واسمع يا سيدي أنشدك ما يحضرني من غزل الفقهاء، لا أستقصي ولا أعمد إلى الترتيب، وإنما أروي لك ما يجيئني، وما يدنو مني مصدره.
هذا أبو السعادات أسعد بن يحيى السنجاري الفقيه الشافعي، المتوفى سنة ٦٢٢هـ فاسمع من شعره ماترقص منه القلوب، وتطرب الألباب: حلاوة ألفاظ، وبراعة معنى، وحسن أسلوب، قال من قصيدة له:
وهواك ما خطر السلو بباله ... ولأنت أعلم في الغرام بحاله
ومتى وشى واش إليكِ بأنه ... سال هواك فذاك من عذاله
أو ليس للكلف المُعنَّى شاهد ... من حاله يغنيك عن تَسْآله
جددتِ ثوبَ سقامة، وهتكتِ ... ستر غرامه، وصرمتِ حبل وصاله
أفَزلَّة سبقتْ له أم خَلة ... مألوفة من تيهه ودلاله
أو ما سمعت شعر الشيخ الشهرزوري الصوفي هاك منه قوله:
فعاودت قلبي أسأل الصبر وقفة ... عليها فلا قلبي وجدت ولا صبري
وغابت شموس الوصل عني وأظلمت ... مسالكه حتى تحيرت في أمري
وهاك قول ظهير الدين الأهوازي الوزير الفقيه، تلميذ أبي إسحق الشيرازي:
وإني لأبدي في هواك تجلدًا ... وفي القلب مني لوعة وغليل
فلا تحسبن أني سلوت فربما ... ترى صحة بالمرء وهو عليل
وقول أبي القاسم القشيري الإمام الصوفي العلم:
لو كنت ساعة بيننا ما بيننا ... ورأيت كيف نكرر التوديعا
لعلمت أن من الدموع محدثًا ... وعلمت أن من الحديث دموعا
والبيت الثاني من مرقصات الشعر.
وكان مع ذلك علامة في الفقه والتفسير والحديث ومن فقهاء الشافعية الكبار، وهو صاحب الرسالة التي يعتدها الصوفية ككتاب سيبويه عند النحوين، ولا ينصرف الإطلاق إلا لها، ومن شعره:
1 / 36