فحاولت أن تتناولها من غير أن تلقى بجسمها على صدرى، وكان هذا متعذرا. وأدركت أنها مترددة، فقلت: «بالطبع ستزهق روحى وتتقصف أضلاعى وتحتبس أنفاسى.. ولكن هذا لا مفر من احتماله».
قالت: «صحيح»؟
فخفت أن تدفعها الرقة والإشفاق على، إلى إيثار العدول فقلت: «إن فى قولى هذا بعض المبالغة ولا شك، ولكنى أعنى أنه إذا كان لأحد منا أن يتردد أو يخشى شيئا.. فإنى أنا الخليق بذلك».
فظنت أنى غضبت أو أن ترددها جرح إحساسى وآلمنى، فقالت: «إنى آسفة».
فابتسمت لها صافحا عنها.. وقلت: «تفضلى..» وتناولت كفيها فوضعتهما على العجلة وأنا أسأل الله أن يلهمنى القوة ويرزقنى القدرة على مقاومة هذا الإغراء. وصار كتفها على صدرى، وشعرها على وجهى، وأرجه فى أنفى، وصفحة خدها الغض المشرق تحت عينى.. فلو مططت بوزى قليلا للمسته شفتاى. وسرنا خطوات ترنحت فيها السيارة كأنها سكرى، وأحسب أن لها - أعنى للسيارة - عذرها.. فما لمست عجلتها كف كهذه، رخصة بضة دقيقة.. وكنت أنظر إليها، فأشعر أنى أوشك أن أرتد إلى عصور الاستيحاش، وأحس أنى أريد أن آكلها لفرط حلاوتها، ولم أكن أحس - وهى على صدرى - أن فى بدنها عظاما من فرط الرقة والطراوة. وكان شعرها يدير رأسى ويسكرنى بعطره الطبيعى. وكانت يدى اليمنى على كتفها، فكنت بجهد أردها عن ضمها إلى.
وقلت لها - وقد وقفنا قليلا لنستريح، فقد كانت جلستها متعبة: «لن تستطيعى أن تختفى عنى بعد اليوم كما فعلت من قبل»
قالت: «كيف؟ ماذا تعنى»؟
قلت: «لا أظنك تعرفين ما أعنى، فمن حقك أن تسألى وتعجبى.. لقد انتقلت فجأة من بيتك فأصبحت يوما فإذا أنت غير موجودة حيث ألفت أن أراك.. لا أدرى كيف تسنى لك أن تنتقلى من بيت إلى بيت من غير أن أشعر بذلك ونحن جاران متقابلان.. ولكنك نجحت.. غافلتنى واختفيت».
فقالت: «على فكرة.. كيف اهتديت إلى البيت الجديد»؟
قلت: «أوه.. هذه حكاية طويلة.. رأيت أخاك فتبعته من حيث لا يشعر.. لو كنت شممت شعرك كما شممته اليوم.. لما احتجت إلى أخيك أو غيره».
نامعلوم صفحہ