Fiqh of Contemporary Transactions
فقه المعاملات المعاصرة
اصناف
الرد على من أجاز معاملة التورق
الرد على من قال بحلية هذه المعاملة: أولًا: استدلوا بعموم قول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا﴾ [البقرة:٢٧٥]، فهذه الآية عامة مخصوصة بكلام النبي ﷺ (إنما الأعمال بالنيات)، وأيضًا صريح قولي ابن عباس وعمر بن عبد العزيز ﵃ وأرضاهم، فإن الأصل في البيع الحل، إلا إذا جاءنا الناقل الذي ينقلنا عن هذا الأصل، وهو القياس الصحيح.
أما استدلالهم الثاني بحديث بلال، فهو ليس في محل النزاع؛ لأنه ليس مقصوده الأسمى الورق، والكلام هنا على مسألة الورق، وهذا القياس يسمى قياس العكس، وهو أن الرجل الذي يشتري السلعة لا يريدها، وإنما يريد الورق، وحديث بلال فيه أنه لا يريد الورق، وإنما يريد التمر أي السلعة، فاستدلالهم بهذا الحديث من باب قياس العكس، وقياس العكس عند جماهير الأصوليين هو قياس ضعيف، فلا يصح العمل به.
فعندنا قول ابن عباس ﵁ الذي لا مخالف له: دراهم بدراهم بينهما حرير، وقول عمر بن عبد العزيز تصريحًا: التورق أصل الربا.
أما استدلالهم النظري بقولهم: لا فرق بين شرائها للاستعمال أو للاستفادة، فنقول: بل إن هنالك فروقًا في هذه المعاملة، فرق بينهما كلام النبي ﷺ: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، فهذا اشترى السلعة يريد أن يتاجر فيها ويستفيد بالثمن، أما المسألة الثانية؛ فلأنه سيعطي المال تقسيطًا ويقبض في يده المال الثاني، فلما افترقتا قلنا: لا يصح أن نقول: إنه لا فارق بين استعمالها وبين الاستفادة بثمنها؛ لأن استعماله لها يمكن ألا يبيعها، فتكسد عنده، أو يبيعها بزيادة أو بخسران، أما الاستفادة بثمنها فلأنه جعل الصرف بالدراهم تقسيطًا ويأخذ الدراهم نقدًا حتى تكون له السيولة.
إذًا: الراجح في عملية التورق أنها من أبواب الربا، ومن تعامل بها فقد وقع في الربا، فكثير من الإخوة الذين يشترون السلعة ولا يريدونها إنما يريدون المال قد وقعوا في الحرام، وفي الربا، فهذه المسألة وجيزة، وقد وقع فيها كثير من الناس، وأردت الإشارة إليها.
5 / 6