184

Fiqh According to the Four Schools

الفقه على المذاهب الأربعة

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

پبلشر کا مقام

بيروت - لبنان

اصناف

يدرك أن هذه الجهة هي التي بها الكعبة. وهذا المكان قد أمر الله تعالى الناس بأن يقصدوه، لما يترتب عليهمن المنافع العامة، وتهذيب النفوس بطاعة الله تعالى، وخشيته، وإحياء سكانه الذين لا زرع لهم ولا موارد لديهم، كما قال الله تعالى حكاية عن سيدنا إبراهيم: ﴿ربنا إني أسكنت من ذريتي بواد غير زرع عند بيتك المحرم، ربنا ليقيموا الصلاة فاجعل أفئدة من الناس تهوي إليهم وارزقهم من الثمرات﴾ الآيات، فضلًا عن كون هذه البقعة مقدسة بظهور سيد الأنبياء والمرسلين الذي جاء للناس بما فيه منافعهم الأدبية والمادية. وقضى على عبادة الأوثان في تلك الجهات فأراد الله ﷾ أن يعلن رضاءه عنه بتحويل الناس إلى الكعبة، بعد أن كانوا يصلون إلى بيت المقدس، وعلى كل حال، فالغرض الوحيد من العبادة في الإسلام إنما هو تمجيد الله وحده، وتقديسه من غير مشاركة مخلوق، مهما جل قدره، وعظمت منزلته، كما قال الله تعالى: ﴿ولله المشرق والمغرب، فأينما تولوا فثم وجه الله، إن الله واسع عليم﴾ . من هذا يتضح لك أن الله تعالى قد أمر بالتوجه إلى القبلة، فالصلاة في جوفها فرضًا، أو نفلًا، وإن كان فيه اتجاه إلى القبلة يصحح الصلاة، الا أنه ليس اتجاهًا كاملًا، ولذا اختلفت المذاهب في الصلاة فيه، فانظرها تحت الخط الذي أمامك (١) .

(١) الحنابلة قالوا: إن صلاة الفرض لا تصح في جوف الكعبة، ولا على ظهرها، الا إذا وقف في منتهاها، ولم يبق وراءه شيء منها، أو وقف خارجها، وسجد فيها، أما صلاة النافلة، والصلاة المنذورة فتصح فيها، وعلى سطحها إن لم يسجد على منتهاها، فإن سجد على منتهاها لم تصح صلاته مطلقًا، لأنه يصير في هذه الحالة غير مستقبل لها. المالكية قالوا: تصح صلاة الفرض فيجوفها، الا أنها مكروهة كراهة شديدة، ويندب له أن يعيدها في الوقت، أما النفل فإن كان غير مؤكد ندب أن يصليه فيها، وإن كان مؤكدًا كره ولا يعاد، وأما الصلاة على ظهرها فباطلة إن كانت فرضًا، وصحيحة إن كانت نفلًا غير مؤكد، وفي النفل المؤكد قولان متساويان. الشافعية قالوا: إن الصلاة في جوف الكعبة صحيحة. فرضًا كانت، أو نفلًا. الا أنها لا تصح إذا صلى إلى بابها مفتوحًا. أما الصلاة على ظهرها؛ فإنه يشترط لصحتها أن يكون أمامه شاخص منها يبلغ ثلثي ذراع بذراع الآدمي. الحنفية قالوا: إن الصلاة في جوف الكعبة وعلى سطحها صحيحة مطلقًا، الا أنها تكره على ظهرها. لما فيه من ترك التعظيم

1 / 186