبب؟ وأمر بتحري الصلاة فيه؟ هذا تناقض" (١) ا. هـ. وقال من الجزء نفسه ما نصه: "السنة أن يصلي بعد طلوع الفجر ركعتين سنة، والفريضة ركعتان، وليس بين طلوع الفجر والفريضة سنة إلا ركعتان، والفريضة تسمى صلاة الفجر، وصلاة الغداة وكذلك السنة تسمى سنة الفجر وسنة الصبح وركعتي الفجر ونحو ذلك والله أعلم" (٢) ا. هـ. وقال في المغني: "وعن أحمد رواية أخرى، أن النهي متعلق بفعل الصلاة أيضا كالعصر. وروي نحو ذلك عن الحسن، والشافعي؛ لما روى أبو سعيد، أن النبي ﷺ قال: «لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس». رواه مسلم. وروى أبو داود حديث عمر بهذا اللفظ. وفي حديث عمرو بن عبسة قال: «صل صلاة الصبح ثم أقصر عن الصلاة، كذا» رواه مسلم. وفي رواية أبي داود

(١) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٣/ ٢٠٢). (٢) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية (٢٣/ ٢٦٤).

1 / 20

قال: «قلت يا رسول الله، أي الليل أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر، فصل ما شئت، فإن الصلاة مكتوبة مشهودة حتى تصلي الصبح، ثم أقصر حتى تطلع الشمس، فترتفع قدر رمح أو رمحين». ولأن لفظ النبي ﷺ في العصر علق على الصلاة دون وقتها، فكذلك الفجر .. " (١) ا. هـ.

(١) المغني لابن قدامة (٢/ ٨٦).

1 / 21

فصل لا يدل تخفيف سنة الفجر على أن وقت النهي يبدأ بطلوع الصبح قال بعضهم تأييدًا لدخول وقت النهي بطلوع الصبح: إنه شرع تخفيف ركعتي الصبح لأجل ذلك؛ لأن المعهود عند الشارع أن الوقت إن كان وقت نهي فشرعت النافلة لسبب فيشرع تخفيفها كما هنا، وكما هو الأمر في تحية المسجد للداخل والإمام يخطب، وقد قال ﵊ «صل ركعتين وتجوز فيهما»، وقال: إن وقت النهي يتضمن إعدام الصلاة وتخفيفها إن أبيحت تقليلًا للمخالفة وتحصيلًا لمصلحة الصلاة ذات السبب بأقل ما يقع من الامتثال، وعلى هذا فلا يشرع تطويل النافلة ذات السبب إن أبيحت في وقت النهي، وهذا محفوظ لا يرِد عليه شيء من أوامر الشارع وتقريراته، كذا قال، وهو مع وجاهته ليس بلازم، فقد قيل بتخفيف السنة بين يدي المغرب، قال الحافظ: "ومجموع الأدلة يرشد إلى تخفيفهما، كما في ركعتى الفجر" (١) .. اهـ. وثانيا: قصاراه أن يكون قرينة، والنهي يحتاج صيغة صريحة ولم توجد.

(١) فتح الباري شرح صحيح البخاري لابن حجر (٢/ ١٠٩).

1 / 22

فصل في بعض خصائص وأحكام سنة الفجر قال في الشرح الممتع ما نصه: "وتختص هاتان الركعتان - أعني ركعتي الفجر - بأمور: أولا: مشروعيتهما في السفر والحضر. ثانيا: ثوابهما؛ بأنهما خير من الدنيا وما فيها. ثالثا: أنه يسن تخفيفهما، فخففهما بقدر ما تستطيع، لكن بشرط أن لا تخل بواجب؛ لأن عائشة ﵂ قالت: «كان النبي ﷺ يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح، حتى إني لأقول: هل قرأ بأم الكتاب»؟ تعني: من شدة تخفيفه إياهما. رابعا: أن يقرأ في الركعة الأولى بـ: ﴿قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾ [الكافرون]، وفي الثانية: بـ: ﴿قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ﴾ [الإخلاص]، أو في الأولى ﴿قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ﴾ الآية .. في سورة البقرة [١٣٦] و﴿قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ﴾ الآية .. في سورة آل عمران [٦٤]. فتقرأ أحيانا بسورتي الإخلاص، وأحيانا بآيتي البقرة وآل عمران، وإن كنت لا تحفظ آيتي البقرة وآل عمران، فاقرأ بسورتي الإخلاص والكافرون. خامسا: أنه يسن بعدهما الاضطجاع على الجنب الأيمن، وهذا الاضطجاع اختلف العلماء فيه:

1 / 23

فمنهم من قال: إنه ليس بسنة مطلقا. ومنهم من قال: إنه سنة مطلقا. ومنهم من قال: إنه سنة لمن يقوم الليل؛ لأنه يحتاج إلى راحة حتى ينشط لصلاة الفجر. ومنهم من قال: إنه شرط لصحة صلاة الفجر، وأن من لم يضطجع بعد الركعتين فصلاة الفجر باطلة. وهذا ما ذهب إليه ابن حزم ﵀، وقال: إن النبي ﷺ قال: «إذا صلى أحدكم ركعتي الفجر فليضطجع بعدهما»، فأمر بالاضطجاع. لكن يجاب بما يلي: أولا: هذا الحديث ضعيف، فلم يصح عن النبي ﷺ من أمره، بل صح من فعله. ثانيا: ما علاقة هذا بصلاة الفجر! ولكن يدلك هذا على أن الإنسان مهما بلغ في العلم فلا يسلم من الخطأ. وأصح ما قيل في هذا: ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية، وهو التفصيل، فيكون سنة لمن يقوم الليل؛ لأنه يحتاج إلى أن يستريح، ولكن إذا كان من الذين

1 / 24