وهذا خطأ صرف، وعدم وقوف على حقائق مسائل العلم، ومواطن
الخلاف. فإن التقنين حقيقته تأليف، والغلط وقع في النزوع عن
مصطلحات الشريعة، إذ أطلق هذا اللفظ عليه، فصار من آثاره السالبة مع
ذلك إبعاد الأفهام عن المعهود من الحقائق والمضامين في علوم الشريعة
وأحكامها.
ومهما كانت التسمية تقنينًا، أو تدوينًا، أو تأليفًا، فإن هذا عَرْضٌ
مغلوط، ودائرة الخلاف إنما هي منحصرة في الإلزام جوازًا أو منعًا.
لهذا فقد رأيت بحثها وتقرير ما توصلت إليه فيها لتكون على طرف
الثمام أمام أهل الإسلام مشاركة مني في النصيحة لله ولرسوله ﷺ ولأئمة
المسلمين، وعامتهم.
وقد أجريت الكلام فيما حررته مرتبًا له في مطالب ثلاثة:
المطلب الأول: وفيه عرض لتاريخ نشوء هذه الفكرة؛ وهي حمل
القضاة على مذهب معين.
المطلب الثاني: في بيان أوجه القول بها مع بيان المصالح المترتبة
عليها، ثم إتباعها بمناقشتها.
المطلب الثالث: في بيان وجوه المنع منها مع بيان المضار المترتبة
على القول بها.
ولعل في ترتيب القول في هذه النازلة على هذا النمط والسياق تقريبًا
للأفهام، ومزيدًا من الوقوف بوضوح على القول الحق فيها.
وهذه هي الطريقة التي سلكها شيخا الإسلام ابن تيميه وابن القيم
رحمهما الله تعالى وأرشدا إليها، وبها أخذ أنصار الكتاب والسنة