فقال: «يكفى.. يكفى. ولكن هذا كله يحتاج إلى زمن.. والمطلوب هو الاهتداء إلى وسيلة تكفل إعداد المال اللازم فى أربع وعشرين ساعة.. أنا أقول لك»!
فقلت وأنا أضطجع وأرسل الدخان من فمى خيطا ملتويا، بعد أن فرغنا من الطعام: «يظهر أن الضرورة تفتق الحيلة حقيقة».
فقال: «معلوم ... اسمع، أترى هذا الرجل القاعد هناك فى الركن الأيمن؟ أترى كيف يأكل؟ أترى كرشه المدورة كالكرة ووجهه المنتفخ، وكيف يفتح عينا ويغمض أخرى، وينظر حوله قبل أن يدس اللقمة فى فمه كأنما هو يخشى أن يراه أحد؟ الحق أقول لك أنى أكره وجهه ولا أرتاح إلى النظر إليه».
قلت: «يا أخى لا تنظر إليه.. دعه وحول عينك عنه».
قال: «ولكنى لا أستطيع.. إنه وجه سوء، لا يمكن أن يكون هذا الرجل من أهل الخير.. إنه ممن لا يؤتمنون على القصر والأيتام والأرامل.. هذا الرجل لابد أن يكون منطويا على أسرار يكره أن تذاع.. لأن وجهه ناطق بأنه شرير. فلو قمت إليه الآن وهمست فى أذنه أنى أعرف سره الذى يجاهد لإخفائه، ألا تظن أنه يفزع ويضطرب ويشترى سكوتى بأى ثمن»؟
فقلت: «أها! أهذه طريقتك؟ أتريد أن تبتز المال من الناس بهذه الوسائل»؟
قال: «المصيبة أنى لا أستطيع.. تنقصنى الشجاعة، ولكنى واثق أنى أنجح إذا استطعت أن أصنع هذا.. ومع ذلك لكل إنسان سره القبيح.. ولو أن واحدا جاء إلى ووقف على رأسى الآن وحدق فى وجهى، ثم هز رأسه هزة العارف بكل ما هناك، ثم قال: إنى أعرف سرك يا أحمد، لما وسعنى إلا أن أضطرب.. على كل حال يظهر أنه لا فائدة.. لا أمل فى مال كثير نحصل عليه بالسرعة اللازمة».
قلت: «صدقت لا أمل».
قال: «خسارة.. سأظل أتحسر لأنى لم أجد الشجاعة الكافية للوقوف على رأس هذا المجرم - هو مجرم ولا شك - وإبلاغه أنى أعرف باطنه كما أعرف ظاهره البادى لنا ... خسارة، نهايته.. نقوم»؟. قلت: «تفضل».
ودفع إلى الخادم ثمن الطعام وخرجنا.
نامعلوم صفحہ