بسم الله الرحمن الرحيم المقالة الخامسة عشرة من كتاب الحيوان لأرسطوطاليس
صفحہ 1
1- وقد وصفنا فيما سلف حال ساير الاعضاء التى فى اجساد الحيوان بقول عام مشترك وبقول خاص، وذكرنا كل جنس من الاجناس على حدته وبينا العلة التى من اجلها صار كل واحد من الاعضاء، اعنى العلة التى تسمى من اجل شىء، لأن العلل المعروفة للاشياء اربعة، اعنى الذى من اجله مثل تمام وكلمة الجوهر، فانه ينبغى ان نظن ان هاتين العلتين مثل علة واحدة، فاما العلة الثالثة والرابعة فالهيولى والذى منه ابتداء الحركة. فقد ذكرنا العلتين فيما سلف، لأن الكلمة والذى من اجله مثل تمام شىء واحد هو فهو فى الحيوان، وانما الاعضاء هيولى فى جميع الكل الذى اجزاؤه <لا> تشبه بعضها بعضا وفى ذلك الذى [لا] تشبه اجزاؤه بعضها بعضا، وقبل ما وصفنا التى تسمى اسطقسات الاجساد. وقد بقى لنا ذكر الاعضاء الموافقة لولاد الحيوان، لأنا لم نذكرها فيما سلف ولم نميز منها شيئا، وبقى ذكر العلة المحركة وماذا ابتداؤها وولاد كل واحد من الحيوان والنوع الذى به يكون ولاده.*** فنحن نبدأ بذكر ولاد الحيوان اولا ثم تتبع ذكر العلة المحركة والامر الاول البادئ. فجميع اجناس الحيوان الذى فيه الذكر والانثى يتولد من جماع ذكر وانثى، وانما اقول هذا القول لأن الذكر والانثى ليس يكون فى كل حيوان وانما يكون فى جميع الحيوان الدمى ذكر وانثى بخلقة تامة، فاما الحيوان الذى ليس بدمى فمنه ما فيه انثى ومنه ما فيه ذكر، فما كان من الحيوان الدمى فهو يلد حيوانا شبيها بجنسه، فاما الحيوان الذى ليس بدمى فمنه ما يلد ما يشبهه بالجنس ومنه ما يلد غير شبيه به ولا مجانس له مثل الحيوان الذى لا يكون من جماع ولا من سفاد بل من الهيولى التى تعفن ومن الفضول. التى تعفن ومن الفضول. وبقول عام جميع الحيوان المنتقل من مكان الى مكان، مثل جنس الطير وجنس الحيوان الذى يعوم وجنس الحيوان السيار، يوجد فيه الذكر والانثى، وليس فى الحيوان الدمى فقط بل فى بعض الحيوان الذى ليس بدمى ايضا. وربما كان ذلك فى جميع الجنس، مثل ما يوجد فى الحيوان البحرى الذى يسمى مالاقيا والذى يسمى لين الخزف، فاما جنس الحيوان المحزز الجسد فما كان منه ولاده من سفاد حيوان مثله فهو يلد حيوانا شبيها بجنسه. فاما ما كان منه من غير سفاد حيوان بل من الهيولى التى تعفن فهو يلد ايضا ولكن يكون المولود منه جنسا آخر، ولا يكون فيه ذكر ولا انثى، وذلك مثل بعض الجنس المحزز الجسد. وبحق عرض هذا العرض، لأنه لو كان ما لا يولد من جماع حيوان يلد حيوانا مثله شبيها بجنسه لكان واجبا ان يكون ولاده متصلا متتابعا، وانما يكون الولاد على مثل هذه الحال فى الحيوان الذى يلد حيوانا مثله. فاما اذا صار الحيوان الذى لا يولد من سفاد حيوان يلد حيوانا آخر لا يشبهه بالجنس وقف لذلك الولاد فلم يولد منه ايضا شىء آخر، لأنه لو ولد منه شىء آخر لا يشبه جنسه ومن ذلك المولود شىء آخر ايضا مختلف بالجنس ومن ذلك غيره ايضا، وذلك كله على خلاف، لكان مذهب الطباع الى ما لا نهاية له ولا غاية. والطباع يهرب مما لا غاية له، لأن ما لا غاية له ناقص غير تام، والطباع يطلب ابدا التمام. فما كان من الحيوان ليس بسيار مثل الجنس الخزفى الجلد والذى يعيش لأنه لاصق بالصخور فليس فيه ذكر ولا انثى، لأن جوهره شبيه بجوهر الشجر، وانما يقال حيوان بالشبه والملايمة. وانما بينه وبين الشجر اختلاف يسير، لأن فى الشجر ما يثمر ثمرة شبيهة بجنسها ومن الشجر ما لا يحمل ثمرة بل موافق حمل الثمرة، لأنه معين على النضوج، مثل العرض الذى يعرض لشجرة التين البرية التى تثمر. فهذا العرض يعرض للنصب ايضا، لأن من الشجر ما يكون من زرع ومنه ما يكون بالبخت من قبل الطباع، اعنى من الارض التى تعفن او من بعض الاجزاء. ومن النصب ما لا يكون تقويمه على حدته من الارض بل يكون فى شجر آخر مثل شجر الدبق. وسننظر فى حال كينونة الشجر ونصفها فى كتاب خاص على حدتها. 2- فاما حيننا هذا فإنا نأخذ اولا فى ذكر ولاد ساير الحيوان بقدر مبلغ رأينا ونلطف النظر فى ذلك ويصير ما نستأنف من قولنا متصلا بما سلف من صفتنا. وكما قلنا آنفا لولاد الحيوان اوايل وهى الذكر والانثى، فاما الذكر فمنه ابتداء الحركة والولاد واما الانثى فهى مثل هيولى. وخليق ان يصدق ويحقق احد قولنا اذا نظر كيف يكون الزرع ومن اين، فان الاشياء التى تكون بقدر الطباع تقوم منه. فهو يعرض ان يكون الابتداء من الذكر والانثى لأن الزرع يخرج منهما جميعا، ومن خلط ذلك الزرع يكون ابتداء خلقة المولود، فلذلك نقول ان الذكر والانثى ابتداء الولاد. وانما يسمى حيوان ذكر الذى يلد فى غيره، ويسمى انثى الذى يلد فى ذاته. ومن اجل هذه العلة يظن الناس ان فى خلقة الكل طباع الارض مثل انثى ومثل ام ، فاما السماء والشمس وما كان من هذا الصنف فمثل اب ووالد. وبين الذكر والانثى اختلاف بالكلمة لحال اختلاف قوتهما وبينهما ايضا بالحس اختلاف من قبل اختلاف بعض الاعضاء. والاختلاف الذى بالكلمة من قبل ان الذكر يقوى على ان يلد فى غيره كما قلنا آنفا، فاما الانثى فمن قبل انها تلد فى ذاتها، فقد استبان الاختلاف الذى بين الذكر والانثى بالكلمة والحس. وقد علمنا ان كل عمل يحتاج الى آلة موافقة له، وانما آلة القوى اجزاء الجسد، وذلك باضطرار لحال الولاد، ومن اجل هذه العلة دعت الحاجة الى الجماع وصير الطباع للجماع اعضاء مختلفة موافقة بعضها لبعض، فبهذا النوع يختلف عضو الذكر وعضو الانثى، فانه وإن كان يقال بقول كلى ان من الحيوان ما هو ذكر ومنه ما هو انثى، ولكن ليس الانثى والذكر متفقين على كل حال بل بينهما اختلاف بالقوة وبعضو من الاعضاء، كما يقال البصير والسيار، وذلك ظاهر بين للحس. ومثل هذه الاعضاء يكون فى الانثى التى تسمى ارحام وفى الذكر الانثيين وما يليهما. وذلك بين فى جميع الحيوان الدمى، فان منه ما له انثيان ومنه ما ليس له انثيان بل سبل تشبهه. فبهذه الاعضاء يكون اختلاف الذكر والانثى، وانما يكون هذا الاختلاف فيما يمكن من الحيوان ان يكون له دم. واعضاء الذكر والانثى مختلفة الشكل ايضا، وينبغى لنا ان نفهم انه اذا تغير شىء يسير من البادئ الاول يتغير بتغيره اشياء كثيرة من الذى بعد ذلك الاول. وقولنا يستبين من قبل الذين يخصون، فانه اذا قطع الذكر وفسد يتغير جميع المنظر ويكثر ذلك التغير حتى يظن ان الذى خصى شبيه بأنثى لأنه ليس بدونها إلا بالشىء القليل اليسير***. فقد استبان ان الذكر والانثى اوايل ولاد الحيوان. فاذا فسد العضو الموافق للجماع تغير معه ساير الجسد، لأنه يتغير مع تغير ابتدائه واوله. 2- وحال الانثيين والارحام مختلف ليس بمتشابه فى جميع الحيوان الدمى، واول الاختلاف فى انثى الذكورة، لأن من اجناس الحيوان ما ليس لذكورته انثيان البتة مثل جنس السمك وجنس الحيات، وانما لما سبيلان فيهما زرع فقط. ومنه ما له انثيان وهما فى باطن جسده قريب من الصلب وبمكان الكلى، ومن ثينك الانثيين سبيلان آخذان الى مخرج الزرع وذانك السبيلان مجتمعان فى مكان واحد ومثل هذين السبيلين يوجد فى جميع اجناس الطير وفى الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا ويقبل الهواء وله رئة. ولجميع هذه الاجناس انثيان قريب من الصلب ومنهما سبيلان آخذان الى مخرج الزرع مثل ما للحيات والسام ابرص والسلحفاة وجميع الحيوان المفلس الجلد. فاما جميع الحيوان الذى يلد حيوانا فله انثيان فى مقدم جسده، ومنه ما يكون انثياه داخل فى آخر البطن مثل الدلفين وليس له سبيل بل شىء خاص يخرج من الانثيين الى الناحية التى من خارج مثل ما للبقر. ومن الحيوان ما له انثيان متعلقة مثل الانسان، ومنه ما له انثيان قريب من المقعدة مثل ما للخنازير. وقد وصفنا ذلك فى الاقاويل التى وصفنا فى مناظر الحيوان. واما الارحام فلها جزآن فى جميع الحيوان مثل تجزئ انثى الذكورة بجزءين. والارحام موضوعة قريبأ من المفاصل اعنى ارحام النساء وجميع الحيوان الذى يلد حيوانا، وذلك ليس بخارج فقط بل باطن ايضا، والسمك الذى يبيض بيضا فى الظاهر كمثل. ومن الحيوان ما يكون رحمه قريبا من الحجاب مثل ارحام جميع الطير والسمك الذى يلد حيوانا، فان ارحام هذا الصنف ايضا مشقوق بشقتين. وكذلك ارحام الجنس اللين الخزف والذى يسمى باليونانية مالاقيا. فاما الذى يسمى بيض السمك فهو فى صفاقات تشبه صفاقات الرحم. وليس ذلك خاصة مجزأ ولا محدودا فى الحيوان الكثير الارجل ولذلك يظن ان يكون رحمه واحدا ليس بمجزأ. وعلة ذلك عظم الجسد لأنه متشابه من كل ناحية. وارحام الحيوان المحزز الجسد ايضا مجزأ باثنين وذلك فيما له عظم جثة. فاما فيا كان صغير الجة فليس يستبين لحال الصغر. فهذه حال الاعضاء التى ذكرنا فى جميع اجناس الحيوان. - وإن اراد احد ان ينظر فى فصول آلة الزرع واختلافها فباضطرار يأخذ اولا العلل التى من اجلها صارت، اعنى لأى علة صار تقويم الانثيين. فان كان الطباع يفعل كل ما يفعل إما للذى هو لازم باضطرار وإما للذى هو امثل واجود، فينبغى لنا ان نعلم ان هذا العضو مقوم ايضا لواحد من هذين الامرين. وهو بين ان تقويم الانثين ليس مما يحتاج اليه باضطرار، فانه لو كان ذلك لكانت الانثيان فى جميع اجساد الحيوان الذى يلد، فاما حيننا هذا فقد علمنا انه ليس للحيات انثيان ولا للسملك. وهو بين ان سبل السمك فى اوان سفاده تكون ملوءة زرعا. فقد بقى ان نقول ان خلقة الانثيين للذى هو امثل واجود. وبقول عام عمل كثير من الحيوان خروج وطرح الزرع مثل ما نقول ان عمل الشجر خروج البزر والثمرة، وليس للحيوان عمل آخر غير هذا. كما نقول ان كل ما كان من الحيوان مستقيم المعاء اكثر رغبة لشهوة الطعام، كذلك نقول ان ما كان من الحيوان ليس له انثيان بل سبل فقط وتلك السبل فى باطن الجسد اسرع الى فعال الجماع والسفاد. وما كان على غير هذه الحال فهو اكثر عفة واضبط لنفسه. فكما يكون الحيوان الذى ليس بمستقيم المعاء اقل رغبة لطلب الطعام كذلك ما يكون له التواء فى السبل لا يكون الشهوة سريعة. فاما الانثيان فخلقتهما من حيلة الطباع اعنى ليكون اوعية لفضلة الزرع ولذلك يهيج الحيوان فى الفرط وليس فى كل حين، وفى بعض الحيوان مثل الخيل وما اشبهه وفى الناس فهى نجذب الانثناء وتعصر عند خروج الزرع. ومن الاقاويل التى وصفنا فى صفة اجساد الحيوان تعرف ذلك الانثناء، لأن الانثين ليست جزءا من اجزاء السبل*** كما تفعل النساء حيث يضعن الاعواد المستطيلة فى الانوال وينسجن. فاذا نزعت الانثيين انجذبت السبل الى داخل الى فوق، ولذلك لا يقوى الحيوان الذى يخصى على ان يلد ولدا لأن السبل ليست باقية على حالها. وقد عرض فى الزمان السالف ان ثورا بعد ان خصى نزأ من ساعته فملأ رحم الانثى لأن السبل لم تنجذب الى فوق بعد. فاما اجناس الطير والحيوان الذى له اربعة ارجل ويلد حيوانا فانثياه قابل لفضلة الزرع، ولذلك يكون خروجه بطيا من الحيوان الذى <ليس> له مكان موافق لقبوله. وذلك بين فى الطير لأنه فى زمان السفاد يكون انثياه اكبر كثيرا، وما كان من الطير يسفد فى اوان واحد، فاذا جاز ذلك الاوان فانثياه صغار جدا بقدر ما لا تظهر ولا تستبين، واذا كان اوان السفاد تكبر جدا. وما كان من الطير له انثيان فى باطن الجسد فهو اقل سفادا. فاما الطير الذى له انثيان فى الظاهر فليس يلقى الزرع قبل ان يجذب الانثيين الى فوق. ه- وايضا الآلة الموافقة للجماع والسفاد تكون فى الحيوان الذى له اربعة ارجل، لأنه يمكن ان يكون فيه. فاما فى الطيور وفى الحيوان الذى ليس له رجلان فليس يمكن ذلك لأن ساقى الطير تحت وسط البطن. فاما الحيوان الذى ليس له رجلان فليس يمكن ان يكون له انثيان، وطباع الذكر وخلقته متعلقة بهذا المكان. وينبغى ان يكون امتداد عصب الساقين فى اوان السفاد، لأن الذكر من عصب وطباع الساقين من عصب ايضا. فمن اجل انه لا يمكن ان يكون ذلك باضطرار عرض لهذه الاصناف ان لا يكون لها انثيان وذكر. وان كانت لا تكون فى هذا الوضع، لأنه الموضع المعروف للانثيين والذكر. وايضا فى الحيوان الذى له انثيان من خارج يعرض ان يسخن ويدفى الذكر بالحركة ويجتمع الزرع وينصب اليه ولا يخرج ولا يفضى من ساعته فى وقت الجماع لأنه هناك مجتمع. ولجميع الحيوان الذى يلد حيوانا انثيان فى مقدم الجسد او خارجا ما خلا القنفذ، فان انثييه قريب من الصلب لحال العلة التى من اجلها تكون انثيا الطير كما وصفنا. فباضطرار يكون سفادها عاجلا. ولا يكون مثل سفاد ساير الحيوان الذى له اربعة ارجل اذا ركب بعضه بعضا بل يسفد الذكر الانثى وهى قايمة لحال الشوك. وقد بينا العلة التى من اجلها تكون الانثيان فى الحيوان الذى له انثيان، والعلة التى من اجلها صارت الانثيان فى بعض الحيوان خارجا وفى بعض الحيوان داخلا. 6- فاما ما كان من الحيوان ليس له انثيان البتة كما قلنا لحال الاجود والامثل بل لحال الاضطرار فقط، فهو سريع السفاد من اجل العلة التى ذكرنا مثل طباع السمك والحيات، فان السمك يسفد اذا ماس بعضه بعضا ويلقى الزرع عاجلا. وكما يعرض للناس ولجميع الاجناس التى مثل هذه حبس النفس باضطرار قبل افضاء الزرع، كذلك يعرض للسمك لأنه لا يقبل ماء البحر وهو سريع البلاء اذا لم يفعل ذلك. وفى اوان السفاد ينضج الزرع كما يفعل الحيوان المشاء الذى يبيض بيضا، فالزرع فى ذلك الاوان يجرى فى السبل وهو مكن ان ينضج وليس يكون نضوجه فى اوان السفاد بل يخرج لأنه مهيأ. فلهذه العلة ليس لهذه الاصناف انثيان بل لها سبل مبسوطة مستقيمة مثل العضو الصغير الذى يكون للحيوان الذى له اربعة ارجل فى ناحية الانثيين. وبعض اجزاء الانثناء او السبيل دمى وبعضه ليس بدمى، وهو الذى يقبل الرطوبة، وبه يكون الزرع ومنه يخرج. ويكون خروجه عاجلا مثل ما يكون خروج المنى اذا انتهى الى ذلك الموضع. فاذا خرج الزرع افترقت الانثى والذكر. فاما السمك فله سبيل مثل سبيل الناس والحيوان الذى هو مثله، اعنى ان الزرع يكون فى الجزء الآخر من اجزاء الانثناء. 7- فاما الحيات فانها تلتف بعضها ببعض عند اوان السفاد، وليس لما انثيان ولا ذكر كما قلنا فيما سلف. فاما ذكر فليس لها لأنه ليس لها ساقان، وايضا ليس لها انثيان لحال طول اجسادها بل لها سبيل مثل سبيل السمك. ومن اجل ان خلقتها من قبل الطباع مستطيلة لو كانت لها انثيان لبرد الزرع لحال ابطاء خروجه. وهذا العرض يعرض للذين لهم ذكر طويل. لأنهم يكونون اقل ولدا من الذين لهم ذكر معتدل، لأن الزرع غير موافق للولد من اجل انه بارد وانما يبرد لبعد العضو الذى يكون خروجه منه. فقد بينا العلة التى من اجلها صار لبعض الحيوان انثيان ولم يصر لبعض. فاما الحيات فهى تلتف بعضها ببعض، لأن خلقتها غير موافقة للسفاد ولحال طول جثتها لا تلتام سفادها إلا بعسرة. فمن اجل انه ليس لها اعضاء تلزم بعضها بعضا بدل تلك الاعضاء تستعمل رطوبة ولين اجسادها وتلتوى بعضها ببعض. ولذلك يظن ان افتراقها يكون ابطأ من افتراق السمك، ليس لحال طول السبيل فقط بل لحال الخلقة التى تسلك السبيل ايضا. 8- وخليق ان يعتاص احد فى طلب معرفة خلقة الارحام اذا طلب معرفة انواع اشكالها، من اجل ان فيها اختلاف واصناف شتى، فان الحيوان الذى يلد حيوانا مختلف الارحام، *** لأنه لا توجد ارحامها جميعا اسفل عند المفاصل بنوع واحد. فاما الحيوان الذى يسمى باليونانية صلاشى ويلد حيوانا فرحمه يوجد تحت الحجاب حيت يوجد رحم الحيوان الذى يبيض بيضا. فاما ارحام السمك فهى فى الناحية السفلى، مثل ارحام النساء، وكل ما كان من الحيوان الذى له اربعة ارجل ويلد حيوانا. *** وفى ذلك ايضا اختلاف بقدر الملايمة. ومما يبيض بيضا يختلف ايضا، من اجل ان منه ما يلقى بيضه وهو غير تام مثل السملك، فان بيض السمك يكمل ويتم خارجا وهناك ينشو ويعظم. وعلة ذلك من قبل ان السمك كثير البيض، وانما عمل السمك مثل عمل الشجر. فليس يقوى الطباع على تمام ذلك البيض فى جوف السمك لحال كثرته. ومن كثرته يظن ان الرحم كله بيضة واحدة، وذلك خاصة فى صغار السمك، لأنه كثير البيض. وكذلك يكون فى ساير الحيوان الذى يشبهه بالطباع. وهذا العرض يعرض فى الشجر واصناف الحيوان، لأن نشو العظم ينتقل ويصير الى الزرع. فاما الطير وما كان من الحيوان الذى يبيض بيضا فهو يبيض بيضا تاما. فينبغى ان يصير ذلك البيض جاسى القشر فهو يكون لينا ما دام ينشو، فاذا تم نشوه صار القشر جاسيا وانما تكون تلك الجساوة من كئرة الحرارة التى تنشف الرطوبة من الجزء الارضى. فباضطرار يكون المكان الذى يعرض فيه هذا العرض حارا. ومثل هذا المكان ينبغى ان يكون الموضع الذى يلى الحجاب، لأنه ينضج الطعام. فإن كان ينبغى ان يكون البيض فى الرحم فباضطرار ينبغى ان يكون الرحم ايضا تحت الحجاب فى الحيوان الذى يبيض بيضا <تاما>. وينبغى ان يكون موضع الرحم فى الحيوان الذى لا يبيض بيضا <تاما> على خلاف ذلك، اعنى فى الناحية السفلى لحال سهولته وسرعة خروجه. ومن قبل الطباع يكون الرحم فى الناحية السفلى وليس فى الناحية العليا اذا لم يكن عمل آخر من اعمال الطباع يمنع ذلك. وآخر الرحم فى الناحية السفلى، حيث يكون الآخر، اعنى الغاية هنالك يكون العمل، وليس للرحم العمل بل هو للعمل. 9- وفى الحيوان الذى يلد حيوانا اختلاف ايضا، فان منه ما لا يلد حيوانا من خارج بل هو فى باطن الجوف ايضا مثل النساء واناث الخيل والكلاب وجميع الحيوان الذى له شعر، ومن الحيوان المائى الدلفن والذى يسمى باليونانية فالينا وجميع الحيوان الذى يشبه هذا الصنف اعنى العظيم الجثة. 10- فاما الصنف الذى يسمى باليونانية صلاشى والحيات فهو يلد حيوانا خارجا بعد ان يبيض بيضا فى جوفه اولا. وهو يبيض بيضا تاما، وكذلك يولد حيوان من البيض ، وليس يكون حيوان من البيض الذى ليس بتام. وليس يبيض هذا الحيوان بيضا خارجا لحال برد الطباع وليس يكون لحال الحرارة كما قال بعض الناس. 11- ومن الحيوان ما يبيض بيضا لين القشر، وذلك من فبل ان الحرارة التى فى باطن جسده قليلة ولا ييبس القشر، فلحال البرودة يصير البيض لين القشر. ولو بقى خارجا لين القشر لفسد عاجلا ولم يكن منه حيوان. ومثل هذا الفن يعرض لكثير من بيض الطير ايضا. ومن الحيوان ما يبيض بيضا فى جوفه ويخرج منه حيوان ويولد، فاذا بلغ ذلك الوقت نزل البيض الى الناحية السفلى عند المفاصل وخرج منه حيوان، كما يعرض للحيوان الذى يلد حيوانا من اول خلقته. ولذلك توجد ارحام الحيوان الذى يلد حيوانا والذى يبيض بيضا مختلفة لأن فيها شركة من الصنفين. فالارحام توجد فى جميع الاصناف التى تشبه الحيوان الذى يسمى باليونانية صلاشى فى الناحية السفلى عند الحجاب. ومن اراد معرفة خلقة هذا الرحم وساير الارحام فليعلم ذلك من قبل الشق ومن الاقاويل التى وصفنا فى مناظر الحيوان. فهو بين انه <يشترك من هاذين الصنفين> من اجل ان الحيوان الذى يبيض بيضا تاما يكون بيضه فى الناحية العليا، فاما الذى لا يبيض بيضا تاما فبيضه يكون فى الناحية السفلى كما قلنا فيما سلف. فاما الحيوان الذى يبيض بيضا اولا ثم يلد من ذلك البيض حيوانا فى جوفه، فبيضه فى الناحية <العليا>*** السفلى، لأنه لا يمنع عمل من اعمال الطباع البتة. وايضا مع ما ذكرنا لا يمكن ان تكون خلقة الحيوان قريبا من الحجاب، لأنه باضطرار ينبغى ان يكون لكل جنين ثقل وحركة، وضرورة الحجاب داعية الى سرعة الموت، فليس يحتمل الحجاب لشرف موضعه ثقل الجنين. وايضا باضطرار كان يعرض عسر ولاد لحال طول النزول. ومثل هذا العرض يعرض للنساء ان تثاءبن او جذبن الهواء الى فوق بالتنفس او فعلن شيئا آخر مثل هذا وجذبن الجنين الى الناحية العليا، ويعرض لهن عسر ولاد. واذا كانت الارحام فوق وقفت هناك وخنقت. وباضطرار ينبغى ان تكون الارحام التى تحمل حيوانا صلبة قوية، ولذلك يكون جميع هذه الارحام لحمية، فاما الارحام التى تحت الحجاب فهى صفاقية. وهذا العرض بين حيث يعرض للحيوان الذى يحمل ويلد اثنين، فان الحيوان يكون فى السفلى من الرحم، فاما ما كان على خلاف ذلك فهو يكون فى الناحية العليا من الرحم. فقد بينا العلل التى من اجلها صارت بعض ارحام الحيوان مختلفة والعلل التى من اجلها صارت بعض الارحام فى الناحية السفلى وبعضها قريب من الحجاب. 12- فاما العلة التى من اجلها صارت ارحام جميع الحيوان فى باطن الجسد فاما الانثيان ففى بعض داخل وفى بعض خارج، فمن قبل انه ينبغى ان تكون جميع الارحام داخل، لأن المولود يكون فيها، وهو المحتاج الى الحفظ والنضوج، والمكان الذى من خارج الجسد بارد سريع الضرورة. فاما الانثيان فهى فى بعض الحيوان داخل وفى بعض خارج لأن هذا العضو ايضا يحتاج الى غطاء وسترة لحال السلامة ولحال نضوج المنى، لأنه مما لا يمكن ان تكون الانثيان باردة جامدة وتجذب الى فوق وخرج منها المنى. ولذلك اذا كانت الانثيان فى ظاهر الجسد تكون لها سترة من جلد محدقة بها. فاما فى الحيوان الذى يكون طباع الجلد منه مخالفا لحال جساوته لأنه لا يمكن ان يكون لينا ولا محدقا، مثل جلد السمك وما يشبهه وجلد الحيوان المفلس فباضطرار صارت الانثيان فى باطن الجسد. ومن اجل هذه العلة صارت انثيا الدلافين وجميع الحيوان البحرى العظيم الجثة فى باطن الجسد، وجميع الحيوان الذى له اربعة ارجل ويلد حيوانا والمفلس الجلد. وجلد الطير ايضا جاسى ولذلك يكون الجلد المحدق بالانثيين غير معتدل. وهذه العلة مع جميع العلل التى ذكرنا اولا بينة من الاعراض التى تعرض فى اوان السفاد. ومن اجل هذه العلة صارت انثيا الفيل والقنفذ [والسلحفاة] فى باطن الجسد، لأن جلود هاذين الصنفين من اصناف الحيوان غير موافق لغطائها وسترتها مع ان العضو الذى يستر ليس بمفارق فيما وصفنا. ووضع الارحام مختلف فى الحيوان الذى يلد حيوانا *** خارجا، والذى له رحم فى الناحية السفلى والذى له رحم تحت الصفاق، مثل الاختلاف الذى يوجد فى السمك والطير والحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا، والحيوان الذى له شركة من النوعين اعنى الحيوان الذى يبيض فى ذاته ويلد خارجا حيوانا، فان الحيوان الذى يلد حيوانا فى جوفه وخارجا ويكون رحمه على البطن مثل النساء والبقر والكلاب وجميع الاصناف التى تشبه هذه، من اجل انه ينبغى الا يكون ثقل على الارحام البتة لحال السلامة والنشو والامر الذى هو امثل واجود. 13- وايضا السبل التى تخرج منها الفضلة اليابسة غير السبيل التى تخرج منها الرطبة فى جميع هذا الحيوان. ولذلك توجد فيه انثيان اعنى فى الذكورة والاناث وفى الانثين سبيل تخرج منها رطوبة *** الذكورة ويخرج الحمل من الاناث. وهذه السبيل فى الناحية العليا، وفى مقدم الجسد بين يدى السبيل التى تخرج منها فضلة الطعام اليابس. فاما الحيوان الذى يبيض بيضا غير تام مثل جميع السمك الذى يبيض فرحمه تحت البطن و<قريب من> الصلب لأن نشو البيض لا يكون مانعا لعمل من اعمال الطباع من اجل انه يتم خارجا وكل ما نشا قليلا نزل الى الناحية السفلى. والسبيل واحد هو فهو فى الحيوان الذى ليس له عضو موافق للولاد اعنى سبيل الطعام اليابس، وذلك بين فى جميع الحيوان الذى يبيض بيضا والذى له مثانة مثل السلحفاة، فان لا سبيلين لحال الولاد وليس لحال خروج فضلة الرطوبة. ولأن طباع الفضلة رطب صارت لفضلة الطعام الرطب شركة ايضا فى تلك السبيل. وذلك بين من قبل ان لجميع الحيوان زرع وليس لجميعها فضلة رطبة. وينبغى ان تكون سبل الزرع التى فى الذكورة ثابتة لا تنقل من مكان الى مكان، وباضطرار تكون ارحام الاناث ايضا ثابتة وباضطرار صارت فى مقدم الجسد ولم تصر فى ناحية الظهر. والارحام تكون فى الحيوان الذى يلد حيوانا فى مقدم الجسد لحال الجنين، وتكون فى الحيوان الذى يبيض بيضا فى ناحية الصلب وناحية الظهر. وفى الحيوان الذى يبيض فى جوفه ويلد حيوانا خارجا توجد الارحام على حال النوعين الذين ذكرنا لحال شركته فى الامرين، اعنى لأنها تبيض بيضا وتلد حيوانا. فهو يكون فى الناحية العليا من الرحم حيث يكون البيض تحت الحجاب قريب من الصلب وفيما يلى الظهر، واذا تقدم الزمان صار الى الناحية السفلى على البطن وهناك يلد حيوانا. فاما سبيل السفاد وخروج الفضلة الرطبة فواحد، لأنه ليس لشىء من هذا الصنف انثيان كما قلنا فيما سلف. والسبيل الذى ذكرنا متعلق موثق فى الذكورة التى لها انثيان والتى ليس لها انثيان. وذلك السبيل متعلق بالارحام وهو لاصق بها فما يلى الظهر اعنى فى مكان الفقار. وذلك لأنه لا ينبغى ان تنتقل من مكان الى مكان ولا تبطل بل تكون ثابتة، ومكان مؤخر الجسد على مثل هذه الحال. وما يكون فيه فهو متصل ثابت. فاذا كانت لهذا الحيوان انثيان توجد متعلقة بالمكان الذى وصفنا مع السبيل ايضا وتلك السبل تلتقى خارجا فى مكان واحد حيث موضع الذكر. والسبل تكون فى الدلافين بمثل هذا النوع ايضا. فاما انثياها فهى خفية تحت جسد البطن. فقد بينا حال الاعضاء الموافقة للولاد وقلنا العلل التى من اجلها تكون وكيف تكون. 14- فاما الاعضاء الموافقة للولاد التى تكون فى الحيوان الذى لا دم له فعلى نوع مخالف اعنى انه ليس بعضها موافقة لبعض ولا لاعضاء الحيوان الدمى. وانما الاجناس الباقية اربعة، اما الواحد فجنس الحيوان اللين الخزف، والجنس الثانى السمى باليونانية مالاقيا، والجنس الثالث المحزز الجسد، والجنس الرابع الخزفى الجلد. وليس حال جميع هذه الاجناس واضحا بل هو معروف ان اكثرها لا يسفد. وسنقول فى أخرة كيف يكون تقويمها. فاما جنس الحيوان اللين الخزف فهو يسفد مثل ما يسفد الحيوان الذى يبول الى خلف اذا كان احدهما على الظهر والآخر على البطن وبدل وضع الاذناب ولولا ذلك لمنعها الاذناب من السفاد***. وتوجد فى الذكورة سبل دقيقة ملوءة زرعا، وفى الاناث ارحام صفاقية قريب من المعاء من هنا ومن هنا والارحام مشقوقة بشقين وفيها تكون البيضة. 15- فاما الجنس الذى يسمى باليونانية مالاقيا فهو يسفد*** اذا تشبك بعضه ببعض اعى اذا تشبكت الاعضاء المماسكة بالاعضاء الأخر التى تشبهها، وهى تتشبك وتلتصق فى اوان السفاد على مثل هذه الحال باضطرار، من اجل ان الطباع جمع آخر الفضلة قريبا من الفم بنوع انثناء كما قلنا فيا سلف. وفى اناث هذا الجنس عضو الرحم بين فى كل واحد من هذا الحيوان. وتكون فيه اولا بيضة ليست بمنفصلة، ثم تنفصل فى بيض كثير ويبيض كل واحد من ذلك البيض غير تام مثل السمك الذى يبيض بيضا. فاما سبيل الفضلة والعضو الذى يشبه الرحم فواحد هو فهو فى جنس الحيوان اللين الخزف وفى هذا الجنس. وهو فى الموضع الذى تخرج منه الفضلة فى مقدم الجسد حيث افتراق الغطاء وحيث يدخل ماء البحر، وفى ذلك الموضع يكون السفاد وزروع الذكر *** وهو فى عضو له قوة موافقة لذلك والعضو يدنو من السبيل الآخذ الى الرحم. واما المجرى الذى يكون فى تشبيك الذكر فهو نافذ الى الانبوبة، وذلك بين فى الحيوان الكثير الارجل، والصيادون يزعمون انه يسفد بالعضو الذى يتشبك به، لأن ذلك العضو خلق لحال التشبك ولم يخلق لأنه موافق للولاد، من اجل انه خارج من السبيل والجسد. وربما سفد هذا الجنس والذكر والانثى على ظهورهما اعنى جنس الحيوان الذى يسمى مالاقيا. ولم يظهر بعد ان كان ذلك لحال ولاد او لعلة اخرى. 16- ومن الحيوان المحزز الجسد ما يسفد ويسفد ويكون ولاده من حيوان مثله كما يعرض للحيوان الذى لا دم له، مثل الجراد والضرار والدبر والنمل، ومنه ما يسفد ويسفد ويلد ولدا لا يشبهه بالجنس بل دود فقط، ولا يكون ذلك الحيوان من حيوان بل من رطوبات تعفن، ومنه ما يكون من اشياء يابسة <مثل> الفراش والذباب والذراريح، ومنه ما لا يكون من حيوان ولا يتسافد مثل البق والبعوض واجناس اخر مثل هذه. ومن الاجناس التى تتسافد اكثر الاناث اعظم جثثا من الذكورة. وليس تظهر فى الذكورة سبل يكون فيها زرع ولا يكون للذكر عضو يدخل فى الانثى البتة بل عضو الانثى يدخل فى الذكر من اسفل. وقد عوين ذلك فى اصناف كثيرة. ولقليل منها يعرض خلاف ذلك***. وبقدر قول القايل يعرض مثل هذا العرض ايضا لكثير من السملك الذى يبيض بيضا والحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا. اعنى ان الاناث اكبر جثثا من الذكورة لأن ذلك اوفق للمولود وما يحمل فى البطن. وارحام الاناث ملايمة لشكل هذا الجنس وهو يوجد قريبا من المعاء كما يوجد فى ساير الحيوان وفى الرحم يكون المحمول. وذلك بين فى الجراد وكل حيوان له عظم بين***. فاما الحيوان المحزز الجسد فليس يستبين ذلك لحال صغره. فهذه حال اعضاء الحيوان الموافقة للولاد التى لم تذكر فيا سلف. قد بقى لنا ذكر المنى واللبن. فنحن نأخذ حيننا هذا فى ذكرهما لأنهما من جنس ما ذكرنا آنفا ونبدأ بذكر المنى اولا ثم نذكر حال اللبن بعد ذلك. 17- فمن الحيوان ما يخرج منه منى وذلك ظاهر بين مثل ما يستبين فى جميع الحيوان الدمى الطباع، فاما الحيوان الحزز الجسد والذى يسمى بليونانية مالاقيا فليس حاله بمعروفة، اعنى إن كان يخرج منه منى ام لا. ولذلك ينبغى لنا ان نطلب اولا ونعلم إن كان جميع الذكورة تفضى زرع ام لا، وان لم تكن جميع الذكورة تفضى نطلب لأى علة يفضى بعض الحيوان وبعضه لا يفضى. وإن كانت الاناث تفضى اولا وماذا موافقة الاناث فى الولاد. وايضا نتفقد وننظر ماذا يكون من موافقة الزرع للولاد، وبقول كلى ماذا طباع الزرع وماذا طباع الطمث فى الحيوان الذى له هذه الرطوبة وتخرج منه. ويظن ان جميع ما يولد انما يولد من زرع، والزرع من الذين يلدون. فهو من طلبنا الذى نطلب حيننا هذا هل الذكر يفضى والانثى جميعا او احدهما فقط، وهل يخرج الزرع من جميع الجسد ام لا، فانه مما ينبغى ان يكون خروج الزرع من كل الجسد، وان لم يكن خروجه من كله فليس ينبغى ان يكون من الجنسين اعنى الذكورة والاناث. ولذلك ينبغى ان نلطف الرأى فى هذا الطلب ونعلم إن كان الزرع يخرج من كل الجسد وكيف حاله، فان من الناس من يرى ان خروجه من كل الجسد. والشهادات التى تستشهد فيما نطالب حيننا هذا اربعة. اما الشهادة الاولى فشدة اللذة لأن اللذة التى تكون من كثرة الاعضاء اغلب واكثر من اللذة التى تعرض من قليل من الاعضاء. والشهادة الثانية ما يعرض من الولاد. فقد يولد من الجسد الناقص جسد ناقص ايضا، لأنه لحال نقص العضو لا يخرج من زرع بزعم بعض الناس. فاذا لم يجى منه زرع لا يكون للمولود عضو مثله. والشهادة الثالثة شبه الذين يولدون بالذين ولدوا، فان الولاد تشبه الذين ولدوا بكل الجسد والاعضاء تشبه الاعضاء. فان كان المولود يشبه الوالد بكلية فعلة الشبه خروج الزرع من كل الجسد والاعضاء تشبه الاعضاء لحال خروج الزرع من كل عضو. وايضا يظن انه مما ينبغى ان يكون خروج الزرع من كل عضو اذ كان خروجه من الكل، اعنى بقولى الكل الذى منه يكون اولا، فان كان لذلك الكل زرع فلكل واحد من الاعضاء زرع ايضا. وهذه الشهادات مقنعة لأهل هذه الاهواء من اجل ان الذين يولدون يشبهون الوالدين ليس بالخلقة الطباعية فقط بل بالاشياء العرضية ايضا. وقد ولدوا اولاد كثيرة فى اجسادهم آثار جراح مثل الآثار التى كانت فى الوالدين فى تلك الاماكن باعيانها، وولد مولود به شامة فى العضد مثل الشامة التى كانت فى الاب وذلك فى البلدة التى تسمى باليونانية خلقيدون وكانت تلك الشامة مبددة مفترقة ليست بمجتمعة. فمن هذه الحجج يقنع بعض الناس ان الزرع يخرج من جميع اعضاء الجسد. 18- واذا نظر احد فى ذلك نظرا شافيا وجد خلاف ما ذكرنا، لأنه ليس نقض الحجج التى ذكرنا بعسير، ويعرض ان نقول اقاويل أخر لا تمكن ولا تستطاع. فليس الاحتجاج بشبه المولود للوالد مما يقوى قول القايل ان الزرع يخرج من جميع الاعضاء، لأنه ربما كان الولد يشبه الوالد بالصوت والاظفار والشعر والحركة، وليس يمكن ان يكون خروج زرع من هذه الاشياء البتة. ومن الذين يلدون من ليس له بعد شعر ولا لحية. فكيف يكون ذلك فى الولود ان كان الزرع يخرج من كل عضو وايضا يكون المولود يشبه قدماء الآباء مثل الجد وجد الجد ولم يخرج من اولئك زرع. وقد يكون الشبه بعد قرون كثيرة مثل العرض الذى يعرض فى البلدة التى تسمى باليونانية إيليس، فان امرأة من اهلها جامعت حبشيا فولدت ابنة بيضاء ثم حملت تلك الابنة فولدت حبشيا. وهذا العرض يعرض للشجر ايضا، لانه بين ان زرع الشجر لا يخرج من جميع اجزائه. ومن اجزاء الشجر ما يكون ناقصا ومنه ما يكون تاما ومنه ما لا يكون نابتا ومنه ما يمكن ان يخرج منه ما لا يكون نابتا ومنه ما يمكن ان يخرج ومنه ما يكون لاصقا بالشجر. وايضا ينبغى ان يخرج من القشور التى تحيط بالثمرات وتسترها إن كان الزرع يخرج من كل جزء ولذلك يشبه. وايضا ينبغى لنا ان نطلب ونعلم إن كان الزرع يخرج من الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا فقط كقولى من اللحم والعظم والعصب، او يخرج ايضا من الاعضاء التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا مثل الوجه واليد والرجل، فان كان الزرع من هذه فقط فبها يشبه المولود الوالد اعنى الاعضاء التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا مثل الوجه واليد والرجل. فان كان المولود لا يشبه الوالد بهذه الاعضاء فهو بين ان الشبه لا يكون من قبل ان الزرع خرج من كل الجسد بل لعلة أخرى. فان كان الزرع يخرج من الاعضاء التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا فهو بين انه لا يخرج من جميع الاعضاء بل يخرج من الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا، لأن تلك من قبل هذه وتركيب هذه من تلك اعنى تركيب الاعضاء التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا من التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا، وكما يولد المولود وهو يشبه الوالد بالوجه واليدن كذلك ينبغى ان يشبه باللحم والاظفار. فان كان الزرع من كليهما فاذا فن الولاد، لأن الاعضاء التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا مركبة من الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا، فهو بين انه إن كان الزرع يخرج من هذه فخروجه من تلك اولا لأنه إن كان يخرج من التركيب فهو اولى ان يخرج من الاشياء المبسوطة التى منها صار التركيب. كقول القايل إنه إن كان يخرج شىء من الاسم المكتوب فهو يخرج من الهجاء الذى به يكتب ذلك الاسم وإن كان يخرج من الهجاء فهو اولى ان يكون خروجه من الحروف التى منها ركب الهجاء قبل اعنى من الاسطقسات. فينبغى ان نقول ان الزرع يخرج من الاسطقسات الأول لأنه ليس مما يمكن ان يخرج من التركيب. وليس يمكن ان يكون الولد شبيها بالوالدين اعنى بالتركيب، فان كان التركيب الذى يخلق فهو الامر الآخر الذى يكون علة الشبه وليس خروجه من كل الجسد. وايضا إن كانت الاعضاء مفترقة كيف يعيش. وإن كانت متصلة فهو حيوان صغير. وكيف تكون حال الانثين، فانه إن كان الذى يخرج من الذكر والانثى بنوع واحد ينبغى ان يكون مولود شبيها بكليهما ولا يكون المولود واحدا بل اثنين. وينبغى ان يكون منها حيوانين لأن زرع الانثى يخرج من كل الجسد وزرع الذكر كمثل. وإن كان ينبغى لنا ان نقول مثل هذا القول فيشبه ان يكون قول انبدوقليس موافقا له ايضا،*** فانه يزعم ان فى الانثى وفى الذكر شيئا شبيها باتفاق، وان الكل لا يخرج من احدهما، بل طباع الاعضاء مفترق. ولاى علة لا تلد الاناث من ذاتها إن كان الزرع خرج من كل وللاناث موضع قبول لذلك الزرع. فاما كما يظهر لنا فهو احد الامرين إما لا يخرج الزرع من كل ولما يخرج كما قال اعنى من كليها ولذلك دعت الحاجة الى جماع الذكر والانثى. وهذا ايضا مما لا يمكن، مثل ما نقول انه لا تسلم الاولاد اذا كثرت ان كانت اعضاء مفترقة ولا يمكن ان تكون متنفسة، كما يولد انبدوقليس من الصداقة، حيث يزعم ان رؤوسا كثيرة نبتت بغير اعناق، ثم يقول انه متصل. وهو بين ان ذلك مما لا يمكن، فانه لا يمكن ان يسلم شىء لا نفس له ولا هو حيوان، ولا يمكن ان يكون مثل كثرة الحيوان ويتصل ويلتام بعضها ببعض بقدر ما يكون جميعها حيوانا واحدا. وانما يعرض ان يقول هذا القول من يزعم ان الزرع يخرج من كل الجسد، مثل ما يعرض للنابت من الارض، وذلك من قبل الصداقة، وبهذا النوع يخرج الزرع من الاعضاء التى فى الجسد. وليس يمكن ان تكون الاعضاء متصلة ويخرج ما يخرج منها متصلا مجتمعا فى مكان واحد، لأن الاعضاء لا تجتمع ايضا. وكيف يمكن ان نقول ان الاعضاء التى فوق والتى اسفل مفترقة والتى فى الناحية اليمنى والتى فى الناحية اليسرى والتى فى مقدم الجسد وفى مؤخره فان جميع هذه الاقاويل من الخطأ ومما ليس بمقبول. وايضا بعض الاعضاء منفصلة بالقوة وبعضها بالآفات، فاما الاعضاء التى اجزاؤها لا تشبه بعضها بعضا فهى منفصلة بانها تقوى على ان تفعل شيئا مثل اللسان واليد، فاما الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا فهى منفصلة بالجساوة والين وساير الآفات التى تشبه هذه. فهو بين انه لا يمكن ان يكون الذى يخرج مشاركا بالاسم للاعضاء، اعنى دم من دم او لحم من لحم. وان يمكن ان يكون الدم من كينونة شىء آخر فليس من علة الشبه. وانما يقولوا مثل هذا القول الذين يزعمون ان الزرع يخرج من جميع الاعضاء. ويمكن ان يكون الخروج من واحد فقط ان كان لا يكون من الدم دم. ومن اجل ماذا لا يكون جميعها من واحد. وهذا القول يشبه قول انكساغورس فانه يزعم انه لا يكون شىء من التى اجزاؤها تشبه بعضه بعضا. ولكن هو يوجب هذا القول على ولاد الحيوان، فاما انبدوقليس فهو يوجبه على كل، فبأى نوع تنشو هذه الاعضاء إن كان خروجها من كل. فاما انكساغورس فهو محسن حيث يزعم ان اللحم يزداد على اللحم من قبل الغذاء. فاما بقدر قول الذين يخالفون هذا الرأى ويزعمون ان الزرع يخرج من الكلى، كيف يمكن ان يكون اللحم اكثر اذا زيد عليه غذاء آخر، إن كان الذى يزداد لا يتغير ويصير لحما.*** ولماذا لا يصير الزرع من ساعته مثل الذى يخرج منه ويكون ممكنا ان يكون منه دم ولم***، فان هذا القول مما لا يستطاع ايضا، فهو يكون بالتمزيج فى أخرة كما يمزج الشراب اذا صب عليه الماء. فانه كان قبل ذلك غير ممزوج وهو بعد ما صب عليه الماء مائى دقيق. فاما قول القايل ان الزرع لحم وعظم وكل واحد من ساير الاعضاء من عصب ولحم فهو ما يجاوز قولنا ومبلغ رأينا. وايضا فيما بين الذكر والانثى اختلاف فى اوان الحمل كما يقول انبدقليس، فانه يزعم انه من اول الحمل تكون اناث وذكورة***. وقد علمنا ان النساء يتغيرون والرجال كمثل، وكما يعرض ان لا يولد لهم فى اول الزمان ثم يولد لهم كذلك يعرض ان يكون لهم اولاد ذكورة بعد ان كانت اولادهم اناث، فليس يكون الاناث والذكورة من قبل ان الزرع يخرج من كل الجسد بل لذلك علة أخرى اعنى اعتدال الزرع او غير الاعتدال أى الزرع الذى يخرج من الرجل ومن المرأة. فهو بين ان الذى يجتمع من الزرعين شىء خاص موافق لكينونة عضو الذكر وعضو الانثى لأن من الزرع الواحد يمكن ان يكون ذكر وانثى ليس لأن فيه عضو من الاعضاء التى ذكرنا بل فى الزرع قوة موافقة لخلقة ذلك العضو. ومثل هذا القول نقول فى ساير الاعضاء، فانه <إن> لا يخرج من الرحم زرع الرحم الآخر فالقول واحد على ساير الاعضاء. وايضا بعض الحيوان يكون لا مما يشبه جنسه ولا مما يخالف جنسه، مثل الذباب واجناس الفراش. ومن هذه ايضا يكون حيوان ولكن ليس طباعه شبيها بجنس الذى يكون منه بل يخرج منه دود. فهو بين ان المختلفة بالجنس لا تكون من الزرع الذى يخرج من كل الجسد، فانه لو كان منه لكان شبيها به إن كان الشبه علامة خروج الزرعين من كل الجسد. وايضا من سفاد واحد يلد بعض الحيوان اولادا كثيرة، وهذا العرض يعرض لشجر ايضا. وهو بين لكل ان من حركة واحدة تثمر الشجرة كل ثمرة فى كل سنة. وكيف يمكن ذلك إن كان الزرع يخرج من الكل، فان الافضاء الذى يخرج انما هو من حركة <واحدة> وتهيج واحد وباضطرار يكون من جماع واحد ومن افتراق واحد. وليس يمكن ان يكون الافتراق فى الارحام، لأن الافتراق يصير زرعا مثل الزرع الذى يخرج من الحيوان، وذلك مما لا يستطاع. وايضا ما يوجد من قضبان الشجر وينصب فيثمر ثمرة ويخرج زرعا من ذاته. فهو بين انه قبل ان توجد تلك القضبان من حدود الشجر وينصب كانت فيها قوة نبات الثمر ولم يكن الزرع من كل الشجرة. والدليل على قولنا الشهادة العظيمة التى رأينا مرارا شتى فى الحيوان المحزز الجسد، فانه إن لم يعرض ذلك فى جميع هذا الصنف فهو يعرض لكثرته فى اوان السفاد، اعنى ان الانثى تمد عضوا من اعضائها فتدخله فى جوف الذكر كما قلنا فيما سلف. وبهذا النوع يكون سفادها، لأن الذى يكون اسفل يدخل العضو فى الذى فوق. ولم يعاين ذلك فى جميع الحيوان الحزز الجسد بل فى اكثره. فهو بين انه*** ليس علة الولاد خروج الزرع من كل الجسد، بل علة أخرى ينبغى لنا ان نطلبها ونلطف النظر فيها، فانه اشبه ان نقول*** ان علة الولاد ليس خروج الزرع من جميع الاعضاء بل مما يجبل ويخلق كقولى ان الكرسى يكون من النجار وليس هو من الهيولى. فاما حيننا هذا فانهم يزعمون ان الشبه يكون مثل ما يكون من الخفاف كقول القايل ان الابن يشبه الاب لأنه يلبس مثل لباسه. فاما اللذة فهى تكون شديدة جدا عند وقت المجامعة، وليس علة ذلك خروج الزرع من كل الجسد بل علته من قبل شدة التهيج والدغدغة. ولذلك تكون لذة الذين يكثرون الجماع اقل. وايضا انما تكون اللذة فى آخر الجماع، وقد كان ينبغى ان تكون اللذة فى جميع الاعضاء بالسوية، ولا تكون فى بعضها قبلا وفى بعضها فى أخرة. ومن اجل هذه العلة التى هى فهى يكون اولاد نواقص من والدين نواقص ويكون الاولاد يشبه الآباء. وقد يمكن ان يكون اولاد تامة من آباء نواقص اعنى بذلك مضرورين ويكون اولاد لا يشبهون آباءهم. وسننظر فى علة جميع ذلك فى أخرة، لأن هذه المسألة مشتركة. *** فليس علة ما ذكرنا خروج الزرع من كل الجسد. وإن لم يكن خروجه من كل الجسد ليس يعرض للقول شىء من الخطأ ولا إن لم يكن الزرع يخرج من الانثى. ايضا نقول ان الانثى تكون بنوع من الانواع علة الولاد، فإنا قد علمنا ان الزرع لا يخرج من جميع الاعضاء. وابتداء هذا الطلب وما يتلوه النظر فى طباع الزرع والمعرفة به والبيان ماذا هو. فانا اذا اوضحنا ذلك قوينا على معرفة علل اعمال الزرع والاعراض التى تعرض لها. وينبغى ان يكون الزرع الذى منه يكون ما يقوم من قبل الطباع اعنى الامر الاول الذى منه علة التقويم مثل ما نقول ان المهن ابتداء ما نقول انه من الانسان والزرع مثل الانسان الذى يخرج منه اولا وكذلك هو فى ساير الحيوان. وقد عملنا ان آخر يكون من آخر بانواع شتى نقول انه بنوع آخر يكون الليل من النهار وبنوع آخر يكون الرجل من الصبى لأنه انما يكون بعده. وبنوع آخر يكون صنم النحاس من النحاس وصنم العود من العود والسرير كمثل، وجميع الاشياء التى تكون من الهيولى ويقال انها من شىء يقبل شكلا. وبنوع آخر يقال انه يكون من صاحب علم اللهو آخر <غير> عالم باللهو ويكون من الصحيح سقيم بنوع آخر وبقول عام مثل ما نقول ان الضد يكون من الضد. وايضا وغير هذه الانواع الفن الذى يذكر ابيخرموس، فانه يقول ان القتال يكون من المحل والنميمة والصخب، ولجميع هذه الاشياء اول اعنى ابتداء الحركة. ومن هذه الانواع ما ابتداء الحركة فيه مثل الانواع التى ذكرنا حيننا هذا فان المحل والنميمة ابتداء جميع القتال والمحاربة، ومن هذه الفنون ما علته من خارج مثل ما نقول ان المهن ابتداء الاشياء المعمولة والسراج ابتداء الضوء الذى يكون فى البيت. وهو بين ان الزرع فى احد هذين الاثنين، من اجل ان الذى يكون منه انما يكون مثل من الهيول ومن مثل الاول المحرك، لأنه لا يمكن ان يكون مثل هذا الذى يكون بعد هذا مثل ما يكون غرق المركب الذى كان من اثيناس ولا يمكن ان يكون مثل الذى يكون من اضداد بلاتغير، لأنه لا يمكن ان يكون الضد من الضد ومن قام وهو قايم بذاته، بل ينبغى ان يكون شىء آخر موضوع ليكون منه وهو الموضوع الاول. وينبغى لنا ان ننظر فى حال الزرع وننظر إن كان مثل هيولى ومثل الشىء الذى يلقى ويفعل به اومثل صورة وصانع. وهو بين انهما بكونان بالسوية وكيف يكون الولاد الذى يكون من الاضداد فى جميع الذى يكون من الزرع، فان الولاد الذى يكون من الاضداد طباعى، من اجل انه يكون من الاضداد اعنى من ذكر وانثى ومنه ما يكون من واحد مثل الشجر وبعض الحيوان اعنى الحيوان الذى ليس فيه ذكر وانثى بنوع افتراق. فالمنى يقال ذلك الذى يخرج من الذى يلد فى جميع اصناف الحيوان الذى يجامع ويسفد، وهو من قبل الطباع الاول الذى فيه ابتداء الولاد. فاما الزرع فهو الذى له ابتداء من كل الذين يجامعون مثل الشجر وبعض الحيوان الذى ليس فيه الذكر والانثى مفترقا، مثل الذى يكون من الذكر والانثى فله خلط الاول <مثل> المحمول ومثل البيضة، فان فى هذا الذى يخرج من الاثنتين. وبين الزرع والثمرة اختلاف اعنى ان منه ما هو اول ومنه ما يكون فى أخرة، لأن الثمرة تكون من آخر فاما الزرع فمنه يكون آخر وإن لم يكن كما ذكرنا فكلاهما شىء واحد هو فهو. وينبغى لنا ان نقول ايضا لماذا الطباع الاول اعنى طباع الذى يقال له زرع مثل منى. وباضطرار يعرض ان نقول ان كل ما ناخذ فى اجسادنا اما ان يكون جزأ من الاشياء الطباعية وذلك اما من*** التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا او من التى على غير الطباع، مثل خروج او فضلة او اجتماع او بقية طعام***. وهو بين انه ليس بجزء، لأن اجزاءه تشبه بعضها بعضا وليس من هذا شىء مركب مثل المركب من عصب ولحم. وايضا ليس هو مفترقا، فاما ساير الاشياء فجميعها اجزاء. وايضا ليس هو من التى على غير الطباع ولا هو نوع من انواع النقص والضرورة لأنه فى كل ومنه يكون الطباع. وهو بين ان الطعام والغذاء دخيل. فباضطرار نقول انه ذوب <او فضلة، واما القدماء فقالوا انه ذوب> يخرج من الجسد لأن القول انه يخرج من الكل لحال الحرارة التى تكون من الحركة له قوة ذوب. والذوب من الاشياء التى على غير الطباع، وليس يمكن ان يكون من الاشياء التى على غير الطباع شىء على الطباع. فباضطرار يكون فضلة. وكل فضلة تكون من الطعام الذى لا يحتاج اليه <او من الذى يحتاج اليه> وليس تلك الفضلة مما يستعمل ولا ينتفع به. وانما اعنى بقولى الذى لا ينتفع به الشىء الذى لا يمكن ان يكون منه شىء آخر موافق لاعمال الطباع والذى يزداد ضرورة اذا فنى اكثر، فاما الذى يحتاج اليه فى اعمال الطباع فهو على خلاف ذلك. وهو بين ان الزرع ليس هو فضلة مثل هذه الفضلة، لأن الفضلة تكون كثيرة فى المضرورين لحال مرض او سوء مزاج او قرن لم يبلغ مبالغ الرجال، فاما الزرع فهو فيهم قليل. وربما لم يكن فيهم منه شىء او يكون غير موافق لولاد لأنه يخالطه جزء من الفضلة الردية***. وانما الذى يحتاج اليه وينتفع به الاخير والذى منه يكون كل واحد من الاعضاء فان منه ما هو اول ومنه ما هو اخير. ففضلة الغذاء الاول بلغمى وشىء آخر مثله، لأن البلغم فضلة الطعام الجيد الذى يحتاج اليه. والعلامة الدليلة على ذلك من قبل انه يخالط الطعام ويكون مثل الغذاء وهو يفنى اذا تعب وعمل الجسد. فاما الاخير فانه يكون قليلا جدا من طعم كثير. وينبغى لنا ان نعلم ان جميع الحيوان والشجر ينشو ويعظم فى كل يوم قليلا قليلا حتى ينتهى الى حده الذى طبع عليه والى غاية عظمه.*** فنحن نقول فى الزرع خلاف قول القدماء، لأن اولئك قالوا ان الزرع انما هو الذى يخرج من الكل، ونحن نقول ان الزرع <هو> الذى فى طباعه ان يكون موافقا لكل، واولئك يقولون ان الزرع ذوب من ذوب الجسد ونحن نقول انه فضلة يحتاج اليها. ومن الامثل ان يكون الاخير الذى يزاد على الجسد شبيها والذى يقوى على مثل هذا ايضا، مثل ما يقوى المصور على صنعة الصنم الذى يشبه انسانا***. وكل ما يذوب من الجسد يبلى ويفسد وينتقل عن طباعه. والعلامة الدليلة على ان الزرع فضلة وليس هو ذوب من قبل ان الحيوان العظيم الجثة قليل الولد، والحيوان الصغير الجثة كثير الولد. وباضطرار يكون ذوب كثير فى الحيوان العظيم الجثة وفضلة يسيرة، لأن الفضلة تفنى فى عظم الجثة وهو يحتاج الى غذاء كثير فمن اجل ذلك تكون الفضلة قليلة. وايضا ليس للذوب مكان فى الجسد البتة، اعنى مكانا طباعيا بل يسيل حيث ما سهل عليه. فاما جميع فضول البدن فلها اما كن معروفة اعنى ان فضلة الطعام اليابس مكانه <البطن> الاسفل وفضلة الرطوبة مكانه المثانة، ومكان الطعام الذى يحتاج اليه البطن الاعلى، ومكان الزرع الارحام والاعضاء الموافقة للجماع ومكان اللبن الثديان، لأنه يجتمع فيها وبها يسيل. والاعراض التى تعرض تشهد لنا ان الزرع فضلة ينتفع بها ويحتاج اليها، لأن طباع الزرع على مثل هذه الحال. واذا خرج من الجسد زرع قليل يتحلل ويسترخى ويضعف، وذلك ان الضعف يكون بينا، لأن الجسد يعدم تلك الفضلة التى تكون من تمام الغذاء. ولقليل من الناس تعرض راحة بعد خروج الزرع ويذهب الثقل من الجسد، وانما اولئك الاحداث الذين يكثر فيهم الزرع، كما يعرض للجسد الثقل من كثرة الطعام فاذا ذهب ذلك الثقل اخصب الجسد وخف وحسنت حاله***. ليس يخرج من الرجل زرع فقط بل زرع مخلوط بفضلة، وتلك الفضلة سقيمة ردية فمن اجل هذه العلة لا يولد لكثير من الناس لأنه ليس فيما يفضى الرجل إلا زرع قليل. ويعرض لكثير من الناس من الجماع استرخاء وضعف لحال العلة التى ذكرنا. وليس يكون زرع فى اصحاب الجيل الاول ولا فى اصحاب السن والكبر ولا فى اوان السقم والمرض، اما فى السقم فلحال الضعف واما فى اوان السن والكبر فلأن الطباع لا ينضج ما فيه كفاية، فاما فى الاحداث فلحال النشو، فان قوة الزرع تفنى فى نشو الجسد. وفى خمسة اعوام يأخذ جسد الرجال من نشو عظم الاجساد مثل نصف ما يأخذ فى جميع ساير الازمان. وقد تكون فصول تعرض للحيوان وللشجر والاجناس تقاس الى اجناس أخر بهذه الاعراض التى ذكرنا وتكون الفصول ايضا فى الجنس الواحد الذى هو فهو فى المتشابه بالصورة اذا قيست بعضها الى بعض كقياس بالانسان الى الانسان وكرمة الى كرمة، لأن منها ما هو كثير الزرع ومنها ما هو قليل الزرع ومنها ما ليس فيه زرع البتة وليس لحال الضعف بل لبعضها خلاف ذلك. اعنى ان الفضلة تفنى فى الجسد مثل ما يعرض لبعض الناس. اعنى انهم اذا صحت اجسادهم وكثر لحمهم وكان شحمهم اكثر لا يفضون إلأ زرعا قليلا ويكون شهوتهم الى الجماع اقل. وكذلك تعرض هذه الآفة لكثير من الكروم التى تخصب وتقتلم لحال كثرة الغذاء، فثمرة تلك الكروم تنقص وتفسد. والتيوس ايضا اذا سمنت لاتسفد إلا سفادا يسيرا ومن اجل ذلك يهزلونها قبل السفاد اهل البصر بتدبيرها، ويكسحون الكروم الحصبة جدا. والناس الذين شحومهم اكثر من شحوم غيرهم لا يلدون إلا قلة اولاد اعنى اقل من الذين ابدانهم معتدلة، وكذلك يعرض للنساء ايضا لأن الفضلة التى تكون فى اجساد السمان تنضج وتكون شحما، من اجل ان الشحم انما هو فضلة ايضا لحال جودة الطعم وصحة الغذاء. ومن الشجر مالا يثمر لحال العلة التى ذكرنا مثل الخلاف والحور الرومى. وقد تكون علل أخر لهذه الآفة ايضا، لأن هذا العرض ربما عرض لحال ضعف قوة*** كما قلنا فيما سلف. وكذلك يكون مزمنة ايضا وكثرة الزرع، بعضها لحال القوة وبعضها لحال الضعف. وفى اهل السقم تجتمع فضلة كثيرة لا ينتفع بها، ولذلك يعرض منها امراض ردية ولا سيما اذا لم يستنقى الاجساد. فمن هذا الصنف من يصح من الجماع ومنهم من يهلك، لأن الاجساد تذوب ذوبا كما يعرض لاصحاب كثرة البول. فقد يعرض لبعض الناس منه امراض ايضا. وسبيل الفضلة والزرع واحد***. وفى الجسد فضلة من الطعام اليابس والرطب وفضلة الرطوبة تخرج من السبيل الذى منه يخرج المنى، لأنه فضلة رطوبة، وغذاء جميع الاعضاء رطب، فاما الفضلة اليابسة فلها سبيل آخر مفرد بذاته. وايضا الذوب ابدا ممرض، واما خروج الفضلة فنافع <لان> فى خروج الزرع خروج كليها لحال خلط الطعام الجيد النافع مع غيره. ولو كان الزرع ذوبا دايما ما يزعم بعض الناس، لكان يضر. ونحن نرى ان الزرع لا يفعل ذلك فى كل حين فقول الذين يزعمون ان الزرع ذوب باطل. وقد استبان ان الزرع فضلة طعام يحتاج اليه وفضلة الغذاء الاخير***. 19- وقد بقى لنا ان نفسر ونبين فضلة غذاء الزرع ونصف حال الطمث، فانه يكون فى كثير من اناث الحيوان الذى يلد حيوانا، فانا اذا فعلنا ذلك استبانت حال الانثى ايضا هل تفضى زرعا مثل الذكر، وذلك الذى يخلق ويولد خلط من الزرعين ام لا يخرج من الانثى زرع البتة، ولان لم يخرج منا زرع فنطلب ايضا ان كانت الانثى لا توافق الولاد بنوع آخر ايضا او لها موافقة، وإن كانت تلك الموافقة بقبول الزرع وتعب التربية ام لها ايضا موافقة أخرى بنوع من الانواع. وقد بينا فيما سلف ان الدم هو الغذاء الاخير فى الحيوان الدمى او ما يلايم الدم فى الحيوان الذى له شىء آخر ملاسم للدم. وقد اوجبنا ان الزرع انما هو فضلة غذاء وفضلة الغذاء الاخير، وذلك إما ان يكون دما او شيا آخر ملايما له. وانما يكون كل واحد من الاعضاء من نضوج الدم وتفريعه بنوع من الانواع، واذا نضج وانطبخ الزرع يخرج متغيرا ليس على لون الدم، فاما اذا خرج غير نضيج واذا حمل الرجل على نفسه فى كثرة الجماع خرج الزرع دميا، فمن ها هنا يستبين ان الزرع فضلة الغذاء الدمى الاخير الذى يفترق فى الاعضاء. ولذلك له قوة عظيمة وخروج الزرع من الجسد الصحي مما يحلله ويرخيه ويضعفه. وبحق تكون الاولاد شبيهة بالوالدين، لأن الذى يخرج من الاعضاء شبيه بالذى بقى مثل الزرع الذى يخرج من اليد او من الوجه او من كل الحيوان فانه ليس يقال يد مفصلة ولا وجه ولا حيوان كلى. فالزرع بالقوة مثل كل واحد من الاعضاء التى هى بالفعال، ولم يستبين لنا بعد ان كان ذلك بالجسم او بالقوة التى فيه. ولم يستبين مما فصلنا هل علة الولاد علة جسد او زرع او له حال من الحالات وابتداء حركة بنوع قبول آخر من آخر، فانه لا يمكن ان تكون يد ولا عضو آخر من الاعضاء بغير قوة نفس بل لكل عضو شركة من القوة النفسية ولذلك يشترك العضو والكل باسم النفس. وهو بين ان الذوب الذى يعرض للناس من خروج الزرع فضلة ايضا. وانما يعرض ذلك اذا تحلل فى الاول القديم مثل ما يتحلل البخور اذا وضع على النار. وبهذا النحو يتحلل الغذاء الاخير ويذوب اذا عرض للجسد سقم. فينبغى ان نميز هذه الاشياء بقدر هذا الفن. وباضطرار تكون فضلة كثيرة فى الاجساد السقيمة ويكون نضوج تلك الفضلة اقل واضعف، وينبغى ان تكون تلك الفضلة كثرة رطوبة دمية، وتكون اضعف لأنه ليس فيها إلا حرارة طباعية قليلة. وقد بينا فيما سلف ان طباع الاناث ضعيف اعنى اقل حرارة من الذكورة. فباضطرار يكون الدم الذى يخرج من الاناث فضلة مثل الدم الذى يخرج من الطمث. وهو بين ان الطمث فضلة وتلك الفضلة ملايمة للزرع الذى يخرج من الذكورة. وهذا القول صواب والدليل على ذلك الاعراض التى تعرض لهذه الاشياء، فانه فى جيل واحد ووقت واحد يبتدئ يكون الزرع فى الذكورة والطمث يعرض للنساء، والاصوات فى ذلك الوقت تتغير وترتفع اماكن الثديين وما يليهما. والطمث ايضا يسكن فى آخر السن وينقطع الاولاد من الذكورة والطمث من النساء. وهذه العلامات دليلة على ان الطمث انما هو فضلة اجساد الاناث. واكثر ذلك لا يعرض للنساء نزف دم من عروق المقعدة ولا رعاف من الانف ولا وجع عرق النسا ما دام الطمث قايما، وان عرض شىء من هذه الاعراض يكون الطمث رديا، لأنه ينتقل الى اماكن أخر. وايضا اجساد الاناث الين واملس واقل شعرا من اجساد الذكورة لأن الفضلة التى فى اجساد الاناث تخرج من دم الطمث. وينبغى ان يظن ان هذه علة قلة اجساد الاناث فان اجسامهن دون اجسام الذكورة فى جميع اجناس الحيوان الذى يلد حيوانا، لأن خروج الدم اعنى الطمث انما يكون فى هذه الاجناس فقط وابين ما يكون فى النساء، لأنهن يخرجن دما كثيرا اكثر من جميع اناث الحيوان. ولذلك يكون كثير من النساء اكمد لونا من الرجال وعروقهن ليست بينة مثل عروق الرجال، وعظم اجسادهن اقل من عظم اجساد الرجال. فهو بين ان الطمث الذى يعرض للاناث شبيه بالزرع الذى يخرج من الذكورة فى الحيوان الذى يلد حيوانا، وليس يمكن ان يكون خروج شيئين بهما قوة زرع ولا يكونان معا، فهو بين ان زرع الانثى ليس مما يوافق الولاد، لأنه إن كان زرع لم يكن طمث، فاما إن كان الطمث فلا يمكن ان يكون الزرع. فقد قلنا ان الطمث فضلة كما قلنا ان الزرع فضلة. والاعراض التى تعرض لساير الحيوان تشهد لنا على ذلك، لأن ما كان من الحيوان سمينا يكون اقل زرعا من الذى ليس بسمين كما قلنا فيما سلف. وعلة ذلك من قبل ان الشحم ايضا فضلة كما اوجبنا ان الزرع فضلة وانه دم نضيج مطبوخ، ولكن ليس كينونة الطمث وكينونة الزرع على نوع واحد. فاذا فنيت الفضلة فى الشحم نقص الزرع وذلك فى الحيوان الدمى، ولهذه العلة يجوز حمل الحيوان البحرى الذى يسمى باليونانية مالاقيا والحيوان الخزفى الجلد. لأنه ليس له دم ولا يكون فيه شحم بل يكون فيه شىء آخر ملايم للشحم فتلك الفضلة تخرج من الجسد. وهذه العلامة دليلة على ان الانثى لا تفضى زرعا مثل زرع الذكر ولا يكون الولد من خلط الزرعين، كما قال بعض الناس فانه مرارا شتى تحمل الانثى بغير ان تعرض لها لذة فى وقت الجماع، كما تحمل اذا عرضت لها لذة فى وقت الجماع، وربما افضت المرأة والرجل معا فى وقت مساو ولا يولد منهما شىء ان لم يكن فى الرحم ندى معتدل من بقية الطمث. ومن اجل هذه العلة لا تلد الانثى البتة اذا لم تطمث واذا كثر طمثها لا تلد ايضا لأنه لا يبقى فى الرحم غذاء لكثرة خروج الدم. فربما لم يكن فى الرحم ندى ولا هيولى بقدر ما يقوى ان يكون تقويم الحيوان من قوة الزرع. وربما كثرت الرطوبة وافسدت الزرع فلم يكن منه ولد لحال الكثرة فاما اذا كانت الرطوبة معتدلة اخرجت فضلته وبقى منها ما فيه كفاية فحينئذ يكون تقويم الحيوان. واذا لم يكن طمث لا يمكن ان يكون ولاد واذا كان فيما بين ذلك ولم يكن فى أخرة. وعلة ذلك من قبل انه يبقى فى ارحام بعض النساء ندى كثير مثل ما يبقى بعد التنقية فى ارحام النساء الاتى يلدن وربما كانت الفضلة كثيرة بقدر ما يخرج الى خارج، وافواه بعض ارحام النساء تنغلق بعد تنقية الطمث. فاذا ذهبت كثرة الفضلة وبقيت منها بقية ولم يخف الرحم من كثرة نزف الدم قبل الرحم الزرع عند الجماع وكان منه حمل. وربما كان بعض الطمث بعد الحمل وذلك ليس برديء وقد عرض فيما سلف لبعض النساء الحوامل الطمث زمانا ولكن كان نزف الدم يسيرا ليس بتام. وذلك من قبل مرض لازم للجسد ولذلك كان يعرض قليلا فى الفرط واذا كان الطمث بقدر معروف فهو يكون خاصة على قدر الطباع. فهو بين ان للانثى موافقة فى الولاد من قبل الهيولى اعنى تقويم الطمث، وانما الطمث فضلة. 20- فاما ما يظن بعض الناس ان الانثى توافق الولاد لحال الزرع الذى تفضى عند الجماع لحال اللذة التى تجد مثل لذة الذكر فباطل فانه يخرج من الانثى شىء رطب ايضا، وليس تلك الرطوبة زرعية بل خاصة للمكان. اعنى انها تخرج من الرحم وهى تعرض لبعض النساء ولا تعرض لبعضهن. وانما تعرض للذين الوانهن بيض اكثر ذلك واللاتى يلدن اناثا ولا تعرض للسود وللمذكرات فى بعض الاوقات. وكثرة الرطوبة تكون ليس مثل إفضاء الزرع بل اكثر منه كثيرا. وايضا اختلاف الاطعمة يكون علة اختلاف خروج الرطوبة ويكون لهذه العلة اقل واكثر، مثل ما يعرض لاجساد اصحاب الحضار والجرى، فانه يعرض لهم خروج رطوبة كثيرة من اجسادهم. فاما اللذة التى تعرض عند الجماع فهى تكون ليس من خروج الزرع فقط بل من خررج الروح ايضا اعنى الروح التى من تقويمه يكون الزرع. وذلك بين من الاحداث الذين لا يقوون بعد على إفضاء الزرع وهم قريب من الاحتلام، وهو بين من الرجال الذين لا يولد لهم، فان اللذة تعرض لجميع الذين ذكرنا لحال الدغدغة التى تصيبهم *** ولحال الفضلة التى تصير الى البطن وتسهله لأنه لا يقوى على ان ينضج ويصير زرعا. والمرأة فى منظرها تشبه الغلام والحدث الذى لم يبلغ مبلغ الرجال وهى مثل رجل لا يولد له. وذلك يعرض لما من قبل ضعف الحرارة التى لا تقوى على نضوج زرع <من> الغذاء الاخير اعنى الدم او الذى هو ملايم له فى الحيوان غير الدمى لحال برودة الطباع. وكمثل ما يعرض اختلاف البطن لحال التخمة كذلك يعرض للدم الذى فى العروق ويكون خروج الطمث والدم الذى يسيل من افواه العروق التى فى المقعدة، لأن الطمث مسيل دم، ولكن هناك تكون لحال مرض فاما مسيل الدم فطباعى. فهو بين انه بحق يكون من الطمث ولاد، لأن الطهث دم ليس بنقى بل يحتاج الى عمل مثل ما يعرض لكينونة الثمرات اذا لم يكن غذاؤها تاما، فان الشجر يحتاج فى ذلك الاوان الى عمل وتنقية. من اجل هذه العلة اذا خالط الزرع الذى هو غذاء نقى لهذا الدم الذى ليس بنقى يكون الولاد من الزرع ويكون الغذاء من دم الطمث. والعلامة الدليلة على ان الانثى لا تفضى زرعا اللذة التى تصيبها فى الجماع من المس بمثل الفن الذى يصيب الذكر وليس يخرج هذا الندى من هناك. ولذلك لا يعرض خروج هذه الرطوبة لجميع الاناث بل الاناث الدمية فقط، وليس لجميع الاناث الدمية بل للاتى ارحامهن ليست تحت الحجاب وهو المكان الذى يكون فيه تقويم البيض وليس يعرض هذا العرض للاناث اللاتى ليس لهن دم بل شىء آخر ملايم للدم، لأنه مثل ما يكون فى بعض الحيوان الدم كذلك يكون شىء آخر فى الحيوان الذى ليس له دم. ويبس الاجساد علة عدم التنقية اعنى نزف الدم الذى ولا يكون فى الاناث الدمية ولا فى الاناث التى تكون ارحامهن قريبة من الحجاب ويبضن بيضا، فان يبس الاجساد يصير الفضلة ناقصة لا تكون تلك الفضلة إلا بقدر ما يوافق تقويم الولاد فقط، فاما خارج فليس يخرج منها شىء. فاما الحيوان الذى يلد حيوانا بغير ان يبيض بيضا مثل الانسان وذوات الاربعة الارجل التى تثنى الرجلين الى خلف فهى تخرج رطوبة. وجميع اهذه لاصناف تلد حيوانا بغير ان يبيض بيضا. فلجميع هذه الاصناف يعرض خروج هذه الرطوبة ما خلاما كان منها مضرورا فى الولاد مثل جنس البغال، وليس نزف الدم بينا فى اناث ساير الحيوان مثل ما هو فى النساء. وقد وصفنا فى الاقاويل التى وصفنا فى مناظر الحيوان كيف تعرض هذه الاشياء لكل واحد من الحيوان. فاما طمث النساء فكثير والزرع الذى يفضى الرجال كثير بقدر قياس عظم الاجساد. وانما يكثر الزرع من مزاج الجسد الرطب الحار. وباضطرار ينبغى ان تكون فضلة كثيرة فى مثل هذا المزاج. وايضا ليس فى اجساد النساء اعضاء تميل اليها الفضلة مثل ما لساير الحيوان، لأنه ليس فى اجسادهن كثرة شعر ولا عظام ولا قرون. والعلامة الدليلة على ان الزرع فى دم الطمث، من قبل ان الطمث يعرض للنساء فى الوقت الذى فيه يعرض خروج الزرع من الذكورة كا قلنا فيما سلف، وانما يكون ذلك لأن الاماكن القابلة للفضلتين تنفتح فى ذلك الاوان معا. وتسخف الاماكن التى تقرب منها وتهيج نبات الشعر الذى يكون فى العانة وما يليها. واذا بدت تلك الاما كن تنفتح من الروح*** ارتفعت اماكن الثديين فى الاناث، ولا سيما اذا ارتفعت قدر اصبعين فان الطمث يعرض لهن فى ذلك الوقت وترم خصيتى الذكورة ايضا فى ذلك الزمان. فاما اجناس الحيوان التى ليست ذكورتها مفترقة من الاناث*** فهو يمكن ان يكون <فيها> حيوان كثيرة من زرع واحد، لأن طباع الزرع مختلف فى الشجر والحيوان. والعلامة الدليلة على ذلك من قبل ان سفادا واحدا يكون منه حيوان كثير فى الاناث التى تقوى على اولاد كثيرة. ومن هناك يستبين ان الزرع لا يخرج من كل الجسد لأنه لا يخرج من ساعته مفترقا من الجزء الذى هو فهو. ولا يخرج معا ويصير الى الرحم ثم يفترق هناك بل يعرض كما ينبغى اعنى ان الذكر يعطى الصورة ومبدأ الحركة والانثى تعطى الجسد والهيولى، كما يعرض فى جمود اللبن، فان الجسد يكون من اللبن، ومن المسوة يكون الجمود وابتداء التقويم، وكذلك يكون الذى يتجزأ من الذكر فى الانثى. وقد قلنا فيما سلف العلة التى من اجلها يتجزأ الزرع فى كثرة فى بعض ويتجزأ فى قلة فى بعض وربما كان منه ولد واحد فقط. وسنقول فى ذلك قولا الطف ايضا. ولكن من قبل انه ليس بالصورة اختلاف بل الذى يتجزأ واحد معتدل فقط بقدر الهيولى وليس هو اكثر ولا اقل بقدر ما لا ينضج ولا يمتنع من التقويم ولا هو اكثر فيعرض منه الجفاف واليبس تكون فى الرحم اولاد كثيرة. ومن الاول الذى يقوم يكون الولد فقط. وهو بين من الحجج التى ذكرنا ان الانثى لا توافق ولاد المولود لحال الزرع الذى يخرج منا، بل شىء آخر وهو تقويم دم الطمث وما يلايمه فى الحيوان غير الدمى ومن نظر فى ذلك نظرا كليا وجد قولنا حقا كما ينبغى لأنه باضطرار ينبغى ان يكون الذى يلد والذى منه يكون المولود وليس يكون مختلفا اذا كان الجنس واحدا هو فهو وانما الاختلاف من قبل الكلمة والصورة، فاما فى الاشياء التى لها قوى مفترقة واجساد مفترقة وطباع مختلف فباضطرار تختلف قوة الفاعل والمفعول به. فان كان الذكر مثل محرك وفاعل والانثى مثل لافى ومفعول به، فهو بين ان زرع الانثى ليس بموافق لزرع الذكر فى الولاد بل هو موافق مثل هيولى. وذلك يستبين انه يعرض على ما وصفنا لأن الهيولى الاولى طباع الطمث. 21- فقد اكتفينا بما قلنا وميزنا من هذه الاشياء بقدر هذا الفن. والذى يتلو ما قلنا الفحص والنظر عن حال الزرع وكيف تكون موافقة الذكر للولاد وكيف يكون الزرع علة تقويم المولود، وهل هو مثل جزء الجسد الذى يكون من ساعته، لأنه يخالط الهيولى التى توجد من الانثى او ليس للجسد شركة من الزرع، بل القوة والحركة التى فيه، لأنها الفاعلة الصانعة، فاما بقية ذلك فهو الذى يقوم ويقبل الغذاء اعنى الفضلة التى تكون من الانثى. وبمثل هذا النوع يظهر العرض الذى يعرض لاعمال المهن، لأنه لا يظهر للذين نظروا نظرا كليا ان الذى يكون انما بكون لحال الذى يلقى والذى يفعل لأن الفاعل فى المولود ولا القوة التى من المحرك البتة. وهو واضح1 ان الانثى هى المفعول بها والذكر الفاعل الصانع الذى منه ابتداء الحركة. فان اخذت اطراف كلاهما صار الذكر الفاعل والمحرك والانثى المتحركة والمفعول بها*** مثل ما يكون السرير من النجار والعود ومثل ما تكون الاكرة من الموم والصورة. فهو بين انه ليس باضطرار ينبغى ان يخرج زرع من كل ذكر، ولا إن خرج يكون مثل جزء الولود بل هو مثل المحرك والصورة ومثل الصحة التى تعرض للسقيم من علم الطب. والاشياء التى تعرض للكلام والاعمال موافقة لما ذكرنا. ومن اجل ذلك بعض الذكورة اذا جامعت الاناث لا تدلى عضو وتدخله فى الاناث،*** كما يعرض لبعض الحيوان الحزز الجسد*** فان الاناث تدخل فى الذكورة العضو القابل للزرع. ولذلك هذا الصنف من الحيوان يتشبك بعضه ببعض عند الجاع <حينا> كثيرا. فاذا افترق ولد عاجلا. فهو يجامع الى حين يكون تقويم الرطوبة مثل تقويم الزرع فاذا افترق ولد عاجلا. وانما يلد ولدا غير تام، لأن جميع هذه الاصناف تلد دودا. والعلامة العظيمة ما يعرض لاجناس الطير وجنس السمك الذى يبيض بيضا، فانها تدل على ان الزرع لا يخرج من جميع الاعضاء، ولا يفضى الذكر بجزء مثل هذا يكون فى المولود بل يصير المحمول حيوانا بالقوة التى فى المنى فقط كما وصفنا من حال الحيوان المحزز الجسد الذى اناثه تدخل عضوا من اعضائها فى الذكر. وإن كان فى الانثى بيض من الريح ثم سفدت قبل ان تتغير البيضة من الصفرة وتبيض كلها يكون ذلك البيض موافقا للولاد بعد ان كان من بيض الريح. وإن سفدت من آخر والبيضة بعد صفراء يخرج الفرخ الذى يكون من تلك البيضة شبيه بجنس الذى سفد اخيرا. ولذلك بعض الناس الذين يحكمون تعاهد الطير يفعلون مثل هذا الفعل ويغيروا ما يكون من السفاد الاول ويصيرونه مثل جنس الذى سفد اخيرا، وذلك <لا> يعرض لحال الخلط ولا <من> القوة الفاعلة، وليس لأن الزرع يخرج من كل الجسد، فانه كان ينبغى ان يخرج من كليهما فمن اجل ذلك كان ينبغى ان يكون فيه اعضاؤهما. بل زرع الذكر يفعل ذلك بقوته وانما يفعل بالهيول ويهيئ طعما بنوع من الانواع. ويمكن ان يفعل ذلك الذى دخل اخيرا فهو يدفئ وينضج، لأنه يأخذ غذاء من البيضة ما كان ذلك ممكنا له. ومثل هذا العرض يعرض لاجناس بعض السمك الذى يبيض بيضا، فانه اذا باضت الانثى البيض تبعها الذكر والقى عليه الزرع. فكلما يمس الزرع من البيض يكون منه سمك وما لا يمس لا يكون منه سمك، فهو بين ان زرع الذكر ليس بموافق لكثير من الحيوان بالكمية لكن بالكيفية. وقد استبان ان الزرع لا يخرج من جميع الجسد اعنى جسد ذكورة الحيوان الذى يفضى زرعا، ولا للانثى موافقة لتقويم الولد مثل موافقة الذكر، بل من الذكر يكون ابتداء الحركة ومن الانثى تكون الهيولى. وقد اوضحنا ذلك من الحجج التى احتججنا بها. ومن اجل هذه العلة لا تلد الانثى مفردة بذاتها، لأنها تحتاج الى ابتداء المحرك والمفصل، وفى بعض الحيوان مثل الطير يقوى الطباع على ان يولد فى الاناث الى مبلغ شىء وليس الى التمام، لأن تقويم البيض يكون فيها، ولكن يكون غير تام مثل البيض الذى يسمى بيض الريح. 22- وهذا الولاد يكون فى الاناث وليس فى الذكورة ولا يفضى الذكر زرعا ولا الانثى، بل يكون ذلك التقويم فى الاناث، لأن الهيولى التى منها يخلق المخلوق فى الانثى. وباضطرار تكون تلك الهيولى مجتمعة من ساعتها اعنى الهيولى التى منها يكون الحمل الاول وينبغى ان تأتى هيولى أخرى لكى يغذا المحمول وينشو. فباضطرار ينبغى ان يكون المحمول فى الانثى، فان النجار يعمل بالعود والفخارى يعمل بالطين، وبقول كلى عام كل عمل والحركة الاخيرة فى الهيولى مثل البناء فى الذى يبنى. ومن هذه الحجج يعلم كل احد ان الذكر موافق للولاد. وليس كل ذكر يفضى زرعا، والذكورة التى تفضى زرعا ليس يقال ان ذلك الزرع جزء للمحمول كما لا يقال ان النجار جزء من هيولى الخشب فليس يقال ان الزرع جزء من اجزاء ذلك الذى يكون كما لا يقال النجار جزء من النجارة، بل يقال منظر وصورة لأنه مصور يصور تلك اليولى بالحركة التى يحركها، والنفس هى التى فيها الصورة والعلم ومن قبل العلم تتحرك اليدين او جزء من اجزاء أخر بصنف من اصناف الحركة ومن تلك الحركة يكون الذى يكون آخر***. كذلك يفعل الطباع بالزرع الذى يخرج من الذكر لأنه يستعمل ذلك الزرع مثل آلة ومثل شىء فيه قوة لأن الحركة تفعل كا تتحرل الآلة فى الاشياء التى تعمل بالمهنة، فان عمل المهنة فى تلك الآلة بنوع من الانواع . فبهذا الفن يكون زرع الحيوان الذى يفضى موافقا للولاد. فاما اصناف الحيوان التى لا تدخل ذكورتها فى الاناث عضوا بل الاناث تفعل ذلك فالعرض الذى يعرض شبيه بالصانع اعنى انه شبيه بالعمل الذى يخالط الهيولى، فانه من اجل ضعف هذه الذكورة لا يقوى الطباع على ان يفعل شيئا تاما، وبعسرة تقوى الحركات ان تفعل شيئا مع مرابطة وملازمة الطباع، فذلك يشبه عمل الذين يجبلون ولا يشبه ما يعمل من النجارين، لأن الطباع لا يخلق الذى يقوم بآلة أخرى بل الطباع بعينه يفعل ذلك ببعض اجزائه. 23- وفى جميع الحيوان السيار يوجد الذكر مفترقا من الانثى والذكر حيوان آخر والانثى حيوان آخر، فاما بالصورة فشىء واحد هو فهو كقولنا انسان او فرس، فان هذا الاسم دليل على الاناث والذكورة لأنها تشترك بالصورة. فاما فى الشجر فهذه القوة مخلوطة وليس الانثى مفترقة من الذكر ولذلك تثمر من ذاتها ولا يخرج منها زرع بل حمل اعنى البزر. وقد اصاب انبدوقليس حيث قال مثل هذا القول ان الشجر الطوال يبيض بيضا يعنى بقوله يبيض حمل الثمرة فتلك الشجرة مثل حيوان، وانما تكون الثمرة من بعض قوة الشجر، وساير القوة يكون غذاء لتللك الثمرة ومن جزء من اجزاء الزرع يكون النابت، وساير ذلك باضطرار يكون غذاء له وللاصل الاول. وبنوع من الانواع تعرض هذه الاعراض لاجناس الحيوان التى فيها ذكر وانثى مفترقة، فانها اذا احتاجت الى الولاد لا يفارق بعضها بعضا كما يعرض للشجر فالطباع يصير الذكر والانثى مثل شىء واحد. وذلك بين للبصر اذا كان فى الجماع ولذلك يكون من الذكر والانثى حيوان واحد. والاصناف التى لا تفضى زرعا تلزم بعضها بعضا حينا طويلا حتى يتم تقويم المحمول، مثل ما يجامع من الحيوان المزز الجسد. ومنه ما يبقى حتى يخرج منه عضو من اعضائه ويدخل فى الانثى فهذه الاصناف تلبث تجامع حينا كثيرا، وانما يكون تقويم الزرع فى ايام كثيرة. فاذا خرج الزرع من الحيوان الذى يجامع افترق الذكر والانثى فالحيوان يشبه ان يكون مثل الشجر مجزأ، فانه اذا حمل الشجر بزرا يمكن ان يفرق احد الاناث من الذكورة. وبحق يخلق الطباع جميع هذه الاشياء. وليس للجوهر عمل ولا فعل آخر البتة غير ولاد الزرع فان ذلك يكون بالذكر والانثى اذا اجتمع خلطهما ووضعهما بعض مع بعض. ولذلك ليس الذكر والانثى مفترقة فى الشجر وسنلطف النظر فى حال الشجر فى غير هذا الكتاب. فاما عمل الحيوان فهو <ليس> الولاد فقط وهذا العمل مشترك لجميع الحيوان، ولجميع اجناس الحيوان شركة علم بعضه اكثر وبعضه اقل، لأن للحيوان حسا والحس علم. فذلك فى الحيوان اختلاف كثير فى الافعال التى يفعل بنوع حلم*** ومن الحيوان ما يحلم يظن انه لا يشارك الحلم بنوع من الانواع ولا يحس إلا بحس المس والمذاقة فقط، فبين هذا الحيوان والنصب فصل عجيب لأنه يشتهى ان تكون له شركة من هذا العلم ولا يكون موضوعا مثل ميت ومثل لا كون. وبين الحيوان اختلاف كثير بالحس، لأن منه ما يكون له حس بليغ ومنه ما لا يكون له إلا حس ضعيف. وباضطرار ينبغى ان يكون حس إن كان حيوان، فاذا احتاج ان يعمل عمل الحى حينئذ يجامع ويخالط ويكون ابدا مثل شجرة كما قلنا. فاما الحيوان الخزفى الجلد فهو فما بين الحيوان والشجر لأن فيه شركة من الجنين لا يعمل عمله الآخر. فمن اجل انه مثل شجرة ليس فيه الانثى ولا الذكر ولا يلد فى آخر ومثل حيوان لا يثمر ثمرة كما يثمر الشجر بل يتولد من بعض التقويم اعنى من هيولى رطبة. وسنصف كينونة ولاد هذه الاصناف. وقد بينا فيما سلف من قولنا ان الذكر والانثى اوايل الولاد. تم تفسير القول الخامس عشر من كتاب طبايع الحيوان لأرسطوطاليس
صفحہ 49
المقالة السادسة عشرة من كتاب الحيوان لأرسطوطاليس
صفحہ 50
1- قد قلنا فيما سلف ان الذكر والانثى اوايل الولاد وبينا قوتهما وكلمة جواهرهما. وينبغى ان نروم ايضا ونقول العلة التى من اجلها صار بعض ذكرا وبعض انتى، فانهما صارا باضطرار ومن المحرك الاول ومن صنف من اصناف الهيولى ، وانما صارا على مثل هذه الحال للذى هو اجود وامثل ولحال العلة التى تقال ان ما يكون انما يكون لشىء فاول هذه الاشياء هو فوق. ومن اجل ان بعض الاشياء سرمدية إلهية جدا وبعضها مما يمكن ان يكون ولا يكون، فاما الشىء الإلهى فهو علة الامثل فى الاشياء التى يمكن ان تكون وذلك من قبل طباعه، فاما الذى ليس بسرمدى فهو يمكن ان يكون وألا يكون وان يشارك الاجود والارذل. وقد علمنا ان النفس اكرم واجود من الجسد والمتنفس اكرم من الذى لا نفس له لحال النفس، فالكينونة اكرم من لا كينونة والحياة اكرم من عدم الحياة، فمن اجل هذه العلة صار ولاد الحيوان، من اجل ان طباع هذا الجنس لا يقوى على ان يكون سرمديا فالنوع الذى يمكن ان يكون سرمديا به يكون المولود. وليس يمكن ان يكون سرمديا بالعدد، لأن جوهر الاكوان فى كل واحد. ولو كان مثل هذا لكان سرمديا. فليس يمكن ان يكون بالعدد سرمديا فاما بالصورة فهو يمكن ان يكون. ولذلك كان جنس الناس والحيوان والشجر. ومن اجل ان اول هذه الذكر والانثى يستبين ان خلقة الذكر والانثى لحال الولاد فى جميع الاشياء ولأن العلة الاولى المحركة اجود. وينبغى ان تكون تلك العلة الكلمة والصورة لانها اجود من الهيولى، وهو امثل ان يكون الاجود مفترقا من الاردى. ولذلك فى جميع الاشياء التى تستطاع وبقدر ما يمكن صار الذكر مفترقا من الانثى، لأنه اجود واقرب الى <الإله> ان يكون الذكر ابتداء الحركة فى الاشياء التى تكون فاما الانثى فهى هيولى. وكلاهما يجتمعان ويختلطان لحال عمل الولاد اعنى الذكر والانثى، فان ذلك مشترك فى طباعهما. لأن الذى يكون منها يشارك الذكر والانثى يعيش. ولذلك يقال ان للشجر شركة حياة، فاما فى الحس والمعاينة فجنس الحيوان على مثل هذه الحال. فانه بقدر قول القايل يوجد الذكر والانثى فى جميع الحيوان السيار لحال العلل التى ذكرنا وكما قلنا فيما سلف، من الحيوان ما يلقى الزرع عند الجماع ومنه ما لا يلقى. وعلة ذلك من قبل ان الاكرم والتى فى طباعها كفاية اكثر من غيرها ينبغى ان تكون لها شركة من العظم والجسم. ولا يمكن ان يكون ذلك بغير حرارة نفسية من اجل ان الاعظم باضطرار يتحرك من قوة اكثر والحار محرك. ولذلك يمكن ان يقول القايل الذى ينظر فى الكل ان الحيوان الدمى اعظم من الحيوان الذى ليس بدمى، والحيوان السيار اعظم من الثابت. وذلك الحيوان يخرج زرعا لحال الحرارة وعظم الجثة. فقد قلنا وبينا العلة التى من اجلها صار الذكر والانثى. ومن الحيوان ما يكمل ويخرج خارجا من الجوف حيوانا شبيها به مثل جميع الحيوان الذى يلد حيوانا فى الظاهر، ومن الحيوان ما يلد حيوانا غير مفصل وغير مصور بصورته. وما كان من هذا الصنف دميا فهو يبيض بيضا وما كان منه غير دمى فهو يلد دودا. وبين البيض والدود اختلاف، لأنه يكون من جزء من اجزاء البيضة حيوان ويكون ساير ما فيها غذاء للمولود، فاما الدود فمن كله يكون الكل الذى يكون. ومن الحيوان الذى يلد حيوانا فى الظاهر <ما يلد حيوانا فى جوفه> من ساعته مثل جنس الانسان والبقر والخيل ومن الحيوان البحرى الدلفين وجميع الاصناف التى تشبهه، وايضا من الحيوان ما يبيض بيضا فى جوفه اولا ثم يخرج الحيوان من ذلك البيض ويولد حيوانا تاما مثل الصنف الذى يسمى باليونانية صلاشى. ومن الحيوان الذى يبيض بيضا تاما مثل الطاير وذوات الاربعة الارجل مثل السام ابرص والسلحفاة واكثر جنس الحيات، فان جميع هذه الاجناس تبيض بيضا تاما لا ينشو ولا يكبر بعد ان يباض، ومنه ما يبيض بيضا غير تام مثل السمك والصنف اللين الخزف والصنف الذى يسمى باليونانية مالاقيا، فان بيض جميع هذه الاصناف ينشو ويكبر بعد ان يباض. فاما الحيوان الذى يلد حيوانا فهو دمى وجميع الحيوان الدمى إما يلد حيوانا وإما يبيض بيضا، اعنى الحيوان الذى ليس بعادم الولد البتة. فاما الحيوان الذى ليس بدمى <اعنى> المحزز الجسد فهو يلد دودا، وذلك إن جامع إن كان يجامع. فان بعض الحيوان المحزز الجسد ما يكون من ذاته، وفى هذا الصنف ذكورة واناث تجامع بعضها بعضا ويولد منها شىء غير ان ذلك المولود غير تام. وقد بينا علة ذلك فى غير هذا القول اعنى فما سلف من قولنا. وقد يعرض تبديل كثير لهذه الاجناس من اجل انه لا يبيض جميع الحيوان الذى له رجلان فقط*** ولا يبيض جميع الحيوان الذى له اربعة ارجل، فان الخيل والبقر وربوات من الحيوان الذى له اربعة ارجل لا تبيض ولا يلد حيوانا ايضا جميع ما له اربعة ارجل، لأن السام ابرص والتماسيح واصناف أخر كثيرة تبيض بيضا. فليس الاختلاف ايضا من قبل ان لبعضها ارجلا وليس لبعضها ارجل، فان فى الحيوان ما ليس له رجلان وهو يلد حيوانا مثل الافاعى والصنف البحرى الذى يسمى باليونانية صلاشى. ومن الحيوان الذى ليس له رجلان ما يبيض بيضا مثل جنس السمك وساير اجناس الحيات. ومن الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا ما يلد حيوانا مرارا شتى مثل الحيوان الذى ذكرنا اعنى الذى له اربعة ارجل. فانه يلد حيوانا فى جوفه وخارجا ومن الحيوان الذى له رجلان فقط ما يلد حيوانا مثل الانسان، ومن الحيوان الذى ليس له رجلان ما يلد حيوانا ايضا مثل الدلفين والذى يسمى باليونانية فالينا. فليس شىء من الحيوان السيار علة هذه الفصول ولا هذا الاختلاف، وانما يلد حيوانا ما كان من الحيوان تام الطباع وله شركة من الاول والادفأ والازكى. وليس يلد حيوانا فى جوفه ما لا يقبل الهواء فى ريته ويتنفس، لأن اتم الحيوان ما كان من قبل طباعه اكثر حرارة وارطب وليس هو ارضيا. وانما حد الحرارة الطباعية الرية لأنه دمى. وبقول كلى جميع ما له رية اكثر حرارة من الذى ليست له رية، ولا سيما الحيوان الذى ليست له رية رخوة مجوفة قليلة الدم، فاما الحيوان الذى له رية دمية فهو كثير الحرارة وكمثل ما نقول ان الحيوان تام فاما البيضة والدودة فليست بتامة كذلك نقول ان التام يكون من التام من قبل الطباع. فاما الحيوان الذى له جناحان فهو يابس الطباع ولذلك له رية ايبس من غيرها. ومن الحيوان الذى طباعه ابرد ما يبيض بيضا تاما ومنه ما يبيض بيضا فى جوفه ومن ذلك البيض يكون فى جوفه حيوان. فاما الطير وما كان من الحيوان مفلس الجلد فهو يتم خلق ما يلد لحال الحرارة، ولكن لحال اليبس يبيض بيضا. فاما الحيوان الذى يسمى صلاشى فهو اقل حرارة من هذه الاصناف وهو اكثر رطوبة فله شركة من الامرين. ولذلك يبيض بيضا و<يلد> حيوانا فى جوفه، فلأنه بارد <يبيض بيضا> ولأنه رطب يلد حيوانا، لأن الرطب علة حياة <و> الجزء الارضى بعيد جدا من المتنفس. ومن اجل ان الجناحين والتفليس والقشور علامات طباع يابس ارضى تبيض هذه الاصناف بيضا لينا***. ومن اجل هذه العلة تبيض فى اجوافها ولو برز البيض الى خارج لفسد وهلك لأنه ليس له غطاء ولا شوكة. فاما ما كان من الحيوان باردا يابسا يبسا اكثر فهو يبيض بيضا غير ان بيضه ليس بتام، وهو اجسا لأن طباعه ارضى*** فهو يبيض بيضا جاسى الجلد. فاما الذى يسمى باليونانية مالاقيا فهو لين الجسد من قبل الطباع ولذلك يبيض بيضا لزج القشر غير تام. ولحال كثرة تلك الزوجة التى تكون حول البيض يسلم. فاما جميع الحيوان الحزز الجسد فهو يلد دودا. وجميع الحيوان المحزز الجسد عادم الدم، ولذلك كل ما يلد دودا خارجا عادم دم. وليس يلد جميع الحيوان الذى لا دم له دودا بقول مبسوط، لأن فى الحيوان المحزز الجسد والذى يلد دودا تبديل والاصناف التى تبيض بيضا غير تام مثل السمك الذى له قشور والذى يسمى باليونانية مالاقيا واللين الخزف، فان بيض هذه الاصناف فى الخلقة شبيه بالدود وهو ينشو خارجا، فاما الاصناف الأخر فالدود الذى يولد يكون بعد ايام شبيها بالبيض*** فما كان من الحيوان تام الطباع <و> له حرارة اكثر يلد حيوانا تاما بالكيفية، فاما بالكمية فلا من اجل ان جميع الحيوان يلد ولدا ينشو خارجا. ومن الحيوان ما يلد حيوانا فى جوفه*** ومنه ما يبيض بيضا فى جوفه ثم يكون من ذلك البيض حيوان ويخرج خارجا. ومنه ما لا يلد حيوانا تاما بل يبيض بيضا وذلك البيض تام. فاما الاصناف التى طباعها ابرد فهى تبيض بيضا ولكن ليس بتام بل يتم خارجا مثل جنس السمك الذى له قشور والصنف اللين الخزف والذى يسمى مالاقيا. فاما اصناف الحلزون فهو بارد جدا وليس يبيض من ذاته بل هذا العرض يعرض خارجا كما قلنا. فاما الحيوان المحزز الجسد فهو يلد دودا اولا، واذا مضت به ايام صارت خلقة الدود مثل البيض، فان الطير الذى يسمى باليونانية خروسلس وهو الفراش الذى لونه مثل الذهب فى القوة مثل قوة البيضة، ومنه يكون حيوان عند التغير الثالث اذا اخذ تمام الخلقة والولادة. ومن الحيوان ما يكون من زرع كما قيل اولا، فاما الحيوان الدمى فكله يكون من زرع وجميع الحيوان الذى يكون من سفاد الذكر والانثى فانه يتم ويكون له تقويم ويقبل الصورة الاهلية، ومنه ما يقبل ذلك فى جوف الحيوان اعنى كل حيوان يلد حيوانا مثله ومنه ما يبيض بيضا ومن ذلك البيض يكون حيوان تام*** وفى هذه الاشياء تعرض مسألة عويص، كيف يكون من الزرع نصب او حيوان. فانه باضطرار ينبغى ان يكون كل ما يكون فى شىء ومن شىء. فالذى منه يكون الحيوان هو الهيولى التى تكون فى بعض الحيوان اعنى الهيولى الاول التى تؤخذ من الانثى، مثل جميع الحيوان الذى لا يلد حيوانا بل يلد دودا***، ومن الحيوان ما يأخذ الهيولى من الانثى زمانا كثيرا لأنه [لا] يرضع، مثل جميع الحيوان الذى يلد حيوانا ليس خارجا فقط بل داخلا ايضا. فهذه اليولى التى منها يكون الذى يكون. فاما حيننا هذا فانا نطلب ليس الذى منه يكون بل الذى يفعل ويصنع الاعضاء فهو احد الامرين إما ان يكون شىء من خارج يفعل وإما ما يكون فى المنى والزرع هو جزء <النفس او> نفس ولأن له نفسا يقال له متنفس. والقول انه شىء من خارج يفعل بعض اعضاء الجوف او الاعضاء التى فى ظاهر الجسد من الخطأ البين، لأنه مما لا يمكن ان يحرك شيئا من الاشياء المحرك إن لم يماسه وإن لم يحرك محرك لا يمكن ان يكون تغيير فى شىء متحرك. فهو بين انه فى الجنين هذه القوة، فانه إن لم يكن فيه فهى باضطرار مفترقة. والقول ان تلك القوة شىء مفترق من الخطأ، لأنه مما نطلب ان نعلم ايضا إن كان ذلك الذى يفعل يبلى بعد ولاد المولود او يبقى على حاله. ولكن ليس يظهر لنا شىء يكون فى الجنين مثل عضو الكل لا فى الشجرة ولا فى الحيوان. وقول القايل ان ذلك الذى يفعل يبلى بعد ان يفعل عضوا واحدا او جميع الاعضاء من الخطأ والمحال. فاذا الذى يفعل ما بقى، فانه إن كان ذلك الذى صنع إن صنع القلب ثم بلى فصنع غيره عضوا آخر ثم بلى ما الذى يصنع ما بقى منها. فهذا القول من الخطأ اعنى قول القايل ان الذى يفعل الاعضاء خارج من الجسد وانه يفارق ويبلى. فهو بين ان يفعل جزء من اجزاء الجنن وهو يكون من ساعته فى الزرع فان لم يكن ممكنا ان يكون جزء من اجزاء الجسد بلا نفس فهذا الجزء متنفس من ساعته. فكيف تكون الأخر، فانه باضطرار إما ان يكون جميع الاعضاء معا مثل القلب والرية والكبد والعين وكل واحد من ساير الاعضاء، او كينونة بعضها تتلو بعضا مثل ما قيل فى شعر اروفوس الحكيم، فانه يزعم ان الحيوان يكون كما يكون العدد مثل تشبيك وتركيب الشبكة. وهو بين للحس ان خلقة جميع الاعضاء لا تكون معا، لأن الجنين يظهر فى اول خلقته وبعض اعضائه بينة وبعضها لا. وهو بين ايضا ان تلك الاعضاء التى لا تظهر ليس تخفى لحال الصغر، لأن الرية فى العظم اكثر من القلب وانما يظهر بعد القلب عند ابتداء الولاد. فمن الاعضاء ما يظهر اولا ومنه ما يظهر فى الأخرة ليس لأن احدهما يخلق الآخر بل لأن هذا يكون بعد هذا، كقولى انه ليس القلب يفعل الكبد، ولا الكبد يصنع غيره، بل هذا يكون بعد هذا كقولى انه بعد ان يكون صبيا يكون حدثا ثم رجلا. وليس بعض يكون من بعض، فلأن من الذى يكون بالفعال يصير الذى بالقوة فى الاشياء التى تكون من الطباع ومن المهن، فينبغى ان تكون الصورة والمنظر فى ذلك الذى يكون اولا اعنى صورة الكبد فى القلب. وبنوع آخر يكون هذا القول خطأ شبيها بالامثال والكلام المصنوع. وكذلك قول القايل ان فى الزرع من ساعته جزء من اجزاء الحيوان او النصب مخلوقا قويا على ان يخلق ساير الاعضاء، فان هذا القول مما لا يمكن ايضا لأنها تكون من زرع ومنى. وهو بين ان الذى كان اولا انما كان من الذى فعل الزرع ان كان فيه من ساعته. بل ينبغى ان يكون الزرع اولا، وكينونة الزرع عمل الذى يلد. فليس يمكن ان نقول ان فى الزرع عضوا من الاعضاء مخلوق من ساعته يخلق ساير الاعضاء. ولا يمكن ان يكون الذى يخلقها من خارج ايضا. وباضطرار ينبغى ان يكون احد الامرين. فيحق علينا ان نروم حل هذا العويص وهذة السألة. فخليق ان يكون شىء من الانواع التى ذكرنا ليس بمبسوط كقولنا انه لا يمكن ان يكون رجل فى زمان من الازمنة من الذى هو خارج. وهو بنوع يمكن وبنوع لا يمكن، اعنى قول القايل ان الزرع يفعل ذلك. وليس بين القول ان الزرع يفعل ذلك وبين القول ان الذى منه الزرع يفعل اختلاف لأن الحركة فيه اعنى الحركة التى يمكن ان تكون فى الذى منه الزرع. فيمكن ان يحرك هذا لهذا وهذا لهذا مثل حركة الاشياء العجيبة التى تكون من ذاتها، لأن فى الاعضاء قوة بنوع من الانواع اذا كان الاول ساكنا وحرك بعد ذلك شيئا من الاشياء البرانية، فان الذى يتلوه يكون بالفعال من ساعته. فكمثل ما يعرض فى الاشياء التى تكون من ذاتها فانه بنوع من الانواع ذلك الاول يحرك ليس بأنه يماس حينه هذا البتة بل لأنه قد مس فيما سلف، كذلك والذى منه الزرع*** مس شيئا فيما سلف وليس يماس بعد ذلك. بل بنوع من الانواع يكون مثل حركة كما يفعل علم البناء البيت. فهو بين ان ذلك الذى يفعل شىء، ولكن ليس مثل شىء مفروغ منه يكون قبل غيره فى الجنين الذى يخلق. فاما كيف يكون كل واحد من الاعضاء فهو لازم لنا وينبغى ان نأخذ ابتداء القول من اوله فنحن نزعم ان كل ما يكون من طباع او من الذى يكون فى المهنة اذا كان <بالفعال كان مما> فى القوة مثله. الزرع مثل هذا وله حركة وابتداء مثل هذا بقدر ما اذا كفت الحركة صار كل واحد من الاعضاء وصار متنفسا، لأنه لا يكون وجه لا نفس له ولا لحم***، وهذه الاشياء تقال مشتركة بنوع اشتراك الاسم. فمن الجسد ما يقال وجه ومنه ما يقال لحم ما يقال لما يهيأ من الحجارة او الخشب. والاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا تكون معا والاعضاء التى هى آلة الجسد. وكما لا يمكن ان نقول ان آلة من الآلة او قدوم يهيأ من النار فقط كذلك لا يمكن ان نقول انه يكون شىء من الاعضاء مثل اليد والرجل واللحم لغير فاعل وإن كانت هذه الاشياء تفعل من الحرارة الطباعية. فاما الجساوة واللين ولزوجة وجميع الآفات التى تشبه هذه فهى تكون فى الاعضاء المتنفسة من قبل الحرارة والبرودة، فاما الخلطة التى منها يكون بعض ما يكون لحما وبعض عظما فليس ذلك من الحرارة والبرودة، بل من حركة الذى ولد اعنى ان الذى هو بالقوة يكون من الذى هو بالفعال، ما يعرض للاشياء التى تعالج بالمهنة، فان الحرارة والبرودة تصير الحديد جاسيا ولينا فاما السيف فهو يعمل من حركة الآلة التى تتحرك بقدر علم صاحب المهنة، لأن المهنة ابتداء وصورة الذى يكون، وانما عملها بآخر. فاما حركة الطباع فهو خاص للطباع اعنى للطباع الذى فيه الصورة بالفعال. فهل للزرع نفس ام لا، ومثل هذا الطلب ايضا يطلب فى حال الاعضاء، فان النفس تكون فى الجسد واحدة ولا يمكن ان يكون عضو من الاعضاء ليس له شركة من النفس ولا يمكن ان يقال عضو من الاعضاء <إلا> باشتراك الاسم فقط مثل عين الميت. فهو بين ان فى كل عضو نفسا بالقوة ومنها ما هو اقرب ومنها ما هو ابعد ويمكن ان يكون على مثل هذه الحال باقوة، مثل المساح النايم فانه يقال انه يبعد من المساح المستيقظ وهو ايضا يبعد من الذى يبصر. وليس يمكن ان يكون عضو من الاعضاء علة هذا الولاد بل الامر الاول الذى حرك من خارج، لأنه لا يمكن ان يلد شىء من الاشياء ذاته. فاذا تم تكوينه انشأ هو من ذاته الذى يكون اولا ولا يكون جميع الاعضاء معا. وبالضطرار يكون لكل مولود ابتداء نشو وإن كان نصبا وان كان حيوانا فهذا القول نافذ على جميعها اعنى ان فيها القوة المغذية. وهى المولدة لآخر مثله. وهذا عمل كلى تام من قبل الطباع إن كان حيوانا وإن كان نصبا. وذلك باضطرار لأنه اذا تم تكوينه نشا. وانما الولاد من المشترك بالاسم كقولى ان الانسان يلد انسانا ثم ينشو ليس من ذاته بل من الغذاء. وهذا بعينه ايضا يكون باضطرار اول. فان كان القلب يخلق اولا فى بعض الحيوان الذى له قلب وفى الحيوان الذى لا قلب له يخلق العضو الآخر الملايم للقلب، فهو بين ان الابتداء يكون فى خلقة الاجساد من القلب وذلك فى الحيوان الذى له قلب، فاما فى غيره فمن العضو الملايم للقلب كما قلنا آنفا. فقد قلنا وبينا ماذا علة ولاد كل واحد وماذا المحرك الاول الذى يخلق وحللنا مسايل العويص التى كانت فيما سلف. 2- وخليق ان يسأل احد ايضا مسألة عويص فى حال الزرع، لأن الزرع يخرج من الحيوان وهو خائر ابيض فاذا برد صار رطبا مثل الماء ولونه مائى. وخليق ان يظن هذا من الخطأ، لأن الماء لا يثخن ولا يخثر من الحرارة، والزرع يخرج من الحرارة التى داخل وهو خاثر فاذا خرج صار رطبا. وانما تجمد الاشياء المائية وليس يجمد الزرع اذا وضع تحت السماء فى زمان شديد البرد والزمهرير بل يترطب كأنه انما خثر من ضد الحار. وايضا ليس مما ينبغى ان يخثر من الحار. فان كل ما كان فيه الجزء الارضى اكثر هو الذى يكون له تقويم وخثورة اذا طبخ مثل اللبن. فقد كان ينبغى ان يخثر ويصلب الزرع اذا برد. ونحن نرى انه لا يصلب ولا يخثر البتة بل يعرض له على خلاف لذلك اعنى انه [لا] يكون مثل الماء. فهذه مسألة عويص. فانه إن كان <ماء> لا يظهر لنا ان الماء يخثر من الحار والزرع يخرج من الجسد خائرا حارا***، فإن كان فيه خلط من الارض والماء ليس ينبغى ان يكون كله رطلبا ولا ماء. وخليق ان لا نكون حدثنا وبينا جميع الاعراض التى تعرض فانه لا يخثر المقوم من الماء والارض فقط بل يخثر الذى تقويمه من الماء والريح ايضا مثل ما يخثر ويبياض الزبد فكل ما كانت النفاحات الذى فى الزبد اصغر واخفى ازداد كون الزبد بياضا. وهو يظهر لنا ان الزيت يلقى مثل ما ذكرنا ايضا، ولأنه اذا خالط الريح خثر. ولذلك الذى يبياض يكون اخثر لأن المائى الذى فيه تنفش من الحار ويصير ريحا واذا خلط خبث الفضة بماء وزيت وسحق يكون منه جسم كثير بعد ان كان قليلا ويكون مختلطا بعد ان كان رطبا ويكون ابيض بعد ان كان اسود. وعلة ذلك من قبل الريح التى تخالط اعنى الريح التى منها يربو ويبياض ويصفو كما يعرض لزبد والثلج، فان الثلج زبد، والماء ايضا اذا خالط الزيت خثر وابياض لأن الهواء يدخل ويحتبس فيه من الحركة وفى الزيت بعينه ايضا ريح كثيرة. وليس فى كل دسم شىء من الماء ولا من الارض بل من الريح. ولذلك يطفو على الماء، لأن الهواء الذى فيه يحمله ويطفو مثل الذى يكون فى وعاء وهذا علة خفته. واذا كان اوان شدة الشتاء والزمهرير خثر الزيت وليس يجمد. فلحال [ان] الحرارة لا يجمد ولأن الهواء حار لا يجمد، وانما يخثر لأنه يكون سفيقا ويكون له تقويم فمن اجل هذه العلة يخثر الزيت من البرد ومن قبل هذه العلل يخرج الزرع من داخل مجتمعنا خاثرا ابيض، وفيه من الحرارة التى فى الجوف ريح كثيرة حارة، فاذا خرج الزرع خارجا وانفشت الحرارة التى فيه وبرد الهواء يصير رطبا اسود اللون، لأنه لا يبقى فيه غير الماء وقليل من الجزء الارضى، كما يعرض للبلغم والزرع اذا اصابهما يبس. فالزرع شىء مشترك من ماء وريح، وانما الريح هواء حار. ولذلك طباعه رطب لحال الغلظ الذى فيه من الماء. فاما اقتيسياس الاقنيدى فهو يذكر كذبا بينا فيما ذكر عن زرع الفيلة، فانه يزعم انه ييبس يبسا شديدا حتى يصير شبيها بالكاربا. وذلك مما لا يمكن ان يكون. وباضطرار يكون بعض الزرع ارضيا اكثر من بعض وخاصة زرع الحيوان الذى فى جسده من الجزء الارضى كثير، وهو يصير خاثر ابيض لحال خلط الريح وزرع جميع الحيوان ابيض اللون. ويرودوطوس الحكيم كاذب فما زعم ان زرع الحبشة اسود اللون، كأنه يوجب انه ينبغى لجميع الاعضاء وما يخرج من الحبشان ان يكون اسود اللون، وهو يعاين اسنان الحبشة بيض. وانما علة بياض الزرع الزبد، وقد علمنا ان الزبد ابيض اللون. وخاصة ما يكون تقويمه من اجزاء صغار*** ومن نفخات خفية لا تظهر، ومثل هذا العرض يعرض لخلط الزيت والماء اذا سحقا معا، كما قلنا فيا سلف. ويشبه ان لا يكون خفى على القدماء ان طباع الزرع زبدى. وقد سموا الإلهة التى هى ربة الجماع زبدية اعنى الزهرة لحال هذه القوة. فقد ذكرنا علة عويص المسألة وهو بين ايضا لماذى لا يجمد الزرع لأن الهواء لا يجمد. 3- والذى يتلو قولنا طلب حال الذين يفضون الزرع فى الاناث فانه إن كان ذلك الزرع يدخل فى الرحم <و > لا يصير جزءا من الحمول اين يميل ويذهب الجزء الجسدانى الذى فيه، ولا سيما إن كان يعمل بالقوة التى فيه. وينبغى ان نفصل اولا ونبين إن كان الذى له تقويم فى الانثى يأخذ شيئا من الذى يدخل فى الرحم ام لا. ونطلب حال النفس التى بها يقال حيوان اعنى جزء النفس الذى منه يكون الحس، هل هو فى الزرع <و> المحمول ام لا ومن اين، لأنه لا يمكن ان يقول قايل انه ليس للمحمول نفس اذا كان عادم حياة على كل حال، فان زرع الشجر وكل محمول من الحيوان يقال ان له شركة <الحياة> ويمكن ان يكون من الحمول حيوان ومن البرور نبات وذلك الى وقت من الاوقات. فهو بين ان فيها النفس المغذية. ومما فصلنا فى الاقاويل التى وصفنا فى النفس فى غير هذا الكتاب بعلم من ارادته ان باضطرار تكون فى المحمول النفس المغذية اولا فاذا نشا ومضى به زمان صارت فيه النفس الحسية التى يقال لها حيوان. وليس يكون حيوان وانسان معا ولا فرس وحيوان معا وكذلك ساير الحيوان. وانما يكون التمام فى أخرة ولكل واحد تمام خاص لولاده. ولذلك نطلب حال العقل ايضا وكيف ومتى تكون شركة منه فى الحيوان القابل للعقل فان فى جميع هذه المسايل عويص كثير ايضا، وينبغى لنا ان نبسط ونطلب درك ذلك بقدر قوتنا واستطاعتنا وبقدر ما يمكن ان يكون. ونحن نقول ان النفس المغذية فى الزرع وفى حمل الحيوان اعنى الفترق منها، وهو بين ان تلك النفس فيها بالقوة، فاما بالفعال فلا قبل ان يجذب الغذاء كما يجذب المحمول المتفرق ويعمل عمل النفس، لأنه فى ابتداء كل محمول يشبه ان يكون يعيش مثل عيش الشجر. ويتلو قولنا ذكر حال النفس الحسية والفاعلة فانه باضطرار تكون هذه الانفس بالقوة اولا وليس بالفعال. وباضطرار ما لم تكن اولا ثم صارت كلها فيه وذلك لأنها كانت من قبل او بعضها على حال ما ذكرنا وبعضها لا، او يصير فى الهيولى وان كانت لم تدخل فى زرع الذكر او يجى هذا من هناك وفى الذكر صارت كلها من خارج او لم تصيرا ولا واحدة منها او بعضها صارت وبعضها لا. وهو بين [من] انه لا يمكن ان نقول كلها كانت قبلا من هذه الحجج التى احتججنا بها، لأنه اذا كان فعال الاوايل جسدانيا لا يمكن ان تكون تلك الاوايل بغير جسد، وذلك بين من قولنا انه لا يمكن ان يكون المشاء بغير الرجلين. فهى مما لا يمكن ان تدخل فى جسد من خارج، لأنه لا يمكن ان تدخل هى بذاتها وهى غير مفارقة ولا يمكن ان تدخل فى جسد، لأن الزرع فضلة غذاء تتغير. ويتبع قولنا ان نقول العقل فقط يدخل من خارج وانه وحده إلاهى، ومن اجل ان فعاله لا يشارك فعالا جسدانيا بنوع من الانواع. فهو يشبه ان تكون قوة كل نفس مشاركة لجسد آخر مساو من التى تسمى اسطقسات. وكما نقول ان الانفس تختلف بالكرم وعدم الكرم فكذلك نقول ان الطباع الذى مثل هذا. وعلى كل حال يكون فى الزرع ما يصيره موافقا لولاد وهو الذى يسمى حارا. وليس هو نارا ولا قوة اخرى مثل هذه بل هو المحتبس فى الزرع والطباع الذى فى الروح الزبدى، فان ذلك الطباع موافق لاسطقس النجوم اعنى النار التى لا تلد حيوانا ولا تظهر مقومة ان لم تتقوم فى*** اشياء رطبة او يابسة، فاما بذاتها فليس يظهر لها تقويم. فاما حرارة الشمس والحرارة التى فى الحيوان فهى تكون فى جسد وليس فى الزرع فقط بل فى كل فضلة اخرى من فضول الطباع. وعلى ذلك فى هذا الزرع ابتداء حياة. فمن هذه الحجج يستبين ان الحرارة التى فى الحيوان ليس هى نارا ولا فيها ابتداء نار. فاما جسد المنى الذى يخرج معه الزرع الذى فيه قوة ابتداء النفس، فهو مفارق للجسد وان كان محتبسا فيه وهو شىء إلاهى ومثل هذا الذى يسمى عقلا. فاما هذا الزرع الذى لا يفارق المنى فهو يتحلل ويمتلى ريحا لان تقويمه رطب وهو مائى. ولذلك لاينبغى ان يطلب ويقال انه يدخل علينا من خارج، لأنه ليس هو جزء من اجزاء المنظر والصورة، مثل ما لا يكون المسوة التى تقوم اللبن، فان تلك المسوة تغير وليس هى جزء من اجزاء الاجسام التى تقوم حولها. فقد حددنا وبينا حال النفس وحال كينونتها فى الحمل وكيف يكون للمحمول نفس وكيف ليس له نفس والمنى كمثل، لأن له نفسا بالقوة فاما بالفعال فلا. وانما الزرع فضلة وهو يتحرك الحركة التى يتحرك الجسد عند النشو اذا تجزأ الغذاء الاخير، فاذا جاء الزرع الى الرحم قوم فضلة الانثى وحركه مثل الحركة التى يحرك وهو ايضا يتحرك، فان الزرع ايضا فضلة كما قلنا مرارا شتى. وفيه جميع الاعضاء بالقوة فاما بالفعال فليس فيه شىء من الاعضاء البتة. فهذه الاعضاء فى الزرع بالقوة وبهذا النوع يكون الاختلاف الذى بين الذكر والانثى. وكما تكون من الاجساد الناقصة المضرورة اجساد ناقصة مضرورة وذلك ر بما كان وربما لم يكن، لأنه مما يمكن ان يولد من الاجساد الناقصة المضرورة اولاد تامة، كذلك ربما ولد من الانثى انثى وربما لم تولد انثى بل ذكر، لأن الانثى مثل ذكر مضرور والطمث زرع ليس بنقى، لأن ليس فيه شىء واحد اعنى اول الطباع. ومن اجل هذه العلة بيض الريح الذى يكون فى بعض الحيوان*** عادم الامر الاول. ولذلك لا يكون من بيض الريح متنفس، لأن المتنفس اعنى قوة التنفس انما تكون فى البيض من قبل زرع الذكر. فاذا صارت فى فضلة الانثى شركة من الامر الاول يكون منها حمل. واذا سخنت الاشياء الرطبة الجسدانية يكون ما يلى حول الذى يطبخ وينضج يابسا. واللزوجة تمسك وتضبط جميع الاجساد. واذا اتى عليها زمان وصارت اكثر مما كانت اولا يكون طباع تلك الزوجة مثل طباع العصب وهو الذى يضبط ويحبط باجساد الحيوان، فهى فى بعض الحيوان عصب وفى بعضه عضو آخر ملايم للعصب. والعصب والعروق والصفاق وكل جنس مثل هذا من صنف واحد هو فهو. وانما تختلف هذه بالاكثر والاقل وبقول كلى بالزيادة والنقص. 4- فاما ما كان من الحيوان ليس بتام الطباع اذا كان منه حمل تام ولم يكن بعد حيوانا تاما يخرج الى خارج لحال العلل التى ذكرنا فيما سلف. وانما يكون الحمل تاما اذا صار منه ذكر*** وذلك فى اجناس الحيوان التى فيها هذا الفصل اعنى الذكر والانثى، فان من الحيوان ما لا يلد لا ذكرا ولا انثى وانما ذلك الحيوان الذى لا يكون من ذكر وانثى ولا من جماع او سفاد حيوان. وسنذكر ولاد هذه وكينونتها فى أخرة. فاما الحيوان الذى يلد فى جوفه حيوانا تاما فذلك المحمول ملتام به متعلق برحمه حتى يخرج الى خارج وهو حيوان مولود تام كامل. فاما الحيوان الذى يلد خارجا حيوانا وفى جوفه بيض اولا فمنه ما يبيض البيض تاما ويخرج منه حيوان من ساعته مثل الحيوان الذى يولد من الحيوان ومنه ما يلبث زمانا لأنه يغذا من الغذاء الذى فى البيضة، فاذا نفد ذلك الغذاء تم الحيوان وخرج من البيضة كما يخرج الجنين من الرحم. وهذا الفصل والاختلاف فى السمك البحرى الذى يسمى صلاشى وسنذكر حاله فى أخرة. فاما حيننا هذا فانه ينبغى لنا ان نبدأ من الاوايل. وانما اوايل الحيوان اكرمها طباعا اعنى الحيوان الذى يلد حيوانا وبخاصة الانسان. فانه اول الحيوان الدمى واكرمه. ومن جميع اصناف الحيوان يكون فضل وخروج الزرع وخروجه مثل خروج غيره من الفضول. وكل واحد من هذه الفضول تذهب الى الكان الذى هو له خاص بغير اضطرار يلزمه ويدفعه لا من الروح ولا من علة أخرى مثل هذه تضطره، كما قال بعض الناس ان الانثيين تجذب كما تجذب المحاجم بالريح وهو يمكن ان تخرج الفضول بغير شدة تضطرها الى ذلك اعنى الفضلة الرطبة واليابسة التى تكون من الطعام. فاذا اجتمعت هذه الفضول سلكت مسالكها ومعها خلط ريح تخرج بخروجها. وهذا مشترك لجميع الفضول***، ويمكن ان تخرج الفضول بغير شدة هذه الريح فانها ربما خرجت من النيام ومن ذاتها ولا سيما اذا كان اجسادهن مملؤة من الفضول. ومثل هذا العرض يعرض للشجر لأن البزور تتحرك من الريح والحرارة الطباعية التى فيها ومنها تخرج الثمرات فى اماكنها. وانما علة ذلك كما قلنا من قبل انه لجميع التى ذكرنا اعضاء قبولة للفضول التى يحتاج اليها، مثل الدم فان له اماكن العروق فهو يصير فيها <كآنه يصير> فى اوعية. والفضول التى لا يحتاج اليها مثله النفضلة اليابسة والرطبة. ففضلة الاناث*** تكون من شعب العرقين العظيمين اعنى العرق الكبير والذى يسمى باليونانية اورطى فان كل واحد من هذين ينشقان فتتشعب منه عروق كثيرة دقيقة وتنتهى الى الارحام، فاذا امتلت هذه العروق من الغذاء اكثر مما ينبغى ولم يقو الطباع على طبخه لحال البرودة ولم يمكن ان يخرج الدم لدقة ولطف العروق يتصبب الى الارحام، فاذا لم تقو الارحام على قبول ذلك الدم لكثرته ولضيق الاماكن يعرض للنساء نزف الدم. ولذلك ليس لطمث النساء دور ولا وقت مرتب معروف، واكثر ما يكون من الطمث يكون فى نقصان الاهلة وذلك بحق، لأن اجساد الحيوان تكون فى تلك الاوقات ابرد من اجل انه يعرض ان يكون الجو فى تلك الاوقات ايضا ابرد، وزمان الاجتماع ابرد لنقص الهلال. وذلك يعرض فى شدة الشتاء فى اوان اجتاع الشهور اكثر مما يكون فى اواسط الشهور اعنى ايام البدر وامتلاء القمر. فاذا تغير الدم وصارت منه فضله يكون الطمث بقدر الدور والوقت الذى ذكرنا، فاما اذا لم تكن الفضلة مطبوخة نضيجة بالطمث يخرج ابدا قليلا قليلا. ولذلك يكون طمث احداث النساء ابيض الون. فاذا كانت هذه الفضول معتدلة اعنى فضلة الذكورة وفضلة النساء تسلم الابدان وتصح [على افراغها] لحال افراغ الفضول وتنقية الاجساد واذا بقيت فيه صارت علة امراض. واذا [احتبس] احتبست هذه الفضول البتة او كانت اكثر مما ينبغى اضرت بالاجساد، فلذلك تنهدم وتمرض الاجساد لحال هذه العلة اذا كان لون الطمث مرارا شتى ابيض وكثيرا يمنع نشو اجساد احداث النساء. فباضطرار تخرج تلك الفضلة*** ليس فضلة الغذاء فقط ولكن فضلة الدم الذى يكون فى العروق <ايضا> <و>اذا كثر [و]خروجه يكون من العروق الدقاق اللطاف جدا. وانما يستعمل الطباع هذه الفضلة ويأتى بها الى مكان الرحم لحال الامر الذى هو امثل واجود لحال الولاد، لكى يكون من الزرع والطمث حمل آخر شبيه بالذى يكون منه بالقوة مثل الجسد الذى خرج منه. وباضطرار تكون فى جميع الاناث فضلة وفى اناث الحيوان الدمى اكثر من غيرها ولاسيما فى النساء.*** فان هذه الفضلة تكثر فيهن كما قلنا فيما سلف. ففى جميع الاناث تكون فضلة الزرع*** لأن من الذكورة ما لا يفضى منيا بل يخلق بالحركة التى فى المنى مثل ذلك الذى يفضى وانما يخلق المقوم من الهيولى التى فى الاناث فبمثل هذا النوع بحركته التى فى هذا العضو الذى منه يخرج الزرع يفعل مثل هذا الفعل ويقوم المحمول. وتقويمه يكون فى المكان الذى تحت الحجاب وذلك فى جميع الحيوان الذى له حجاب، من اجل ان القلب والعضو الذى يلايم القلب ابتداء الطباع. فاما ما تحت فهو زيادة من اجله. والعلة التى من اجلها لا يكون فى جميع الذكورة فضلة مولدة، فاما فى جميع الاناث تكون فضلة، من قبل ان الحيوان جسد متنفس. وينبغى ان تعطى الانثى الهيولى والذكر يعطى الذى يجبل ويخلق، فانا نزعم ان هذه القوة فى كل واحد منهما، وهذا الفصل الذى بين الذكر والانثى. فباضطرار ينبغى ان تعطى الانثى جسدا وجسما. فاما الذكر فلا يفعل ذلك باضطرار لأنه ليس هو لازما باضطرار ان تكون الآلة فى الاشياء التى تكون ولا الصانع. وانما الجسد من الانثى فاما التى منها نفس فمن الذكر، لأن النفس جوهر جسد من الاجساد. ومن اجل هذه العلة اذا جامعت اناث وذكورة حيوان غير متفق بالجنس بل متفق بزمان الحمل او مقارب مع اتفاق اعظام الاجساد التى ليس بينها بعد كثير اولا يخرج جراؤها مشتركة الشبه لكليها، مثل ما يولد من ثعلب وكلب وقبج وديك، فاذا تمادى الزمان يولد آخر من آخر وفى أخرة يصير المولود شبيها بلانثى لحال الغذاء، مثل الزروع الغريبة التى تزرع فى بلدة أخرى، لأن الارض هى التى تعطى الهيولى والزرع يعطى الاجساد القوة. ومن اجل هذه العلة العضو الذى يكون فى الاناث القبول للزرع ليس هو سبيلا بل فى الارحام بعد وسعة. فاما فى الذكورة فهو سبيل اعنى الذكورة التى تفضى زرعا وهى الذكورة الدمية. فاما كل واحد من الفضول فهو يكون معا فى الاماكن الخاصة لها فاما قبل ذلك فليس يكون فضول لإن لم يكن بنوع قهر كثير وعلى غير طباع. فقد بينا العلة التى من اجلها خرج من الحيوان الفضول المولدة. فاذا خرج الزرع من الذكر وصار فى رحم الانثى قوم الفضلة التى هناك النقية جدا، لأن اكثر تلك الفضلة وسخ لا يحتاج اليه وهو الرطوبة التى تكون فى الطمث، مثل الرطب جدا الذى يكون فى زرع الذكر وما يفضى فى مرة واحدة. واول ما يكون من الطمث غير موافق للولاد فى كثير من الحيوان فالزرع مثل، لأن حرارة النفس التى فيها قليلة لحال قلة النضوج، وكلا ينضج يخثر ويغلظ ويتجسد. فاما النساء التى لا تخرج منهن فضلة خارجا ولا من ساير الحيوان لأنه ليس فى تلك الفضلة مما لا يحتاج اليه كثرة عند خروج تلك الفضلة <ف> يكون الذى يبقى فى الرحم مثل الذى يخرج من فضلة الاصناف التى تjخرجها خارجا. فتقويم الجنين يكون من قوة الذكر التى فى الزرع الذى يفضى، وربما لم يكن للذكورة عضو يصل الى قرب الرحم بل شىء آخر له قوة مثل قوته. وذلك يعرض لبعض الحيوان الحزز الجسد فيما يظهر لنا. وقد قلنا فيما سلف ان الرطوبة التى تعرض للنساء مع اللذة لا توافق الحمل البتة. وقد يظن ان يكون على ذلك من قبل الاحتلام التى تعرض للذكورة والاناث فى الليل والنوم. ولكن هذه العلامة ليست دليلة على ما يظن، لأن هذا العرض يعرض للاحداث الذين قاربوا الحلم ولم يفضوا زرعا بعد. وليس يمكن ان يكون حمل من قبل إرادة الذكر والقايه زرعا بغير فضلة النساء ولا سيما اذا خرجت خارجا وكانت داخلا كثيرة. وربما لم تعرض للنساء اللذة التى تعرض لمن بقدر العادة فى وقت الجماع. وانما تحمل الانثى بخاصة اذا كان المكان هايجا والرحم نازلا الى الناحية السفلى. وخاصة اذا لم يكن الرحم مغلق الفم وكان جيد الحس وربما كانت لذة الذكورة والاناث بالسوية وربما كانت على خلاف ذلك*** وليس يلقى الذكر الزرع داخل الرحم كا يظن بعض الناس، لأن فم الرحم ضيق، بل يلقيه خارجا من الفم مثل ما يلقى بعض الاناث الندى الذى يخرج منهن فالذكر يلقى فى ذلك المكان ثم يبقى الزرع هنال حينا. فاذا كان مزاج الرحم معتدلا حارا لحال التنقية جذب ذلك الزرع الى داخل وانما يجذب منه القليل ويبقى منه ما كان منه كثيرا رديا. فاما الحيوان الذى له رحم قريب من الحجاب مثل الطير والسمك الذى يلد حيوانا فليس يمكن ان يجذب الزرع من خارج بل يصير الى الرحم ساعة يفضى. وانما يجذب مكان الرحم زرع الذكر لحال الحرارة التى فيه والاتقاد والحرارة التى صارت فيه من قبل بقية الطمث، فان الحرارة تكون فى هذا العضو وبها يجذب الزرع كما تجذب الآنية التى ليست بمملوءة اذا نضحت بالماء الحار فانها تجذب الماء الى ذاتها ولاسيما اذا كانت مقلوبة على افواهها. فبهذا النوع يكون جذب الرحم. فاما بقدر قول بعض الناس فليس يكون الجذب بالآلة الموافقة للجماع ولا بنوع واحد بل يعرض خلاف ذلك. وقولهم شبيه بقول الذين يزعمون ان النساء يفضين زرعا. فانه يعرض لمن ان يكون إفضاء ذلك الزرع من خارج ثم يجذب الى داخل ايضا إن كان ينبغى ان يخلط زرع الانثى بزرع الذكر. وكينونة الحمل مثل هذه الحال من انواع الباطل وليس يفعل الطباع شيئا من الاشياء بنوع باطل. واذا تقوم ما يخرج من الانثى بقوة زرع الذكر فى الرحم يعرض له مثل العرض الذى يعرض للبن الذى يجمد بالمسوة، فان المسوة لبن وفيها حرارة حيوانية فهى تجمع وتقوم اللبن. وكذلك يفعل منى الذكر بطباع الطمث، لأن طباع اللبن ودم الطمث واحد هو فهو. فالعرض الذى يعرض للصنفين واحد متشابه لأن الطباع واحد اعنى طباع اللبن وغيره. فاذا اجتمع وتقوم الجزء الجسدانى خرجت الرطوبة ووقعت حول الحمل واذا يبست الاجزاء الارضية صارت منها صفاقات تحدق بالمحمول، وباضطرار يكون ذلك ولحال شىء. وباضطرار تيبس اذا سخنت ثم بردت فى أخرة. وينبغى ألا يكون الحيوان فى رطوبة بل مفترق منها. ولذلك تسمى بعض التى تكون من الاجزاء الارضية اليابسة صفاقات وبعضها مشيمة، وانما الاختلاف بينها بالاكثر والاقل. وهذه تكون بنوع واحد متشابه فى الحيوان الذى يلد حيوانا والحيوان الذى يبيض بيضا. فاذا تقوم الحبل يعرض له مثل العرض الذى يعرض للبزور التى تزرع، لأن القوة الاولى المحركة تكون فى البزور ايضا. فاذا ظهرت تلك القوة التى هى فيها بالقوة فيما سلف وصارت بالفعال حينئذ تنبت الفروع وتخرج الاصول ويجذب الغذاء، فان الشجر يجذب الغذاء بالاصول، لأن الشجر محتاج ايضا الى التربية والنشو. وبهذا النوع يعرض نشو جميع اعضاء الحمول لحال القوة الاولى التى فيه. ومن اجل ذلك يبرز القلب اولا من بين جميع الاعضاء بالفعال. وذلك بين للحس ايضا لأنه يعرض ما وصفنا وليس هو بينا للحس فقط بل للكلمة ومبلغ العقل. فانه اذا تقوم المحمول من زرع الذكر وفضلة الانثى وانفرد وتقوم ينبغى ان يدبر ذاته ذلك المولود مثل الولد الذى يخرج من بيت ابيه. فينبغى ان يكون فيه اول <الذي> منه تكون رتبة الجسد فى أخرة كما يكون فى جميع الحيوان. فانه إن كان ذلك الاول من خارج او بعد ذلك فى أخرة فسيسأل السايل مسألة عويص ويطلب ان يعلم متى يكون ذلك. فاما نحن فانا نقول انه اذا افترق كل واحد من الاعضاء باضطرار يكون بينها العضو الاول الذى منه يكون النشو والحركة فى ساير الاعضاء. ولذلك جميع الذين يقولون مثل ديمقراطيس ان الاعضاء التى فى ظاهر اجساد الحيوان تنفصل وتفترق اولا ثم تنفصل وتفترق الاعضاء التى فى باطن الجسد يقولون الخطأ، كأن قولهم هذا عن حيوان خشبى او معمول بالحجارة، لأن المعمول على مثل هذه الحال ليس لما اول ولا ابتداء حركة البتة، فاما جميع الحيوان فله ذلك الاول المحرك فى باطنه. ولذلك يظهر اولا القلب مفصلا فى جميع الحيوان الدمى، لأن القلب ابتداء الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا***، إن كان ينبغى ان يسمى هذا اول الحيوان والتقويم الذى تقوم ولا سيما اذا احتاج الى الغذاء، لأن ما صار له تكوين ينشو. وانما الغذاء الاخير الدم فى الحيوان الدمى وما يلايمه، ووعاء الدم العروق. ومن اجل هذه العلة صار القلب ابتداء العروق. وذلك بين من الشق والمعاينة. فلانه حيوان بالقوة وهو غير تام باضطرار يأخذ الغذاء من مكان آخر. فهو يستعمل الرحم الذى هو فيه ويأخذ منه الغذاء، كما تأخذ النصبة الغذاء من الارض، حتى يتم ويكون حيوانا سيارا بالقوة. ومن اجل هذه العلة اخرج الطباع العرقين الاولين الكبيرين من القلب. ومن هذين العرقين تخرج عروق دقاق ولطاف وتنتهى الى الرحم ومنها يكون الذى يسمى صرة، فان الصرة عرق من العروق وهى فى بعض الحيوان عرق واحد وفى بعض عروق كثيرة. وحول العروق غطاء من جلدة وذلك الغطاء الصرة بحق لأنها تحتاج الى سلامة وسترة لحال ضعف العروق. فاما العروق فهى لاصقة بالرحم مثل اصول، وبها يقبل المحمول الغذاء. ومن اجل هذه العلة يبقى الحيوان فى الرحم، وليس كما قال ديمقراطيس لحال جبل وخلقة الاعضاء. فان ذلك بين فى الحيوان الذى يبيض بيضا، لأن الفراخ التى تخرج من البيض تنفصل وتظهر اعضاؤه فى داخل البيض وذلك البيض خارج من الام التى باضته. وخليق ان يسأل احد مسألة عويص فيقول إن كان الدم غذاء والقلب يكون اولا وفيه دم والدم غذاء والغذاء من خارج من اين يكون الغذاء الاول. وذلك كذب من اجل انه لا يدخل كل الغذاء الاول من خارج بل كان فيه من ساعته، مثل ما يعرض لبزور الشجر، فانه يظهر فيها الغذاء الاول لبنيا، وكذلك تظهر فضلة التقويم غذاء فى هيولى الحيوان. فنشو المحمول يكون بالصرة كما يكون النشو فى الشجر <بالاصل>، وفى الحيوان بذاته اذا خلا من الغذاء الذى هو فيه. وسنذكر حال هذه الاشياء فى أخرة فى الاماكن والازمان التى يجب علينا ذكرها. فاما تفصيل الاعضاء فهو يكون ليس ما يظن بعض الناس لأنه امر طباعى ان يذهب الشبه الى الشبه، فانه يتبع هذا القول كثير من انواع الخطأ والصعوبة لأنه يكون لازما ان يقوم كل واحد من الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا على حدته اعنى العظام على حدتها والعصب واللحم كمثل. ولذلك هذه العلة غير مقبولة. بل نقول ان فضلة الانثى بالقوة مثل هذه اعنى مثل طباع الحيوان وجميع الاعضاء بالقوة فيها، فاما بالفعال فليس فيها شىء منها. فمن اجل هذه العلة تكون الاعضاء، ولأن الصانع واللاقى اذا مس احدهما الآخر التام الفعل واللقاء*** وليس من ساعته يفعل الفاعل ويلقى المفعول به بعد حين. فهو بين ان الهيولى من الانثى وابتداء الحركة من الذكر. وكمثل ما يعمل من المهن انما يعمل بآلة كذلك يعرض هاهنا ايضا بل هو اصدق ان نقول ان ذلك يكون بحركتها، اعنى فعال المهنة، وانما المهنة صورة الاشياء التى تكون فى آخر. وكذلك قوة النفس المغذية كما يعرض فى الحيوان وفى الشجر، فان النشو يكون بعد <من> الغذاء فهو يستعمل الحرارة والبرودة مثل الآلة لأن الحركة فيهما بنرع مشترك وكلية من الكلام، وبهذا النوع يكون كل واحد من الاعضاء. وكذلك يكون تقويم الذى يكون من الطباع لأن الهيولى التى تقوم المحمول اولا والتى منها تنشو واحدة اولا هى فهى فالقوة التى تصنع الذى هو فهو مثل الذى يصنع فى الاول، غير ان هذه اعظم. فان كانت هذه النفس المغذية فهى المولدة. وهذا الطباع الذى هو فى الشجر وجميع الحيوان. فاما الأخر فاجزاء نفس فهو بين انها تكون فى بعض الاجساد التى تعيش. وليس الانثى والذكر مفترقة فى الشجر، فاما فى الحيوان فمفترقة وليس فى كل واذا كانت فى الحيوان مفترقة فالذكر يحتاج الى الانثى. وخليق ان يسأل احد مسألة عويص ويقول إن كانت مثل هذه النفس فى الانثى وفضلة الانثى هى الهيولى لماذا تحتاج الانثى الى الذكر ولا تلد هى من ذاتها بغير الذكر ولدا. فعلة ذلك من قبل ان فيما بين الحيوان والشجر فصلا بالحس. فليس يمكن ان يكون يد او لحم او عضو آخر ما لم تكن فيه النفس الحسية إما بالفعال وإما بالقوة فانه يكون بقول مبسوط إما مثل ميت وإما مثل عضو من اعضاء الميت. فان كان الذكر مثل هذا اعنى الصانع لهذه النفس حيث يفترق الذكر والانثى لا يمكن ان تلد الانثى هى من ذاتها حيوانا، لأن قوة الذكر كما وصفنا. والمسألة العويص واجبة وذلك بين من الطير الذى يبيض بيض الريح، فان ذلك دليل على ان الانثى قوية على ان تلد شيئا الى ان ينتهى المولود الى مبلغ من المبالغ وليس الى التام. وفى هذا ايضا مسألة عويص اعنى كيف يقول احد ان بيض الطير الذى يتولد من الريح حى، لأنه لا يمكن ان يكون مثل البيض الذى يولد منه فرخ، فانه لو كان ذلك لخلق منه فرخ متنفس بالفعال، ولا هو مثل عود او حجر. ولأن فى هذه فصل ايضا لأنها بنوع من الانواع تشارك الحياة فهو بين ان فيها نفسا من الانفس بالقوة، وباضطرار ينبغى ان يكون النفس الاخيرة وهى النفس المغذية. وهى تكون فيها بنوع واحد كما يكون <فى> الحيوان والاشجر. فان سأل سايل وقال لماذا لا تخلق الاعضاء والحيوان أجبناه وقلنا لأنها تحتاج الى النفس الحسية، لأنه ليس اعضاء الحيوان مثل اعضاء الشجر. ولذلك تحتاج الانثى الى مجامعة الذكر لأن فى هذا الحيوان الذكر والانثى تفترق. ويعرض ان يتولد من بيض الريح فرخ ان سفد الذكر الانثى اذا كان بيض الريح فى الرحم. ولكن سنذكر علة هذه الاشياء فى أخرة. فان كان جنس من اجناس الحيوان فيه انثى وليس فيه ذكر مفترق فهو يمكن ان يتولد من الانثى بذاتها شىء بغير سفاد. وذلك مما لم يعاينه احد ممن هو مؤتمن مقبول القول الى زماننا هذا. ولذلك يلحقنا الشك فى حال السمك، لأنه لم يعاين احد قط ذكرا من جنس السمك الذى يسمى باليونانية ارترينو، فاما اناث مملوءة من الحمل والبيض فكثير. وليس عندنا من هذه الاشياء تجربة تستأهل ان تصدق لأنا لا نعرف فى هذا الجنس الذكورة ولا الاناث وايضا فى اجناس السمك مثل هذا الجنس اعنى الانكليس وجنس من اجناس السمك يسمى باليونانية قاسطروس وهو يكون فى الانهار التى لها نقايع. فاما الاجناس التى فيها الذكر والانثى مفترقة فليس يمكن ان تلد الانثى مفردة بذاتها ولذا ينتهى الى التام. ولو كان ذلك لكانت خلقة الذكر باطلا والطباع لا يفعل شيئا باطلا. ولذلك ينبغى ان يكون الذكر فى مثل هذه لكى يكون تمام الولاد منه. لأن النفس الحسية تصير فى المولود منه إما بذاته وإما بالقوة التى فى المنى، لأن الاعضاء بالقوة فى الهيولى. فاذا صار فيها ابتداء حركة يعرض عرض مثل ما يعرض للعجايب التى تكون من ذاتها*** وبعض اصحاب العلم الطباعى*** لا يزعمون ان الاعضاء اذا تحركت تنتقل من مكانها بل تثبت وتتغير من قبل اللين والجساوة وساير فصول الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا لأنها تصير بالفعل بعد ان كانت اولا بالقوة. فالقلب اول عضو يكون فى الحيوان الدمى، فاما ساير الحيوان فالعضو الذى يلايم القلب، كما قلنا مرارا شتى. وذلك بين للحس اعنى ان القلب يكون قبلا وليس هو يكون بينا للحس فقط بل هو بين من الاخرة ايضا لأن الحياة تبقى فى الاخرة فى القلب [فقط]. ويعرض فى جميع اعضاء الحيوان ان تترك الحياة اولا [و] الاعضو الذى صارت فيه اخيرا وتترك العضو الذى صارت فيه اولا فى الاخرة، كأن الطباع يسلك مسلك دور بدور فيه ويرجع الى الاول الذى منه بدأ لأن الولاد انما يكون من لا كون الى كون*** 6- واعضاء الجوف تكون قبل اعضاء الخارج كما قلنا فيما سلف. وفى الحيوان الذى يخلق يظهر عظم اعضاء الجوف اولا. والناحية العليا التى من الحجاب الى فوق تنفصل وتتميز اولا ويكون فيها اختلاف من عظم، فاما الناحية السفلى فانها تكون اقل وتظهر غير منفصلة. وذلك يكون كينونة بينة فى جميع الحيوان الذى الناحية العليا والناحية السفلى منه مميزة مفصلة، ما خلا الحيوان*** الذى يولد منه الدود، فان نشوه يكون الى الناحية العليا. وتبقى الناحية السفلى اصغر واقل. وانما الناحية العليا والسفلى <غير> مميزة فى الحيوان اللين الجسد السيار فقط. ومثل هذا العرض يعرض للشجر ايضا اعنى خلقة الناحية العليا قبل الناحية السفلى لأن البزور تخرج الاصول قبل القضبان. انما يكون تفصيل اعضاء الحيوان بالريح، وليس بقوة التى تلد ولا بقوته كما زعم بعض اصحاب العلم الطباعى. وذلك بين فى الطير والسمك والحيوان المحزز الجسد، لأن هذه الاصناف تكون بعد ان تفارق التى ولدتها*** فهى تتم خارجا وتقبل التفصيل. ومن الحيوان ما لا يتنفس البتة بل يلد دودا ويبيض بيضا، ومن الحيوان ما يلد حيوانا. فاما الحيوان الذى يتنفس وهو فى جوف الام فهو يقبل هناك الفصيل ولا يتنفس حتى تتم خلقة الرية. والرية تنفصل والاعضاء التى تخلت قبلها قبل التنفس. وايضا كل ما كان من الحيوان ذو اربعة ارجل ورجلاه كثيرة الشقوق مثل الكلب والذيب والاسد والثعلب، فانه يلد جراءه عميا، فاذا صارت خارجا افترقت الاشفار فابصرت فى اخرة. فهو بين انه بمثل هذا النوع تنفصل الاعضاء وتخلق ويكون النشو*** باضطرار يعرض حيث يكون الرطب والحار ان يكون بعضه فاعلا وبعضه مفعولا به. فاما بعض اصحاب العلم الطباعى القدماء فلم يكن عندهم تجربة من خلقة الاعضاء. وقد زعموا ان بعض الاعضاء يكون قبل بعض كما يعرض لساير الاشياء ايضا. ولم يبينوا بكم نوع يقال الاول ولا الذى يكون قبل غيره. وهو يقال بانواع شتى، لأن الذى من اجله والذى من اجل هذا مختلفان. واحدهما اول بالكينونة والآخر اول بالجوهر. والذى من اجل <هذا> يقال بنوعين، لأن النوع الواحد دليل على الحركة والآخر دليل على الذى يستعمل. فاما الذى من اجله فهو المولد وآلة الاشياء التى تتولد وتكون، لأنه ينبغى ان يكون احدهما يتقدم قبل غيره مثل الصانع كقولى ان المعلم قبل المتعلم، فاما الانابيب فهى بعد الذى تعلم الزمر بها، فانه من الخطأ ان يكون صاحب الزمر جاهلا بعلمه ويبدأ بالعمل. وقد يمكن ان تكون انابيب الزمر قبل التعلم. وقد علمنا انها ثلاثة اشياء وان احد الثلاثة الذى يقال تاما وهو الذى من اجله، والاثنان الآخران من اجل هذه لأنه من الاول المولد المحرك وهو الذى يلد فيفعل يضاف الى المفعول به والمولود. والثالث ايضا الامر الذى يحتاج اليه والذى يستعمل التام. فباضطرار ينبغى ان تكون الاعضاء اولا فى ذلك الذى يكون فيه ابتداء الحركة. فانه من ساعته يكون دليلا على التام وهو عضو مسود جدا. وبعد هذا العضو يكون الكل والتمام وبنوع ثالث تكون الاعضاء التى هى مثل آلة. ومثل هذا العضو يكون باضطرار فى اجساد الحيوان الذى فيه ابتداء الحركة والتام، فباضطرار ينبغى ان يخلق هذا العضو قبل غيره إما بأنه محرك فينبغى ان يكون اولا فإما بأنه عضو فلحال ساير الاعضاء، فاما من الاعضاء التى هى آلة فكلما كان منها من قبل الطباع مولدا ينبغى ان يكون قبل غيره، لأنه يكون لآخر من اجل انه مثل ابتداء. فاما ما لم يكن على مثل هذه الحال بل من اجله <ف>ينبغى ان يكون اخيرا. ولذلك يكون ليس بيسير تصنيف هذه الاعضاء وماذا منها يكون من اجل غيره وماذا يكون من اجل ذاته***. وليس تفصيل الاعضاء المحركة من الاعضاء هى التى مثل آلة يسيرا. وإن كان لازما لنا ان نسلك بقدر هذا المسلك ونحتال بمثل هذه الحيلة ونطلب ماذا يكون بعد ماذا، من اجل ان تمام بعضها يكون فى أخرة وتمام بعضها يكون قبلا. ومن اجل هذه العلة يكون اولا العضو الذى فيه الاول، ثم بعده الناحية العليا من الجسد. ولهذه العلة يظهر اولا من خلقة الجنين الرأس وما يليه والعينان عظيمة جدا ، فاما ما كان تحت الصرة مثل الفخذين وغيرهما فصغير جدا، لأن الناحية السفلى انما تكون لحال الناحية العليا وليس العضو للتام ولا ما يلى الناحية السفلى مولدا لغيره. ولم يصب القدماء فما ذكروا من اضطرار العلة التى تقال لماذا اعنى الذين يزعمون ان هذه الاشياء تكون على مثل هذه الحال ابدا، ويظنون ان هذا الاول الذى فيها، كما فعل ديمقراطيس الابديرى حيث زعم انه ليس اول للذى يكون ابدا ولا له غاية، فاما ما لماذا فهو اول والذى يكون ابدا لا غاية له، وهم يزعمون ان طلب الطالب لماذا كل واحد من هذه شبيه بطلب اول الذى لا غاية له. وليس يكون ايضاح لشىء من الاشياء السرمدية بقدر هذا القول اعنى زعمهم انه لا ينبغى ان يطلب لماذا، فان علة ماذا تظهر فى اشياء كثيرة منها اكوان قايمة ومنها اشياء تكون ابدا، فان الثلاثة الزوايا التى تكون فى المثلثة مساوية لزاويتين قايمتين وايضا ابدا يكون القطر غير مساو للضلع، وذلك شىء دايم سرمدى، وعلى ذلك لما ذكرنا علة <و> ايضاح. وهو من الصواب ان نقول انه لا ينبغى ان نطلب اول جميع الاشياء، وليس من الصواب ألا نطلب اول الاشياء التى تتولد وتكون ابدا. وللاشياء السرمدية اوايل أخر وعلم الاول آخر وليس بايضاح. وانما الاول الذى فى التى لا تتحرك ماذا هو، فاما فى الاشياء التى تكون فاوايل كثيرة، وهى بانواع مختلفة وليس بنوع واحد. ومنها تكون الحركة. ومن اجل ذلك يكون القلب اولا فى جميع الحيوان الذى له قلب كما قلنا فيما سلف. فاما فى الحيوان الذى لا دم له فالعضو الذى يلايم القلب يخلق اولا. ومن القلب تخرج عروق ممتدة شكلها مثل شكل السفر الذى يصور فى الحيطان، لأن الاعضاء حولها من اجل انه منها تكون. فاما كينونة الاعضاء التى اجزاؤها تشبه بعضها بعضا فهى تقوم من الحرارة والبرودة، لأنها تتقوم وتجمد بعضها من الحار وبعضها من البارد. وقد وصفنا فصول ذلك واختلافه فى غير هذا الكتاب، وبينا اى الاجساد رطبة وايها تذاب وايها لا تذاب. فمن العروق والسبل التى فى كل واحد من الاعضاء يصل الغذاء الى مواضعه ويعرض لهما مثل العرض الذى يعرض للفخار النىء اذا بداخلته رطوبة الماء، فاول ما يكون من ذلك الغذاء اللحم او العضو الذى يلايمه وتقويم اللحم من البرودة، ولذلك يتحلل من النار. فاما الاعضاء الارضية التى ليست فيها غير رطوبة يسيرة وحرارة قليلة اذا سخنت تخرج منها تلك الرطوبة وتنفش وتكون من كثرة الحرارة جاسية ومنظرها منظر ارضى، مثل الاظفار والقرون والاظلاف والحوافر والمناقير. ولذلك تلين فى النار ولا يذوب شىء منها البتة،، ومنها ما يلين من الرطوبات مثل قشور البيض. ومن الحرارة التى فى باطن تيبس العروق والعظام لأن الرطوبة التى فيها تجف. ولذلك لا تتحلل العظام من النار كما لا يتحلل الفخار لأنها مثل شىء قد شوى فى اتون، فالعظام تلقى من الحرارة التى تكون فى الولادة. وهذه الحرارة ايضا ليس تعمل لحما كما كان ولا عظما ولا حيث ما كان بالبخت ولا فى أيما زمان بل يفعل بقدر الطباع <ومتى> وحيث ينبغى للطباع. وربما كان الذى يقوى من المحرك الذى ليس فيه فعال ولا يمكن <ان يعالج> الذى فيه الفعل شيئا من الاشياء من الذى يكون بالبخت، كما لا يمكن ان يعالج النجار تابوتا من غير خشب، ولا يمكن ان يعالج تابوت من خشب بغير نجار. فاما الحرارة فهى فى فضلة الزرع وفيها حركة وفعال بالكمية والكيفية معتدلة لموافقة خلقة كل واحد من الاعضاء. واذا كثرت او نقصت صيرت عضوا رديا او ناقصا مضرورا، وذلك شبيه بالعرض الذى يعرض للاشياء التى تكون تقويمها خارجا بالطبخ. فاما الحرارة المعتدلة فهى موافقة للغذاء ايضا***. ونحن نستعمل اعتدال الحرارة بقدر موافقة الحركة فاما فى اعمال الطباع فالحركة تكون من طباع الذى يلد. فاما الاشياء التى تكون من ذاتها فعلتها حركة الزمان وحرارته. فاما البرد فهو عدم الحرارة، لأن الطباع يستعملها اعنى الحرارة والبرودة فباضطرار يصنع الطباع هذا العضو بهذا النوع وهذا العضو بنوع آخر، فاما فى الاشياء التى تكون من اجل شىء فهو يعرض ان يكون بعضها يبرد وبعضها يسخن وكذلك يكون كل واحد من الاعضاء، ويكون اللحم لينا وغيره جاسيا وباضطرار يكون على مثل هذه الحال، ويكون العصب يابسا جاذبا ويكون العظم يابس سريع الكسر. فاما الجلد فانه يكون من يبس اللحم كما يعرض للاشياء التى تطبخ، فانه يطفو عليها شىء <ويميل> الى اليبس ما هو لحال اللزوجة التى تكون على وجه الماء اذا لم يمكن ان تتحلل تلك اليبوسة وتصير بخارا. وتلك اللزوجه تكون فى الحيوان يابسة قحلة مثل ما يكون فى الحيوان الحزفى الجلد والحيوان اللين الجلد فان هذه الاصناف اواخر الحيوان الدمى، فاما فى الحيوان الذى لا دم له فاللزج يكون ادسم. وذلك الدسم يجتمع كثيرا تحت الجلد فى الحيوان الذى طباعه طباع ارضى، لأن الجلد ايضا يكون من مثل هذه اللزوجة من اجل ان فى الدسم شىء من اللزوجة. وجميع هذه الاعضاء تكون كما قلنا باضطرار بنوع من الانواع ويكون بلا اضطرار بنوع آخر بل لحال شىء. والناحية العليا من الجسد تفترق وتتميز اولا فى اوان الولادة، فاما الناحية السفلى فهى تنفصل وتنشو بعد زمان وذلك فى الحيوان الدمى. وجميع الاعضاء تقبل اولا حدودا بارسام [لم ترسم] ثم فى أخرة تقبل الالوان واللين والجساوة بالطف ما يكون كأن الطباع صوا يصور ويخلق بإحكام، فان الصوار يرسم اولا ثم يركب الالوان على ذلك الارسام حتى يصور حيوانا تاما. فينبغى ان يكون فى القلب ابتداء الحواس وكل قوة الحيوان فمن اجل هذه العلة يخلق القلب اولا. ولحال الحرارة التى فى القلب وخروج العروق منه صير الطباع العضو البارد فوق قبالة الحرارة التى فى القلب اعنى الدماغ ولذلك يكون ما يلى الرأس [و] يخلق فى الولاد بعد خلقة القلب، وعظم الرأس اكثر من عظم ساير الاعضاء، لأن الدماغ كثير رطب من اول خلقته. وفى العرض الذى يعرض لعينى الحيوان مسألة عويص، لأن العينين تظهر اول ما تظهر كبارا جدا فى الحيوان السيار والحيوان الذى يعوم والطير، وانما تخلق العين فى أخرة اعنى من بعد خلقة الاعضاء، لأنها تضمر وتكون غايرة فى الزمان الذى يتوسط ذلك. وعلة ذلك من قبل آلة حس العينين مثل ساير الآلة على سبل. فاما حس المس وحس المذاقة فهما جسد او جزء من اجزاء الحيوان، فاما المشمة والسمع فهما سبل متصلة بالهواء الذى خارج ملوءة من روح طباعى له مجاز الى العروق اللطيفة الممتدة من القلب الى الدماع. وللعين خاصة جسد ليس هو لشىء آخر من آلة الحواس. وذلك الجسد رطب بارد وليس كينونته متقادمة فى ذلك المكان مثل ساير الاعضاء التى تكون <بالقوة ثم> بالفعال فى أخرة، بل من الرطوبة التى تحيط بالدماع يخرج شىء نقى جدا ويجوز بالسبل التى تظهر آخذة من العينين الى الصفاق الذى يحيط بالدماغ. والعلامة الدليلة على ذلك من قبل انه ليس فى الرأس عضو آخر رطب بارد ما خلا الدماع، فاما العين فهى رطبة باردة. فباضطرار تقبل العظم فى اول الخلقة ثم تضمر وتتغير بعد ذلك. وهذا العرض يعرض للدماغ ايضا مثل هذا النوع، فانه يكون اولا رطبا كثيرا فاذا ننفس ونضج يكون شبيها بجسد ويجتمع الى ذاته. فعظم العينين يكون اولا لحال العلة التى وصفنا. ولحال الدماغ يكون الرأس عظيما جدا ولحال الرطوبة التى فى العينين تظهر عظيمة. وفى أخرة تتم خلقتها لأن تقويم الدماغ لا يكون إلأ بعسر ايضا، من اجل ان البرودة والرطوبة التى فيه لا تكف إلا بإبطاء وبعد زمان كثير، وذلك يعرض لجميع الحيوان الذى له دماع كثير وخاصة للناس. ولحال هذه العلة يكون مكان اليافوخ رطبا ولا يصلب إلا فى أخرة. فاما اذا ولد الاطفال فعظم اليافوخ يكون لينا جدا. والعلة التى تكون من اجلها يعرض هذا العرض للانسان خاصة من قبل ان دماغه كثير رطب اكثر من ادمغة جميع الحيوان، وعلة ذلك من قبل ان الحرارة التى فى القلب نقية جدا. والدليل على جودة مزاجه العقل، فان الانسان اعقل واحلم من جميع الحيوان. ولا تقوى الاطفال على حمل وضبط رؤسهم زمانا كثيرا لحال الثقل الذى فيما يلى الدماع. وكذلك الاعضاء التى تحتاج الى حركة*** من شىء فى أخرة مثل الذى يكون فى عمق من الجسد. وشفر العينين ايضا مثل هذه الاعضاء. وقد علمنا ان الطباع لا يفعل شيئا باطلا لا فى اول الخلقة ولا فى آخرها، فانه ان فعل شيئا يكون هذا الجنس إما من اصناف الفضلة وإما من الاصناف التى تكون بنوع باطل. فباضطرار تفترق الاشفار وتقوى على الحركة. فخلقة العينين تتم بعد زمان كثير لحال إبطاء نضوج كثرة الرطوبة التى تحيط بالدماغ وتمام العينين يكون فى أخرة لأنه لا يمكن ان تتحرك حتى تغلب وتقهر الحركة، وما كان من الاعضاء على مثل هذه الحال بعيدا من الاول يكون باردا. والدليل على ذلك طباع الاشفار التى هى على مثل هذه الحال. ولذلك لا يقوى الرجل على رفع اشفار عينيه اذا عرض لرأسه ثقل إما لحال نوم وإما سكر وإمأ لشىء آخر مثل هذه الاعراض. فقد وصفنا حال كينونة العينين وكيف تكون ولاى علة يتم تفصيلها فى أخرة بعد تفصيل كل واحد من الاعضاء. وانما خلقتها من الغذاء فالاعضاء الكريمة المسودة جدا التى لها شركة من الاول المحرك تكون من الغذاء النقى الجيد الطبخ اعنى الغذاء الاول، فاما الاعضاء التى يحتاج اليها باضطرار وكينونتها لحال هذه فخلقتها تكون من الغذاء الاردأ ومن الفضول. وانما الطباع مثل مدبر وقيم صالح ألا يلقى شيثا مما يمكن ان يعمل منه عملا ومما يحتاج اليه. <و> فى تدبير الغذاء يصرف ما كان منه نقيا جدا الى الاعضاء الكريمة الحرة، وما كان منه فضلة ردية يصرف الى حاجة الاعضاء التى تشبه خدما والذين يغذون معهم. وكما يفعل العقل هذه الافعال فى تدبير الاشياء التى خارج كذلك يفعل الطباع فى تدبير خلقة الاعضاء، فمن الهيولى النقية جدا < يقوم اللحم> ومن ساير آلة الحواس تقوم الاجساد، ومن الفضول تقويم القرون والشعر والاظفار والحوافر وجميع التى مثل هذه . ولذلك يكون تقويمها فى أخرة اذا صارت فى الجسد فضلة من الطباع. فطباع العظام يكون فى التقويم الاول من الاعضاء اعنى من الفضلة الزرعية، فاذا نشا الحيوان نشا العظام ايضا من الغذاء الطباعى فاجود الغذاء وأنقاه يصرف الى المسودة اعنى الاعضاء الرئيسة، وما بقى من فضلة ذلك الغذاء يصرف الى ساير الاعضاء التى تحتمل الفضول. وفى كل يكون الاول والثانى، فمن الغذاء ما هو مغذ ومنه منشى. فاما المغذى فهو الذى منه كينونة الكل والاعضاء. فاما المنشى فهو الذى منه تكون زيادة الجسم والعظم. وسنفصل حال هذه الاشياء فى أخرة. فبقدر هذا النوع يكون تقويم العصب ومن التى هى فهى اعنى من الفضلة الزرعية ومن المغذية. وكذلك يكون تقويم الاظفار والشعر والحوافر والقرون والمناقير والمخاليب التى تكون فى اسوق الطير وكلما كان من عضو مثل هذا يكون من الغذاء الدخيل ومن القوة المغذية التى تكون فى الجنين دخيلة من الانثى. ولهذه العلة تنشو العظام الى زمان معروف ولها عظم محدود فى جميع الحيوان. ولو كان للعظام ابدا نشو لكان الحيوان الذى فى جسده عظام او العضو الذى يلايمه ينشو ما كان حيا، لأن حد عظم اجساد الحيوان العظام. وسنذكر العلة التى من اجلها لا تنشو العظام ابدا. فاما الظفر وما يناسبه بالجنس فهو ينشو ابدا ولا سيما <فى> الحيوان الذى يشيب ويكبر لحال كثرة الفضول التى تبقى فى الجسد، من قبل ان الفضلة التى تفنى فى الاعضاء المسودة قليلة جدا لحال الكبر والامراض. فاما اذا نقصت الفضلة لحال القرون والجيل فالشعر ينقص ايضا. فاما العظام فعلى خلاف ذلك، لأنها تنقص مع نقص الاعضاء وتنشو مع نشوها، وشعر الاجساد الميتة ينشو ايضا ولكن لا يستأنف كينونة. وخليق ان يسأل احد مسألة عويص لحال الاسنان، اعنى لأن طباعها مثل طباع العظام ومنها تكون. فاما الاظفار والقرون والشعر وكل ما كان مثل هذا الصنف <ف> يكون من الجلد. ولذلك تتغير الوانها مع الوان الجلد، لأنها تكون بيضا وسودا وكثيرة الالوان بقدر لون الجلد . فاما الاسنان فليس تتغير الوانها البتة، لأن كينونتها من العظام، وذلك بين فى جميع الحيوان الذى له عظام واسنان. وينبغى ان نعلم ان الاسنان فقط من بين ساير العظام تنشو ما كان الحيوان باقيا. وذلك بين من الاسنان التى تميل عن مواضعها او تمس بعضها بعضا. وعلة نشوها لحال عملها. ولو لم تكن تنشو لعرض لها الانسحاق عاجلا لولا المادة التى تمدها من الاصل ومن اجل هذه العلة تنسحق جدا اسنان بعض الحيوان الذى ياكل اكلا كثيرا وليس له اسنان كبار، لأن فناءها يكون اكثر من نشوها. ولذلك احتال الطباع فى هذا العرض حيلة جيدة اعنى انه عند الكبر والفناء يجمع بقية الاسنان ويضم بعضه الى بعض. ولو كان العمر الف سنة او عشرة الف سنة لكان ينبغى ان تكون الاسنان اكبر مما هى من اول خلقتها وان تنبت مرارا شتى. ولو كان نشوها متصلا متتابعا لم ينتفع بها لأنها كانت تنسحق من كثرة العمل. فقد بينا العلة التى من اجلها تنشو الاسنان. ويعرض ان لا يكون طباع الاسنان وساير العظام واحدا هو فهو، من اجل ان جميع العظام تخلق مع اول تقويم الجسد، ولا يخلق شىء منها فى أخرة، فاما خلقة الاسنان فهى تكون فى أخرة. وهى تقوى على ان تنبت ايضا بعد وقوعها. وهى تماس العظام وليس بملتامة بها. وانما تكون الاسنان من الغذاء الذى منه تكون العظام لأن طباعها واحد***. فمن الحيوان ما يولد وله اسنان او عضو ملايم للاسنان ان لم يعرض له شىء آخر على غير الطباع لأنه يخرج من الرحم وهو تام الخلقة. فاما نبات اسنان الانسان فهو يكون فى آخرة فى وقت معروف إن لم يعرض له شىء على غير الطباع ايضا. وسنذكر فى أخرة العلة التى من اجلها تكون بعض الاسنان تقع وبعضها لا تقع. وهو بين ان جميع هذه الاعضاء وما يشبهها تكون من الفضلة كما ذكرنا فيا سلف ولذلك جسد الانسان مكشوف املس اكثر من جميع اجساد الحيوان وللانسان اظفار صغار جدا بقدر قياس جثته، لأن الفضلة الارضية التى فيه قليلة جدا. وانما الفضلة من الغذاء التى لم تنضج ولم تنطبخ، والجزء الارضى فى الاجساد قليل النضوج جدا. فقد قلنا وبينا العلة التى من اجلها يكون كل واحد من الاعضاء وعلة ولادها. 7- ونشو كل جنين يكون من ناحية السرة كما قلنا فيما سلف اعنى باتصال والتصاق السرة. ومن اجل ان فى الحيوان قوة النفس المغذية فهى من ساعتها ترسل السرة الى الرحم مثل اصول الشجر. وانما خلقة السرة قشرة تتلبس على عروق، وتلك العروق فى الحيوان العظيم الجثة كثيرة مثل البقر وكل ما كان مثله، فاما فى الحيوان الوسط الجسم فهما عرقان فقط وفى الحيوان الصغير الجثة عرق واحد. ومنه يقبل الجنين الغذاء الدمى وانما الارحام غايات واواخر عروق كثيرة. فما كان من جميع الحيوان الذى له اسنان فى الفكين معا، والذى ليس له اسنان فى الفكين اعنى الحيوان الذى ليس لرحمه عرق واحد كبير ممتد بل عروق كثيرة بدل عرق واحد، فتلك العروق تكون كثيرة متتابعة فى الرحم ولها باليونانية اسم خاص، وهى تتصل وتلتام بالسرة، لأن العروق ممتدة من السرة من هاهنا ومن هاهنا وتنشق وتفترق فى كل ناحية من نواحى الرحم، وحيث غاياتها هناك تكون افواه العروق، فالناحية المستديرة منها تكون فيما يلى الرحم والناحية المجوفة تكون فيما يلى الجنين. وفيما بين الرحم والجنين المشيمة والصفاقات. فاذا نشا وتم الجنين تكون افواه العروق والصفاقات اصغر وعند التمام تغيب ولا تظهر البتة. وبهذه العروق يكون غذاء الجنين من قبل الطباع وذلك الغذاء دمى ينتهى الى الارحام فالطباع يكنز ويجمع هذا الغذاء فى العروق التى ذكرنا كما يكنز فى الثديين، ولأن الغذاء يجتمع قليلا قليلا ويكنز ويعرض لاجساد افواه العروق مثل بثر والتهاب مع ورم. فما دام الجنين صغيرا لا يقوى على أخذ غذاء كثر تكون العروق ظاهرة عظيمة، واذا نشا الجنين صغرت واجتعمت الى ذاتها. وليس لارحام الحيوان افواه عروق فى كثير من الحيوان الحقير المنظر الذى له اسنان فى الفكين، بل السرة تمتد وتلتام الى عرق واحد، وذلك العرق يمتد ويجوز بالرحم وله عظم. ولأن بعض الحيوان لا يلد إلا واحدا يصير اكثر ما يحمل بقدر هذا النوع ايضا. وينبغى ان نعرف هذه الاشياء من المثالات التى تظهر من شق الاحشاء ومما قلنا ووصفنا فى مناظر الحيوان فى اول كتابنا هذا. فالجنين متصل بالسرة، والسرة متصلة بالعرق وذلك بنوع تتابع يتبع احدهما الآخر، فالدم يسيل الى الرحم من ناحية العرق ما يسيل الماء من جراه وساقيته. وحول كل جنين صفاقات ومشيمة. فاما الذين يزعمون ان كل جنين يغذا فى الرحم لحال فضلة لحم يسير يخرج منه فهو على خطأ، فانه لو كان ذلك لعرض هذا العرض لساير الحيوان فاما حيننا هذا فليس يظهر لنا شىء مما ذكروا، ونظر ذلك من شق الاجساد هين ليس بعسر. وقد علمنا ان جميع ما يحمل فى ارحام الطير والحيوان الذى يعوم والحيوان السيار محتبس فى صفاقات دقيقة لطيفة بنوع واحد وتلك الصفاقات تفرق المحمول من الرحم والرطوبات التى تكون هنالك وليس فى هذه الاصناف من الحيوان شىء مما ذكرنا، ولا يمكن ان تكون لذة غذائه منه. فاما جميع الحيوان الذى يبيض بيضا فهو يقبل النشو ولذة الغذاء بعد فراقه من امه ومن هذه الحجج يستبين ان قولهم خطأ اعنى الذين يقولون مثل قول ديمقراطيس. والحيوان المناسب بالجنس يجامع ويسفد بعضه بعضا من قبل الطباع، ويفعل ذلك ايضا الحيوان الذى طباعه قريب من طباع غيره ولا سيما اذا لم تختلف الناظر وكانت اجسام بعضها مقاربة لبعض وكانت ازمان حملها متفقة متساوية. فجميع هذه الاشياء تكون فى ساير الحيوان وتكون ايضا فى الكلاب والثعالب والذياب والجنس الذى يسمى باليونانية بثواس. والكلاب الهندية يزعم بعض الناس انها تتولد من كلب ومن سبع شبيه بكلب. وقد ظهر هذا العرض فى الطير الذى يسفد كما يعرض للقبج والدجاج. ومن الطير المعقف المخاليب نظر ان البزاة المختلفة بالمنظر يسفد بعضها بعضا*** وتقوى اناثها وذكورتها على الولاد. فاما البغال فليس يلد مثل هذه الاصناف فقط، لأنها لا تلد بعضها من بعض ولا إن سفدها غيرها من الاجناس. وانما المسألة كلية اعنى لأى علة تكون الانثى عاقرا والذكر لا يولد له، فانه يمكن ان تكون نساء لا يولد لهن ورجال ايضا لا يولد لهم البتة، وساير اجناس الحيوان على مثل هذه الحال اعنى الخيل والغنم. فاما جنس البغال فليس يلد البتة. وانما علة عدم الولد فى ساير الحيوان من قبل علل كثيرة، لأنه ربما كانت الاماكن الموافقة للجماع مضرورة من اول الولاد فتكون علة ما ذكرنا. <و> تكون من النساء من لا تطمث ومن الرجال من لا تنبت له لحية بل يبقى مثل خصى جميع عمره. وربما عرض هذا العرض لبعض الناس عند وقت الشبيبة، وربما كان ذلك لحال خصب وجودة غذاء الجسد، اعنى ان من النساء من تكون اسمن بعد الشباب، ومنهن من تحمل لحما كثيرا فتفنى الفضلة الزرعية فى غذاء ذلك اللحم، ومن النساء من لا ينعقد ولا يجمد طمثها ومن الرجال ايضا من لا يجمد زرعه. وذلك يعرض لحال مرض ايضا فيكون زرع الذكر رطبا باردا ويكون طمث النساء رديا مملؤا من فضول سقمية. ولكثير من الرجال والنساء يعرض ما ذكرنا لحال ضرورة طباعية تكون فيما يلى الاما كن والاعضاء الموافقة للجماع ومن هذه الامراض ما يمكن ان يبرئ ومنها ما لا يمكن ان يبرئ ولا له شفاء. وخاصة يكون عدم الولد فى جميع عمر النساء والرجال من قبل التقويم الاول والخلقة الاولى، لأن من النساء نساء مذكرات ومن الرجال رجال مؤنثين، فليس يكون لذلك الصنف من النساء طمث وزرع الذكورة الذين على مثل هذه الحال زرع دقيق بارد. وهو يجرب ويعر من التجارب فزرع الرجال يعرف إن كان غير موافق للولاد إن صب على ماء. فانه اذا كان دقيقا باردا تحلل وانبسط على وجه الماء، فاما الزرع الموافق للولاد فعلى خلاف ذلك، من قبل ان السبل من جسده ليست ممدودة مفترقة، فهو يرسب فى الماء ولا يطفو على وجهه، لأن الزرع النضج مطبوخ وانما ينضج المقوم الذى له <غلظ>. فاما النساء فانهن يربن بالاشياء التى تبخر من اسفل إن كانت تصل من اسفل الى فوق، ويجربن ايضا بالالوان التى تلطخ على العينين اذا لونت البزاق الذى فى الفم. فاذا عرضت هذه الاعراض دلت على ان السبل التى فى الجسد اعنى السبل التى منها تخرج فضلة الزرع مفتوحة واذا عرض خلاف ذلك دل على انها منسدة قد غلبت عليها السدد. وذلك لأن المكان الذى يلى العينين موافق لخروج الزرع اكثر من جميع الاعضاء التى تلى الرأس. والدليل على ذلك تغير شكل هذا المكان فى وقت الجماع واذا كان الانسان كثير الجماع كان بصره ضعيفا. وعلة ذلك من قبل ان طباع الزرع شبيه بطباع الدماغ، لأن هذه الهيولى مائية والحرارة دخيلة. وانما تكون تنقية الطمث من تحت موضع الحجاب، لأن ذلك الموضع اول الطباع ولذلك تنتهى الحركة من المفاصل الى الصدر ويكون حس كل رايحة فى الصدر بالنفس. - وهذه الضرورة تعرض للرجال والنساء ولساير اجناس الحيوان بانواع شتى كما وصفناه***، فاما جنس البغال فكله عادم ولد. وقد اخطأ ديمقراطيس وامبدقليس فيما ذكروا من علة ذلك. فاما ديمقراطيس فانه لم يقل فى ذلك قولا واضحا بينا واما امبدقليس فانه قال قولا ليس بصواب فانه يزعم ان علة ذلك إيضاح التى تجامع بعضها بعضا على غير الجنس والمناسبة. فديمقراطيس يزعم ان سبل البغال فى ناحية الارحام فاسدة لأن اول ولادها وكينونتها ليست من حيوان مناسب متفق بالجنس. وقد يمكن ان يعرض هذا العرض لحيوان الذى يبيض بيضا اعنى جماع وسفاد اجناس مختلفة ويكون بعد ذلك ولاد كما كان من سفاد الاجناس المتفقة ولو كانت هذه العلة تسبب عدم ولاد البغال لكان من الواجب ان يعرض هذا العرض لساير الحيوان المخالف بالجنس اذا سفد بعضه بعضا بقدر هذا النوع. فاما امبدقليس فانه زعم ان علة عدم ولاد البغال خلط الزرع*** لأن زرع الاناث والذكورة لين فانه يلتام المواضع العميقة بالسفيقة ، فانها اذا التامت بعضها ببعض يكون جسد جاسى من اجساد لينة مثل ما يكون من خلط النحاس والمس. فلم يصب فى ذكر علة خلط المس والنحاس ولا قوله بصواب. وقد ذكرنا هذه العلة فى الكتاب الذى وضعنا على المسايل. فاما هو فلم يصف الاوايل من الاشياء التى هى اعرف وابين. <و> من الاجساد الصلبة والعميقة اذا التامت بعضها ببعض يكون منها خلط بنوع من الانواع مثل خلط الشراب والماء. وهذا القول الذى يقال يجاوز قدرنا ومبلغ عقولنا. وكيف يمكن ان يخلط اعماق الشراب والاء، وهذا القول على غير الحس. وايضا يعرض ان يكون من فرس ذكر وفرس انثى فرس ومن فرس انثى ومن حمار بغل او بغلة، فان كان من الذكر والانثى يولد ولد لاى علة يكون من هذه شىء ضيق السبل بقدر ما يكون يولد منها عادم الولد ومن فرس انثى وحمار ذكر لا يكون للمولود ولد. وقد علمنا ان زرع الفرس الذكر وزرع الانثى لينة، ويمكن ان ينزو حمار على فرس انثى وفرس ذكر ينزو على حمارة. ومن اجل هذه العلة يكون الولد الذى يخرج منهما عادم ولد كما يزعم لأن من كليهما يخرج زرع لين. فقد كان ينبغى ان يعرض هذا العرض للولد الذى يكون من الفرس الانثى والفرس الذكر. ولو كان خلط من واحد لكان ممكنا ان يقول <ان> احدهما يكون علة <عدم> الولاد لأنه لا يشبه زرع الكل. فاما حيننا هذا فانا نرى خلاف ذلك اعنى ان الخلط يكون من الزرعين. وايضا الايضاح واجب على كليهما بنوع واحد اعنى على الذكر والانثى، وكما يزعم بعض الناس الذكر يلد اذا كان بن سبع سنين فقط، فاما الانثى فليس تلد البتة، وذلك انها لا تقوى على غذاء المحمول حتى يتم، ولو قويت البغلة على تربية وغذاء زرع لكان لها حمل. وخليق ان يظن انه إيضاح مقنع الايضاح المنطقى، اعنى ان كل ما بعد من الاوايل الاهلية ضعف وتغير وهذا القول عام كلى. فانا قد علمنا ان من الذكر والانثى المتشابهة بالصورة يولد ولد شبيه بصورتهما إن كان ذكر او انثى، كقولنا ان من الكلب والكلبة يولد كلب ذكر او كلبة، ومن المختلفة بالصورة يولد آخر يخالف صورتهما، كقولى إن ولد من كلب ولبوة او من اسد وكلبة انثى يكون الذى يولد منها بالصورة مخالف لكليهما. فقد كان ينبغى ان يولد ولد من بغل او بغلة لأنها متفقة بالصورة بقدر قولهم، وما نرى ذلك كاينا بل يكون من حمار وفرس بغل، والحمار والفرس يختلفان بالصورة فالبغال تتولد منهما، ولا يمكن ان يتولد من البغال شىء آخر اعنى انه ليس مما يستطاع ان يولد من الذكر والانثى المتفقة بالصورة لأن البغال تولد من فرس وحمار كلاهما مختلفة بالصورة. وقد قلنا فيما سلف انه من الاجناس المختلفة يكون حيوان آخر. فهذا القول عام جدا وهو باطل لأن الكلام الذى <لا> يكون من اوايله الاهلية باطل، فانما نظن ان ذلك الكلام واقع على الاشياء وهو على خلاف ذلك، لأنه ينبغى ان يكون كلام علم المساحة من اوايل علمها، وكذلك يكون فى ساير الاشياء. فاما الباطل فهو يظن انه شىء وليس هو كذلك، لأنه ليس بحق لأن كثيرا من الحيوان الذى يشبه بعضها بعضا بالصورة يلد ولدا ويكون لذلك الولد ايضا ولد كما قلنا فيما سلف. فليس ينبغى ان نطلب بمثل هذا النوع الاشياء الطباعية والاعراض التى تعرض لساير الحيوان. بل يمكن ان ينظر الناظر فى الاشياء التى تكون فى جنس الخيل وجنس الحمير ويدرل العلة التى من اجلها يعرض هذا العرض للبغال، اعنى ان كل واحد من هذين الصنفين لا يلد إلا ولدا واحدا من بين جميع الحيوان المتفق بالجنس، وايضا الاناث <لا> تحمل من زرع الذكورة <ابدا>، ولذلك يمنعون الذكورة من النزو زمانا كثيرا لأن الاناث لا تقوى على احتمال ذلك بنوع اتصال. وليس للفرس الانثى من الطمث إلا قليل جدا ولذلك لا يخرج منها إلا فضلة يسيرة اقل من فضلة التى تخرج من الحيوان الذى له اربعة ارجل، فاما اناث الحمير فليس تقبل زرع الذكر بل تبوله ولذلك يتبعونها ويضربونها باسياط بعد ان تنزو. فالحمار حيوان بارد ولذلك لا يكون فى الاماكن الباردة جدا لأن طباعه يحس بالبرد جدا، كما يعرض فى البلدة التى تسمى باليونانية اسقوتيا وما يتاخمها والبلدة التى تسمى قلطيقى وهى بعد بلدة الابر، وبردها شديد. ولهذه العلة يكون نزو الحمير ليس فى زمان استواء الليل والنهار وهو الزمان الذى <فيه> ينزو الخيل بل فى مدخل الصيف، لكى يكون ولادها وتربية الفلو فى زمان دفئ، لأنها تضع فى مثل هذا الزمان التى تسفد اعنى ان الخيل والحمير تحمل سنة كاملة. فلأن طباع الحمار بارد باضطرار يكون زرعه ايضا باردا. والعلامة الدليلة على ذلك من قبل ما نحن بذكره حيننا هذا، فانه ان نزا فرس على اناث حملت من حمار لا يفسد ذلك الحمل، فانه ان نزا حمار على فرس انتى حامل من فرس ذكر افسد ذلك الحمل لحال برد زرعه. فاذا نزت بعضها على بعض سلم الخلط الذى يكون من الذكر والانثى لحال الحرارة التى فى احدهما، اعنى ان الزرع الذى يخرج الفرس الذكر حار. فاما زرع الحار فبارد، وكذلك الهيولى التى توجد فى الاناث، فاما التى فى الفرس الانثى فحار. فاذا اختلط الحار بالبارد إما البارد بالحار يمزجا وكان منهما حمل، ولذلك يسلم الحمل الذى يكون منهما ولهذه العلة يسلم كل ولد يولد من الولد الذى يكون من الخيل اذا نزت الذكورة والاناث والحمير كمثل. فاما الولد الذى يكون من الحمار والفرس الانثى فهو غير موافق للولاد ايضا، لأن كل واحد منهما من طباعه غير موافق للولد من قبل ان الاعراض التى ذكرنا تعرض للحمار من طباعه. وان لم يبدأ يلد بد طرح السن الاول لا يلد بعد ذلك البتة. فبهذا النوع تقال اجساد الحمير غير موافقة للولاد. وكذلك ايضا الفرس غير موافق للولاد وانما ينقص من ان يكون عادم ولد كينونة زرعه ابرد قليلا وذلك يكون اذا اختلطت فضلة الفرس الانثى بزرع الحمار. وكذلك نقول ان زرع الحمار <ان كان> ابرد قليلا لا يولد منه ولد فاذا عرض لها عرض على غير الطباع حينئذ لا يلد من نزو بعضها بعضا إلا بعسرة، فاما الذى يولد منهما فاجدر ان يكون عادم ولد لأنه على غير الطباع فليس يحتاج الى شىء يصيره عادم ولد بل باضطرار لا يولد له. ويعرض ان تكون اجساد البغال عظيمة لأن الفضلة التى تكون من الطمث تميل الى تربية وغذاء الاجسام. ولأن حمل هذه الاصناف من الحيوان سنة ينبغى ان لا تحمل البغلة فقط بل تغذيه ايضا. وذلك مما لا يستطاع لأنه ليس لاناث البغال طمث، بل الدم الذى لا يحتاج اليه يخرج مع الفضلة الرطبة التى تخرج من المثانة. ولهذه العلة لا يشتم ذكورة البغال ابوال الاناث مثل ساير الدواب التى لها حوافر. فاما بقية الفضلة فهو يميل الى نشو الجسد والى عظمه. فهو يمكن ان تحمل البغلة الانثى فى الفرط وقد كان ذلك فى الزمان الذى سلف ولا يمكن ان تربيه وتغذيه حتى تتم خلقته. فاما الذكر فانه يمكن ان يلد فى بعض الازمنة لأن الذكر من قبل الطباع اسخن من الانثى***، والذى يلد منهما يكون دارجا وهو بغل مضرور، لأنه يكون من فرس وحمار اذا صار الحمل مريضا فى الرحم. وانما هذا الجنس مثل الجنس المتغير من الحنازير، فانه اذا اصابتها ضرورة فى الرحم سميت باسم آخر***. وبهذا النوع يكون الرجال القصار الذين اجسامهم قدر ذراع وانما يعرض ذلك لهم من قبل الضرورة التى تصيب اعضاءهم وعظم جثتهم فى الولاد كما يعرض للخنازير والجنس الذى يسمى داراجا. فقد ذكرنا علة عدم ولاد البغال. تم القول السادس عشر
صفحہ 95
المقالة السابعة عشرة من كتاب الحيوان لأرسطوطاليس
صفحہ 96
1- قد وصفنا علة عدم ولاد البخال فى القول الذى سلف ووصفنا حال الحيوان الذى يلد حيوانا فى جوفه وخارجا فاما الحيوان الدمى الذى يبيض بيضا فبنوع يكون ولاد الحيوان المشاء واحدا هو فهو، ولذلك يمكن ان يكون فيها القول واحدا، وبنوع آخر يكون بين الحيوان المشاء وبين قياس بعضه الى بعض اختلاف وفصول كثيرة. فبقول كلى يكون جميع هذه الاجناس من سفاد ونزو <و>من الزرع الذى يفضى الذكورة فى الاناث. ومن الحيوان الذى يبيض بيضا اجناس الطيور يبيض بيضا تاما جاسى القشر، إن لم تعرض له ضرورة لحال مرض ولجميع بيض الطير لونان، فاما صنف السمك البحرى الذى يسمى باليونانية صالاخى وكل ما يشبهه بالصورة فهو كما قلنا مرارا شتى يبيض فى جوفه، ويخرج من ذلك البيض حيوان اذا انتقل البيض من مكان آخر من اما كن الرحم الى مكان آخر، وبيض هذه الاصناف يكون لينا وله لون واحد. وانما يبيض خارجا بيض صنف واحد من هذه الاصناف وهو الذى يسمى ضفدع. وسنذكر علته وفى أخرة. فاما ساير اصناف السمك الذى يبيض فلون بيضها اذا باضت واحد غير انه ليس بتام، لأ نه يقبل النشو خارجا لحال العلة التى هى فهى اعنى التى من اجلها يكون البيض فى داخل الرحم تاما. وقد وصفنا فيما سلف حال الارحام ولخصنا فصولها ولأى علة هى، وقلنا ان من الحيوان الذى يلد حيوانا ما يكون رحمه فوق عند الحجاب ومنه ما يكون رحمه اسفل عند المفاصل. فالحيوان الذى يسمى باليونانية سالاخى يكون رحمه فوق عند الحجاب فاما الحيوان الذى يلد حيوانا فى جوفه فرحمه اسفل مثل الانسان والفرس وكل واحد من الحيوان الذى يشبه ما ذكرنا. ومن الحيوان الذى يبيض بيضا ما يكون رحمه اسفل مثل السمك الذى يبيض بيضا، ومنه ما يكون رحمه فوق مثل ارحام الطير. و<ربما> يكون فى الطير حمل من ذاته اعنى البيض الذى يسمى عند بعض الناس بيض الريح، وانما يكون ذلك فى الطير الكثير الولاد ولا يكون فى شىء من الطير الجيد الطيران ولا المعقف المخاليب، وذلك لأن الطير الذى يكثر البيض كثير الفضلة. فاما فضلة الطير المعقف المخاليب فهو يميل الى جناحيه وريشه ويفنى هناك، وجسد هذا الصنف من الطاير صغير يابس حار. وقد قلنا فيما سلف ان الفضلة الطمثية والزرع فضلة من فضول الجسد. ولأن طباع الزرع وطباع الجناح يكون من الفضلة لا يقوى الطباع ان يمد هذين الاثنين. ولحال هذه العلة التى هى فهى لا يكون الطير المعقف المخاليب سفادا ولا كثير الولد، فاما الطير الثقيل الجيد الطيران الذى لجسده جسم فهو يكثر الولاد، مثل الحمام وجميع الاصناف التى تشبهه. فاما الطير الثقيل الجسد الذى ليس يجيد الطيران مثل الدجاج والقبج وساير الاجناس التى تشبه هذه فلها فضلة كثيرة مثل الفضلة التى ذكرنا. ولذلك يكثر ذكورتها السفاد وفى الاناث هيولى كثيرة، ومن هذه الاصناف ما يكثر البيض ومنها ما يبيض بيضا كثيرا ومرارا شتى، فاما الذى يبيض بيضا كثيرا فمثل الدجاج والقبج والنعام، فاما الاجناس التى تسمى الحمام فهى <لا> تبيض بيضا كثيرا و<لكن> مرارا شتى. وهذه الاصناف فيما بين الطير المعقف المخاليب والطير الثقيل، لأنه جيد الطيران مثل الطير المعقف المخاليب وله جسم مثل الطير الثقيل، فلأنها جيدة الطيران باضطرار تميل الفضلة الى الجناحين والريش ويكون البيض قليلا، ولحال جسم الجسد وحرارة البطن يبيض مرارا شتى وخاصة لأن وجود طعمه يسير، فاما الطير المعقف المخاليب فليس يكسب طعمه إلا بعسرة وشدة. وما صغر من الطير ايضا يكون سفاده كثيرا والبيض <كثير> كما يعرض فى الحين لبعض الشجر، لأن النشو الذى يكون فى الجسد يصير فضلة زرعية. ولذلك يكون الدجاج الذى يسمى دجاج ادريانوس الملك كثير البيض جدا لحال صغر جسده ولأن الغذاء يميل الى خلقة البيض. وكلما كان من الدجاج صغير الجثة يكون اكثر بيضا من العظيم الجثة، لأن اجسادها اكثر رطوبة من غيرها. فاما اجساد الصنف الآخر فهى ايبس واسرع الى الغضب، وانما يكون الغضب الشديد فى الاجساد الكثيرة التيبس. وايضا دقة الساقين وضعفهما مما يوافق كينونة طباع هذا الصنف، وهذا الصنف سفاد كثير البيض كما يعرض للناس، من اجل ان الغذاء الذى يذهب الى الرجلين ويبقى هنال يميل ويصير فضلة زرعية، لأن ما نقص الطباع من هناك زاد على الفضلة الزرعية. فاما الطير المعقف المخاليب فرجله ثابتة قوية وساقه غليظة لحال تدبير حياته، فمن اجل جميع هذه العلل ليس هو سفاد ولا كثير البيض، ما خلا الطير الذى يسمى قنخريس فانه كثير البيض وحده فقط. وليس يشرب شىء من الطير المعقف المخاليب مثل شرب هذا الطير، والرطوبة الطباعية والدخيلة من خارج موافقة لتوليد الزرع مع الحرارة التى فيه. وهذا الطير ايضا لا يبيض بيضا كثيرا، بل يبيض اربع بيضات اكثر ما يبيض. فاما الطير الذى يسمى باليونانية قوققس فهو قليل البيض وان لم يكن معقف المخاليب لأن طباعه بارد، وذلك بين من شكل الطير، وينبغى ان يكون الحيوان الموافق لكثرة الزرع حارا رطب المزاج. وهذا الطير الذى وصفنا جزوع جدا. وذلك بين من قبل انه يطرد من جميع اجناس الطير ويفرخ فى اعشة غريبة. فاما الاجناس التى تشبه الحمام بالمنظر فهى تبيض بيضتين اكثر ما تبيض. ولا تبيض بيضة واحدة، لأنه ليس يمكن ان يبيض شىء من الطير بيضة واحدة ما خلا الطير الذى يسمى باليونانية قوققس، وهو ايضا ربما باض بيضتين، وليس يبيض هذا الصنف من الطير بيضا كثيرا بل يبيض مرارا شتى بيضتين او ثلاث بيضات اكثر ما يبيض، وانما عادته ان يبيض بيضتين. وهذا العدد فيما بين ما يبيض بيضتين وما يبيض كثيرا. وهو بين ان غذاء اجساد ما يكثر البيض والولد يميل ويتغير ويصير زرعا. وبيان ذلك من قبل الاعراض التى تعرض، فان الشجر الذى يكثر حمل الثمر جدا ييبس بعد ذلك الحمل اذا لم يبقى للجسد غذاء، وكلما كان من النبات الذى يحمل حمل سنة يشبه ان يلقى ذلك، مثل الحبوب والحنطة وجميع التى تشبه هذه، لأن الغذاء كله يفنى فى الزرع. واجناس هذه الاشياء كثيرة الزرع. وبعض الدجاج يبيض بيضا كثيرا جدا وربما باضت بيضتين فى يوم واحد فيهلل بعد ذلك عاجلا.*** فهذا العرض <يعرض> للطير والشجر بنوع واحد فهذه الآفة تكون من فضلة خروج الزرع. وهذه الآفة علة قلة ولاد رحم الاسد ايضا، فان اللبوة تضع اولا خمسة او ستة جراء ثم تضع اربعة ثم ثلائة جراء ثم اثنين حتى تنتهى الى واحد***، وانما يكون ذلك لأن الغذاء يفنى فى فضلة الزرع واذا جاز الشباب وقل الزرع وقفت من الولاد البتة. وفى بعض الطير يكون البيض الذى يسمى بيض الريح كما قلنا فيما سلف. فقد بينا العلة التى من اجلها يكون بعض الطير كثير البيض وبعضه قليل البيض. وانما يكون بيض الريح، كما قلنا فيما سلف، لحال الهيولى الزرعية التى تكون فى الاناث، وليس يعرض لشىء من اجناس الطير خروج طمث كما يعرض للحيوان الدمى، فان خروج الطمث يعرض له جميعا ولبعض يخرج اكثر ولبعض اقل، وربما عرض للحيوان كثرة خروج طمث حتى يظهر ذلك ظهورا بينا. وليس يعرض هذا العرض للسمك ايضا كما لا يعرض للطير. ولذلك يكون فى اجواف بعض السمك حمل بغير سفاد كما يكون فى بعض الطير، غير ان ذلك ليس هو فى السمك بينا كما يستبين فى الطير، لأن طباع السمل ابرد. وخروج الطمث الذى يعرض للحيوان الذى يلد حيوانا يكون*** فى ازمان حركة الفضلة <و>لأن المكان الذى يقرب من الحجاب حار يعظم ما يحمل على مثل هذه الحال <و>يكون له حمل ولا يكون تاما فى الولاد، وكذلك يعرض للسمك، ولا يمكن ان يكون الحمل تاما موافقا للولاد بغير زرع الذكر. وقد ذكرنا علة ذلك فيما سلف. وليس يكون بيض الريح فى الطير الجيد الطيران للعلة التى هى فهى اعنى العلة التى من اجلها لا يبيض بيضا كثيرا ايضا. والفضلة التى فى اجساد الطير المعقف المخاليب قليلة ولذلك تحتاج الاناث الى الذكورة لحال تهيج خروج الفضلة. والبيض الذى يكون من الريح اكثر من البيض الموافق لولاد الفراخ، وجسمه اصغر لعلة واحدة هى فهى، لأنه يكون اصغر عظما من قبل انه ليس بتام ولكثرة العدد يكون اقل لذة فى الاكل*** من اجل ان النضج فى جميع الاشياء احلا واعذب واطيب من غيره. وقد ظهر لنا ظهورا فيه كفاية انه لا يتم بيض الطير ولا بيض السمك ولا يكون موافقا للولاد بغير الذكورة. وقد قلنا فيما سلف انه يكون فى بعض اناث السمك حمل بغير ذكورة وليس ذلك بينا فى السمك كما هو بين فى الطير. وقد ظهر هذا العرض فى السمك النهرى الذى يسمى باليونانية اروترينو، فان هذا الجنس يظهر من ساعته وفيه بيض كما قلنا فيما سلف من اقاويلنا. وبقول كلى البيض الذى يكون فى الطير من السفاد لا يقبل النشو اكثر ذلك إن لم تسفد الانثى سفادا ملحا متتابعا. وعلة ذلك مثل ما يحدث خروج طمث النساء لدنوهن من الرجال، لأن الرحم اذا سخن جذب الرطوبة والسبل تنفتح. وهذا العرض يعرض للطير اذا مالت الفضلة الطمثية الى الرحم قليلا قليلا ولم تخرج خارجا لقلتها ولأن ارحام الطير فوق عند الحجاب، فهذه الفضلة تصير الى الرحم وتحتبس فيه. وينشو البيض كما ينشو جنين الحيوان الذى يلد حيوانا لقبوله الغذاء الذى يصير الى الرحم من قبل السرة. فاما اذا سفد الطير مرة واحدة يكون فيه ابدا بيض ويكون صغيرا جدا. ولذلك قال بعض الناس ان بيض الريح يكون من بقية سفاد. وذلك كذب لأنا قد عاينا معاينة فيها كفاية فرارج دجاج ووز صغير فيه بيض الريح من غير سفاد. وايضا اناث القبج التى لم تسفد والتى تسفد*** اذا شمت ريح الذكورة و سمعت اصواتها امتلت اجوافها بيضا، ومنها ما يبيض بيضا بغتة. وسرعة خروج البيض للعلة التى ذكرنا <اعنى> للعرض الذى يعرض للناس وللحيوان الذى له اربعة ارجل، فانه اذا كانت الاجساد هايجة مشتاقة الى السفاد منها ما تعاين ومنها ما تمس مسا يسيرا وتفضى زرعا. وهذه الاصناف من اصناف الطير السفادة كثيرة الزرع من قبل الطباع، ولذلك اذا كانت هايجة لا تحتاج <إلا> الى حركة يسيرة حتى تخرج منها الفضلة. ولذلك يكون تقويم بيض <الريح> فى الطير الذى لم تسفد، وينشو ويتم بيض ما يسفد عاجلا. فاما الحيوان الذى يبيض بيضا خارجا فالطير يبيض بيضا تاما والسمك يبيض غير تام ولكنه ينشو خارجا كما قلنا فيما سلف. وعلة ذلك من قبل ان جنس السمك كثير البيض. فلم يكن ممكنا ان يقبل التمام فى داخل الرحم، ولذلك يبيض السمل بيضه خارجا. وخروج ذلك البيض سريع، لأن ارحام الحيوان الذى يبيض بيضا خارجا متصلة للمفاصل وخاصة ارحام السمك. ولبيض الطير لونين ولبيض جميع السمك لون واحد. وانما تكون اللونان من قبل قوة الاعضاء، اعنى العضو الابيض والعضو <الاصفر>. فقد يكون خروج من الدم ايضا من اجل انه لا يمكن ان يبيض بيضا حيوان ليس بدمى، وقد قلنا فيما سلف ان الدم هيولى الاجساد ورددنا هذا القول مرارا شتى. فمنه ما يكون قريبا من منظر <الاشياء> التى تحدث وهو الحار. فاما الجزء الارضى فمنه يكون تقويم الجسد وان كان ابعد من الآخر كثيرا. ولذلك يكون للبيض لونان فابتداء ولاد الحيوان يكون من الابيض، لأن اول النفس فى الحار، فاما الغذاء فهو يكون من الاصفر. وفى الحيوان الذى طباعه اسخن من غيره يكون مفترقا والذى يكون منه الاول والذى منه العذاء، واحدهما ابيض والآخر اصفر، واكثر وانقا من الابيض الارضى. فاما فى الحيوان الذى هو ارطب واقل حرارة فالابيض اكثر وارطب. وهذا العرض يعرض للطير الذى يأوى النقايع، لأن طباع ذلك الطير ارطب وابرد من الطير السيار، ولذلك تكون الصفرة فى مثل هذه الاصناف كثيرة ولونها دون لون غيرها، اعنى اقل صفرة، لأن افتراق البياض من الصفرة اقل من افتراق غيره. وهذا الطير بارد الطباع اكثر من جميع الحيوان الذى يبيض بيضا وهو ايضا ارطب، وجنس السمك مثل هذا، وليس فيه البياض مفترقا لحال الصغر وكثرة الجزء البارد الارضى. ولذلك يكون لجميع بيض السمك لون واحد وهو مثل خلط من الصفرة والبياض. فاما بيض الطير الذى يكون من الريح فله لونان، لأن فيه الجزءين اعنى العضوين الذى منه الاول والذى منه الغذاء، وهذا البيض غير تام لأنه محتاج الى زرع الذكر، فان بيض الريح اذا كان فى الرحم وسفدت الانثى من الذكر يكون ذلك البيض موافقا لخروج الفراخ منه. وليس علة اللونين التى فى جوف البيض الذكر والانثى، من قبل ان اللون الابيض من الذكر واللون الاصفر يكون من الانثى بل اللونان يكونان من الفضلة التى توجد من الانثى ومنها ما هو بارد ومنها ما هو حار. فاذا كانت الحرارة فيها كثيرة افترقت هذه الالوان، واذا كانت الحرارة قليلة لم تقو على الافتراق. ولذلك يكون لون بيض هذه الاصناف واحدا. فاما زرع الذكر فهو يقوم فقط، ولذلك يظهر البيض اولا صغيرا ابيض فى الطير. فاذا مضت به ايام صار كله اصفر لحال خلط كثرة الفضلة الدمية. وعند التمام تخرج الحرارة ويصير الابيض حول الاصفر مثل رطوبة تغلى بنوع واحد فى كل ناحية، لأن الابيض من الطباع رطب وفيه الحرارة النفسية. ولذلك يفترق ويكون حول الصفرة، فاما الصفرة فهى داخل لأنها ارضية. وإن اخذ احد بيضا كثيرا وكسره وضرب ما فى جوفه ما بعضه ببعض تم وضعه فى مثانة وحركه حركة جيدة ثم انضجه *** وجد الصفرة فى الوسط والبياض محدقا بتلك الصفرة كأنه من بيضة واحدة فقط. فقد وصفنا العلة التى من اجلها يكون لبعض البيض لونان ولبعض لون واحد. 2- والاول الذى يكون من الذكر يفترق فى البيض من الناحية التى يكون البيض فيها ملتام بالرحم، ويكون البيض الذى له لونان غير شبيه بغيره ولا يكون مستديرا على كل حال بل يكون من الناحية الواحدة حادا اكثر من الناحية الأخرى لحال الاختلاف الذى يكون فيه ابدا من قبل الابيض الذى فيه الاول ولحال هذه العلة تكون تلك الناحية اعنى الحادة من البيضة اكثر جساوة من الناحية السفلى، لأنه ينبغى ان يستر ويحفظ الاول الذى فى البيضة [وخارج]. ولذلك تخرج الناحية الحادة من البيضة فى أخرة لأن الناحية العليا الملتامة بالرحم تخرج فى أخرة، وانما تكون ملتامة بالرحم الناحية التى فيها الاول، وينبغى ان يكون الاول فى الناحية الحادة. وبقدر هذا النوع يعرض لبزور الشجر، لأن اول الزرع يكون ملتاما ومنه ما يكون ملتاما بالقضبان ومنه ما يكون ملتاما بالقشور كما يكون فيما يحيط بالثمرات ويحفظها. وذلك بين فى الحبوب التى تؤكل. وحيث يكون انضمام الناحيتين من نواحى الباقلى وما يشبهه من الحبوب هنالك يكون التيام الاول وهنالك ابتداء الزرع. وخليق ان يسأل احد مسألة عويص ويقول بأى نوع يكون نشو البيض من الرحم، فان الحيوان الذى يكون فى الرحم يقبل الغذاء والنشو من السرة، فماذا يقبل البيض ذلك النشو، فان نشو البيض لا يكون مثل نشو الدود من ذاته. فان كان شىء به يلتام البيضة الى الرحم أين يصير اذا تمت البيضة، لأنه لا يخرج معها كما تخرج سرة الحيوان. وانما يكون الخزف الذى يحيط بالبيضة اذا تمت خلقتها. فهذا الطلب طلب مستقيم. وقد خفى على الذين يطلبون هذا الطلب ان الخزف الذى يكون حول البيضة يكون اولا لينا [اعنى بقولى خزف القشر]، فاذا تمت خلقة البيضة يكون ذلك القشر قحلا جاسيا وتلك الجساوة معتدلة ولذلك تخرج البيضة وهى بعد لينة. ولو كانت جاسية جدا لكانت موجعة مؤذية للذى يرج منه. فاذا خرجت جمدت وجست، من ساعتها لأنها تبرد ولاسيما لأن الرطوبة تنفش عاجلا لقلتها، ويبقى الجزء الارضى. فبعض هذا الصفاق يكون فى الابتداء مثل سرة فيما يلى الناحية الحادة من البيضة ويكون منها على بعد اذ كانت البيضة صغيرة وتكون بمنزلة انبوبة. وذلك بين فى البيض الصغير الذى يسقطه الطير، فانه إن اصاب الطير برد او علة اخرى واسقط يكون ذلك البيض دمى اللون وفيه سبيل صغير شبيه بسبيل السرة. فاذا كبر امتد هذا السبيل اكثر ثم يكون اصغر ولا سيما عند التمام. واذا تم يعرض ان تكون الغاية فى ذلك المكان، وتحته الصفاق الذى يميز ما بين الابيض والاصفر. فاذا كملت خلقته صارت البيضة كلها مرسلة. وبحق لا يظهر هذه السبيل الذى يشبه السرة. وانما الطرف طرف الآخر بعينه. خروج البيض يكون على خلاف خروج الحيوان، لأن الحيوان يخرج على الرأس <و>الاول. فاما البيض فكأنه يخرج على الرجلين، وعلة ذلك من قبل انه ملتام بالاول. ويعرض ان يكون ولاد الطير من البيضة اذا جلست الانثى على البيض وسخنته، فان الحيوان يخرج من جزء من اجزاء البيضة ويقبل النشو ويتم من الجزء الباقى، لأن الطباع يصنع هيولى الحيوان فالذى فيه كفاية من الغذاء للنشو فى البيضة معا، من قبل ان الطير لا يقوى على ان يتم خلقة ما يحمل فى جوفه، حتى يصير غذاء لحيوان معه. فاما الحيوان الذى يلد حيوانا فغذاؤه يكون فى عضو آخر اعنى بقولى غذاؤه اللبن الذى يكون فى الثديين. والطباع يهيئ غذاء الفراخ التى تخرج من البيض فيه وذلك على خلاف ما يظن الناس وخلاف قول القنيون الذى كان من قروطونيا، لأنه ليس الابيض يكون مثل لبن بل الاصفر، ومنه يكون غذاء الفراخ. فاما القنيون واصحابه فانهم يظنون ان الذى مثل اللبن الابيض لحال شبه اللون. فالفرخ يكون من جلوس الدجاجة على البيضة وإسخانها إياها كما قلنا فيما سلف. وذلك فى الزمان الموافق والمكان الدفئ، فانه اذا كان ذلك سخن البيض من ذاته ويخرج فراخ، وكذلك يعرض لجميع بيض الحيوان الذى له اربعة ارجل ويبيض بيضا، لأن هذا الصنف كله يبيض على الارض فيسخن ذلك البيض من الحرارة التى فى الارض. وما كان منه متعاهدا لبيضه رابضا عليه فهو يفعل ذلك لحال الحفظ وليس لحال دفاه. فبهذا النوع يكون بيض الطير وبيض الحيوان الذى له اربعة ارجل جاسى القشر فى داخله لونان، وتقويمه قريب من الحجاب مثل تقويم بيض الطير، وهذه الاعراض جميعا تعرض من داخل وخارج فالرأى واحد فى علة جميع ما وصفناه. وبيض الحيوان الذى له اربعة ارجل يسخن ويبلغ من قبل دفاء الزمان لحال قوته، فاما بيض الطير فلقلة دفائه ولحال ضعفه يحتاج الى السخونة والدفاء الذى يكون من الا م. والطباع يشبه ان يهيئ حاجة كل مولود ويصير حس مدبر فى كل حيوان يلد او يبيض. ويهيئ ذلك فى الحيوان الاردى فى منتهى الولاد فقط، وفى ساير الحيوان الى وقت التمام. وما كان من الحيوان احلم فهو يعنى بغذاء وتعاهد ما يلد ايضا، وبعد التمام يبقى فيما بين الوالدين والولد مودة وصداقة كما يكون فى الناس. فذلك ايضا يكون فى بعض الحيوان الذى له اربعة ارجل، فاما الطير فهو يفعل ذلك الى وقت الولاد والتربية. ومن اجل هذه العلة اذا لم تجلس الاناث على البيض الذى تبيض تسوء حالها وتتغير كأنها تعدم الشىء من الاشياء التى تولد معها. والفراخ تتم فى البيض عاجلا فى الايام الدفئة، لأن الزمان والدفاء يعين على نضوج وبلوغ الخلقة***. والاناث تفعل ذلك لأنها تعنى بتنبئ الزمان الموافق لجلوسها على البيض. والبيض يفسد ويكون رديئا فى الزمان الحار الدفئ، وذلك يعرض بحق. ومثل هذا العرض يعرض للشراب فى الزمان الحار فانه يحمض اذا تحرك وانقلب ثقله، ولهذه العلة يفسد البيض لأن الصفرة التى فيها تتغير. وانما يكون ذلك فى كليهما من قبل الجزء الارضى، ومن اجل ذلك يتكدر الشراب اذا خالطه الثفل، وما يفسد من البيض انما يفسد من قبل المح. فبحق يعرض هذا العرض للاصناف التى تبيض بيضا كثيرا، لأنه ليس بهين ان تصير فى جميع البيض حرارة فيها كفاية، بل تكون فى بعض البيض ناقصة وفى بعضها زايدة ولذلك يتحرك الثفل ويكدر الكل لأنه يعفنه. فاما الطير المعقف المخاليب فهو يبيض بيضا قليلا، وهذا العرض يعرض له ليس بدون ما يعرض لغيره، فانه يبيض بيضتين او بيضة واحدة ومرارا شتى توجد البيضة الواحدة فاسدة***. وذلك من قبل ان هذا الصنف من اصناف الطير حار الطباع فهو يصير الرطوبة التى فى البيض كأنها تغلى. وطباع الصفرة اعنى المح على خلاف طباع البياض. ولذلك تجمد الصفرة فى زمان البرد، واذا سخنت ترطبت. ولهذه العلة تترطب ايضا اذا كانت فى الارض وسخنت، ولذلك يكون هذا المح غذاء الحيوان الذى يتقوم فى جوف البيضة. فاما اذا حمى او شوى المح فليس يكون جاسيا لأن طباعه ارضى مثل الموم. ولذلك يكون لينا اذا سخن ودفئ، فاما اذا اصابته رطوبة من فضلة الرطوبات فهو يرق ويفسد. فاما بياض البيضة فليس يجمد من البرد بل يترطب اكثر، وقد ذكرنا علة ذلك فيما سلف. فاما اذا حمى يكون صلبا. وعند ولاد الفراخ يثخن ويغلظ، لأن تقويم الحيوان يكون منه، فاما الصفرة اعنى المح فهو يكون غذاء الفراخ وغذاء الاعضاء التى يحدث تقويمها لأن نشوها منه. ولهذه العلة صار البياض والمح مفترقين بصفاقات تفرق ما بينهما لحال اختلاف الطباع. ومن اراد علم ذلك يقينا وبنوع لطيف اعنى كيف حال هذه الاشياء عند ابتداء الولاد وكيف قياس بعضها الى بعض وبعد تقويم الحيوان وحال الصفاقات وحال السرة فليعلم ذلك من الاقاويل التى وصفنا فى خلقة ومناظر الحيوان. فاما فيما نطالب من النظر والفحص حيننا هذا فانا نكتفى بهذا البيان والايضاح ان اول ما يكون من الاعضاء تقويم القلب والعرق العظيم، ومن ذلك العرق تتشعب وتخرج وتمتد سرتان، وتأخذ الواحدة الى الصفاق المحيط بالصفرة، والاخرى الى الصفاق الذى يشبه المشيمة وهو الصفاق المحدق بالحيوان. وهو تحت صفاق الخزف اعنى القشر. فبالسرة الواحدة يأخذ الفرخ غذاء من المح، والمح يكون فى ذلك اكثر، لانه يكون ارطب لحال الحرارة التى تصيبه، ولأن الغذاء جسدانى ينبغى ان يترطب [المح] كما يعرض لغذاء الشجر. <و> اول حياة ما يخلق من البيض وما يخلق من الحيوان شبيه بحياة الشجر، لأنه يقبل الغذاء اليها من الذى هو به ملتام ومنه يكون نشوه. فاما السرة الاخرى فانها تمتد وتنتهى الى الصفاق المحدق بالفرخ الذى يشبه مشيمة.*** فحال المح الذى فى البيضة كحال الام التى منها يكون غذاء الجنين الذى فى رحمها اذا كان فى الرحم، ولأن البيض الذى يباض لا يغذا فى البطن صار فيه جزء موافق لغذاء الفرخ. والصفاق الخارج دمى لأن حاله مثل حال الرحم. وحول المح والمشيمة قشر البيضة وهو شبيه بالصفاق المحيط بالرحم، كأنه سترة تستر الجنين والام. وهو على مثل هذه الحال لأنه ينبغى ان يكون الجنين فى الرحم وفى جوف الام ليكون محفوظا. ففى الحيوان الذى يلد حيوانا يكون الرحم فى جوف الام، فاما فى الحيوان الذى يبيض بيضا فعلى خلاف ذلك، كقول انسان ان الرحم هو الام. لأنه من المح يكون غذاء الفرخ مثل غذاء الجنين الذى يكون من الام. وعلة ذلك من قبل ان الغذاء ليس فى الام. فاذا نشا الفرخ ضمرت السرة وتواقع بعضها على بعض قريبا من المشيمة لأنه ينبغى ان يخرج الحيوان من هناك، فاما بقية المح والصرة التى تنتهى الى المح فهو يخرج اخيرا، لأنه ينبغى ان يكون للمولود غذاء من ساعته، لأنه ليس من الام غذاء ولا يقوى ان يكسب الغذاء بذاته من ساعته. ولذلك يكون المح داخلا مع السرة وينبت اللحم حول، ذلك. فبهذا النوع يكون الحيوان الذى يخلق من البيض التام الذى يباض من الطير والحيوان الذى له اربعة ارجل اعنى كل حيوان يبيض البيض وهو جاسى القشر. وهذه الاشياء بينة ظاهرة فيما كبر من الحيوان، فاما فيما صغر منها فهو خفى لحال صغر الجسم. 3- وايضا جنس السمك يبيض بيضا. فما كان من السمك الذى رحمه فى الناحية السفلى فهو يبيض بيضا غير تام لحال العلة التى ذكرنا فيما سلف، فاما السمك الذى يسمى باليونانية صلاشى فهو يبيض داخلا فى جوفه بيضة تامة ويلد خارجا حيوانا ما خلا الصنف الذى يسمى ضفدع، فانه يبيض خارجا بيضا تاما واحده فقط. وعلة ذلك طباع الجسد، لأن فى رأسه مثل اضعاف ساير جثته ورأسه شوكى خشن جدا. ولذلك لا يقبل فراخه فى أخرة ولا يلد حيوانا فى اول ما يلد، من اجل ان عظم رأسه وخشونته مانعين ذلك، فكما يمنع الفراخ من الخروج كذلك يمنع من الدخول، ومن اجل ان بيض جميع الحيوان الذى يشبه الصنف الذى يسمى صلاشى لين، لأنه لا يمكن ان ييبس ويجسو ما خارج، لأنه ابرد من بيض الطير يبقى لينا على حاله. فاما بيض الضفادع فهو جاسى قوى فقط لحال السلامة التى يحتاج اليها من خارج. فاما ساير هذه الاصناف فطباعه لين لأنه كله يستر فى داخل الجسد الذى منه خرج. فاما ولاد الفراخ الذى يكون من بيض الضفدع ومن البيض الذى يتم خارجا والذى يتم داخل فواحد هو فهو، وفيما بين هذه الاصناف وبيض الطير اختلاف بفصل يكون فى المشابهة. وذلك اولا من قبل انه لا يكون فى هذه البيض الصرة التى تمتد وتنتهى الى المشيمة التى تحت الخزف المحيط بالبيضة، وعلة ذلك من قبل انه ليس لهذا البيض القشر الصلب الذى يشبه الخزف، لأنه ليس له منه منفعة، لأن الام تستره. وانما القشر الصلب حفظ وسترة البيض الذى يخرج خارجا بعد <ال>تمام لحال انواع الضرورة التى تعرض له. وايضا ولاد الفرخ يكون فى هذه الاصناف من طرف البيضة وليس من الناحية التى بها يلتام الى الرحم. فاما اصناف فراخ الطير فهى تكون من الناحية الحادة اعنى الناحية التى بها كان البيض يلتام بالرحم. وعلة ذلك من قبل ان بيض الطير يفارق الرحم، وبيض هذه الاصناف لا يفارق الرحم على كل حال اعنى انه ليس جميع بيض هذه الاصناف تفارق بل بيض اكثرها ملتام بالرحم ويكون البيض تاما. فالفرخ يكون فى الطرف ويفنى ما فى البيض كما يفنى ما فى بيض الطير وساير البيض المرسل، وفى أخرة تكون الصرة ملتامة بالرحم وذلك فى البيض التام. وعلى مثل هذه الحال يكون البيض المرسل من الرحم. وفى بعض هذه اصناف اذا تمت خلقة البيضة تكون مخلاة. وخليق ان يسأل احد مسألة عويص ويقول بماذا يكون اختلاف الولاد فى اجناس الطير إن كان ولاد السمك بمثل هذا النوع ايضا. فنجيبه ونقول ان الاختلاف يكون من قبل ان البياض والمح الذى فى بيض الطير مفترقة، وبيض السمك متفق باللون، لأنه ليس له إلا لون واحد، وهو مختلط فى كل ناحية. فليس شىء يمنع ان يكون اول الخلقة على خلاف ذلك، لأنه ليس بثابت بل هو ملتام وفى المكان الذى هو قبالة المكان الذى وصفنا. فاما الغذاء فهو يجذبه من الرحم بأيسر المؤنة. وذلك بين فى البيض الذى ليس بمرسل من الرحم، فان بيض بعض الصنف الذى يسمى سالاشى لا يوجد مرسلا من الرحم بل يكون متصلا بما بعد الرحم وهو يصير الى الناحية السفلى لكى يولد منه حيوان، وذلك فى البيض الذى اذا تمت خلقة الحيوان الذى فيه صارت صرته مرسلة من الرحم، لأن الرطوبة التى فى البيضة قد فنيت. وهو بين مما قلنا فيما سلف ان سبل البيضة تكون مثل سبيل الجنين التى فى الرحم. وذلك يعرض كما وصفنا خاصة فى صنف الحيوان الذى يسمى باليونانية غالاو الاملس. فبهذا النوع يختلف ولاد الطير وولاد السمك لحال العلل التى ذكرنا، فاما ساير ما وصفنا فهو يعرض بفن واحد. لأن الصرة الاخرى تكون فيها كما يكون فى بيض الطير قربا من المح وكذلك يكون فى جميع بيض السمك، لأنه لا يكون بعض ما فى بيض السمك ابيض وبعضه اصفر بل كله على لون واحد، ومنها يغذا، واذا فنى نبت حوله لحم من كل ناحية بنوع واحد. فعلى هذه الحال يكون الولاد من بيض الحيوان الذى يبيض فى جوفه بيضا تاما ويلد خارجا حيوانا. 4- فاما كثرة ساير السمك فهو يبيض خارجا بيضا غير تام ما خلا الصنف الذى يسمى ضفدع، فاما السمك فيلد بيضا غير تام. وقد وصفنا علة ذلك فيما سلف. ولخصنا علة البيض الذى يخرج غير تام. وولادة الفراخ تكون من هذا البيض بنوع واحد كما*** يكون من البيض الذى يباض فى جوف الحيوان، ونشو هذا البيض سريع لأنه يعظم عاجلا بعد صغره، والناحية التى هى اجسا آخر البيضة. فاما نشو البيض فهى تشبه نشو الدود، فان الحيوان الذى يلد دودا انما يلده وهو صغير جدا ثم ينشو عاجلا من ذاته وليس من التيامه الى غيره. وعلة ذلك شبيهة بعلة الخمير، فان الخمير يربو ويعظم بعدما يكون قليلا وذلك لأن الصلب الذى فيه يرطب وتمتلى تلك الرطوبة ريحا. وانما يخلق ما ذكرنا من الدود بطباع حرارة النفس التى فى الحيوان، فاما فى الخمير <ف>يكون من قبل الحرارة التى تتمزج مع الرطوبة. فالبيض ينشو باضطرار لحال هذه العلة، لأن فيه فضلة شبيهة بالخمير، وذلك لما هو امثل. وليس يمكن ان يكون نشو الفراخ فى الارحام اعنى كل النشو لحال كثرة بيض هذا الحيوان. ولذلك يبيض بيضا صغيرا جدا وينشو عاجلا، والبيض يكون صغيرا لحال ضيق الرحم وكثرة البيض، فاما نشوه فهو يكون عاجلا لكى لا يزمن ويبلى بالجنس وان كان يبلى كثير من بيض السمك. ولحال هذه العلة صار جنس السمك كثير البيض، فان الطباع بكثرة البيض يضاد الفساد الذى يعرض له من خارج. ومن اجناس السمك ما ينشق قبل ان يبيض بيضه مثل الجنس الذى يسمى ابرة لحال كبر البيض. وبيض هذا الجنس كبير بدل على الكثرة، لأن الطباع ما يقصر من الكثرة زاد على العظم. فقد وصفنا العلة التى من اجلها ينشو هذا البيض عاجلا. ه - والعلامة الدليلة على ان اجناس هذا السمك يبيض بيضا من قبل ان السمك الذى يلد حيوانا يبيض اولا فى جوفه، مثل اصناف التى تشبه الحيوان الذى يسمى باليونانية صالاشى، فانه يبيض فى جوفه اولا. وهو بين ان كل جنس من اجناس السمك يبيض. ليس يتم شىء من هذا البيض حتى يخرج فى الظاهر اعنى بيض الاجناس التى فيها ذكر وانثى، فاذا خرج البيض من الاناث تبعته الذكورة وأنضحت عليه زرعها لينشو. ومن الناس من يزعم ان جميع السمك اناث ما خلا الاصناف التى تشبه الجنس الذى يسمى باليونانية صالاخى وقولهم خطأ، فانهم يظنون ان بين الاناث وبين التى يظن انها ذكورة اختلافا مثل الاختلاف الذى فى الشجر الذى بعضه مثمر وبعضه لا يثمر، مثل الزيتون البرى والتين البرى. وكذلك السمك ما خلا ما يشبه الصنف الذى يسمى سالاخى، فانهم لا يشكون ان فى هذا الصنف اناث وذكورة. ونحن نعلم ان اناث وذكورة ساير السمك على مثل هذه الحال وسبلها التى فيها الزرع مثل سبل الذى يشبه الصنف الذى يسمى صالاخى. واذا كان زمان السفاد يظهر الزرع فى ذكورة السمك الذى يبيض بيضا واذا عرضت تلك السبل يخرج منها زرع. وفى الاناث ارحام بينة، وينبغى ان <لا> يكون الارحام فى اجناس التى تبيض بيضا قليلا فقط بل فى ساير الاجناس ايضا. وتكون ارحام ما يبيض بيضا مختلفة مثل الاختلاف الذى يكون بين ارحام البغال وبين جنس الدواب الكثير الشعر فى الاذناب. وفى السمك ما لا يبيض كما قلنا فيما سلف بل يتولد من ذاته. فاما اجناس جميع السمك التى فيها الذكورة والاناث ففى الذكورة يوجد زرع وفى الاناث ارحام وذلك بين فى جميعها ما خلا جنسين الجنس الذى يسمى باليونانية اروترنوس والجنس الذى يسمى باليونانية خنس. فهذا الاختلاف الذى بينهما. وللذكورة اوعية يكون فيها زرع وللاناث ارحام. وحل مسألة العويص التى من اجلها يظنون هذا الظن يسير هين عليهم اذا سمعوا ما يعرض. فانهم يزعمون انه لا يمكن ان يلد ولدا كثيرا من الحيوان الذى يسفد، وقولهم فى ذلك صواب، من اجل ان جميع الاجناس التى تلد حيوانا او يبيض بيضا <تاما> لا تكثر الولاد ولا البيض مثل ما يكثر الحيوان الذى يبيض كثرة بيض صغير***. ولكن لم يفكروا ان بيض السمك على خلاف بيض الطير، لأن ما كان من الطير والحيوان الذى له اربعة ارجل وكل ما يبيض وكلما كان من الاجناس التى تشبه الحيوان الذى يسمى صلا شى انما يبيض بيضا تاما، لا يقبل نشوا بعد خروجه الى الهواء، فاما السمك فهو يبيض بيضا غير تام وينشو خارجا عاجلا. وايضا مثل هذا النوع يعرض للحيوان اللين الخزف والحيوان الذى يسمى مالاقيا، وهذه الاصناف تسفد بعضها بعضا سفادا بينا وان لم يكن ذلك معروفا لكل لأنها لا تفعل ما ذكرنا إلا بعد زمان كثير. والذكر والانثى فيها معروفة لأن للاناث ارحام ويوجد فيها بيض. وليس هو من الصواب ان <لا> يطلب هذا الفصل بعينه فى جميع الاجناس ولا هذه القوة مثل ما يطلب فى الحيوان الذى يلد حيوانا. فان جميع تلك الاجناس تعرف الذكر والانثى. وانما علة جهل الذين يزعمون خلاف ما ذكرنا قلة معرفتهم بالفصول فانها كثيرة مختلفة اعنى فصول سفاد هذه الاصناف واجناسها. وانما نظروا الى القليل منها وظنوا ان حال جميعها واحدة متشابهة. ومن اجل ذلك الذين يزعمون ان اناث السمك تبتلع زرع الذكورة مخطئين، لأنه فى زمان واحد يوجد الزرع فى الذكورة والبيض فى الاناث، وكلما قربت الانثى من الزمان الذى فيه تبيض كان البيض اكثر وزرع الذكر اكثر ايضا. فنشو زرع الذكر ونشو بيض الانثى يكون فى زمان واحد متفق، وكذلك يعرض ما يعرض من الطباع. وليس تبيض الاناث بغتة بل رويدا رويدا، ولا الذكورة تلقى الزرع بغتة بل رويدا رويدا. وهذه الاعراض كلها تعرض بنوع صواب. وكما يعرض لجنس الطير اعنى انه يكون فى بعض الاناث بيض الريح وذلك قليل وفى الفرط، ويكون البيض الذى من السفاد كثيرا ومرارا شتى، كذلك يعرض لجنس السمك***. والبيض الذى يكون فى السمك من ذاته غير موافق ليتولد منه شىء ما خلا البيض الذى ينضح عليه الذكر زرعا***. ولأن الطير يبيض بيضا تاما يبقى غير موافق للولاد وذلك يعرض له باضطرار. فاما بيض السمك فهو بيض غير تام ويقبل النشو خارجا، فاذا نضح عليه الذكر زرعا اخذ قوته وكان موافقا للولاد، وبهذا النوع يفنى زرع للذكورة. ولذلك يفنى زرع الذكورة مع بيض الاناث، لأن الذكر ابدا يتبع البيض وينضح عليه الزرع. فهو بين ان فى جميع اصناف السمك ذكورة واناث*** ما خلا الاجناس التى ليس فيها هذا الفصل معروفا اعنى الذكر والانثى، وذلك ان اول الولاد والكينونة كان من ذاته. ومما يعينهم على الضلالة وخطأ القول سرعة سفاد السمك. ولذلك يخفى سفاد كثير منها على الصيادين ايضا، لأنه ليس فيهم احد يتحفظ ذلك ويرصده لحال العلم والمعرفة وعلى ذلك قد ظهر سفادها غير مرة. والدلافين تسفد بعضها بعضا بدنو بعضها من بعض كما يسفد السمك الذى يمنعه الذنب، من استمكان للمجامعة،، وافتراق الدلافين ازمن فاما افتراق اصناف هذا السمك وامثاله فهو سريع. ولذلك لا يعاينه كثير من الناس. فاما ما قال بعض الناس عن ابتلاع الزرع والبيض فكثير من الصيادين يقول مثل قولهم لأن هذا القول عام، وهو كذب كما قال ارودطوس الذى كتب الامثال، فانه يزعم ان السمك يحمل من ابتلاع الزرع. ولم يفكر فى ذلك انه مما لا يستطاع ولا يمكن، لأن الزرع الذى يدخل فى الفم يصير الى البطن ولا يصير الى الارحام. فكل ما يصير الى البطن باضطرار يكون غذاء، لأنه ينطبخ وينضج، فاما الارحام فهى تظهر مملوة بيضا، فمن اين دخل ذلك البيض هناك. 6- وكذلك يقال فى ولاد اصناف بعض الطير، فان من الناس من يزعم ان الغربان والطير الذى يسمى باليونانية ايبيس يسفد بعضها بعضا بأفواهها وبعض الحيوان الذى له اربعة ارجل مثل ابن عرس وغيره. وبمثل هذا القول يقول انكساغوراس وناس أخر من اصحاب العلم الطباعى، وانما يقولون هذا القول بنوع انبساط وخفة عقل وقلة نظر فى الاشياء، وظنهم هذا الذى ظنوا على الطير من قبل ان هذه الاصناف مما لا يظهر سفادها إلا فى الفرط ولا سيما سفاد جميع الغربان. وقد عاينوا الغربان كأنها تقبل بعضها بعضا فظنوا ان ذلك من انواع السفاد ولا سيما لأنها تفعل هذا الفعل مرارا شتى اعنى جميع اجناس الغربان. وذلك بين فيما برى فى البيوت من جنس الشرقرق، فانه يفعل مثل هذا الفعل وجنس الحمام كمثل، ولكن سفاد الحمام ظاهر ولذلك لا يظنوا به مثل ما يظنوا بغيره. فاما جنس الغربان فليس يكثر السفاد، لأنه من الاصناف التى تقل الولاد. وقد ظهر سفاد الغربان لغير واحد ايضا. فاما تركهم الفكرة فى ذلك وكيف يجىء الزرع الى الرحم ويمر بالبطن الذى ينضج كلما يقع فيه كما ينضج الطعام فهو من الخطأ. ولهذه الاصناف من اصناف الطير ارحام والبيض يظهر فى الاناث تحت الحجاب. ولابن عرس ايضا رحم كما لساير الحيوان الذى له اربعة ارجل، ومن ذلك الرحم يخرج جراؤه، ولكن لأن انثى ابن عرس تضع جراء صغارا جدا مثل ساير الحيوان المشقوق الرجلين يظن به هذا الظن ، وهى تحمل جراءها وتنقلها من مكان الى مكان مرارا شتى، وهذا ايضا مما اعانهم على خطأهم. والذين يذكرون عن الطير الذى يسمى باليونانية اطروشيلوس وعن الضبع كذبة فى قولهم ايضا. فان اردورس الذى كان من هرقلة يذكر ان للضبع عضوين اعنى عضو ذكر وعضو انثى وان الذى يسمى اطروشيلوس يسفد ذاته وأن الضبع يسفد ويسفد فى كل عام على خلاف. وقد عوينت الضبع وله عضو ذكر فى الاماكن التى تكثر فيها، وانما ظنوا ذلك الذين ظنوا عن الضبع من قبل ان تحت الذنب خط شبيه بشق عضو الانثى. وذلك الخط موجود فى ذكورة الضبع واناثها، والذكورة تصاد اكثر من الاناث. فلحال الخط ظنوا هذا الظن عن الضبع. وقد اكتفينا بما ذكرنا من حال هذه الاصناف. 7- وخليق ان يسأل احد مسألة عويص عن ولاد السمك ويقول لأى علة لا تظهر اناث اصناف الحيوان الذى يسمى صالاشى تبيض ولا الذكورة تلقى زرعا وجميع الحيوان الذى لا يلد حيوانا يفعل ذلك اعنى ان الاناث تبيض بيضا والذكورة تلقى زرعا. ونقول ان علة ذلك من قبل ان هذا الجنس ليس يكثر الزرع البتة اعنى جنس الذى يسمى صلاشى. وانما ارحام اناثها تحت الحجاب. وفى ذكورتها وذكورة غيرها اختلاف وفى اناثها واناث غيرها اختلاف ايضا، والوانها شبيه بالوان الزرع***. والبيض موجود فى اناثها والزرع فى ذكورتها، وزرع ذكورتها اكثر مما يحتاج اليه لحال السفاد. وخليق ان يكون الطباع فعل ذلك لنضح الزرع على البيض الذى تبيض الاناث ونشوه وجودة تقويمه. وكما ذكرنا فيما سلف من قولنا وما ذكرنا ايضا بيض الطير يتم فى اجواف الاناث. فاما بيض السمك فهو يتم خارجا. والعرض الذى يعرض لبيض السمك مثل العرض الذى يعرض للحيوان الذى يلد دودا، فان ما يولد من ذلك الدود يكون غير تام ثم يتم وينشو خارجا. وانما يكون كمال بيض الطير وبيض السمك من قبل الذكورة، ولكن تمام بيض الطير يكون داخلا وتمام بيض السمك يكون خارجا لأنه يباض غير تام، والعرض الذى يعرض لهذين الجنسين ملايم متشابه. وربما يكون بيض الريح موافقا لولاد اذا سفدت الانثى وذلك البيض فى الرحم، واذا كان فى رحم الانثى بيض من سفاد ذكر ثم سفدها ذكر آخر من غير ذلك الجنس غير طباع ذلك البيض وصار طباعه مثل الذى سفده فى أخرة. واذا كان فى رحم الانثى ولم يسفدها الذكر لم ينشو البيض النشو الذى ينبغى، واذا سفدت الانثى كان نشو البيض عاجلا. وليس يكون ذلك فى كل زمان، بل اذا كان السفاد قبل ان يتغير ما فى داخل البيض الى لون البياض. ولم يظهر شىء مثل هذا محدودا فى حمل السمك بل تبيض اناث السمك ثم تنضح الذكورة على ذلك البيض زرعا ليسلم عاجلا. وعلة ذلك من قبل انه ليس داخل البيض لونان. ولذلك ليس لها زمان محدود مثل زمان الطير. وبحق عرض هذا العرض، لأنه اذا كان البياض مفترقا والمح ايضا مفترق وكان كل واحد منهما منفردا بذاته يكون فى البيض الاول الذى يصير اليه من الذكر، وبهذا النوع يكون موافقة زرع الذكر. فاما بيض الريح فانه ينشو ويخلق حتى ينتهى الى الامر الذى يمكن. وليس مما يستطاع ان يكون تمامه فى جوف الحيوان، لأنه محتاج الى حس، فاما قوة النفس المغذية فهو فى الاناث وفى جميع ما يعيش ويقال ان له حياة، كما قلنا مرارا شتى. ولذلك يكون هذا البيض تاما مثل حمل شجرة ولا يكون تاما مثل حمل يكون من حيوان. ولو لم يكن ذكر فى هذه الاجناس لكان ممكنا ان يتولد من هذا البيض شىء كما يتولد من بيض السمك إن كان فيه جنس مثل هذا قوى على ان يلد شىء بغير ذكر. وقد قلنا فى هذه الاشياء فيما سلف ما فيه كفاية وبينا ان هذا لم يعاين بعد معاينة يوثق بها. فاما حيننا هذا فانا نعلم ان فى اجناس جميع الطير اناث وذكورة، فبأنه مثل شجرة صار تاما، ولذلك لا يتغير ايضا من السفاد، وبانه ليس بشجرة لا يتم، ولا يخرج منه حيوان آخر البتة. فليس مثل شجرة بقول مبسوط ولا هو مثل حيوان يكون من سفاد. فاما البيض الذى يكون من سفاد ويتغير ما فى داخله الى البياض فان الفرخ الذى يخرج منه يكون مثل الاول الذى يسفد، لأن فيه اوايل النوعين. 8- بمثل هذا الفن يكون ولاد الحيوان الذى يسمى مالاقيا مثل الصنف الذى يسمى باليونانية سيبيا وما يشبهه، والحيوان اللين الخزف مثل الذى يسمى قارابو او ما كان بالجنس مناسبا لهذا الصنف، فانها تبيض هذه ايضا من سفاد وقد عوينت ذكورتها تسفد الاناث مرارا شتى. فالذين يزعمون ان جميع السمك اناث وانها لا تكون من سفاد مخطئون، لأنهم قالوا خلاف الامر الظاهر والمعاينة. والقول ان هذه الاصناف تكون من سفاد وتلك لا تكون من سفاد عجيب وهو دليل على جهل وقلة معرفة، لأن سفاد جميع هذه الاصناف يكون ازمن واكثر لبثا مثل سفاد الحيوان المحزز الجسد وذلك بحق، لأنه ليس لها دم، ولذلك طباعها بارد. وانما تظهر بيضتان فقط فى الصنف الذى يسمى سيبيا والصنف الذى يسمى طاوتيس لأن الرحم مفصل وهو يظهر مشقوقا بشقين. فاما الحيوان الكثير الارجل فليس يظهر له إلا بيضة واحدة. وعلة ذلك شكل جسده اعنى انه مستدير شبيه بكرة. فلذلك يكون الشق خفيا اذا امتلا الرحم بيضا. ورحم الذى يسمى باليونانية قارابوس وجميع الاصناف التى تشبهه مشقوق بشقين. وجميع هذه الاصناف ايضا تبيض بيضا غير تام لحال العلة التى ذكرنا. فما كان من اناث الصنف الذى يسمى قارابو فهو يبيض فى جوفه، ولذلك الاعضاء التى بها يتشبك تكون فى الاناث اعظم من الذكورة، فاما الذكورة فهى تحفظ البيض فقط، فاما الصنف الذى يسمى مالاقيا فهو يبيض خارجا. والذكر ينضح على الاناث زرعا كما تنضح ذكورة السمك على البيض، ويكون ذلك النضح لزجا متصلا يلصق بما يماسه. فاما فى الاصناف التى تشبه قارابو فلم يظهر شىء مثل هذا ولا هو مما ينبغى، لأن البيض يكون تحت الانثى وهو جاسى الجلد وهناك ينشو البيض، فاما بيض الصنف الذى يسمى مالاقيا فهو يبيض خارجا مثل ما يبيض ساير اصناف السمك. وفرخ الصنف الذى يسمى سيبيا يكون ملتاما بالبيضة فى مقدم ناحية الجسد، لأنه لا يمكن ان يكون إلا بمثل هذا النوع فقط. وناحية المقدم والمؤخر متفقة فى موضع واحد. فاما شكل الوضع الذى يكون لكينونته ينبغى ان يعرف من الاقاويل التى وصفنا فى اشكال الحيوان ومناظرها. 9- فقد قلنا ما صلح فى ولد ساير الحيوان الطاير والمشاء <و> الذى يعوم. فاما حيننا هذا فانا نريد ذكر ولاد الحيوان المحزز الجسد والحيوان الخزفى الجلد ويكون مذهبنا فى ذلك مثل المذهب الذى سلف. ونحن نذكر اولا ولاد الحيوان المحزز الجسد. وقد قلنا فيما سلف ان من هذا الصنف ما يتولد من سفاد ومنه ما يتولد من ذاته ومنه ما يلد دودا. وبقدر قول القايل يشبه ان يكون جميع هذا الصنف اولا بنوع من الانواع، لأنه يلد اولا ولدا غير تام وفى جميع الحيوان الذى يلد حيوانا والحيوان الذى يبيض بيضا يكون البيض اولا تاما [والحيوان تام] وانما يقبل البيض النشو وهو بعد غير مفصل. وطباع الدود مثل هذا. فمن الحيوان ما يبيض بيضا تاما ومنه ما يبيض بيضا غير تام ثم يكون تاما خارجا كما وصفنا عن كثير من اصناف السمك. فاما ما يلد حيوانا فى جوفه فبنوع من الانواع بعد التقويم الاول يكون شبيها ببيضة لأن البيضة محتبسة فى صفاق كما يكون البيض الذى يخرج قشره. ولذلك يسمون البيض الذى يباض قبل التمام سقطا وفسادا. فاما الحيوان المحزز الجسد الذى يلد دودا والذى لا يكون من سفاد بل من ذاته فهو يكون اولا من تقويم مثل هذا. وينبغى ان نقول ان الدود الذى يتولد من الكرنب وغيره من البقول من اصناف الدود وما يولد من العنكبوت كمثل. وخليق ان يظن ظان ان ذلك وكثيرا من الاصناف الأخر على خلاف خلقة الدود لحال استدارة اجسادها. ولكن لا ينبغى ان ننظر فى شكلها ولا فى لينها وجساوتها فان من الحيوان ما يلد ولدا جاسيا ومنه ما يلد ولدا لينا، ولكن ينبغى ان ننظر فى الكلية وليس فى جزء من الاجزاء، فان الذى يولد دودا او شكله مثل شكل الدود اذا نشا وعظم وصار شكله مثل بيضة، لأن القشر اعنى الجلد المحيط بها يجسو ويكون فى ذلك الاوان غير متحركة. وذلك بين فى الدود الذى يتولد من النحل ومن الدبر وهو بين ايضا فى الدود الذى يتولد من البقول. وعلة ذلك من قبل ان الطباع كأنه يهيئ خلقة البيضة قبل زمانه لعدم التمام والنقص الذى فيه لأن الدود ينشو ويكون بعد ذلك النشو بيضة لينة. ومثل هذا النوع يعرض لجميع ساير الاصناف التى لا تكون من سفاد اعنى التى تتولد فى صوف او شىء آخر مثل هذا والتى تتولد فى الماء. فان جميع هذه الاصناف بعد ان يكون طباعها طباع دود لا تحرك فاذا يبس القشر المحيط بها وانشق خرجت كما يخرج حيوان تام من حيوان، وخروجه يكون فى الولاد الثالث والطيار منها يكون اكثر من السيار. وبحق يعرض ذلك وهو من الامر العجيب عند كثير من الناس، اعنى ان الدود الذى يتولد من البقول يغذا اولا ثم لا يقبل من الغذاء شيئا بل يبقى غير متحرك مثل الذى يسمى الفراش الذهبى اللون ومن دود الدبر والنحل يكون الذى يسمى عرايس وليس فيها شىء مثل هذا. فاما طباع البيض فانه اذا تم لا ينشو، فاما فى اول خلقته فهو ينشو ويقبل غذاء حتى ينفصل ما فى جوفه ويفترق ويكون بيضا تاما. ومن الدود ما فى ذاته الشىء الذى منه يغذا ويلقى فضلة الغذاء مثل فراخ الدبر والنحل. ومنه ما يأخذ الغذاء من خارج مثل دود البقل واصناف أخر. وقد قلنا فيما سلف لماذا يكون هذه الاصناف ثلاث مرات ولأى علة تبقى غير متحركة اذا افرغت فى اجوافها. وبينا ان منها ما يكون من سفاد كما يكون من الطير <و> الحيوان الذى يلد حيوانا وكثير من السمك ومنه ما يتولد من ذاته مثل النبات الذى ينبت من الارض. 10- فاما ولاد النحل ففيه عسرة وطلب ونظر شديد فان فى بعض السمك ولاد مثل هذا اعنى ولادا بلا سفاد، فيشبه ان يعرض للنحل مثل هذا العرض ايضا، وذلك بين من الاشياء الظاهرة. فانه باضطرار يلزم ان نقول ان النحل يجىء بالزرع من مكان آخر كما يزعم بعض الناس، وذلك [ان] الزرع لا ينبت من ذاته بل حيوان آخر يلده ومنه يكون النحل، او يكون الذى يجلب آخر والذى يلد <آخر>، فان بعض الناس يقول هذا القول ايضا اعنى ان النحل يأخذ زرع الذكورة. ويتولد بغير سفاد او من سفاد. وكل جنس يلد منه من ذاته او جنس واحد يلد ساير الاجناس او يكون من سفاد جنس آخر. فاما نحن فانا نقول ان النحل من النحل يكون اذا سفد بعضها بعضا ويكون من التى تسمى باليونانية قيفيناس مثلها وملوك من الملوك وساير النحل من الصنف الآخر، او يكون كلها من التى تسمى ملوكا ومن التى تسمى قيفيناس والذى يسمى اناث النحل. وقد زعم بعض الناس ان فى النحل اناث وذكورة وزعم بعضهم ان الذكورة التى تسمى قيفيناس وساير ذلك اناث. وجميع هذه الاقاويل مما لا يمكن ان يكون ولا يجوز عند من له فكرة وقياس من شهادات توجد بعضها من الاعراض التى تعرض للنحل خاصة وبعضها من الاعراض المشتركة لساير الحيوان ايضا. فانه ان لم يكن النحل يلد شيئا بل يأتى به من مكان آخر قد كان ينبغى ان يكون نحل وان لم يأتى النحل بالزرع من الاماكن التى فيها يكون. ولماذا اذا نقل الزرع منه ما يكون نحل ومنه ما لا يكون. فانه قد كان ينبغى إن كان نابت فى الازهار من ذاته وان كان من حيوان يلد. وإن كان زرع حيوان آخر وكان النحل قد سفد او لم يسفد لكان من الواجب ان يكون منه ذلك الذى يكون ولا يكون على كل حال نحل. وايضا ينبغى ان يأتى النحل بالعسل، لأنه غذاء، فاما كون الزرع غريبا وليس بغذاء فهو من الخطأ، فانه ينبغى ان نطلب لماذا يأتى به، من اجل ان كل ما يفعل الحيوان اذا ولد ولدا انما يفعله ويتعب ذلك التعب كله لحال ولده. وايضا لا ينبغى ان يكون النحل اناث ولا الذى يسمى بايونانية قيفيناس ذكورة، لأن الطباع لا يصير العضو الذى يخلق لحال القوة للاناث البتة. وقد علمنا ان التى تسمى قيفيناس ليس لها حمة ولجميع اناث النحل حمة. ولا ما يكون على خلاف ذلك بواجب ايضا ان يكون النحل ذكورة والتى تسمى قيفيناس اناث، لأنه ليس لشىء من الذكورة عادة يتعب ويتعاهد الولد، فاما حيننا هذا فانا نرى النحل يفعل ذلك. وبقول كلى نرى ان زرع التى تسمى قيفيناس يكون فى خلايا النحل وإن لم يكن فيها ولا واحد من قيفيناس، فاما زرع النحل فليس يوجد فى الخلايا لغير الملوك، ولذلك يزعم بعض الناس انه انما يجذب زرع قيفيناس فقط. فهو بين ان النحل لا يكون من سفاد ولا من كلى الجنسين اذا تسافدا ولا من النحل والذى يسمى قيفيناس. فليس مما يمكن ان يؤتى بهذا فقط لحال الحجج التى ذكرنا، وليس ذلك واجبا ايضا ان كان العرض الذى يعرض لجميع هذا الجنس واحدا متشابها. وايضا ليس مما يستطاع ان يكون بعض النحل اناث وبعضها ذكورة، لأن فى جميع الاجناس يكون فصل فيما بين الانثى والذكر. فليس ذلك ممكنا ولا لو كان النحل هو يلد ذاته. فاما حيننا هذا فليس يظهر زرع النحل إن لم يكن الملوك فى الخلايا كزعم بعض الناس. فهو مشترك لولاد ما يكون منها ومن التى تسمى قيفيناس***، القول الذى نقول انه لم يظهر شىء من النحل يسفد قط. ولو كان فى النحل ذكر وانثى لعرض ذلك مرارا شتى. فقد بقى ان نقول انه إن كان النحل يتولد من سفاد فهو يتولد من الملوك اذا سفد بعضها بعضا. فاما التى تسمى قيفيناس فهو يظهر فى الخلايا وان لم يكن فيها مدبرين اعنى ملوكا، فليس يمكن ان يأتى النحل بالزرع من مكان آخر ولا يلد هو من سفاد ايضا. فقد بقى ان نقول الامر الذى يظهر لنا اعنى الذى يعرض للسمك، فالنحل يلد بغير سفاد [و]التى تسمى قيفيناس، فهو يلد لأن اكثره اناث وفيها قوة مثل القوة التى تكون فى الشجر اعنى الذكر والانثى. ولذلك فى النحل العضو الذى فيه القوة. وليس ينبغى ان يسمى انثى فى الجنس الذى لا يكون فيه الذكر منفردا مفترقا. وإن كان يظهر ان هذا العرض يعرض ويكون بلا سفاد باضطرار يكون هذا القول بعينه واجبا على النحل والملوك ايضا اعنى انها لا تكون من سفاد. فان كان زرع النحل يظهر فى الخلايا بغير ان تكون فيها الملوك باضطرار يكون النحل من النحل ايضا بغير سفاد. فاما حيننا هذا فانا لا نرى احدا من القوام على النحل يذكر شيئا مما وصفنا، فقد بقى ان نقول ان الملوك والنحل يلد ولدا. <ف> قد علمنا ان هذا يعرض للنحل فولاده ايضا يظهر خاصا له. وقولنا ان النحل يلد بغير سفاد يظهر انه يعرض لحيوان آخر ايضا وانما يلد الجنس ما <لا> يشبهه خاصة، فان الصنف الذى يسمى باليونانية اروترينو يلد اروترينوا ايضا والصنف الذى يسمى خنس يلد خنسا ايضا. وعلة ذلك من قبل ان النحل لا يولد كما يولد الذباب وما يشبهه من الحيوان، بل من آخر غير انها مناسبة ومن جنس واحد، لأنها تكون من الملول. ولذلك فى ولادها ملايمة بنوع من الانواع، لأن الملوك فى العظم تشبه التى تسمى قيفيناس وتشبه النحل لأن لها حمة. فبهذا الفن يشبهها النحل، فاما قيفيناس فهى تشبهها بالعظم. وباضطرار يكون فما بينها فصل إن كان لا يكون ابدا الجنس الذى هو فهو من كل واحد. فان ذلك مما لا يستطاع ولو كان ذلك يمكن لكان جميع الجنس ملوكا. فالنحل يشبه الملوك بالقوة وبالولاد وقيفيناس تشبه الملوك بالعظم. ولو كانت لها حمة لكانت ملوكا. وهذا الذى بقى من مسألة العويص فان الملوك يشبه بالجنسين معا اما لأن لها حمة فهى تشبه النحل ولأن لها عظم تشبه قيفيناس. وباضطرار ينبغى ان تكون الملوك ايضا من شىء. فاذ لا يكون من النحل ولا من قيفيناس وباضطرار يكون النحل من الملوك والملوك ايضا من ذاتها. وانها تكون النقب التى تأوى فيها الملوك فى أخرة. وليس يعرض ان يكون عددها كثيرا. فالملوك تلد ذاتها وتلد جنسا آخر وهو جنس النحل، وقد كان ينبغى ان يلد النحل ايضا جنسا آخر ولكن قد اعدمه الطباع. ولأن جميع ما يعمل الطباع بصدق مرتبة [و]لذلك باضطرار عدم جنس القيفيناس ولاد شىء آخر منها. وهذا يعرض فى الظاهر، لأن القيفيناس تكون من غيرها ولا تلد هى شيئا آخر بل كان للولاد غاية فى العدد الذى هو فهو. فبهذا النوع صار تقويمه من قبل الطباع بنوع صواب بقدر ما تبقى الاجناس ولا يخرج شىء منها الى الافراط لحال ولاد الجميع. وبحق يكون فى السنين المخصبة المعتدلة المزاج عسل كثير وقيفيناس، فاما فى السنين المطيرة فالطرد اعنى فراخ النحل يكثر جدا لأن الرطوبات تكثر الفضول فى اجساد الملوك. وفى السنين المعتدلة المزاج الطرد يكون اقل لأن عظم النحل اقل من عظم غيره ولذلك يحتاج الى جودة مزاج الزمان اكثر من غيره. ولأن الملوك مخلوقة لحال موافقة الولاد تبقى فى داخل الخلايا ولا تقرب شىء من الاعمال التى تحتاج اليها باضطرار، ولها عظم جثة لأن اجسادها خلقت لموافقة الولاد. فاما التى تسمى قيفيناس [وهى ذكورة النحل] فانها تبقى بطالة لأنه ليس لها عضو موافق للقتال*** لحال العظم وخاصة لحال ثقل اجسادها. فاما النحل فهو فى العظم فيما بين هاتين الصنفين وبهذا النوع يكون موافقا للاعمال ولتربية الفراخ. والامر الذى يعرض لملوك النحل دليل على ان ولاد النحل منها، ولو لم يكن ذلك كما ذكرنا لم يكن ينبغى ان يعرض لرياستها هذه الاعراض اعنى ان تترك داخلا فى الخلايا ولا تعمل شىء فان هذه الخواص معروفة للآباء وهى تضرب وتخرج ذكورة النحل لحال بطلانها وهو اشبه ان يؤدب الآباء لاولادها التى لا عمل لها. فاما قول القايل فكيف الملوك قليلة العدد والنحل الذى يتولد منها كثير جدا فانه يحل باجابتنا اياه ان هذا العرض شبيه بالعرض الذى يعرض لولاد الاسد، اعنى اللبوة تضع اولا خمسة جراء ثم تضع اقل عدة منها حتى تنتهى الى واحد***. وكذلك يعرض لملوك النحل اعنى انها فى المرة الاولى تلد كثرة وفى أخرة تلد قلة اذا قلت الفضول التى فى اجسادها، ولذلك صير الطباع عظم اجساد ملوكها اكثر من عظم غيرها. فبهذا النوع يكون ولاد النحل بقدر قياس العقل وذلك يعرف ايضا من الاعراض التى يظن انهاتعرض للنحل***. واذا كان القول موافقا للاشياء التى تظهر بالحس كان اقواه اوثق من غيره. والعلامة التى تدل على ان ولاد النحل يكون من سفاد ظهور ما يكون من الزرع صغيرا جدا فانه يوجد فى نقب الخلايا على ما وصفنا. فاما ما يولد من الحيوان المحزز الجسد من سفاد فهو يلبث حينا كثيرا اذا سافد، ويلد عاجلا وما يلد يكون شبيها بدود له عظم. ويعرض لولاد النحل مثل ما يعرض لولاد الحيوان الذى يشاركه بالجنس اعنى الدبر الاحمر والاصفر، وليس فى هذه الاصناف فضلة وذلك بحق، لأنه ليس فيها شىء مثل ما فى النحل. وانما يلد من الدبر الذى يسمى امهات وهى تجبل وتهيئ اولا البيوت التى تأوى فيها فاذا سفد بعضها بعضا تولد منها فراخ الدبر. وقد ظهر سفاد الدبر مرارا شتى. فاما الاختلاف الذى بين هذه الاجناس*** فقليل جدا 11- وجميع هذه الاصناف يتولد فى جوف الارض، لأن طباعها ملايم وانما الاختلاف الذى بينها بقدر ما يقال ان الرطب اقرب الى الحياة من اليابس والماء اقرب اليها من الارض، وبهذا النوع يكون طباع الحيوان الخزفى الجلد اقرب الى الحياة من الشجر وبقدر قياس الشجر الى الارض كذلك قياس الحيوان الخزفى الجلد الى الرطب، فالشجر مثل حلزون برى والحلزون مثل شجر مائى. ولحال هذه العلة يكون الحيوان الذى يأوى فى الماء اكثر صورا من الذى يأوى فى البر، لأن طباع الرطب اوفق من الارضى فى الجبل والخلقة وهو اقرب من غيره الى طباع الجسد. وخاصة الحيوان البحرى يكون على ما وصفنا من قبل ان الماء الذى يشرب عذب وهو يغذى *** من برودته. ولذلك لا يكون فى النقاع شىء من الحيوان الذى ليس بحار ولا له دم، ولا يكون شىء من الحيوان الذى تغلب عليه الملوحة فى الماء العذب إلا اليسير مثل الحيوان الخزفى الجلد والذى يسمى مالاقيا <و> اللين الخزف، فان طباع جميع هذه الاصناف بارد لا دم له. ولذلك يكون فى النقاع الذى يشبه صغار البحور وفى الاماكن التى تخرج منها الانهار <لأنه> يطلب الدفاء والغذاء، وفى البحر يكون الحيوان الرطب الجسدانى اكثر مما يكون فى الماء العذب، لأن طباع البحر حار وله شركة من جميع الاجزاء اعنى الرطب ومن الريح ومن الارض***. وهو شبيه ان يقال ان الشجر مشارك للارض والحيوان المائى مشارك للماء والبرى مشارك للهواء. ويكون فى هذه الاصناف اختلاف عجيب من قبل الاقل والاكثر والاقرب والابعد. فاما جنس الرابع فليس مما ينبغى ان يطلب فى مثل هذه الاماكن. وان كان فى المرتبة منسوبا الى النار فان النار يعد رابع الاسطقسات. وليس تظهر صورة النار بذاتها البتة لأنه ليست لها صورة خاصة لها وانما تظهر صورتها فى غيرها من الاجساد. وكل جسد حر وصار نار إما يظهر مثل هواء او دخان او ارض. وانما ينبغى ان يطلب هذا الطلب حيث يطلب حال طباع القمر ايضا، فانه يظهر لمقمر شركة من جوهر الرابع بنوع من الانواع. ولكن سننظر فى حال هذه الاشياء ونفحص عنها فى غير هذه الاقاويل. فاما طباع الخزفى الجلد فتقويم بعضه يكون من ذاته وتقويم بعضه من قبل قوة من القوى تخرج منها، ومرارا شتى يكون تقويمها من ذاتها. وينبغى ان تؤخذ مواليد الشجر ايضا، فان بعض الشجر يكون من بزور وبعضها من قضبان تقلع من الشجر وبعضها من فروع مثل البصل. والذى يسمى موس يتولد بمثل هذا النوع ويكون اولا صغيرا ثم يعظم عاجلا. فاما الذى يسمى قيروقاس وبرفورى واصناف أخر فهى تتولد من فضلة مخاطية محدقة باجسادها. وليس لهذه الاصناف زرع البتة وانما تتولد بقدر هذا النوع الذى ذكرنا كما يتولد غيره مما يشبهه. ولذلك تظهر كثرة من هذه الاصناف بغتة <بعد> ان لم يكن يظهر منها شىء البتة. فهو يعرض ان تتولد هذه الاصناف من ذاتها واذا توالدت صار تقويم غيرها منها من قبل الفضلة التى فى اجسادها، وبحق يكون كل ما يلى اجسادها مثلها لأن قوة الغذاء واحدة.*** فاما ما كان من هذه الاصناف ليس فى جسده شىء من الفضلة المخاطية فهو يتولد من ذاته. فجميع ما يكون تقويمه بمثل هذا النوع فهو يظهر فى الارض والبحر، اعنى انه يتولد من العفونة اذا خالطها ماء السماء، لأن العذب منه يخرج ويصير فى اول التقويم وما يبقى من فضلة يجتمع وتكون له صورة. وليس شىء من الاشياء من قبل انه يعفن بل من قبل انه ينضج. والعفونة فضلة الذى نضج. وليس يمكن ان يكون كل من كل كما لا يمكن ان يكون ذلك فى الاشياء المعمولة من المهنة***. ونحن نعلم ان المهنة تلقى الفضلة عن اعمالها والطباع يلقى كل ما يجد من الفضلة ايضا. فالحيوان يكون فى الارض وفى الرطب لأن فى الارض جزء من الماء وفى الماء جزء من الريح وفيه كل ما له حرارة نفسية وكذلك يكون الشجر فى الارض والماء. وبنوع من الانواع نقول ان جميع هذه الاشياء مملوة من القوة النفسية. ولذلك يكون تقويمها عاجلا بقدر الصنف التى تكون تلك القوة محتبسة فى الجسد. وانما تحتبس فيها اذا سخنت الرطوبات الجسدانية وصارت شبيهة بالزبد. فبين هذه الاصناف اختلاف من قبل ان منها جنس اكرم وجنس آذى وذلك يكون فيها من قبل القوة النفسية التى تحتبس فيها اولا. والاماكن والجسد الذى تحتبس فيه هذه القوة تكون علل الاختلاف. فاما فى البحر فالجزء الارضى كثير. ولذلك يكون طباع الاصناف الخزفية الجلد من قبل هذا التقويم ، فاما الجزء الارضى المحيط بها من كل ناحية <فهو> يجسو ويجمد كما تجمد العظام والقرون. وليس تذوب <تلك> الاشياء فى النار. وداخل الجسد القوة النفسية التى فيها الحياة. وانما ظهر جنس واحد من هذه الاجناس يسفد وهو جنس الحيوان الذى يسمى باليونانية قخليون ولم يعاين احد بعد إن كان ولاد هذا الصنف من السفاد او من غير سفاد. وخليق ان يطلب طالب ماذا الذى يتقوم فى الاول الذى فى الهيولى فى مثل هذه الاصناف. وبحق يطلب هذا الطلب لأنا قد علمنا ان فى اناث الحيوان هيولى وهى تتحرك من قبل القوة المحركة التى تصير اليها من زرع الذكورة فى قوة تحرك منها الهيولى. <فماذا فيها الهيولى>وماذا الاول المحرك مثل حركة الزرع. ونحن نقول ان فى الحيوان الذى يلد ولدا من الغذاء الذى يدخل فى الجسد تكون فضلة اذا طبخت الحرارة تلك الفضلة وأنضجتها وفرقتها غيرها فمنها يكون اول الحمل. وكذلك يعرض للشجر ايضا ولكن الشجر وبعض الحيوان لا يحتاج الى الاول الذى يكون من الذكر لأن فيه تلك القوة مخلوطة. فاما فضلة كثير من الحيوان فهى تحتاج الى الذكر. وغذاء الشجر وما يشبهه ارض وماء وغذاء غيرها ما يكون من هذه. وحرارة الزمان والهواء تعمل فى الشجر وما يشبهه مثل العمل الذى تعمل حرارة الحيوان اعنى الحرارة التى تتولد من الغذاء فهو بين ان الحرارة التى فى الارض والبحر تنضج وتغير وتفرق وتقوم اجساد هذه الاصناف. فاذا احتبست هذه الحرارة فيها مع ريح يكون حمل وابتداء تقويم الاول النفسى ويصير فى الاجساد ابتداء حركة. وتقويم الشجر الذى يكون من ذاته مشابه بالصورة لأنه يكون من جزء من الاجزاء ومنه ما هو اول ومنه ما هو غذاء اعنى الغذاء الاول الذى يكون فى الاشياء النابتة. ومن الحيوان ما يلد دودا ومن الحيوان الذى ليس بدمى اعنى الذى لا يولد من سفاد حيوان*** مثل جنس السمك الذى يسمى باليونانية قاسطروس واجناس أخر من السمك النهرى وايضا جنس الانكليس. وطباعه قلة الدم *** ولها قلب، وقد قلنا فيما سلف ان القلب اول الاعضاء الدمية. فاما الصنف الذى يسمى معاء الارض فطباعه شبيه بطباع الدود وفيه يكون جسد الانكليس. وخليق ان يظن احد مثل هذا الظن ان ولاد الناس والحيوان الذى له اربعة ارجل، إن كان ولاد الناس وذلك الحيوان من ارض اولا كما يزعم بعض الناس، فباضطرار يكون ابتداء ذلك الولاد بواحد من النوعين، اعنى انه تكون فيها حياة لأن اول <ال>تقويم مثل ما يكون من دود او يكون اول التقويم مثل ما يكون من البيض، لأنه باضطرار يكون الغذاء فيها لحال النشو وما تحمل على مثل هذه الحال إما يكون دودة وإما يأخذ الغذاء من مكان آخر، وذلك إما من الولاد وإما من عضو من اعضاء المحمول.*** وانما نقول ان مثل هذا الولاد يكون من حيوان. فينبغى ان يكون اول الولاد فى جميع الحيوان بنوع من هاذين النوعين. فاما النوع الواحد فهو بين، فاما النوع الآخر الذى منه يكون غذاء ما يخلق من البيض فليس يظهر لنا فى شىء آخر من ولاد الحيوان. وانما يظهر النوع الاول فى الحيوان الدمى الذى ذكرنا والحيوان الذى لا دم له مثل بعض اصناف الحيوان المحزز الجسد والجنس الخزفى الجلد الذى نحن فى ذكره، فان غذاءها يكون من عضو مثل غذاء ما يولد من البيض ونشوها يكون مثل نشو الدود. فان اول نشو الدود يكون فى الناحية العليا، لأن الغذاء الذى منه تغذا الناحية العليا يكون فى الناحية السفلى. وهذا النوع من انواع الغذاء شبيه بالغذاء الذى يكون من البيض ولكن ما يغذا من البيض [لا] يفنى كل غذائه، فاما الدود فانه اذا ينبت الناحية العليا من تقويم الذى فى الجزء السفلى تفصلت الناحية العليا مما يبقا من الغذاء. وعلة ذلك من قبل انه فى أخرة ايضا يكون الغذاء فى العضو تحت الحجاب فى جميع هذه الاصناف. وهو بين ان جميع ما يشبه خلقة الدود يغذا وينشو على مثل هذا الفن. وهو ظاهر فى خلقة النحل وجميع ما يشبهه، فانه فى اول خلقته يكون الجزء السفلى <كبيرا> فاما <ال>ناحية العليا فهى تكون صغيرة. ومثل هذا النوع يعرض للحيوان الخزفى الجلد وما يشبهه. وذلك بين فى الحيوان البحرى الذى يشبه الصنف الذى يسمى باليونانية استرنبوس فانه ينشو فيما يلى الناحية العليا اولا ويكون مقدم تلك الناحية والعضو الذى يسمى رأس اكبر من ساير الجثة. فقد وصفنا الفن الذى به يكون ولاد هذه الاجناس والذى يتولد من ذاته. وهو بين ان هذه الاصناف اولا تكون من ذاتها ولا سيما الخزفية الجلد، وبيان ما نذكر هذه الاشياء اعنى انه اذا عفن الوسخ الزبدى الذى حول المراكب يتولد منه هذا الجنس ويتولد ايضا فى اماكن أخر كثيرة بعد ان لم يكن فيها منه شىء، بل صارت فى أخرة ولاسيما فى الاماكن التى فيها حمأة ورطوبة كثيرة وفيها يتولد خاصة الصنف الذى يسمى لانسطريا. وقد كان فيما سلف قايد من القواد غزا فى البحر وارسى فى بعض المرافئ والقى اصحابه آنية من فخار مكسور فى الشط، فلما مضى بها زمان وامتلت من الحمأة تولدت من داخلها الاصناف التى تسمى اسطريا، وهو الحلزون. وليس فى هذه الاصناف فضلة موافقة للولاد يخرج منها. وذلك بين مما نصف حيننا هذا، لأن فى الزمان الذى كان فيه الحريق فى البلدة التى تسمى لازبوص حمل بعض الناس كثرة من الحلزون وجاءوا بها الى الاماكن التى على ضفة البحر فى البلدة التى تسمى اوروبى وخلوها هناك، فلما مضى بها زمان لم تكثر بالمدة البتة بل ازدادت عظما كثيرا. فاما الذى يسمى بيضا فليس بموافق للولاد وانما هو علامة حسن حال وخصب مثل الشحم الذى يكون فى الحيوان الدمى. وفى هذه الازمان يكون اكله ازيد موافقا. والعلامة الدليلة على قولنا كينونة البيض فيها ابدا مثل ما يوجد فى الجنس الذى يسمى بنا وفرفيرا وقيروقاس ولكن ربما كان البيض اكثر وربما كان اصغر. والبيض يوجد فى هذه الاصناف خاصة فى اوان الربيع فاذا مضى ذلك الزمان فنى وذهب البتة مثل الصنف الذى يسمى امشاط ومواس ولينوسطريا. فان لكا صنف زمان موافق لجسده وخصبه وحسن حاله. ومن اصناف السمك ما لا يعرض له مثل هذا العرض البين مثل الصنف الذى يسمى باليونانية طيتوا. ومن اراد ان يعلم فى أى الاماكن يكون كل واحد من هذه الاصناف فليقرأ الاقاويل التى وصفنا على مناظر الحيوان وصورته. وقد وصفنا حال ولاد الحيوان بنوع مشترك عام وبنوع خاص وذكرنا حال كل واحد مفردا بذاته. تم القول تم تفسير القول السابع عشر
صفحہ 133
المقالة الثامنة عشرة من كتاب الحيوان لأرسطوطاليس
صفحہ 134
1- وقد وصفنا فيما سلف ولاد الحيوان بنوع عام مشترك وبنوع خاص لكل واحد. وقد علمنا ان الذكر والانثى تكون مفترقة فى الحيوان التام الكامل ونقول ان هذه القوى اوايل جميع الحيوان وجميع الشجر. ولكن هذه الاوايل فى بعضها غير مفارقة وهى فى بعضها مفارقة، ولذلك ينبغى لنا ان نبدأ بذكر كينونتها اولا، فان الجنين قبل ان تتم خلقته فى الرحم يتميز ويفترق الذكر والانثى. وقبل ان يكون فصل ما ذكرنا مبسوطا معروفا لحسنا يكون بعضه ذكر ويكون بعضه انثى. وهو مشكوك إن كان هذا الفصل يكون فى الام اولا او قبل ذلك، فان من الناس من يزعم ان هذه المضادة تكون فى الزرع كقول انكساغوراس وناس أخر من اصحاب كلام الطباعى، فانهم يزعمون ان الزرع من الذكر، فاما الانثى دون الذكر فهى تكون من اماكن الرحم، *** لأن الذكر يكون فى الناحية اليمنى والانثى تكون فى الناحية اليسرى. وغير اولئك يزعم ان هذا الفصل يكون فى الام كقول انبدوقليس، لأنهم يزعمون ان الزرع الذى يقع فى رحم حار يكون ذكرا والزرع الذى يقع فى رحم بارد يكون انثى، وعلة الحرارة والبرودة فى طباع الطمث فهو الذى يغير ببرده وحره، [وانه ياخذ حدثت على خلاف ذلك]. فاما ديموقريطوس الابديرى فهو يزعم ان فصل الذكر والانثى يكون فى الام ولايكون ذلك لحال حرارة او برودة اعنى الانثى لحال البرودة والذكر لحال الحرارة بل يكون من قبل الزرع الذى يخرج من الذكر، وبهذا النوع يكون اختلاف ما بين الذكر والانثى. وقد كسل وضعف رأى انبدوقليس حيث ظن ان اختلاف الذى بين الذكر والانثى من قبل الحرارة والبرودة فقط ولم يفكر ان الفصل الذى بين جميع الاعضاء اعنى الرحم والاعضاء الموافقة للولاد كبير جدا. فانه إن يوهم احد إن اثنين مجبولين مفروع منهما ولأحدهما اعضاء الذكر وللآخر اعضاء الانثى ثم وضعت الاثنين فى الرحم كما توضع آنية الفخار فى اتون ووضع الذى له آلة الذكر فى رحم بارد والذى له اعضاء الانثى فى رحم حار فباضطرار لا يكون للذكر اعضاء الذكر ولا للانثى اعضاء الانثى ايضا. فمن هنا يستبين قول ديموقريطوس اجود واصوب،، لأنه يطلب فصل الولاد بعينه ويروم ان يقول ذلك. وسنذكر فى غير هذا الموضع إن كان قوله بنوع صوابا وبنوع خطأ. وايضا لو كانت الحرارة والبرودة علة الذكر والانثى لقلت مثل قول اولئك، فانه شبيه بقول الذين يزعمون انهم يعلموا علة ولاد الذكر والانثى وان الفصل الذى بينهما واضح. وليس هو بعمل يسير ان يوجد ابتداء الولاد من اول تلك العلة بقدر جميع علة هذه الاعضاء اعنى انه باضطرار يتبع <اذا> برد الزرع <يكون> ولاد هذا العضو الذى يسمى رحما واذا سخن لا يكون هذا العضو بل خلافه. وبقدر هذا النوع تكون الاعضاء الموافقة للجماع، فان بين هذه الاعضاء خلاف ايضا كما قلنا فيما سلف. وايضا يكون فى الرحم تؤمين احدهما ذكر والآخر انثى فى العضو الواحد اعنى فى الرحم مرارا شتى، وقد رأينا ذلك بمعاينة الشق مرارا شتى فى جميع الحيوان الذى يلد حيوانا وفى الحيوان المشاء وفى السمك. فبحق اخطأ صاحب هذا القول إن كان لم يعاين هذه الاشياء معاينة وذكر هذه العلة، فاما إن كان عاينها فهو من الخطأ الظن ان حرارة وبرودة الرحم علة ولاد الذكر والانثى. فقد كان ينبغى ان يكون التوءمان إما انثايين وإما ذكرين وليس نرى هذا العرض الذى يعرض على مثل هذه الحال. ولا يمكن ايضا ما يقول اعنى ان اعضاء الذى يتولد فى الرحم يفترق وتكون بعضها فى الذكر وبعضها فى الانثى ولذلك يشتاق بعضها الى قرب بعض باضطرار فان عظم مثل هذه يفترق ثم يكون اجتماع وليس لحال حرارة او لحال برودة. ولكن قد قال قولا كثيرا فى مثل هذه العلة اعنى علة الزرع وبقول عام يشبه ان يكون فن العلة مصنوع كاذب. فاما إن كان حال الزرع كما قلنا فيما سلف ولا يخرج من كل عضو ولا الزرع الذى يخرج من الذكر يكون هيولى الجنين الذى يخلق البتة، فعندنا حجج ننقض بها قول هذا وقول ديموقريطوس وان كان انسان آخر يقول مثل هذا القول. فنحن ننقض قوله بمثل هذه النقيضة، لأنه لا يمكن ان يكون بعض جسد الزرع فى الانثى وبعضه فى الذكر كا قال انبدقليس حيث زعم ولكن طباع الاعضاء مفترق***، ولأن جزء يغلب على جزء آخر يكون بعضه ذكرا وبعضه انتى. وبقول عام هو امثل ان ينسب الى زيادة وقهر العضو وذلك بقدر ما يصير منه ذكر وانثى، فنسبة العلة الى قهر العضو امثل من ان ينسب الى حرارة وبرودة الرحم فقط. وكيف يعرض ان يكون منظر العضو الموافق للجماع على خلاف منظر العضو الآخر فان هذا القول ايضا يحتاج الى جواب لأن الاعضاء تتبع بعضها بعضا ابدا. فانه إن كان هذا العرض يعرض لقرب بعض الاعضاء من بعض فقد كان ينبغى ان يعرض ذلك لكل واحد من الاعضاء ايضا لأن كل واحد قريب منها قريب من الآخر، وذلك مثل ظن الذين يظنون ان الجنين إما ان يكون انثى شبيهة بالام وإما ان يكون <ذكرا> شبيها بالاب. فان ذلك ايضا من الخطأ فليس الاعضاء علة اختلاف ما ذكرنا بل تغيير جميع الجسد. واول ذلك التغيير العروق التى توضع مثل ارسام تحت الجسد. و[على] العروق التى توضع <عليها> اللحم [الذى] لا تخلق لحال الرحم ولا تكون لها كيفية من الكيفيات بل الرحم يكون على الحال التى تكون لحال العروق، فان ذلك اصوب واقرب الى الحق. وانما الرحم قابل للدم فخلقة العروق قبل خلقة الرحم. وباضطرار يكون الاول المحرك ابدا اولا وقبل علة الولاد لأنه يعرض ان يكون للولاد كيفية من الكيفيات. فيعرض اختلاف هذة الاعضاء اذا قيس بعضها الى بعض اعنى اعضاء الذكر والانثى وليس ينبغى ان يظن ان ذلك اول ولا انه العلة بعينها بل علة أخرى، ولو لم يخرج زرع البتة لا من الانثى ولا من الذكر بل يصير تقويم الزرع الذى يكون بنوع من الانواع أيما كان. وهذا القول موافق لنقض قول الذين يزعمون ان الذكر يكون من الناحية اليمنى والانثى تكون من الناحية اليسرى ايضا مثل موافقته لنقض قول انبدوقليس وديموقرطوس. فانه إن لم تكن موافقة هيولى من الذكر البتة فليس يقولوا قولا صوابا اصحاب هذا الرأى، فان كانت من الذكر موافقة كما يزعمون ينبغى ان ينقض قول انبدقليس ايضا بمثل هذه النقيضة لأنه يميز الانثى من الذكر بحرارة وبرودة الرحم. مثل هذا الفعل يفعلوا الذين يفرقوا ما بين الذكر والانثى لحال الناحية اليسرى والناحية اليمنى وهم يعاينوا ان فيما بين الذكر والانثى فصل بكلية اعضاء. وإن كان ولاد الذكر والانثى من قبل هاتين الناحيتين وليس من قبل جسد الرحم ايضا وصار الزرع فى الرحم سيكون الجنين الذى يخلق منه بلا رحم والذكر الذى يخلق منه عادم عضو الذكر. وايضا كما قلنا فيما سلف قد عوين ذكر فى الناحية اليسرى من نواحى الرحم وعوينت انثى فى الناحية اليمنى من نواحى الرحم وكلاهما فى ناحية واحدة معا، ولم يظهر ذلك مرة واحدة بل مرارا شتى***. ومن الناس من قد قنع بقول الذين يزعمون انه اذا ربطت الناحية اليمنى من الانثيين يكون المولود انثى واذا ربطت الناحية اليسرى يكون المولود ذكرا فذلك فى اوان الجماع. وقد كان لوفانيس يقول مثل هذا القول. وقد زعم بعض الناس انه اذا خرجت البيضة الواحدة من الانثيين يعرض مثل هذا العرض، وليس ذلك بحق، وانما يتقدموا ويقولوا ما سيعرض ويكون مثل ما يقولوا العرافون وهم يزعمون انهم قد عاينوا هذه الاشياء معاينة. وانما قالوا هذا القول بجهلهم ان هذه الاعضاء لا توافق الحيوان فى ولاد الذكورة ولا الانثى. والعلامة الدليلة على ذلك من قبل ان كثيرا من الحيوان هو ذكر وانثى ويلد بعض الولد ذكورة وبعضها اناثا بغير ان يكون لها انثيان مثل الحيوان الذى ليس له رجلان مثل جنس السمك والحيات. فاما قول الذين يزعمون ان الحرارة والبرودة. علة ولاد الذكر والانثى وقول الذين يزعمون ان خروج الزرع من الناحية اليمنى او الناحية اليسرى علة ذلك فيقول <شيئا> بنوع من الانواع، من قبل ان الناحية اليمنى من الجسد اسخن من الناحية اليسرى والنضج ادفئ واسخن من غيره ومثل هذا يكون المقوم الجتمع***. ولكن هذا القول شبيه بقول الذين يدنون من درك العلة من بعد كثير، وينبغى ان ندرك العلة من الاوايل التى هى ادنا واقرب. وقد وصفنا فيما سلف حال كل واحد من اعضاء الجسد وبينا علته. ولكن الذكر والانثى مفصل مميز بقوة من القوى وضعف مخالف للقوة. فالزرع الذى <يقوى> على ان ينضج شيئا ويقومه فيه*** اول الصورة وهو ذكر وانثى، وانما اعنى بقولى اولا ليس الهيولى التى منها يكون مثل الذى يلد بل الاول المحرك إن كان يقوى على ان يفعل هذا الفعل بذاته او بغيره. فان الزرع مثل فاعل والهيولى التى توجد من الانثى مثل مفعول به***. وايضا إن كان كل نضوج انما ينضج بالحرارة فباضطرار تكون ذكورة الحيوان اسخن واكثر حرارة من الاناث. وربما كانت اناث بعض الحيوان كثيرة الدم لحال البرودة والضعف الغالب عليها وليس على حر. ولحال هذه العلة يظن بعض الناس ان الانثى اكثر حرارة من الذكر لحال خروج الدم الذى يعرض فى اوان الطمث. لأن الدم حار*** وانما يظن كثير من الناس ان هذا العرض يعرض لكثرة الدم والحرارة وهم فى ذلك مخطئون، لأنه ليس مما يمكن كل دم حار على حال واحدة فهم يرون ان كل ما كان رطبا دمى اللون حار الطباع ولا يتفقدون الدم الصافى النقى الذى يكون من جودة الغذاء. وبمثل هذا النوع يرون ان الفضلة الاكثر التى تكون فى البطن اكثر حرارة من الفضلة اليسيرة وان تلك الكثرة علامة طباع حار. والحق على خلاف ظنهم ورأيهم. وكمثل ما يخرج غذاء قليل ينتفع به من الغذاء الكثير وذلك بين فى اعمال مصلحة الثمرات واذا قيس الغذاء الآخر الى الغذاء الاول يكون جزءا يسيرا من كثرة غذاء الاول، كذلك يعرض للجسد ايضا لأن الاعضاء تقبل الغذاء بعضها من بعض فى اوان الطبخ وفى أخرة يكون الغذاء النقى قليلا جدا لأنه لا يبقى من ذلك الغذاء الاول الكثير إلا قليل. وذلك الغذاء الاخير القليل يكون دم حيوان الذى له دم، فاما فى الحيوان الذى لا دم له فهو يكون شىء آخر ملايم للدم. ولأن احدهما قوى والآخر ضعيف تخرج الفضلة نقية، ولكل قوة آلة من الآلات اعنى القوة التى تعمل عملا اجود والقوة التى تعمل عملا اردى، وبانواع شتى يقال القوى والضعيف انثى وذكر، وبهذا النوع يضاد احدهما الآخر، فباضطرار تكون للذكر آلة والانثى ايضا له آلة أخرى وتلك الآلة فى الانثى الرحم وفى الذكر العضو الموافق للجماع. والطباع تهب لكل عضو من الاعضاء التى ذكرنا آلة وقوة معا. وهو امثل ان يكون على مثل هذه الحال. فجميع الاماكن يكون بقدر القوى والفضول التى تخرج منها فانه لا يمكن ان يكون بصر بغير عين ولا العين تتم بغير بصر، وانما تمام خلقة البطن والمثانة وجميع الاعضاء التى تشبهها بالموافقة لخروج الفضول منها. والذى منه يكون ما يكون وينشو واحد هو فهو اعنى الغذاء فكل واحد من الاعضاء التى تكون من هيولى مثل هذه يكون قابلا للفضلة التى تشبهها. وايضا كما نزعم يكون كل شىء من الضد بنوع من الانواع. وينبغى ان نأخذ نوعا ثالثا مع النوعين التى ذكرنا ونقول انه إن كان مذهب الفساد الى الضد والى الذى لا يضبط من الذى يجبله ويخلقه باضطرار يكون تغيره الى الضد. فاذا كانت هذه الحجج موضوعة خليق ان يكون بينا بيانا اكثر السبب الذى منه يكون بعض ما يخلق فى الرحم ذكر وبعضه انثى. فانه اذا لم يقوى الاول على القهر وضعف عن الطبخ لنقص وقلة حرارة ولم يقوى على خلقة الجنين وتصييره مثل صورته بل صار مقهورا، باضطرار يكون التغيير الى الضد. والانثى ضد الذكر ولهذا السبب يكون المخلوق فى الرحم إما ذكرا وإما انثى. ولأن لهذين اختلافا بالقوة باضطرار يكون اختلاف ايضا بالآلة***. واذا تغير عضو واحد مسود بلا محالة يتغير ايضا تقويم جميع الحيوان ولذلك صار تغير المناظر ايضا. ويمكن ان يعرف ذلك من الخصيان الذين اذا نزع عضو واحد من اعضائهم تبدلت خلقتهم وليس بينهم وبين الاناث فصل إلا بالامر اليسير. وعلة ذلك من قبل ان بعض الاعضاء اوايل. واذا تحرك الاول باضطرار يعرض ان تتحرك ايضا كثرة من التى تتبعها. فان كان الذكر اولا من الاوايل وانما يقال ذكر بانه يقوى فاما الانثى فهى منسوبة الى الضعف، وانما حد الضعف والقوة نضوج او غير نضوج الغذاء الاخير الذى هو فى الحيوان الدمى دم وفى ساير الحيوان شىء آخر ملايم للدم. فهو بين ان علة ذلك القوة الاولى التى فى العضو الذى فيه ابتداء الحرارة الطباعية ولذلك <كان تقويم القلب قبل تقويم الاعضاء الأخر و>يكون ذلك الذى يخلق إما ذكرا وإما انثى، فاما ساير الاجناس التى فيها الذكر والانثى فانه يخلق العضو الملايم للقلب اذا لم يكن ذلك الجنس مما له قلب. فهذه العلة التى من اجلها يكون الذكر والانثى هذا الاول بعينه. وانما يكون الذكر والانثى من قبل اختلاف الاعضاء الموافقة للجماع، ولا يكون ذلك باختلاف أيما يكون من الاعضاء لأن لكل عضو عملا خاصا مثل ما ينسب البصر الى العين والسمع الى الاذن وساير آلة الحواس كذلك. فنحن نعود ايضا فى قولنا ونقول ان الزرع موضوع وهو فضلة غذاء اعنى الغذاء الاخير. وانما اعنى بقولى الاخير الغذاء الذى يذهب الى كل واحد من الاعضاء، ولذلك يشبه الولد الوالد. وليس بين قول القايل ان الزرع يخرج من كل واحد من الاعضاء وبين قول القايل انه يصير الى كل واحد من الاعضاء اختلاف. والاختلاف الذى بين زرع الذكر وزرع الانثى من قبل ان فى زرع الذكر القوة الاولى المحركة التى تكون فى الحيوان وتقوى على اخراج الغذاء الاخير ويصيره الى رحم الانثى، فاما الانثى فمنها تكون الهيولى التى منها يخلق الجنين. فاذ كان زرع الذكر قاهرا غالبا صير المولود مثله لأنه يأتى به الى صورته واذا كان مقهورا مغلوبا صار الى خلاف ذلك***. والانثى مخالفة للذكر فى الطباع لأن الحرارة غالبة على الذكر والبرودة غالبة على الانثى، وانما يبرد الغذاء الدمى من قبل ضعف الحرارة. والطباع يصير لكل واحد من الفضول آلة <اعنى عضو> قبول له. وانما الزرع فضلة وهذه الفضلة فى الذكورة الذين لهم حرارة اكثر اعنى ذكورة الحيوان <الدمى> الذى يكون جيد الجسم والكثرة لأن الاعضاء التى. تقبله انما هى سبل هذه الفضلة وذلك فى الذكورة. فاما فى الاناث فلحال رداوة الطبخ تكون فضلة دمية غير معمولة نضجة كثيرة، فباضطرار ينبغى ان يكون عضو قبول لهذه الفضلة، ويكون ذلك العضو غير شبيه بعضه ببعض ويكون له عظم. ولذلك صار طباع الرحم على مثل هذه الحال. والاختلاف الذى بين الذكر والانثى من قبل اختلاف الاعضاء الموافقة للجماع. فقد بينا العلة التى من اجلها يخلق فى الرحم ذكر وانثى. 2- والاعراض التى تعرض تشهد على ما قلنا، لأن الاحداث تلد اناثا اكثر من الشباب، والمسنين يلدوا اناثا اكثر من الشباب، لأن الحرارة التى فى الاحداث ليست بتامة بعد والحرارة التى فى الشيوخ ناقصة وايضا الاجساد الارطب التى خلقتها شبيهة بخلقة النساء تلد اناثا اكثر والزروع الرطبة اكثر من الزروع الجامدة المقومة، لأن جميع هذه الاشياء تكون لنقص الحرارة الطباعية. واذا كانت الريح شمالا كان المولود ذكرا واذا كانت جنوبا صار المولود انثى، لأن الاجساد اذا هبت الجنوب رطبة، ولذلك يكون الزرع اكثر. وما يكثر من الزرع يكون غير نضيج. ولحال هذه العلة يكون زرع الذكورة ارطب، ويكون دم طمث النساء عند خروجه ارطب ايضا. ولحال هذه العلة يكون طمث النساء من قبل الطباع فى نقص الاهلة اكثر، لأن تلك الايام ابرد من ساير ايام الشهور وهى ارطب ايضا لنقص الاهلة وقلة الحرارة. والشمس يصير الصيف والشتاء فى كل سنة، فاما القمر فيفعل ذلك فى كل شهر، ليس من قبل الزوال بل من نقص الضوء وزيادته. وقد ذكروا الرعاة ان الذكورة والاناث تولد ليس من قبل الريحين التى تهب اعنى الشمال والجنوب فقط بل من قبل نظر الغنم التى تسفد الى ناحية الشمال او الى ناحية الجنوب. فهو بين ان التغيير اليسير ربما كان علة برودة وحرارة، وتكون تلك الحرارة والبرودة علل اختلاف الولاد. والاختلاف الذى بين ولاد الذكر والاناث يكون لحال هذه العلل. وايضا يحتاج الى اعتدال مزاج الذكر والانثى اعنى اعتدال بعضها الى بعض، لأن جميع الاشياء التى تكون من قبل الطباع او المهنة انما تكون بحد من الحدود واعتدال معروف. واذا كانت الحرارة غالبة جدا يبست الاشياء الرطبة، واذا كانت ناقصة جدا لم تقوم الرطوبات، ولذلك تحتاج الاشياء التى تعمل من الطباع او من المهن الى اعتدال. فان لم يكن ذلك سيعرض لها مثل العرض الذى يعرض للاشياء التى تطبخ، فان كثرة النار تحرق وقلة النار لا تنضج، فمن قبل هذين النوعين يعرض نقص الذى يكون او يعمل، ولهذه العلة اذا كانت مجامعة الذكر والانثى تحتاج الى الاعتدال لحال العمل وخلقة الولد. ولذلك يعرض لكثير من النساء والرجال اذا جامع بعضهم بعضا ان لا يكون لهم ولد فاذا افترقوا وصار الرجال مع غير اولئك النساء والنساء ايضا مع غير اولئك الرجال يكون منهم ولد. ويعرض ايضا ان لا يكون فى الاحداث ولد فاذا كبروا صار لهم ولد، فهذه المضادات تكون بنوع واحد فى الولاد وعدم الولاد مع ولاد الذكورة وولاد الاناث. وبين البلدان ايضا فى هذه الاشياء اختلاف وموافقة وبين المياه ايضا، لأنه يكون ماء اوفق من ماء آخر لحال هذه العلة مع موافقة الغذاء، وحال جسد خاصة ومزاج الجو المحيط بنا واصناف الاطعمة، وخاصة لحال الغذاء الذى يكون من الماء، فان للماء موافقة كثيرة فى جميع ما وصفنا***. ولهذه العلة تضر الاجساد المياه الباردة التى ليست بلينة ويكون من بعضها عدم ولد ومن بعضها ولاد الانثى. 3- ومن قبل هذه العلل ايضا يكون بعض الاولاد شبيها بالذين ولدوهم وبعضها غير شبيهة. ومنها ما يشبه الاب او الام بكلية الجسد وبكل واحد من الاعضاء ويكون بعض الاولاد شبيها بالاب ولا يكون شبيها بالاجداد وربما كان على خلاف ذلك وربما اشبه أيما كان بالبخت وربما كانت الذكورة شبيهة بالاب والاناث شبيهة بالام. ومن الاولاد ما لا يشبه احدا من الذين يناسبوه البتة بل يشبه صورة انسان فقط. ومن الولد ما لا تكون له صورة انسان بل صورته تكون عجيبة. فان الولد الذى لا يشبه الوالدين بنوع من الانواع عجب من العجايب، لأن الطباع فى اولئك خارج من الجنس. وانما الامر كينونة الانثى وليس كينونة الذكر، وذلك مما يحتاج اليه الطباع باضطرار، لانه ينبغى ان يسلم جنس الحيوان الذى فيه افتراق الذكر والانثى، ويمكن ألا يكون الذكر فى زمان من الازمنة غالبا قاهرا إما لحال حداثة سن وإما لكبر وإما لعلة أخرى مثل هذه. فاذا عرضت هذه الاسباب باضطرار يعرض للحيوان ولاد الاناث. فاما الولد العجيب فليس مما يلزم ان يكون باضطرار لحال التمام والذى يقال من اجل هذا، وانما هو مما يعرض باضطرار بنوع عرض. فمن ها هنا ينبغى ان يوخذ الامر الاول. فانه اذا كانت الفضلة جيدة النضوج اعنى فضلة الزرع عملت عملها فى فضلة الطمث وتمت صورة الجنين من حركة الذكر. وليس بين قول القايل ان المنى يفعل ذلك وقول القايل ان الحركة التى تنشى كل واحد من الاعضاء اختلاف، ولا بين قول القايل ان الحرارة انما تفعل ذلك الاول المقوم لخلق المحمول. فان معنى جميع هذه الاقاويل واحد. فهو بين انه اذا غلبت وقهرت هذه الحركة صار المولود ذكرا شبيها بالوالد ولا يصير انثى شبيها بالام. فاذا لم يقهر بأى نوع من انواع ضعف القوة*** فالمولود يكون ليس ذكرا فقط بل ذكر مثل هذا، اعنى قورسقوس او سقراطيس، وليس يكون مثل قورسقوس فقط بل يكون بصورة انسان ما. وبهذا الفن يكون بعض الولد يشبه الاقرب من الاب وبعضه يشبه الابعد، وهو فى الوالد بانه مولد وليس بنوع عرض، كقولى إن كان الذى يلد كاتبا او جار انسان. وقوة الولاد ابدا الاخص والذى يكون فى كل واحد. فان الذى يسمى قورسقوس فهو ايضا انسان ولكن الاقرب الى الخاص ان يكون انسان اكثر من قوته الى الحيوان. وايضا يلد كل واحد ويلد ايضا الجنس ولكن الخاص الذى يكون فى كل واحد اغلب من غيره، لأنه الجوهر بعينه، لأن الذى يكون انما يكون هذا الشىء الذى له كمية وكيفية وهو الجوهر. ولذلك نقول ان حركات جميع التى مثل هذه انما هى فيها*** من قبل القوى وفيها قوة ايضا من الاجداد وما بعد الآباء وانما الاقرب ابدا الذى فى كل واحد. وانما اعنى بقولى كل واحد مثل سقراطيس وقورسقوس. وإن انتقل الكل فليس ينتقل الى شىء آخر ايما كان بالبخت بل الى الذى يضاده، اعنى الذى لا يضبط ولا يقهر فى اوان الولاد فباضطرار يعرض له الانتقال ويكون ذلك الانتقال الى الضد اعنى بالقوة التى <بها> لم يقهر الوالد والمحرك. فان كان ذكر وضعف يصير انثى وإن كان قورسقوس يصير سقراطيس لا يشبه الاب بل يشبه الام، لأن الام ضد كلية الاب والذى يلد***. وكذلك يعرض ايضا من قبل القوة التى تتلو، فان الولد ابدا ينتقل الى الاقرب وانتقاله الى الاقرب اشبه من انتقاله الى الابعد من الآباء والاجداد. وكذلك يعرض لشبه الامهات ايضا. وانما الافعال من الحركات والقوى افعال الذى يلد وافعال الكلى اعنى مثل قوى الانسان والحيوان، فقوة الانثى والآباء والاجداد تفعل مثل هذه الافعال ايضا. فاذا انتقل المولود وتغير ايضا ينتقل الى الاضداد، والقوى التى تخلق تبطل وتنتقل الى القوى الاقرب، كقولى ان كانت قوة التى تلد انثى ضعيفة تنتقل الى صورة الاب ثم تنتقل الى صورة*** المرضع وربما كان تغيير الى صورة الابعد. فخاصة بانه اب وبانه ذكر معا يعرض له من الطباع ان يقهر فى حين من الاحيان ويكون فى حين آخر مقهورا. وذلك من قبل فصل يسير فليس هو بعسر ان يعرض الامران معا، فان سقراطيس رجل مثل هذا. ومن اجل هذه العلة يشبه الاولاد الذكورة للآباء اكثر ذلك والاناث تشبه الامهات، لأن الانتقال يكون فى كليهما. والانثى ضد الذكر والام ضد الاب. وقد قلنا ان الانتقال يكون الى الضد. فان غلبت الحركة التى تكون من الذكر ولم تغلب الحركة التى من سقراطيس*** حينئذ يعرض ان تكون الذكورة شبيهة بالام والاناث شبيهة بالاب. فاما إن بطلت هذه الحركات وبقيت حركة الذكر وبطلت حركة سقراطيس وانتقلت الى حركة الاب سيكون الولد شبيها بالجد او بآخر من الآباء الاقدم بقدر الفن التى وصفنا. وإن بطلت حركة الجد او جد الجد سيكون المولود انثى شبيها بالام خاصة. فان بطلت هذه الحركة ايضا سيشبه تلك الانثى للجدة أو غيرها الاقدم***. وبمثل هذا النوع يعرض لشبه الاعضاء. وتكون بعضها شبيهة باعضاء الاب وذلك مرارا شتى وربما كانت تعرض الاعضاء شبيهة باعضاء الام وربما شبهت بعض الاعضاء لاعضاء الاجداد وقدماء الامهات، لأن بعض الاعضاء تكون بالفعال وبعضها بالقوة كما قلنا مرارا شتى. فينبغى لنا ان نأخذ هذه الحجج بنوع كلى، اما بالحجة الواحدة التى ذكرنا فقلنا ان بعض الحركات تكون بالقوة وبعضها بالفعال واذا بطلت هذه الحركات ينتقل المولود الى الضد واذا بطلت ينتقل اولا الى الحركة الاقرب والتى تتلو واذا كان ذلك البطلان اكثر انتقلت الحركة الى الابعد. وفى أخرة تبطل تلك الحركة تماما ويعرض من ذلك ان لا يكون المولود شبيها باحد من اهله وانسبائه بل يتنقل تنقلا تاما ويكون انسانا فقط. وعلة ذلك ان هذا يتبع لجميع الاشخاص التى لا تجزى وهو بقول كلى انسان وهذا الانسان ابن سقراطيس وامه فلانة. وعلة تحليل الحركات وبطلانها من قبل ان الذى يفعل يلقى ايضا من المفعول به، كقوله ان الذى يقطع يكون كالا من المقطوع والذى يسخن يبرد من المسخون، وبقول عام ان المحرك يتحرك من المتحرك*** ايضا بنوع من الانواع كقولى ان الدافع يدفع ايضا من المدفوع بنوع من الانواع والذى يعصر يلقى مثل ذلك من المعصور. وربما كان الفاعل لاقيا لأنه يلقى اكثر مما يفعل وربما برد الذى يسخن ولم يسخن الذى يبرد، فربما لم يفعل الفاعل شيئا وربما فعل فعل دون. وقد وصفنا ذلك كله فى الاقاويل التى وصفنا وميزنا من حال الفعل والقاء وبينا الاشياء التى يكون فيها الفعل واللقاء. والمفعول به ينتقل ولا يقهر من الفاعل لحال نقص وضعف القوة*** وربما كان ذلك من قبل برد الذى ينضج ويطبخ. فذلك يكون من قبل الفاعل اذا لم يقهر وربما كان من قبل المفعول به اذا لم يكن موافقا لذلك اللقاء والتغيير، ولحال هذه العلل يكون التقويم كثير الصور مختلف المناظر. وهذا العرض شبيه بالعرض الذى يعرض لاصحاب الصراع والبطش بالاعمال الشديدة لحال كثرة الاكل، فانه لحال كثرة الطعم لا يقوى الطباع على القهر بقدر ما يكون النشو بنوع ملايمة وتبقى الصورة على حالها، ولا صور الاعضاء ايضا بل تختلف وربما كان ذلك الاختلاف كثير بقدر ما لا يشبه الذى يكون منه لقديمه البتة. والمرض الذى يسمى ساطوريا قريب مما وصفنا ايضا فانه يكون من نازلة تنزل الى عضو الذكر مع ريح يتولد من الطعام الذى ليس ينضج***. فقد وصفنا العلل التى من اجلها تكون بعض الاولاد ذكورة وبعضها اناث والذكورة تشبه الآباء والاناث تشبه الامهات، وعلى خلاف ذلك الاناث تشبه الآباء والذكورة تشبه الامهات، ومن الاولاد ما تشبه قدماء الآباء والاجداد ومنها ما لا تشبههم البتة، اعنى بكلية الاجساد واعضائها. وقد زعم الذين يكلموا كلاما طباعيا وغيرهم ان علل هذه الاشياء أخر اعنى عل شبه الاولاد الذين ولدوهم. ونسبوا ذلك الى امرين. وزعم بعضهم ان الذى يخرج منه زرع اكثر يكون الولادة شبيهة به، اعنى بكلية الجسد والاعضاء ولا سما لأن الزرع يخرج من كل واحد من الاعضاء. وإن كان الزرع الذى يخرج من الانثى والذكر بالسوية فليس يكون الولد شبيها ولا بواحد منهما. وهذا القول كذب فانه إن كان الزرع لا يخرج من كل الجسد فهو بين ان الذى ذكروا لا يكون علة الشبه وغير الشبه. وايضا كيف يمكن ان تكون الانثى شبيهة بالاب والذكر شبيها بالام معا، ليس يمكن ان يميز ولايفصل هذا القول بحدود بينة. فاما الذين يقولون مثل قول انبدوقليس وديمقرويطوس فانهم ينسبون كينونة الذكر <وكينونة الانثى> الى علة أخرى وقولهم ايضا غير ممكن بنوع آخر. فاما الذين يقولون ان شبه الذكر للاب وشبه الانثى للام يكون قبل الزرع الاكثر فليس يقووا على الايضاح بأى فن تكون الانثى شبيهة بالاب والذكر شبيها بالام، لأنه لا يمكن ان يخرج زرع كثير من كلاهما معا. وايضا لأى علة يكون المولود شبيها بالاجداد او بالذين هم اقدم من اولئك. ولا يكون شبيها بالآباء الذين يبعدون عنه جدا فانه لم يخرج من اولئك زرع البتة. والقول الثانى، اعنى الذى يذكر سبب الشبه، اشبه وامثل من غيره، اعنى قول الذين يزعمون ان المنى واحد وهو مثل اجتماع زروع كثيرة فى مكان واحد. كما يعرض للذى يأخذ رطوبات كثيرة فيمزج منها مزاجا واحدا ثم يأخذ من ذلك المزاج، وهو قوى على ألا يأخذ شيئا مستويا من ذلك المزاج ابدا اعنى من اجزاء الرطوبات التى مزجت بالسوية بل يأخذ مرة من هذه الرطوبة اكثر ومرة أخرى من [غير] تلك الرطوبة، وذلك ممكن لأن <المنى> مزاج من اخلاط كثيرة. فاذا اخذ كثير من بعض تلك الاخلاط يكون شبه صورة المولود مثل الذى منه اخذ الخلط الاكثر. وليس هذا القول عندى بواضح وهو شبيه ان يكون مثل قول مصنوع، واصوب ما يقول اهل هذا الهوى ما يزعمون ان اصناف الشبه ليست هى فى الزرع بالفعال بل بالقوة وهو الذى يسمى جماعة زروع، فانه لا يمكن ان يكون ذلك بالفعال فاما بالقوة فهو يستطاع. واذا صار مؤدا العلة بنوع واحد يعسر مؤدا علل جميع اصناف الشبهة التى ذكرنا اعنى العلة التى من اجلها يكون الانثى مرارا شتى شبيهة بالاب، والذكر شبيه بالام، والعلة التى من اجلها يكون المولود شبيها بالاجداد والذين اقدم منهم، والعلة التى لحالها يكون المولود انسانا ولا يكون شبيها بالاب البتة، وايضا ربما لم يكن المولود كالانسان بل يظهر المولود كصنف من اصناف الحيوان اعنى الاصناف التى تسمى عجايب. فانه مما يتلو قولنا ذكر الاولاد العجيبة وتصنيف عللها. فانه اذا بطلت الحركات ولم تقهر الهيولى يبقى الكل خاصة، وهو الحيوان. فاما المولود فانه يكون له رأس كرأس كبش او رأس ثور او رأس من رؤوس ساير الحيوان، ومثل هذا العرض يعرض لساير اجناس الحيوان فانه ربما ولد عجل له رأس صبى وربما ولد خروف له رأس ثور. وجميع الاعراض تعرض لحال العلل التى ذكرنا وليس يمكن ان تكون هذه العجايب التى ذكروا بل تكون شبيهة ببعض اعضاء الحيوان وربما كان ذلك ايضا من الوالدين الذين ليس بمضرورى الابدان. والذين يقصون الناس ربما قالوا ان الذى ليس بجميل شبيه بعنز تنفح نارا واقاويل مثل هذه كثيرة ايضا. فاما بعض اصحاب العلم الطباعى فانه كان ينسب جميع اصناف هذا الشبه الى مناظر اثنين او ثلاثة من مناظر الحيوان وكان يقنع كثير من الناس بقوله. فاما نحن فانا نزعم انه لا يمكن ان يكون عجب مثل هذا، اعنى ولاد حيوان آخر شبيه بحيوان آخر. والدليل على ذلك اختلاف الحمل فان ازمان الحمل مختلفة اختلافا كثيرا اعنى زمان حمل الانسان والكلب والثور. وليس يمكن ان يكون يتولد كل واحد من اصناف الحيوان إلا بقدر الزمان الموقوف لولاده. فبعض اصناف الاولاد العجيبة تكون بمثل هذا النوع وبعضها تقال عجيب لحال كثرة الاعضاء واختلاف صورتها فانه ربما ولدت اولادا كثيرة الارجل واولادا أخر كثيرة الرؤس. واسباب عللها تقرب بعضها من بعض هى بنوع من الانواع متشابهة اعنى علل الاولاد العجيبة وعل الحيوان الذى يولد ناقصا مضرورا فان الولد العجيب مضرور ايضا. 4 - فاما ديمقريطوس فانه يزعم ان الاولاد العجيبة تكون من قبل النطفتين التى تقع فى الرحم، اذا وقعت فيه النطفة الاولى وثبتت ولم تخرج ثم وقعت عليها النطفة الثانية وبقيت فى الرحم ايضا والتامت مع النطفة الاولى وتبدلت خلقة الاعضاء لهذا السبب. فاما الطير فهو سريع السفاد ولذلك ينقل البيض من مكانه***. ويعرض للطير ان يتولد بيض كثير فى رحم الانثى من نطفة واحدة وربما كان ذلك من سفاد كثير، وهذا القول عندى اصوب من غيره وليس ينبغى ان نترك السبل القاصدة ونسلك السبيل الطويل المتعوج. فباضطرار يعرض هذا العرض خاصة لاجناس الطير اذا لم تنفصل النطف بل وقعت معا فى الرحم. فان كان ينبغى لنا ان ننسب العلة الى نطفة الذكر فهذا العرض يعرض بقدر هذا الفن. وبقول كلى هو امثل واشبه ان يظن ان العلة فى الهيولى وفى خلقة اصناف الحمل. ولذلك تكون الاولاد العجيبة فى الحيوان الذى لا يلد إلا ولدا واحدا قليلة جدا، فاما فى الحيوان الذى يضع جرى كثيرة فهذه العجايب اكثر وخاصة الطير، ومن الطير الدجاج، فانه يبيض بيضا كثيرا، وجنس الحمام ايضا***. ولهذه العلة يبيض كثير من الدجاج بيضا فيه محتان لحال التيام النطفتين التى تكونان من سفادين فان النطفتين تلتام لوقوع النطفة الواحدة قريبة من الأخرى، مثل ما يعرض لكثير من قشور الثمرات. واذا كانت النطفتان مفترقة بسفاق يحجب بينهما يتولد منهما فرخان متفرقان ليس فى خلقتهما فضل عضو، فاما اذا التامت النطفتان ولم يكن حجاب يحجب بينهما فحينئذ يكون فراخ عجيبة لها رأس واحد وجسد واحد واربعة ارجل واربعة اجنحة لأن الناحية العليا تخلق من البياض اولا، ويكون غذاها من الصفرة ثم فى أخرة تخلق الناحية السفلى والغذاء واحد ليس بمميز ولا مفصل. وقد ظهرت حية لها رأسان لحال العلة التى هى فهى، فان الحية تبيض بيضا وجنس الحيات كثير البيض. ولا تكون الخلقة العجيبة فيها إلا فى الفرط لحال شكل الرحم، فان بيض الحيات مصفوف فى الرحم لطوله. وليس يعرض مثل هذا العرض للنحل ولا للدبر، لأن كل فرخ من فراخها فى نقب على حدته. فاما الدجاج فالعرض الذى يعرض لها على خلاف ما ذكرنا، ولذلك ينبغى لنا ان نظن ان علة مثل هذه العجايب من قبل الهيولى. ولذلك نجده فى ساير الحيوان الذى يلد ولدا كثيرا. ولحال هذه العلة لا يكون الاولاد العجيبة فى النساء إلا فى الفرط، لأن النساء لا يلدن إلا ولدا واحدا اكثر ذلك وانما يلدن ولدا تاما، وفى بعض البلدان يلدن بعض النساء اولادا كثيرة وخاصة فى ناحية مصر وغيرها من البلدان التى تشبهها بالمزاج. والاولاد العجيبة تكون فى المعزى والغنم اكثر مما يكون فى غيرها لأنها تلد اولادا كثيرة. وهذا العرض يعرض للحيوان المشقوق الرجلين بشقوق كثيرة اكثر مما يعرض لغيره لحال كثرة الولد ولأنه لا يلد ولدا تاما مثل الكلبة، فانها تضع اكثر جرائها عمى. وسنذكر العلة التى بسببها تكثر الجراء فى أخرة. فلأن الكلبة تضع جرى ليست بتامة يكون ذلك النقص سبيلا آخذا الى خلقة العجايب التى تكون من خطأ عمل الطباع، فان الولد العجيب من الاشياء التى لا تشبه بعضها بعضا. ولذلك هذا العرض يبدل خلقة الطباع فى مثل هذه الاصناف. وفى الخنازير تكون مثل هذه الخلقة خاصة وتكون عجيبة، لأن النقص امر عجيب. وهو على غير الطباع وليس يكون ذلك فى كل حين بل يكون مرارا شتى، وربما لم يكن لأنه لا يمكن ان يكون شىء على غير الطباع ابدا باضطرار، ولأن هذا العرض يعرض لبعض الحيوان مرارا شتى*** لا نظن انه عجيب جدا مثل غيره، لأن الذى يكون على غير الطباع مرارا شتى شبيه بالذى يكون على الطباع، وذلك يعرض اذا لم يكن الطباع غالبا على الصورة والهيولى. ولذلك لا يسمى كثير من الناس هذا الصنف باسم الولد العجيب لأن كينونته قد جرت فى العادة كما جرت فى الثمرات. وفى اجناس الكرم جنس يسمى الدخانى، واذا حمل عناقيد سود لا يرى الناس ان ذلك الحمل من العجايب لأنها تحمل مثل ذلك مرارا شتى. فقد جرى ذلك فى العادة. وجنس هذه الكرمة فيما بين الكرمة البيضاء من قبل الطباع <وبين الكرمة السوداء> فليس التغيير على غير الطباع لأنه لم ينتقل الى طباع كرمة أخرى. وهذا العرض يعرض للحيوان الذى يلد ولدا كثيرا فان كثرة الولد مما يمنع تمام الخلقة***. وخليق ان يسأل احد مسألة عويص ويطلب علة كثرة الولد*** وكثرة الاعضاء وقلة الولد*** ونقص الاعضاء فانه ربما ولد ولدا له اصابع كثيرة وربما كانت له اصبع واحدة فقط وساير الاعضاء كمثل، فانها ربما كانت زايدة على خلقتها وربما كانت ناقصة. وربما ولد ولدا له ذكر وله عضو النساء، وهذا العرض يعرض للناس ويعرض ايضا للمعزى التى تسمى باليونانية طراغاناس لأن لها عضو الذكر وعضو الانثى. وقد ظهرت عنز فى ساقها قرن فى الزمان الذى سلف، ويكون هذا التغيير والنقص والزيادة فى اعضاء الجوف ايضا لأنه ربما كانت خلقة بعضها ناقصة وربما كانت زايدة وربما كانت فى غير اماكنها وربما لم يكن عضو واحد البتة. ولم يكن قط حيوان ليس له قلب، وقد ولد حيوان ليس له طحال وربما كانت له كلوة واحدة، ولم يولد حيوان ليس له كبد. وهذه الاشياء توجد فى الحيوان الحى التام الخلقة. وربما لم توجد مرة فى الحيوان الذى فى طباعه مرة وربما وجدت فى الحيوان مرة اكثر من واحدة***. وربما وجدت بعض الاعضاء منتقلة من اماكنها اعنى الطحال فى الناحية اليمنى والكبد فى الناحية اليسرى. وذلك كله ظهر فى الحيوان التام الحى كما قلنا فيما سلف. وفى الاولاد التى تولد اختلاف كثير واختلاط على اصناف شتى، فما كان من الاولاد خارج من الطباع خروجا يسيرا فهو يعيش زمان، وما كان مجاوزا للطباع مجاوزة كثيرة لا يعيش ولا يبقى ولا سيما اذا كان تغير الطباع فى الاعضاء المسودة التى فيها قوة الحياة. ولذلك نطلب ان نعلم إن كان ينبغى لنا ان نظن ان علة الحيوان الذى يلد ولدا واحدا والتغيير الذى فى كل واحد من الاعضاء وعلة كثرة الاعضاء ونقص الاعضاء وعلة كثرة الولاد واحدة هى فهى ام لا. فينبغى <لنا> ان نطلب اولا لماذا بعض الحيوان كثير الولد وبعضه لا يلد إلا ولدا واحد. وبحق نتعجب من هذا العرض، فان الحيوان العظيم الجثة لا يلد إلا ولدا واحدا مثل الفيل والجمل والفرس وكل حيوان له حوافر، *** وفى عظم هذا الحيوان اختلاف كثير. فاما الكلب والذيب وجميع الحيوان المشقوق الرجلين بشقوق كثيرة فهو يضع جرى كثيرة وما صغر من الحيوان كذلك مثل جنس الفأر. والحيوان الذى له ظلفان قليل الولد، ما خلا الخنريرة فانها من الصنف الكثير الولد. وقد كان من الحق الواجب ان يكون الحيوان الكبير الجثة قويا على ولاد اولاد كثيرة لحال كثرة الزرع الذى يخرج منه. والامر الذى منه نتعجب هو علة عدم العجب، لأنا نقول ان الحيوان العظيم الجثة لا يلد اولادا كثيرة لعظم جثته، فان الغذاء يفنا ويذهب فى نشو اجسادها ولا يبقى منه إلا اليسير. فاما فى الحيوان الصغير فان الطباع نقص من غذى الجسد وزاد على فضلة الزرع. وايضا ينبغى ان يكون زرع الحيوان العظيم الجثة الذى يولد منه حيوان كثير اكثر، فاما زرع الحيوان الصغير الجثة <ف>يكون قليلا، وذلك يعرض باضطرار. فهو يمكن ان يكون حيوان صغير كثير معا فى موضع واحد ويعسر ان يكون حيوان كبير كثير معا***. فاما ما كان من الحيوان وسط الجثة فهو فيما بين الحيوان العظيم الجثة والحيوان الصغير الجثة. وقد ودينا علة ذلك فيما سلف.*** وايضا الحيوان الذى له حوافر لا يلد إلا ولدا واحدا اكثر ذلك، فاما الحيوان الذى له ظلفان فهو قليل الولد والحيوان المشقوق الرجلين بشقوق كثيرة كثير الولد. وعلة ذلك من قبل اختلاف عظمها وتمييز جثثها.*** فعظم الاجساد وصغرها علة <كثرة و> قلة الولد، وليس الحوافر ولا الاظلاف ولا تشقيق الرجلين علة ما ذكرنا. والعلامة الدليلة على ذلك ما نذكر حيننا هذا، فان الفيل عظيم جدا اكثر من جميع الحيوان ورجليه مشقوقين بشقوق كثيرة، فاما الجمل فله ظلفان وهو اعظم من ساير الحيوان. وليس يعرض هذا العرض فى الحيوان المشاء فقط بل فى الحيوان المائى والطير ايضا، اعنى انه ما كان من هذه الاجناس عظيم الجثة فهو قليل الولد وما كان منها صغير الجثة فهو كثير الولد لحال العلة التى هى فهى، وما كان من الشجر عظيم الجثة لا يحمل ثمرة كثيرة. فقد بينا العلة التى من اجلها يكون بعض الحيوان يلد ولدا واحدا وبعضه يلد اولادا كثيرة وبعضه فيما بين الطرفين، وذلك كله من الطباع. وبحق يعجب المتعجب من العرض الذى يعرض للحيوان الذى يكثر الولد وكيف تحمل الاناث مرارا شتى من سفاد واحد. فاما زرع الذكر إما كان موافقا لخلط الهيولى فقط ولخلط زرع الانثى فى اوان الحمل وإما لم يكن موافقا لخلط ما ذكرنا بقدر هذا الفن بل يجمع ويخلق اليولى التى فى الانثى وفضلة الزرع، كما تفعل المسوة برطوبة اللبن. ولأى علة لا يخلق ذلك الزرع حيوان واحد له عظم مثل ما تفعل المسوة باللبن *** بل يتولد من تلك الهيولى والفضلة اولاد شتى. وقول الذين يزعمون ان علة ذلك اماكن الرحم لأنها تجذب الزرع الى ذاتها فلحال كثرة تلك الاماكن وافواه العروق التى تنتهى الى الرحم تكون اولاد كثيرة <فهو خطأ>، والدليل على ما ذكرنا من قبل انه ممكن ان يكون ولدين معا فى مكان واحد من اماكن الرحم. وقد ظهر ذلك مرارا شتى فى الحيوان الكثير الولد اذا امتلا الرحم من خلقة الاولاد. وذلك ايضا بين واضح من شق الاجساد ومعاينة ما وصفنا. ولكن كما يعرض لحيوان الذى تتم وتكمل خلقته اعنى ان كل واحد من اجناس الحيوان ينتهى الى عظم معروف ولا يجاوز حده ولا غاية عظمه وصغره اذا كان عظيما او صغير ولا الاعتدال الذى فيما بين العظم والصغر والفضلة والنقص، ولا يكون رجل يجاوز حد الناس فى العظم والصغر والنقص كذلك يعرض لساير الحيوان ايضا، فان الهيولى التى منها تخلق الحيوان ليست بغير محدود ولا ذاهبة الى الاكثر والاقل بل لها حد وغاية معروفة. فجميع الحيوان الذى يلد اولادا كثيرة انما يعرض له ذلك لأنه يفضى زرعا اكثر مما يصلح لخلقة حيوان <واحد> فتخلق من تلك الفضلة اولاد تكون كثرتها بقدر كمية الزرع والهيولى وموافقتها للاولاد التى تخلق منها. وزرع الذكر ايضا والقوة التى فى الزرع لا تقوم شىء اكثر ولا اقل من الخلق الطباعى. فان افضا الذكر نطفة كثيرة لا تفعل القوة*** شيئا اعظم ولا اكثر من الامر المعروف المحدود بل يعرض خلاف ذلك ايضا اعنى انه يجفف ويفسد، كما تفعل النار اذا جاوزت حدها والماء ايضا اذا سخن لسخونته حد معروف، فاذا انتهى الى ذلك الحد <و> ازداد على النار التى سخنته لم يزداد الماء حرارة، بل يتحلل ويصير منه بخار وفى أخرة يفنى ويذهب ويكون يابسا. وينبغى ان يكون <فى> الزرع الذى يفضى الذكر وفى فضلة الانثى اعتدال. فاذا كانت نطفة ذكورة الحيوان الذى يلد ولدا كثيرا وفضلة الاناث <معتدلة> من ساعتها تكون قوة الذكر على ان يقوم ويخلق تلك الفضلة التى تجزأ باجزاء شتى وتكون فضلة الاناث ممكنة لخلقة وتقويم اولاد كثيرة. فاما المثال الذى ذكر من اللبن فليس هو على مثل هذه الحال، لأن الزرع لا يقوم كمية فقط بل يصير فى الفضلة كيفية ايضا، فاما المسوة فهى تقوم كمية اللبن ولا تغير كيفيته. فهذه العلة التى من اجلها تخلق اولاد كثيرة فى ارحام الحيوان الذى يكثر الولاد ولا يخلق ولد واحد متصل لحال الحد الذى ذكرنا، وإن كان الزرع قليلا لا يكون منه شىء وإن كان كثيرا جدا فالقوة محدودة اعنى قوة المفعول به وقوة الحرارة التى تفعل. وكذلك يعرض للحيوان العظيم الجثة الذى يلد ولدا واحدا فانه لا يمكن ان يكون يخلق اولادا كثيرة من فضلة كثيرة، فان فى ذلك الحيوان ايضا حدا معروفا لقوة الفاعل وقوة المفعول به. فليس يفضى الذكر اكثر مما يحتاج اليه ولا فضلة الانثى تكون اكثر من الحاجة المحدودة من الطباع لحال العلة التى وصفنا، ومن تلك الفضلة يخلق ولد واحد فقط. وإن افضا الذكر زرعا اكثر فى وقت من الاوقات وكانت فضلة الانثى ايضا كثيرة خلق منها ولدين. ولذلك يظن ان الاولاد التى تكون على مثل هذه الحال منسوبة الى العجايب لأنها لا تكون إلا فى الفرط. فاما الانسان فهو فيما بين هذين الجنسين اعنى جنس الحيوان الذى يلد ولدا واحدا ويقل الولد وجنس الحيوان الذى يكثر الولد، فان الانسان من الحيوان الذى يلد ولدا واحدا من قبل الطباع، ولحال رطوبة وحرارة الجسد ربما اكثر الولد، فان طباع الزرع رطب حار. وايضا لحال عظم الجثه لا يلد إلا ولدا واحدا، وربما ولد اكثر من ذلك للعلة التى وصفنا. ولهذا السبب ازمان حمل الانسان مختلفة من بين ساير الحيوان، اعنى ان ازمان حمل ساير الحيوان واحد محدود معروف، فاما ازمان حمل الانسان فكثيرة مختلفة ، لأن المرة تلد فى الشهر السابع وفى الثامن وفى الازمان التى بينهما، فانه ربما ولد الولد فى الشهر الثامن وعاش واكثر ما يولد فى ذلك الشهر لايعيش. وعلة ذلك تعرف من الاضطرار التى وصفنا آنفا وقد ذكرنا علل هذه الاشياء فى كتاب المسايل. ونحن نكتفى بما جربنا وفصلنا بقدر هذا النوع فى اصناف الطلب الذى طلبنا. وعلة ولاد التؤمين وعلة الاعضاء الزايدة على غير الطباع واحدة هى فهى، لأن الاعراض التى تعرض على مثل هذه الحال انما تعرض فى اول الحمل اذا تقومت الهيولى كثيرة فى طباع العضو، فانه يعرض ان يكون ذلك العضو اكثر من غيره مثل الاصبع او اليد او الرجل او شىء آخر من الاطراف او ساير الاعضاء، وربما افترقت النطفة وكانت منها خلقة اثنين كما يعرض لاصول الشجر التى تصيبها رياح الانهار. فانها تفترق باثنين ويكون منها تقويم شجرتين من اصل واحد وقوة واحدة، مثل هذا العرض الذى يعرض لخلقة الاولاد ايضا. وبعضها يكون قريبا من بعض*** لحال الحركة التى فى الجسد، وخاصة لحال زيادة الهيولى اذا كثرت وكانت قوية على ان [لا] يكون منها اكثر من صورة ولد واحد. فاما الاعراض التى تعرض لبعض الاولاد ويكون للولد الواحد عضو ذكر وعضو انثى معا فهى تكون ابدا من فضلة زرع تميل الى تلك الناحية، ويكون العضو الواحد مسودا والآخر غير مسود ومن الغذا يتمحق لأنه على غير الطباع. وانما شكله فى المكان الذى يكون فيه مثل اصناف الخراج، فانها تقبل غذاء فان كان خروجها بعد الولاد وعلى غير الطباع. واذا غلب الذى يجبل يكون الاثنان شبيهين به، واذا كان مقهورا يكون الاثنان شبيهين بالانثى، واذا كان غالبا بنوع ومقهورا بنوع يكون احد الولدين انثى والآخر ذكر. وهذا القول موافق للكل وللاعضاء ليس فيه اختلاف. وقد وصفنا فيما سلف علة ولاد الذكر والانثى وايضا العلة التى من اجلها يكون نقص طرف من الاطراف او ساير الاعضاء واحدة لأنها شبيهة بالعلة التى يكون منها السقط. واصناف سقط الاولاد تكون على اصناف كثيرة. وقد يكون تغيير*** الاعضاء الصغيرة الحقيرة وتغيير الاعضاء العظيمة المسودة، وربما كان لبعض الحيوان المولود طحالان وكلى كثيرة. ويكون انتقال بعض الاعضاء من قبل تغيير الحركات، وتنتقل الهيولى. ويكون الحيوان واحدا عجيبا او يكون اثنين ملتامين*** ويكون لهما قلب واحد وساير الاعضاء كثيرة على غير الطباع. وربما كان لهما قلبان فى الاثنين الملتامين، فذلك يعرض لها لحال التيام الجسدين. ويعرض للحيوان المضرور من قبل الولاد ان يوجد بعض سبل الجسد ملتامة عند التمام والكمال وربما كانت السبل زايلة عن اماكنها. وربما كانت افواه ارحام بعض النساء ملتامة من الولاد الى وقت الحمل. فاذا بلغ اوان الطمث عرضت لهن اوجاع شديدة وانفتحت افواه الارحام من ذاتها وانصبت الدماء، وشقت افواه بعضها من الاطباء. ومنهن من هلك من هذه العلة، وانشق فم الرحم لشدة إصابته من خارج***. وربما ولد من الذكورة من له سبيل الذكورة وخروج الفضلة من المثانة زايل عن فم الذكر، وذلك السبيل يكون فى اسفل الذكر. ولهذه العلة يبولون جلوسا. وربما كانت الخصا مجذوبة الى فوق، والذى يعاين مكانها من بعد يراها تشبه بعضو المرأة موافق للجماع. وربما ولد بعض الحيوان وسبيل مخرج الفضلة اليابسة من الطعام ملتامة، وقد ظهر ذلك فى الغنم وساير الحيوان، وقد ولدت فى البلدة التى تسمى باليونانية بيريموس بقرة كانت فضلة الطعام تصفيتها تخرج من ناحية المثانة، فلما نظروا الى ذلك <و> فتحوا سبيل فضلة الطعام التام ايضا عاجلا، وفعلوا ذلك غير مرة فلم ينتفعوا بفتحهم تلك السبيل. فقد ذكرنا حال كثرة الولاد وقلته ونبات الاعضاء الزايدة، وايضا حال الحيوان العجيب. - وينبغى ان نعلم ايضا ان ما عظم من الحيوان لا يحمل بعد حمله ومنه ما يحمل بعد حمله، ومن ذلك الصنف ما يقوى على تربية الحمل ومنه ما لا يقوى على غذاه وتربيته***. فعلة الحيوان الذى لا يحمل بعد حمله من قبل انه لا يلد إلا ولدا واحدا. فان الحيوان الذى له حوافر لا يحمل بعد حمله والحيوان الذى هو اعظم منه جثة كمثل، لأن الفضلة تفنى فى تربية الحمل الاول لحال عظمه. ولجميع هذا الصنف عظم جسد، واذا كان الحيوان عظيم الجثة بحق يكون ولده ايضا عظيم الجثة، وولد الفيلة مثل عجل. فاما الحيوان الكثير الولد فهويحمل بعد حمله لصغر جثة الولد***. وما كان من هذا الصنف ايضا له عظم، مثل الانسان، إن سفد السفاد الثانى قريبا من السفاد الاول فالحمل الذى يكون بعد المحمول الاول تربا وتتم خلقته. وقد ظهر هذا العرض فى الزمان الذى سلف. وعلة ذلك الامر الذى ذكرنا لأنه من سفاد واحد يفضى زرعا كثيرا، فاذا تجزأ ذلك الزرع كانت منه ولاد كثيرة ***. فاذا نشأ ما يكون من الحمل الاول وعرض للانثى سفاد حملت ايضا، وانما يكون ذلك فى الفرط مرة لأن الرحم يغلق فمه بعد الحمل الى تمام الثمانية الاشهر وذلك فى النساء. فان عرض لهم حمل بعد الحمل الاول لا يقوى على تمام خلقته بل يكون المحمول اخيرا مثل الذى يسمى اسقاطا. وكمثل ما يعرض للحيوان الذى يلد ولدا واحدا لحال عظم الجثة اعنى لأن كل الغذاء يميل الى تربية الجسد، كذلك يعرض هنا ايضا، وذلك يكون من ساعته فى ولد الحيوان العظيم الجثة، فاما هنا فهو يكون اذا نشا وعظم الجنين، فانه فى ذلك الوقت يكون مثل ولد الحيوان العظيم الجثة. وايضا هذا العرض يعرض للنساء من قبل ان لهن موافقة لكثرة الولاد لحال عظم الرحم وكثرة الفضلة، ولكن ليس فى تلك الفضلة كفاية لتربية الحمل الثانى. وانما تقبل السفاد الثانى بعد السفاد الاول المرأة والرمكة من بين الحيوان لحال العلة التى ذكرنا اعنى لحال سعة رحم المرأة والرمكة لحال صلابة طباعها ولحال عظم الرحم، ولكن لا يتم الحمل الثانى لقلة الغذاء. وهاذين الصنفين تحب الجماع والسفاد لأنه يعرض لهما مثل العرض الذى يعرض للاجناس الصلبة الاجساد وتلك على مثل هذه الحال من قبل انها لا تنزف دما ولا سيما بعد السفاد***. واناث الخيل تخرج فضلة يسيرة فى اوان الطمث. وفى جميع الحيوان الاناث الصلبة الاجساد محبة لكثرة السفاد لأن طباعهما قريبة من طباع الذكورة ولاسيما اذا كان الزرع مجتمعا لم تخرج فضلة دم الاناث، فان خروج الطمث شبيه بخروج الزرع، لأن دم الطمث زرع ليس بنضيج كما قلنا فيما سلف. ولهذا السبب النساء الاتى يشتقن الى الجماع جدا ولا يضبطن انفسهن اذا ولدت اولاد كثيرة يعفن من الحمل من اجل انه اذا خرجت فضلة الزرع لا يكون لهن شوق الى الجماع. واما اناث الطير فليس تشتاق الى السفاد مثل شوق الذكورة لأن ارحامها تحت الحجاب، فاما الذكورة فعلى خلاف ذلك لأن الخصوين مجذوبة فى داخل اجسادها فالذكورة تحتاج الى كثرة السفاد لأنها كثيرة الزرع من قبل الطباع*** فقد بينا العلة التى لسببها يحمل بعض الحيوان بعد حمله ومنه ما يربى الحمل الثانى بعد الحمل الاول ومنه ما لا يربيه، وبعض الحيوان لا يحمل بعد الحمل الاول البتة. واوضحنا العلة التى من اجلها بعض الحيوان كثير السفاد وبعضه لا يكثر السفاد. ومن الحيوان ما يحمل بعد الحمل الاول ويكون فيما بين السفادين زمان كثير ويقوى على تربية ذلك الحمل وانما يكون ما وصفنا فى الحيوان الذى ليس له عظم جسد وجنسه من قبل الطباع كثير الزرع وكثير الولد، ولانه يلد اولادا كثيرة تكون ارحام الاناث واسعة، ولأن طباع الذكورة موافق لكثرة الزرع يفضى زرع كثير. وفضلة الاناث التى تخرج بالطمث كثيرة ايضا، ولأنه ليس لاجسادها عظم والتنقية التى تكون بالطمث اكثر من غذاء المحمول تقوى على تقويم حيوان آخر ايضا، <و>يحمل بعد الحمل الاول ويغذا ويربا ذلك الحيوان. وايضا ارحام اصناف الحيوان التى مثل ما ذكرنا لا تكون مغلقة الافواه لحال كثرة تنقية الطمث الذى يخرج منها. وربما عرض هذا العرض للنساء ايضا فانه يعرض طمث لبعض النساء الحوامل من اول الحمل الى تمامه. ولكن هذا العرض يعرض من نساء على غير الطباع، ولذلك يكون المحمول مضرورا. فاما العرض الذى يعرض للحيوان المضرور فهو طباعى، فهذا تقويم الجسد من اول خلقته مثل الحيوان الازب الشعر فى ناحية الرجلين، فان هذا الحيوان يحمل بعد حمله، لأنه ليس من الحيوان العظيم الجثة وهو كثير الولد. ورجلاه كثيرتا الشقوق وكل حيوان مشقوق الرجلين بشقوق كثيرة يكون كثير الولد وكثير الزرع. والدليل على ذلك كثرة الشعر الذى يجاوز الاعتدال ولاسيما مما يلى الناحية السفلى من الرجلين وناحية الفخذين،*** وكثرة الشعر دليل على كثرة الفضلة، وهذه العلة الرجال الكثيرى الشعر يكثرون الجماع ويكثر زرعهم للفضلة التى فى اجسادهم فجماع اولئك اكثر من جماع الملس الابدان [اعنى اصحاب قلة الشعر]. فاما الحيوان الازب الرجلين فربما كان حاملا ومع الحمل يلد اولادا تامة والحمل بعد باق على حاله. 6- فاما الحيوان الذى يلد حيوانا فمنه ما يلد ولدا غير تام ومنه ما يلد حيوانا تاما، فجميع الحيوان الذى له حوافر يلد حيوانا تاما وكل حيوان له ظلفان كمثل، فاما اكثر الحيوان المشقوق الرجلين بشقوق كثيرة فهو يلد حيوانا غير تام. وعلة ذلك من قبل ان الحيوان الذى له حوافر يلد ولدا واحدا، فاما الحيوان الذى له ظلفان إما يلد واحدا وإما يلد اثنين اكثر ذلك، وكل حيوان يلد ولدا قليلا يربيه تربية ليست بعسرة. فاما الحيوان المشقوق الرجلين <الذى> يلد ولدا غير تام فهو يكثر الولد، ولهذا السبب يقوى على تربية اولاده اذا كان حديث السن، فاما اذا نشا وعظم جسده فانه لا يقوى على تربيه بل يلد اولاده مثل الحيوان الذى يلد دودا. وربما ولد اولادا غير مفصلة مضرورة مثل الثعلب والدب والاسد وبعض هذه الاولاد تكون عميا. وكذلك يلد الكلب والذيب والحيوان الذى يسمى باليونانية ثوس. فاما الخنزيرة فهى تلد اولادا كثيرة واولادها تامة وطباعها فيما بين الصنفين التى ذكرنا، لأنها تلد اولادا كثيرة مثل الاصناف المشقوقة الرجلين بشقوق كثيرة ولها ظلفان وربما كانت للخنازير حوافر. وذلك موجود فى بعض البلدان. فهى تلد اولادا كثيرة لأن الغذاء الذى يذهب الى عظم الجثة يميل ويصير فى فضلة الزرع، فليس لهذا الحيوان عظم مثل عظم الحيوان الذى له حوافر ويكون له ايضا اظلاف كأنه مخلوق على خلاف طباع الحيوان الذى له حوافر. فلهذه العلة ربما ولد واحدا*** وربما ولد اولادا كثيرة. والخنزيرة تربى ما تحمل الى ان تتم خلقته لخصب وحسن حال جسدها وكثرة غذائها. وهى مثل شجرة مغروسة فى ارض سمينة لها غذاء كثير. وبعض الطير يفرخ فراخا غير تام وهو الطير الذى يفرخ فراخا كثيرة وليس له عظم جسد مثل الغداف والطير الذى يسمى باليونانية كسا والعصفور والخطاف، ومن الطير الذى يفرخ فراخا قليلة ما لا يلد مع فراخه غذاء فيه كفاية لتربيتها مثل الاطرغلة والفاختة والحمامة. ولهذا السبب إن اخرج احد عينى فراخ الخطاف بحديدة او غير ذلك وهو حدث بعد يعود عينيها الى حال الصحة الاولى***، لأنها تنبت وتنشو ايضا كما كانت فى الامر الاول. فمن الحيوان ما يلد ولدا غير تام لحال ضعفه عن الغذاء***. وذلك بين ايضا فى الاولاد التى يلدن النساء فى الشهر السابع. فلان تلك الاولاد غير تامة مرارا شتى تكون بعضها غير مفصلة فى السبل اعنى سبل الاذنين والمنخرين ، فاذا نشت تلك الاولاد تفصلت وتفتحت السبل. وكثير من هذا الاولاد يعيش ويبقى. وبعض الذكورة التى تولد من النساء تكون مضرورة اكثر من الاناث، فاما فى ساير الحيوان فلا. وعلة ذلك من قبل ان بين الذكر والانثى فى الناس اختلاف كثير بحرارة الطباع، ولذلك تكون الذكورة المحمولة اكثر حركة من الاناث، فلكثرة حركتها يصيبها كسر ورض وغير ذلك من اصناف الضرورة، لأن الجنين طرى ضعيف يسرع اليه الفساد لحال ضعفه. ولهذه العلة يكون خلاف فى تمام خلقة الذكورة والانات فى ارحام النساء، فان خلقتها تكون بنوع مختلف، فاما فى ساير الحيوان فليس يظهر اختلاف فى تمام خلقة الاناث والذكورة لأنه ليس فى الاناث منقصة من الذكورة والذكورة تنفصل فى ارحام النساء فى زمان اقل من الزمان الذى تنفصل فيه الاناث، فاما بعد الولاد فان الاناث اسرع شبيبة واسرع كبرا وانهدام لأنها تطمث وتشب وتعجز عاجلا اكثر من الذكورة لأن الاناث اضعف من الذكورة من قبل ان طباعها ابرد، وينبغى لنا ان نظن ان التأنيث مثل ضرورة طباعية. فاذا كانت الانثى داخلا فى الرحم تنفصل تفصيلا بطيئا لحال البرد لأن التفصيل صنف من اصناف النضوج، والحرارة تنضج وما كان اكثر حرارة فهو اجود نضوجا. فاما اذا خرجت الانثى خارجا فهى تشب وتدرك عاجلا وتشيب لحال ضعف الطباع. وجميع الاشياء الاصغر والاضعف تخرج وتنتهى الى التمام عاجلا كما يعرض لاعمال المهنة والاعمال التى تقوم من الطباع لحال العلة التى ذكرنا. واذ حملن النساء تؤمين وكان احدهما ذكرا والآخر انثى فسلامتهما دون سلامة غيرهما، فاما فى ساير الحيوان فليس سلامتهما دون سلامة غيرهما لأن استواء المجرى فى ساير الحيوان على غير الطباع فاما فى النساء فليس يكون تفصيل الذكر والانثى فى ازمان متساوية بل باضطرار يكون تفصيل الذكر قبل تفصيل الانثى، وليس ذلك فى ساير الحيوان على مثل هذه الحال. وقد يعرض لحمل النساء وساير اناث الحيوان فساد، وما يعرض للنساء من ذلك اكثر مما يعرض لغيرها، لأن كثيرا من اناث ساير الحيوان تلبث مخصبا حسن الحال زمانا كثيرا، فاما اكثر النساء فحالهن تكون سيئة ردية فى زمان الحمل،*** وذلك من قبل الثبات والجلوس. ولذلك تكون الفضلة التى تجتمع فى الجسد كثيرة. فاما فى النساء الاتى يعملن ويتعبن فليس يستبين الحمل مثل ما يستبين فى غيرهن، وربما ولدن بغتة لأن العمل والتعب يفنى الفضول. فاما اجساد النساء اللاتى يكثرن الجلوس ولا يتعبن فهى كثيرة الفضول***. والتعب مما يخرج النفس بقدر ما تقوى المرأة على حبس نفسها فى اوان الولاد، فانها اذا فعلت ذلك كان الولاد اهون وايسر عليها، واذا لم تفعل كان على خلاف ذلك. فهذه الاشياء موافقة للآفة التى تصيب ساير الحيوان من فساد الاولاد وخاصة للنساء من قبل ان بعض الحيوان لا يطمث إلا طمثا يسيرا وبعضه لا يطمث البتة طمثا بينا، فاما النساء فطمثهن كثير بين. فاذا لم يكن الطمث لحال الحمل كان سبب قلق وتغير وفساد اجساد بعض النساء. واذا لم تكن النساء حوامل وانقطع عنهن الطمث تعرض لهن امراض. واول ما يحملن النساء يقلقن قلقا شديدا لحال حبس الطمث، فان المحمول يقوى على منع الطمث ولحال صغره لا يفنى كثرة الفضلة <وفى أخرة تفنى تلك الفضلة> فى غذائه، ويصلح حال الحامل ويخف جسدها. فاما فى ساير الحيوان فالفضلة قليلة معتدلة بقدر حاجة نشو المحمول، فاذا فنيت الفضول التى تمنع الغذاء اخصبت اجساد الاناث الحوامل اكثر من خصبها الذى كان قبل الحمل. ومثل هذا العرض يعرض للحيوان المائى ولاجناس الطير ايضا. وربما لم يكن اجساد الاناث الحوامل بخصبة لحال نشو وكثرة الاولاد المحمولة وعلة ذلك من قبل ان المحمول يحتاج فى ذلك الزمان الى غذاء فضلة كثيرة. واجساد بعض النساء الحوامل تكون احسن حالا مما كانت قبل ذلك، لأن الفضول التى كانت فى اجسادهن يسيرة ولذلك يفنى فى غذاء الجنين. 7 - فاما الذى يعرض لبعض النساء ويسمى باليونانية مولى*** فانه يعرض بعد الحمل. وقد جامعت مرة زوجها وظنت انها قد حملت فارتفع اولا بطنها وصارت ساير العلامات كما تكون فى الحوامل، فلما بلغ زمان الولاد لم تلد ولم يصغر عظم البطن بل بقيت على تلك الحال ثلاثة او اربعة سنين، فعرض لها اختلاف بطن من قروح المصارين ولقيت منه شدة، وكادت تهلك حتى ولدت بضعة لحم يسمى مولى. وربما ازمن هذا الداء حتى تكبر الامرأة وتشيب وربما بقى الى الموت. وما يخرج خارجا من هذه البضاع فهو يكون جاسيا جدا لا يقطعه الحديد إلا بعسرة. وقد ذكرنا علة هذا الداء فى كتاب المسايل، فان المحمول يلقى فى الرحم مثل ما يلقى اللحم المطبوخ الذى يفسد لسوء الطبخ، وليس لحال الحرارة كما زعم بعض الناس بل لضعف الحرارة، فانه يشبه ان يضعف الطباع ولا يقوى على تمام وكمال خلقة المحمول. ولذلك يلبث زمانا كثيرا ويبقى حتى تشيب المرأة. فليس هو مثل شىء تام ولا هو غريب من الطباع البتة، وانما علة جساوة ذلك اللحم رداءة النضوج، فان فساد النضوج صنف من اصناف فساد الطبخ. وينبغى لنا ان نطلب ونعلم لماذا لا يكون هذا الداء فى ساير الحيوان و<إن> لم يكن ذلك قد خفى عنا البتة. فعلة ذلك فيما نظن من قبل ان رحم المرأة متصل من بين ساير الحيوان والدم الذى يجتمع فيه من الطمث كثير ولا يقوى على نضوج ذلك الدم. فاذا كان تقويم المحمول من بخار وندا ردى النضوج حينئذ تكون البضعة التى تسمى مولى فى ارحام النساء، وبحق يعرض لهن فقط هذا العرض. 8- فاما اللبن فهو يكون فى اناث الحيوان الذى يلد فى جوفه حيوانا وهو جيد نافع اوان الولاد، لأن الطباع خلق اللبن فى الحيوان لحال غذاء المولود الذى به يغذا خارجا، فليس ينبغى ان يكون اللبن قبل وقت الولاد ولا بعده بزيادة، فانه ربما يعرض ذلك على غير الطباع. فلأن وقت ولاد ساير الحيوان فى زمان واحد غير مختلف يكون نضوج وبلوغ اللبن فى ذلك الزمان. فاما اوقات ولاد النساء فمختلفة. ولذلك باضطرار ينبغى ان يكون اللبن الجيد فى وقت السبعة الاشهر، فانه فى ذلك الزمان يطيب ويجود. وبحق يعرض ذلك لحال العلة اللازمة باضطرار ولأنه يكون جيد الطبخ فى آخر الزمان، فانه فى اول الزمان يفنى خروج هذه الفضلة فى ولاد الجنين. واما غذاء جميع الحيوان الحلو النضيج جدا فاذا فرغت منه هذه القوة باضطرار يكون الباقى منه مالحا رديا المزاج. واذا تمت خلقة الجنين تكون الفضلة اكثر لأن الذى يفنى منه اقل مما كان يفنى قبل ذلك، ولهذا السبب يكون اللبن احلا، لأنه لا يفرغ منه الجزء الجيد النضوج من قبل انه لا يحتاج اليه فى جبل وخلقة الجنين، بل يفنى القليل منه لحال النشو لما سلف من تمام الجنين، فان للحمل ايضا تمام. وذلك يكون عند خروجه من الرحم فليس يأخذ فى ذلك الزمان ما كان يأخذ من اللبن قبلا ففى ذلك الزمان يجود اللبن. ويجتمع اللبن فى الاماكن الاعلا وفى الثديين لحال ترتيب التقويم الاول، فان فى الموضع الذى يعلو الحجاب يكون العضو المسود الذى فيه حياة وانما المكان الاسفل خاص للغذاء والفضلة، وذلك يكون لكى ينتقل الحيوان السيار المشاء من مكان الى مكان اذا كانت فيه كفاية الغذاء. ومن هذه الاماكن تخرج فضلة الزرع لحال العلة التى ذكرنا. وانما فضلة الذكورة وطمث الاناث من الطباع الدمى. وابتداء هذا الطباع والعروق القلب ووعاء الدم فى العروق. ولذلك باضطرار ينبغى ان يكون هناك اولا تغيير الدم الذى ذكرنا، ومن اجل هذه العلة تتغير اصوات الذكورة والاناث عند ابتداء خروج الزرع، لأن ابتداء الصوت يكون من هناك. وانما يتغير الصوت من قبل تغيير المحرك. وما يلى ناحية الثديين من الذكورة والاناث يرتفع وذلك فى الاناث ابين منه فى الذكورة. فلأن خروج الفضلة يكون كثيرا من الناحية السفلى باضطرار يكون مكان الثديين فارغا رخوا مجوفا. وكذلك يعرض للحيوان الذى ثدييه فى الناحية السفلى من الجسد. فتغيير الصوت يكون بينا ومما يلى ناحية الثديين فى ساير الحيوان وذلك معروف لاهل التجربة فى كل واحد من اجناس الحيوان، وذلك فى الناس مختلف اختلافا كثيرا. وعلة ذلك من قبل كثرة فضول الاناث وكثرة فضلة الذكورة فان هذه الفضلة اكثر مما يحتاج اليه عظم الجسد***. فاذا لم يكن يأخذ الجنين كثرة هذه الفضلة وهو يمنعها من الخروج الى خارج باضطرار يجتمع فى الاماكن الخالية اذا كانت فى اماكن السبيل المتفقة. وانما مكان الثديين فى الحيوان الذى وصفنا لعلتين، اعنى العلة التى هى اجود والتى هى امثل وباضطرار، <و>يكون تقويم اللبن فى هذا الموضع ويكون منه غذاء نضيج موافق للحيوان ويمكن ان يكون علة جودة الطبخ التى ذكرنا آنفا ويمكن ان يكون علة على خلاف ذلك لأنه بحق يغذا الجنين غذاء اكثر اذا عظمت جثته فالذى يبقى من الفضلة فى مثل هذا الزمان قليل والقليل سريع النضوج. وقد قلنا فيما سلف ان للبن طباع مثل هذا ومنه يكون غذاء كل مولود من الحيوان لأن الهيولى التى منها تقويم الطباع الولاد والهيولى التى تغذى واحد هى فهى. وانما هى الرطوبة الدمية فى الحيوان الدمى لأن اللبن دم مطبوخ نضيج وليس بفاسد. فاما انبدوقليس فقوله فى اللبن خطأ لأنه إما ان يكون ظن غير الصواب او يكون قد اساء فى معنى قوله حيث زعم ان اللبن يكون فى الشهر الثامن وفى الشهر العاشر يكون قيح. وانما القيح فساد نضوج ولذلك يكون من طبخ ليس بمحكم، والبن من الاشياء الجيدة الطبخ. وليس يطمثن النساء اللواتى يرضعن ولا النساء الحوامل. <و>اذا حملن انطفا وانقطع اللبن لأن طباع اللبن ودم الطمث واحد هو فهو. ولا يقوى الطباع على ان يمد الجسد مادة كثيرة بقدر ما يكفى الامرين اعنى رضاع وخروج الطمث بل اذا مالت هذه الفضلة الى ناحية واحدة انقطعت من الناحية الأخرى. إن لم يحدث حدث يضطر الطباع الى غير فعله والامر الذى يكون اكثر ذلك. فاذا حدث هذا الحدث فهو على غير الطباع. واذا كان الامر بقدر النوع الذى يستطاع ويمكن ولم يكن على خلاف ذلك فهو على الطباع لأنه يكون مثل ما جرى فى العادة وما يكون اكثر ذلك . ونعم ما صارت ازمان الحيوان محدودة مميزة، فانه اذا لم يمكن ان يكون غذاء المحمول بسرة لحال عظم جسده حينئذ يتهيأ اللبن ويجود لحال الغذاء الذى يكون منه، فاذا لم يكن مجاز الغذاء بالسرة وقعت وانضمت الى ذاتها العروق التى تكون عليها السفاق الذى يسمى صرة، ولحال هذه العلة يخرج الجنين الى خارج. 9- وولاد جميع الحيوان الطباعى يكون على الرأس لأن الناحية التى فوق السرة اعظم من الناحية التى تحت السرة، كما يعرض لكفتى الميزان حيث يميل الثقيل الى الارض***. 10- فاما ازمان حمل اجناس الحيوان فهى محدودة بقدر حياتها. وينبغى ان يكون حمل الحيوان الطويل العمر ازمن من غيره. وليس هذا علته بل هذا عرض يعرض اكثر ذلك. والحيوان الدمى العظيم الجثة الذى هو اتم من غيره يعيش زمانا كثيرا، وليس جميع الحيوان الذى هو عظيم الجثة اكثر من غيره اطول عمرا من غيره،، فان الانسان يعيش زمانا كثيرا اكثر من بقاء ساير الحيوان ما خلا الفيل ويعلم ذلك من التجربة المقنعة. وجثة الانسان اصغر من جثث اجناس الحيوان والذى اذنابها كثيرة الشعر واصغر من اصناف أخر من الحيوان ايضا. وعلة طول بقاء الانسان من قبل مزاجه، فانه شبيه بمزاج الجو الحيط بنا ولعلل أخر طباعية سنذكرها فى أخرة. فاما علة ازمان الحمل فمن قبل عظم الحيوان المحمول لأنه لا يمكن ان تتم خلقة التقويم العظيم فى زمان يسير ولا يمكن ذلك فى ساير الاشياء ايضا. ولحال هذه العلة الخيل والحيوان الذى يناسبه يعيش زمانا اقل من زمان معاش غيره وحمله يكون فى زمان كثير. فان حمل بعض الاصناف التى ذكرنا سنة كاملة وحمل بعضها عشرة اشهر. ولحال هذه العلة ايضا يكون حمل الفيلة يزمن فان الفيل الانثى تحمل سنتين لحال افراط عظم المحمول. وبحق تكون ازمان حمل واعمار جميع اجناس الحيوان معدودة موقتة محدودة من قبل الطباع، وعددها معروفة من قبل الادوار، وانما اعنى بقولى دورا يوما وليلة وشهرا وسنة، والازمان المعدودة بها. وللقمر ايضا ادوار مثل المولد والامتلاء والسوابيع. فهذه الاعراض تعرض له من قبل قربه وبعده من الشمس. فاما الشهر فهو دور مشترك لكلاهما اعنى الشمس والقمر. وانما القمر ابتداء لحال شركته بالشمس وأخذ الضوء منها، فانها تكون مثل شمس أخرى اذا تم ضوءها واذا كانت فى العظم اصغر منها كثيرا. ولذلك للقمر موافقة فى جميع اصناف الولاد والتمام والكمال. فان الحرارات والبرودات المعتدلة توافق اصناف الولاد وبعد ذلك توافق اصناف البلاء والفساد. وفى حركات هذه النجوم غاية الابتداء والتمام. ونحن نعاين البحر وجميع طباع المائية تقف وتهيج وتتغير بقدر حركة وسكون الرياح وانما تتحرك الرياح والهواء بقدر دور الشمس والقمر، وكذلك جميع الاشياء التى تنبت منها فباضطرار تتبع الحركات وادوار الشمس والقمر وبحق تتبع حركات الاشياء التى ليست بمسودة لحركة الاشياء المسودة التى هى اكرم واعظم شأنا من غيرها. وللرياح ايضا بقاء وحركة وسكون. وخليق ان تكون اوايل أخر علل ادوار وحركات هذه النجوم. فمن قبل الطباع تكون عدة اوقات الولاد وتمامها من قبل ادوار النجوم التى ذكرنا، ولأن الهيولى ليست بمحدودة الاوايل ولأن الاوايل واصناف الولاد الطباعى وانواع الفساد تمنع لا تكون الاوقات محفوظة على كل حال بل ربما زادت وربما نقصت العلل التى ذكرنا <و>تكون اسباب الاشياء التى تعرض على غير الطباع. فقد ذكرنا حال غذاء الجنين الذى يكون فى داخل الرحم والغذاء الذى به يغذا الحيوان خارج. وقلنا فى ذلك قولا عاما جامعا لكل الحيوان، وقلنا ايضا قولا خاصا دليلا على طباع كل واحد منها. وذكرنا الفصول التى بها تخلق اعضاء الحيوان، وبينا ما يعرض خاصة للناس، وذكرنا جميع الاعضاء التى فى كل حيوان وما يكون منها خارجا وما يكون باطنا وينبغى لنا ان ننظر ايضا فى الآفات التى بها تختلف اعضاء الحيوان. تم تفسير القول الثامن عشر وينبغي لنا ان ننظر ايضا فى الآفات التى بها تختلف اعضاء الحيوان. وانما اعنى بقولى آفات مثل سواد وزرقة وشهولة العينين وحدة الصوت وتغيير اللون والشعر واختلاف الريش، فان بعض هذه الآفات تكون فى جميع [بعض] الاجناس وبعضها تكون كما جاء بالبخت مثل العرض الذى يعرض للناس خاصة، وايضا تكون انواع تغير بقدر القرون، وربما كانت تلك الانواع فى جميع الحيوان على حال واحدة وربما كانت على خلاف ذلك، مثل التغيير الذى يصيب الاصوات والشعر والالوان. فان من الحيوان ما لا يشيب شيبا بينا عند الكبر [والصغر] فى السن. فاما الانسان فهو يلقى هذه الآفة خاصة من بين الحيوان. وبعض هذه الآفات تتبع الحيوان من زمان الولاد، وبعضها تكون فى اوان الشباب وبعضها تعرض فى زمان الكبر. وليس ينبغى لنا ان نظن ان علة هذه الاشياء وما يشبهها تكون بفن واحد فى جميع اجناس الحيوان، فان الاعمال التى لا تنسب الى الطباع ولا الى جنس عام لا يقال انها تكون لحال شىء، فان العين تكون لحال شىء وليس يكون الاشهل لحال شىء ان لم يكن ذلك، اعنى الشهولة آفة خاصة للجنس. وليس هذا مما يوافق جوهر بعض الحيوان بل هو مما يكون فى الهيولى والاول المحرك باضطرار، ولذلك تنسب علته اليها. وكما قلنا فى الاقاويل الاولى ليس لأنه يكون كل واحد على مثل هذه الكيفية كذلك هو على مثل تلك الكيفية ولا سيما فى اعمال الطباع المرتبة المحدودة بل تكون مثل هذه لأن كينونتها تكون على مثل هذه الحال، لأن الولاد يتبع الجوهر ويكون لحال الجوهر وليس الجوهر لحال الولاد. فاما قدماء اصحاب العلم الطباعى فقد ظنوا خلاف ما ذكرنا. وعلة ذلك من قبل انهم لم يفكروا فى كثرة العلل ولم يعلموها. وانما نظروا فى علة الهيولى وعلة الحركة، وقالوا فى هاتين العلتين قول ليس بمحدود ولا مفصل. وقد تركوا طلب علة الكلمة والتمام. وكل واحد من الاشياء لحال شىء وانما يكون لحال هذه العلة وساير العلل، اعنى العلة التى فى كلمة كل واحد من الاشياء وهى التى تقال من اجل شىء، والذى من اجله. فينبغى ان نطلب هذه العلل فى جميع الاشياء المنسوبة الى الولاد فانها تطلب وتعرف فى الولاد والحركة***. واما العين فخلقتها باضطرار*** وليس شكلها وكينونتها على مثل هذه الحال لازم باضطرار بل لأن الطباع يفعل او يلقى مثل هذا الفعل واللقاء. فاذ قد فصلنا وميزنا هذه الاشياء فينبغى لنا ان نأخذ فى ذكر الاعراض التى تتلو وتتبع ما وصفنا. وينبغى ان نعلم ان جميع اولاد اجناس الحيوان وخاصة الاولاد التى تولد وهى غير تامة اذا ولدت تكون تامة مستوية لحال النوم الذى عودت فى الارحام ولا سيما فى اول قبولها للحس. وفى هذا الطلب مسألة عويص اعنى ان كان السهر لازما للولد فى اول خلقته او النوم. فانا نقول ان النوم لازم لكل محمول فى اول خلقته وليس السهر لازما له ونوجب ذلك من قبل ان المولود يسهر عند شبيبته. وايضا نوجب ذلك من قبل ان التنقل الذى يكون من لا كينونة الى كينونة انما يكون بالاوسط، والنوم يظن ان يكون مثل متوسط للحياة ولا حياة فى طباع هذه الاشياء ولا يقال ان النايم ليس هو حيا البتة ولا يقال ايضا انه مثل الحى الساهر، فان الحياة تكون فى السهر خاصة لحال الحس. فان كان لازما باضطرار ان يكون للحيوان حس *** اذا له حس. وينبغى <ان نظن> ان ابتداء تلك الحال ليس هو نوما بل هو شىء آخر شبيه بالنوم مثل حال جنس الحيوان الذى بين الحيوان المتحرك والشجر. فان الجنين فى اول خلقته يحيا حياة شبيهة بحياة الشجر. وليس مما يمكن ان يكون فى الشجر نوم لأنه يعرض بعد النوم سهر، فاما الآفة التى فى الشجر اعنى الامر الذى يشبه النوم فليس له يقظة ولا بعده سهر. فباضطرار ينام الحيوان زمانا كثيرا لحال النشو ولحال الثقل الذى فى الاماكن التى فى اعلا الجسد. وقد ذكرنا علة هذا النوم فى غير هذا الكتاب. ويظهر الجنين ساهرا متحركا فى رحم الام، وذلك يستبين ايضا من الشق ومن الحيوان الذى يبيض بيضا، ثم من بعد سهره ينام ايضا ويثقل من ساعته. ولذلك ينام الصبى بعد خروجه من الرحم زمانا كثيرا. واذا كان الصبى ساهرا لا يضحك واذا نام ضحك وبكا. ويعرض لاجناس الحيوان فى نومها احلام وليس احلام فقط بل شىء آخر ايضا غير الاحلام، مثل الاعراض التى تعرض للذين يستيقظون من النوم فانهم يفعلون اشياء كثيرة بغير نظر الاحلام. ومن الناس من هو نايم يقوم ويمشى وهو يبصر مثل ما يفعل الساهر. ويكون له حس الاشياء التى تعرض***. فاما الصبيان فلم يعاودوا السهر بل عاودوا النوم ولهم حس وفيهم حياة عند نومهم. فاذا مضى بهم زمان وتنقل النشو الى الناحية السفلى اكثروا القيام والسهر فهذه حالهم زمان كثير. فاما ساير الحيوان فالنوم اغلب عليها فى اول الولاد، لأنه يلد ولدا ليس بتام والنشو يكون فى الناحية العليا من الجسد. وعيون جميع الصبيان من ساعة ولادهم شهل زرق ثم تتغير وتتنقل الى الطباع الغالب عليهم بعد ذلك. فاما فى ساير الحيوان فهذا العرض <لا> يعرض بنوع واضح بين، وعلة ذلك من قبل انه ليس لعيون ساير الحيوان إلا لون واحد مثل عيون البقر فان لونها اسود، فاما لون عيون الغنم فهو مائى اكثر من عيون ساير الحيوان. ولون عيون بعض اجناس الحيوان ايضا اشهل او ازرق او مثل لون عيون المعزى. فاما عيون الناس فالوانها كثيرة لأنها ربما كانت زرقا وربما كانت شهلا وربما كانت سودا وربما كانت الوانها مثل الوان عيون المعزى. فاما ساير عيون الحيوان فليس بينها وبين غيرها اختلاف كما ليس فيها اختلاف. فاذا قيست بعضها الى بعض من قبل انه ليست لها الوان كثيرة مختلفة من قبل الطباع. وخاصة من بين ساير الحيوان عينى الخيل مختلفة الالوان، فانه ربما كانت العين الواحدة شهلاء ولون العين الاخرى على خلاف ذلك. وليس يعرض هذا العرض لشىء آخر من الحيوان بنوع بين، فاما الناس فربما كانت العين الواحدة من عينى الرجل شهلاء ولون العين الاخرى على خلاف ذلك. فليس هذا العرض بينا فى ساير الحيوان فى حداثة اسنانها وكبرها، وهو بين فى الصبيان عند صغرهم وشبيبتهم. وعلة ذلك فيما تذكر عقولنا من قبل ان الوان عيون ساير الحيوان ليست بمختلفة. فاما الوان عيون الصبيان فمختلفة وعلة شهولة اعينهم من قبل ان هذه الاعضاء فيهم اضعف من غيرها اعنى عيون الاحداث، وانما شهولة العيون صنف من اصناف الضعف. فينبغى لنا ان ننظر نظرا عاما فى اختلاف الوان العيون ونطلب لأى علة صار بعضها شهل وبعضها زرق وبعضها سود الون <وبعضها> مثل لون عيون المعزى، فاما قول انبدوقليس الذى يزعم ان الشهولة تكون من كثرة طباع النار والسود يكون من كثرة طباع الماء ولذلك لا يكون بصر السود حادا فى الليل لنقص الماء فاما بصر الشهل فهو حاد لحال النار، فليس بصواب لأنه لا ينبغى ان نظن ان البصر يكون من النار بل من الماء فى جميع الحيوان. وايضا يمكن ان نؤدى علة الالوان بنوع آخر، وخليق ان تكون هذه العلة كما قلنا اولا فى الاقاويل التى وصفنا فى النفس، وميزنا وبينا ان خلقة العيون من ماء وقلنا العلة التى من اجلها صارت خلقة العيون من ماء ولم يصير من هواء ولا من نار. فهو امثل ان نظن ان هذه علة الاختلاف التى ذكرنا من قبل انه فى بعض العيون رطوبة اكثر وفى بعضها رطوبة اقل مما تحتاج اليه الحركة المعتدلة وفى بعضها رطوبة معتدلة، فاذا كانت الرطوبة التى فى العين كثيرة كان لونها اسود لأن السواد يكون من كثرة الماء، واذا كانت الرطوبة قليلة كان لون العين اشهل. وذلك بين فى اشياء كثيرة وفى منظر البحر، فانه اذا كان ماؤه قليلا صار لونه اشهل واذا كان الماء كثيرا صار لونه اسود شبيها بلون اللازورد. وما كان من العيون فيما بين الالوان التى ذكرنا فهى تختلف بالاكثر والاقل. وينبغى ان نظن ان هذه العلة التى من اجلها لا تكون العيون الشهل حادة البصر فى النهار ولا تكون العيون السود حادة البصر فى الليل، لأن الشهل لقلة الرطوبة تتحرك حركة اكثر من الضوء والاشياء التى تبصر لأن قلة الرطوبة تكون صافية اللون من قبل الضوء. وحركة هذا العضو اعنى العين من قبل الصفاوة وليس من قبل الرطوبة. فاما العيون السود فحركتها دون لكثرة الرطوبة، فان الضوء الليلى اضعف. وايضا الرطوبة بقول كلى تكون فى الليل عسيرة الحركة. وينبغى ان لا تكون الحركة اكثر ولا الصفاوة كثيرة لأن الحركة الاقوى تحلل الاضعف. ولذلك الذين يتنقلون من الالوان الاقوى فالابيض لا يبصرون ولا الذين يتنقلون من ضوء الشمس الى الظلمة، فانه اذا كانت الحركة التى من داخل قوية منعت الحركة التى من خارج، وبقول عام اذا كان فى البصر ضعف لا يقوى على بصر الاشياء المضيئة لأنه يلقى منها شىء وتتحرك الرطوبة حركة اكثر. وذلك بين من قبل امراض البصر ايضا. فان الداء الذى يسمى شهولة يعرض لشهل العيون اكثر، فاما الداء الذى يعرض للذين لا يبصروا بالليل فهو يعرض لسود العيون. وانما الداء الذى يسمى شهولة يبس غالب على العيون، وذلك يعرض للشيوخ لأن اليبس غالب على اعينهم مثل ما يغلب على ساير اجسادهم. وآلة البصر عند الكبر يابسة. فاما الداء الذى يمنع من البصر فى الليل فهو يكون من كثرة الرطوبة، ولذلك يعرض للشباب اكثر مما يعرض لغيرهم، لأن ادمغتهم ارطب من غيرها. فاما البصر الحاد الجيد فهو يكون من الرطوبة المعتدلة التى بين الكثرة والقلة، لأنها لا تمنع حركة الالوان لقلتها ولا تكون علة عسرة حركة لكثرتها. وليس الاشياء التى وصفنا علل حدة وضعف البصر فقط بل طباع الجلد الذى على الحدقة ايضا، فانه ينبغى ان يكون ذلك الجلد صافيا، ومثل هذا يكون باضطرار فى الجلد الدقيق الابيض الاملس. وينبغى ان يكون دقيقا دقيقا لكى تكون حركة البصر سهلة، وينبغى ان يكون املس مستويا لكى لا يكون فيه تشنج ويصير مثل ظل على العين. ولهذه العلة لا يكون بصر الشيوخ حادا، فان جلد عينيهم يتشنج ويكون اغلظ مثل ما يتشنج ويغلظ ساير جلودهم عند الكبر وينبغى ان يكون لونه ابيض لأنه لا يمكن ان يكون اسود صافيا البتة وانما السواد ليس بصافى. ولهذه العلل لا تصير العيون التى تكون خلقتها مثل هذا الجلد. فلهذه العلل لا يكون البصر حادا فى الامراض وفى كبر السن، فاما عيون الصبيان فهى تظهر اولا شهلاء لحال قلة الرطوبة. وربما كانت العين الواحدة من عيون الناس وعيون الخيل شهلاء والاخرى على خلاف ذلك للعلة التى هى فهى، اعنى العلة التى من اجلها يشيب الانسان فقط، والفرس ايضا من بين ساير الحيوان يكون ابيض الشعر اذا طعن فى السن. فان الشيب صنف من اصناف ضعف الرطوبة التى فى الدماغ وقلة النضوج والشهلة كمثل، من قبل ان للابيض جدا والثخين جدا قوة واحدة هى فهى، اما احدهما فللقلة واما الآخر فلكثرة الرطوبة. فاذا لم يقوى الطباع الذى طبخ على تمام الرطوبة التى فى كلاهما او ضعف عن الطبخ وطبخ بعضا ولم يطبخ بعضا يعرض من ذلك ان تكون العين الواحدة شهلاء والاخرى على خلاف ما ذكرنا. فاما بعض الحيوان فهو حاد البصر وبعضه ليس بحاد. ولذلك علة تكون بنوعين، لأن الحاد يقال بنوعين وكذلك يقال السمع والمشمة ايضا. فانه يقال ان البصر حاد اذا قوى على ان يبصر ما بعد عنه ويقال <ان> البصر ايضا حاد اذا احس بفصول الاشياء المنظور اليها، وليس يكون بنوعين حدة البصر معا لأن الذى يبصر الاشياء من بعد لا يحس بفصول واختلاف الاجساد المنظور اليها بصرا لطيفا. ومن الناس من يعاين <من> الابار والحفر نجوما. فاذا كانت لعيون الحيوان سترة وكانت الرطوبة التى فى الحدقة نقية معتدلة وحركتها ايضا معتدلة والجلد الذى على الحدقة دقيق فاصحاب هذه الصفة يبصرون من بعد كثير ولا يفصلون ما بين الوان وفصول الاجساد تفصيلا بليغا، فبصرهم اجود من بصر الذين رطوبة اعينهم نقية وليس لأعينهم غطاء ولا سترة البتة. فان حدة البصر وحسه بفصول والوان الاجساد يكون من قبل العلة التى فى العين، كما يستبين الوسخ القليل اليسير فى الثوب النقى وكذلك تكون الحركات اليسيرة بينة فى العين النقية ويجود الحس. فاما علة حدة البصر ونظره ما بعد عنه من قبل وضع العينين، فان العين الباينة لا تبصر ما بعد عنها بصرا جيدا لأن حركتها تفترق. والعين الغايرة تبصر ما بعد عنها لأن حركتها لا تفترق ولا تتبدد ولا تذهب الى ما لا غاية له بل تخرج منها القوة الباصرة وتستقيم الى الاشياء المنظور اليها. وليس بين قول القايل ان العين تبصر وبين قول القايل ان البصر يخرج الى المنظور اليه اختلاف، واذا لم تكن خارج من العين سترة باضطرار يضعف البصر ولا يبصر ما بعد عنه إلا بصرا ضعيفا***. فهذه علل اختلاف خلقة العيون وحدة وضعف بصرها. 2- ومثل هذه العلل تكون علل السمع والمشمة والنوع الواحد الذى به تكون حدة السمع والمشمة اذا كان السامع يسمع ما يقرب منه ويعرف فصول الكلام والاصوات معرفة بليغة، واذا كان الذى يشم عارفا بفصول واختلاف رايحة الاجساد التى تقرب منه. فاما النوع الآخر فاذا كان السامع يسمع من بعد والذى يشم يحس برايحة الاجساد التى لها رايحة من بعد ايضا. فاذا كانت آلة هاذين الحسين جيدة الخلقة تكون تقضى على فصول الكلام الذى يسمع والاجساد التى تشم بقضاء شافى كما ذكرنا حال آلة البصر، وقلنا انه يبصر بصرا بليغا اذا كانت خلقة العين دقيقة نقية، فاذا كانت خلقة الاذن ايضا بينة والسفاق المحدق بها دقيقا حاد السمع والمشمة كمثل. لأنه قد قلنا فى الاقاويل التى وضعنا على الحس ان سبل جميع آلة الحواس تمتد الى القلب او الى العضو الذى يلايم القلب. وآلة حس السمع مملوة هواء طباعيا، فان الهواء الطباعى يصير فى العروق حركة المحسة ويصير فى آلة النفس خروجه ودخوله، وكذلك يصير فى الاذن قوة السمع. ولذلك يكون حس السمع تعليم الاشياء التى تقال بقدر مرد كلام السامع، فانه بقدر ما يدخل الكلام من آلة السمع كذلك تخرج من اللسان حركة الصوت. فهو بين ان الانسان يقول ما سمع. واذا تثاوب انسان او أخر النفس باطن جسده يكون سمعه اضعف مما يكون اذا يتنفس لأن اول آلة هذا الحس موضوع على العضو الذى فيه الريح، وهو يتحرك معه اذا تحركت الريح من الآلة التى هى فيها، فان هذه الآلة انا تحركت حركت غيرها ايضا. وهذه الآفة تعرض فى الازمان الرطبة المزاج، وتمتلى الاذنان فيما نظن ريح لحال اول الآلة التى فيها الريح. فعلة جودة السمع ونقصانها اختلاف الكلام والاصوات، وجودة المشمة والحس باصناف رايحة الاجساد التى لها رايحة تكون من قبل نقاوة هذه الآلة والسفاقات المحدقة بها، فان جميع الحركات تكون بينة كما يستبين للبصر من جودة خلقة العين وصفاوتها، وحس السمع ايضا بما بعد من الكلام والاصوات، وحس الانف برايحة ما بعد عنه من الاجساد التى لها رايحة يكون من قبل العلة التى وصفنا عن البصر. فانه اذا كانت آلة السمع والمشمة بسترة خارجة منها يجود حسها بكل ما يسمع وما يشم من بعد كثير، لأن هاذين الحسين يخرجان من آلتهما مثل ما يخرج الماء من مجاريه والسوافى التى تعمل. فاذا كانت خلقتها على مثل هذه الحال شمت من بعد. ولذلك تكون الكلاب السلوقية الطويلة المناخير جيدة المشمة، لأنها تستر آلة هذا الحس وتخرج منها حركة المشمة بنوع مستقيم ولا تفترق حتى تنتهى الى الاشياء المشمومة. وهذا العرض شبيه بالعرض الذى يعرض للعينين. ولذلك يكون سمع الذين لهم اذنان جيدتا الخلقة والالتواء ذكيا، فان حركة الحس تجود اذا كانت مثل ما وصفنا. وحس الانسان بما يبعد عنه من الكلام والاصوات والاجساد التى لها رايحة اذا بعدت عنه دون حس ساير الحيوان بقدر قياس جثته الى جثث ساير الحيوان، وحسه بفصول هذه الاشياء وكثرة اختلافها خاصة اجود من جميع الحيوان. وعلة ذلك ان آلة هذه الحواس من قبل الانسان نقية ليس فيها من الجزء الارضى الجسدانى إلا القليل، والانسان من قبل الطباع دقيق الجلد اكثر من جميع الحيوان بقدر عظمه. وبحق عمل الطباع عمله فى الحيوان التى تسمى باليونانية فوقى، فانه ذو اربعة ارجل ويلد حيوانا وليس له اذنان بل له سبل الاذنين فقط. وعلة ذلك من قبل ان تدبير معاش هذا الحيوان ومأواه فى الماء. وانما عضو الاذنين موضوع على السبل لتسلم الحركة التى من بعد الهواء. فليس يحتاج فى هذا الحيوان الى عضو الاذنين، ولو كان موضوعا على السبل لعرض منه خلاف الحاجة لأنه كان يقبل كثرة رطوبة ويكون ذلك مانعا لحركته وسباحته فى الماء. فقد قلنا ما يكتفى به فى البصر والسمع والمشمة. 3- فاما شعر الناس فهو مختلف بقدر القرون مع خلافه لساير الحيوان الذى له شعر. وانما يكون الشعر فى جميع الحيوان الذى يلد حيوانا اكثر ذلك. فاما الحيوان الذى فى جلده شوك فذلك الشوك صنف من اصناف الشعر مثل شوك اناث القنافذ وكلما كان مثله من الحيوان الذى يلد حيوانا. وفى الشعر اصناف وفصول كثيرة من قبل الجساوة واللين والطول والقصر والسبوطة والجعودة والكثرة والقلة، وايضا من قبل الالوان اعنى البياض والسواد وما بينهما. وفى الشعر ايضا اختلاف من قبل القرون اعنى تشعر ما كان من الحيوان شابا وما كان منه مسنا، وذلك خاصة بين فى الناس فان شعر الناس يكثر عند الكبر ويكونوا صلعا فى ناحية مقدم الراس. فاما اذا كانوا احداثا فليس يكونون صلعا. ولا يعرض هذا الداء للنساء ايضا. واذا طعن الناس فى السن تشيب وتبياض رؤسهم. وليس يعرض هذا العرض لشىء آخر من ساير الحيوان عرضا بينا. فالصلعة تعرض للناس فى مقدم الراس، فاما الشيب فهو يبدا من ناحية الصدغين وليس تغلب الصلعة على الصدغين ولا على مؤخر الراس. فاما الحيوان الذى ليس له شعر بل عضو آخر ملايم الشعر، مثل الريش الذى للطير والقشور الذى للسمك، فهو بين انه يعرض لبعضه مثل هذا العرض. وقد قلنا فى ذكر علل اعضاء الحيوان العلة التى من اجلها صنع الطباع الشعر فى الحيوان وبينا ذلك فيما سلف. فاما حيننا هذا فانه نريد ذكر العلة التى من اجلها تعرض اصناف وفصول الشعر. فان الجلد خاصة علة غلظ ودقة الشعر، فان الجلد يكون فى بعض الحيوان دقيقا وفى بعضه غليظا، ويكون ايضا فى بعض الحيوان سخيفا وفى بعض سفيقا. وايضا علة اختلاف الشعر تكون من قبل اختلاف الرطوبة، لأنه ربما كانت الرطوبة مائية وربما كانت دسمة. وبقول عام طباع الجلد موضوع ارضى. والرطوبة تكون فى ظاهر الجسد فاذا تحللت تلك الرطوبة وانفشت فى البخار يكون الباقى منها صلبا سفاقيا، وليس يكون الشعر وما يلايمه من الجسد بل من الجلد اذا انفشت الرطوبة التى فيه وصارت بخارا. ولذلك يكون الشعر غليظا من الجلد الغليظ والدقيق من الجلد الدقيق. فاذا كان الجلد ثخينا سخيفا يكون الشعر ايضا غليظا لحال كثرة الجزء الارضى وعظم السبل. واذا كان الجلد سفيقا يكون الشعر دقيقا لدقة ولطف السبل. وايضا ان كان الندى الذى فى الجلد مائيا سريع اليبس لا يكون للشعر عظم ولا طول. وان كان ذلك الندى دسما فهو على خلاف ما ذكرنا، لأن الدسم لا ييبس عاجلا. ولهذه العلة يكون الحيوان الغليظ الجلد غليظ الشعر ايضا*** مثل شعر الخنازير فانه اغلظ من شعر البقر ومن شعر الفيلة لغلظ الجلد. واختلاف شعر ساير الحيوان يكون من قبل هذا السبب. وطول شعر راس الانسان لهذه العلة، اعنى لأن جلد الراس غليظ جدا وفيه رطوبة كثيرة وسبل الراس سخيفة جدا. ولذلك يطول ويقصر شعر الراس، فانه يطول اذا لم تكن الرطوبة التى فى الجلد سريعة اليبس. ولا يسرع اليها اليبس لحال علتين، اعنى لحال الكمية ولحال الكيفية، فانه اذا كانت الرطوبة كثيرة لا تيبس عاجلا واذا كانت الرطوبة دسمة لا يسرع اليبس فيها. ولهذه العلة يطول شعر رؤس الناس جدا، لأن الدماع رطب بارد فهو يمد الشعر رطوبة كثيرة. فاما شعر الجعد والسبط فهو يكون من قبل البخار الذى فيه، لانه ان كان البخار دخانيا حارا يابسا يكون الشعر جعدا. فانه يلتوى لأنه يذهب مذهبين من اجل ان الجزء الارضى يذهب الى الناحية السفلى والحرارة تذهب الى الناحية العليا. فالشعر يلتوى ويكون جعدا لضعفه. وهو يمكن ان توجد العلة من مثل هذا النوع، ويمكن ان نقول ايضا ان ذلك يكون من قبل قلة الرطوبة التى فى الشعر وكثرة الجزء الارضى الذى فيه، فذلك الجزء الارضى ييبس من الجو المحيط بنا وينقبض ويكون جعدا. فان السبط يلقى ذلك اذا تنفشت الرطوبة التى فيه مثل العرض الذى يعرض للشعر من النار، فانه ينقبض ويلتوى، ولأن الشعر قليل الحرارة يلتوى وينقبض من حرارة الجو المحيط بنا ويكون جعدا. والعلامة الدليلة على ذلك من قبل ان الشعر الجعد يكون اكثر جساوة من السبط لأن اليابس جاسى. وانما يكون الشعر السبط فى الحيوان من كثرة الرطوبة، لأن الرطوبة تسيل سيلا حتى تصير الى الشعر ولا تتقطر. ولهذه العلة يكون شعر الذين يسكنوا فى البلدة التى تسمى باليونانية بنطوس فالبلدة التى تسمى اتراكية سبط لأن مزاجهم رطب والهواء المحيط بهم ايضا رطب. فاما الحبشة والذين يسكنوا فى البلدان الحارة فشعورهم جعد لحال يبس ادمغتهم ويبس الهواء المحيط بهم. ويكون بعض الحيوان الغليظ الجلد دقيق الشعر لحال العلة التى ذكرنا فيما سلف، فانه بقدر دقة السبل تكون دقة الشعر باضطرار. ولذلك يكون شعر الغنم على مثل هذه الحال، فان الصوف كثرة شعر. وبعض الحيوان لين الشعر ليس بدقيق جدا مثل شعر الارنب، والاختلاف الذى بينه وبين شعر الغنم بين، فان شعر هذا الحيوان فى ظاهر الجلد. ولذلك ليس له طول ويعرض له مثل العرض الذى يعرض لما يركب من الكتان، فانه لين وليس له طول ولا يضفر. فاما الغنم الذى يأوى فى الاماكن الباردة فهو يعرض له خلاف العرض الذى يعرض للناس ولهذه العلة يكون شعر الترك لينا، فاما الغنم الذى يأوى فى البلدة التى تسمى باليونانية صورماطا فهو جاسى الشعر اعنى الصوف. وعلة ذلك الذى ذكرنا من العرض الذى يعرض لجميع الحيوان البرى لأن البرودة تجسى لأنها تجمد وتيبس، واذا انعصرت الحرارة تنفش بها الرطوبة ويكون الجلد والشعر ارضيا يابسا***. والعلامة الدليلة على ما ذكرنا من قبل العرض الذى يعرض للقنافذ التى تكون فى بنطوس وهى القنافذ التى تستعمل فى تقطير البول. وعلة ذلك من قبل ان مأواها فى بحر بارد لكثرة عمقه، فانها تكون فى عمق قدر ستين باعا او اكثر من ذلك، وهذه القنافذ صغار الجثث ولها شوك كبير جاسى. فاما كبرتها فلحال ميل نشو الجسد اليها لقلة حرارتها ولأنها لا تنضج الغذاء ففى اجسادها فضلة كثيرة، وانما يتولد الشعر وكلما يشبهه من فضلة. فاما جساوة شوكها وكينونتها مثل الحجارة فمن قبل البرودة الزمهريرية. وبمثل هذا النوع يعرض ان تكون ساير الاشياء النابتة اجسا وتكون ارضية شبيهه بحجارة، ولا سيما فى ناحية الشمال فانها تكون على مثل هذه الصفة اكثر مما تكون فى ناحية الجنوب، وما يكون فى ناحية كثرة الرياح اكثر مما تكون فى الوطأ والاعماق، لأن جميع هذه الاشياء التى تكون فى مثل هذه الاماكن تبرد بردا اكثر وتخرج منها الرطوبة وتصير بخارا. فباضطرار تكون جاسية فتذهب عنها الحرارة وتبقى البرودة غالبة.*** ومع الحرارة تنفش الرطوبة لأنه لا يمكن ان تكون رطوبة من الرطوبات بغير حرارة. والبرودة لا تجسى فقط بل يصير الجسد سفيقا ايضا فاما الحرارة فهى تصير الجسد سخيفا. ولهذه العلة اذا طعن فى سن الحيوان الذى له شعر يكون شعره اجسا مما كان اولا ويكون ريش الحيوان الذى له ريش اجسا ايضا ويكون قشور الحيوان الذى له قشور اجسا ايضا، لأن الجلود تكون اغلظ واجسا ايضا. ويكون عند كبر الحيوان لحال اليبس*** ولكبره نقص الحرارة وذهاب الرطوبة مع الحرارة. والرجال خاصة يكونوا صلعا من بين ساير الحيوان. وهذه الآفة عامة كلية. فان بعض الشجر لا يلقى ورقه وبعضه يلقى الورق، والطير الذى يعشش يلقى ريشه. والصلعة آفة مثل هذه الآفات وهى تعرض للرجال لأن وقوع الشعر قليلا قليلا شبيه بوقوع ورق الشجر رويدا رويدا، والريش ايضا يقع وينبت غيره، فاما اذا كثر وقوع الشعر ولم ينبت غيره فحينئذ يسمى صلعة*** وانما علة هذه الآفة نقص الرطوبة الحارة والرطوبة الدسمة تكون مثل هذه خاصة. ولذلك لا يلقى ورقه الشجر الذى فيه الرطوبة دسمة. وسنذكر علة ذلك فى غير هذا المكان ، لأنه مع العلة التى ذكرنا تكون علل أخر لهذه الآفة. فاما الشجر فهذا العرض يعرض له فى الشتاء لأن تغيير هذا الزمان اقوى واغلب من تغير القرون، ومثل هذا العرض يعرض للحيوان الذى يعشش، فان طباعه اقل رطوبة وحرارة من طباع الرجال. فاما الناس فتنقل قرونهم يشبه الازمان التى تغير اعنى الصيف والشتاء. ولذلك لا تكون الاحداث صلعا قبل، فاذا جامعوا عرضت لهم الصلعة ولا سيما اذا كان طباعهم ابرد من طباع غيرهم. والدماغ بارد جدا اكثر من جميع الجسد، والجماع يبرد، لأنه يخرج الحرارة النقية الطباعية. فبحق يحس بالبرد الدماغ اولا. والتغيير يستبين فى العضو الاضعف قبل غيره. فان فكر احد فى قلة حرارة الدماغ علم انه باضطرار يكون الجلد المحيط به مثله، وطباع الشعر النابت من الجلد ايضا، فبحق تعرض آفة الصلعة عند خروج الزرع. ولحال هذه العلة تكون الصلعة فى مقدم الراس فقط. وانما يكون الرجال صلعا فقط من بين ساير الحيوان، ومقدم الراس يصلع من قبل كينونة الدماغ هناك، فان الدماغ فى ذلك الموضع كثير جدا ودماغ الانسان خاصة كثير رطب. ولهذه العلة لا يكن النساء صلعا، لأن طباعهن شبيه بطباع الصبيان من قبل انه ليس للنساء والصبيان علة زرعية. ولا يكون الخصى ايضا اصلعا لحال تغيير مزاج جسده الى مزاج الانثى. واذا كان واحد خصى إما لا ينبت له الشعر الذى ينبت فى أخرة وإما يلقيه إن خصى بعد نباته ما خلا شعر العانة، فان للنساء ايضا شعر فى العانة. وانما تصيب هذه الآفة الخصيان من قبل تغير اجسادهم من طباع الذكورة الى طباع الاناث. والعلة التى من اجلها ينبت الشجر ورقا بعد القايه الورق الاول، والحيوان الذى يعشش ينبت ريشا وشعرا بعد القايه الشعر والريش الاول، فاما الانسان فليس ينبت له شعر بعد وقوع الشعر الاول، من قبل ان هذه الآفة تعرض للشجر وساير الحيوان من تغيير الازمان، فانها تلقى وتنبت بقدر تغيير الصيف والشتاء يعنى ان الشجر يلقى ورقه وينبت غيره والحيوان يبدل شعره. فاما الانسان فهو يلقى ذلك بقدر تغيير القرون فان تغير قرون الانسان يشبه تغير الشتاء والربيع والصيف والخريف فلأن هذه القرون لا تتغير لا يمكن ان تتغير الآفات التى تعرض فى إبانها ايضا، وان كانت علة جميع ما ذكرنا واحدة. فقد اكتفينا بما ذكرنا فى حال الشعر. 4 - فاما علة الالوان فى ساير الحيوان اعنى علة اللون الواحد واللون المختلف فمن قبل طباع الجلد. فاما لون الشعر فليس يختلف فى الناس ما خلا البياض الذى يعرض له ليس من قبل الكبر بل من قبل مرض حادث، مثل بياض الشعر الذى يعرض من الداء الذى يسمى وضح، فان الشعر يبياض مع الجلد. فاما اذا ابياض الشعر لحال الكبر فليس يبياض الجلد مع بياضه. وعلة ذلك من قبل ان هذا الداء يكون فى الجلد فاذا ابياض الجلد باضطرار يبياض الشعر ايضا***. فاما بياض الشعر اعنى الشيب فهو يكون لضعف الحرارة التى تخرج من الجسد وعلة البرد. فان الكبر يصير الجسد باردا يابسا. فينبغى لنا ان نفهم ونعلم ان فى كل عضو غذى ينتهى اليه وانما ينضج ذلك الغذى من الحرارة الطباعية التى فى كل واحد من الاعضاء، فاذا ضعفت تلك الحرارة فسد الغذى ويعرض للعضو إما ضرورة وإما مرض. وسنذكر هذه العلة ذكرا ألطف فى الاقاويل التى فى الغذاء والنشو فى أخرة. فاذا كان طباع الشعر قليل الحرارة فى بعض الناس والرطوبة التى تدخل من خارج اكثر من الحرارة التى فى الجسد يعفن من حرارة الهواء المحيط بنا لضعفها عن الطبخ والنضوج. وكل عفونة تكون من حرارة وليس من الحرارة الطباعية كما قلنا فى اماكن أخر بل من حرارة عرضية. والعفونة تعرض للماء وللارض ولجميع الاجساد التى مثل هذه، ومن البخار الارضى تكون ايضا عفونة تتكرش منها الاجساد وتفسد. فالغذى الارضى الذى فى الشعر اذا لم ينضج حسنا يعفن ويكون من ذلك الشيب. وانما يكون الشعر ابيض لأن البياض يشبه بتكرش الاجساد. وعلة ذلك من قبل ان فيه هواء كثير من اجل ان فى كل بخار ارضى قوة هواء غليظ والتكرش الذى يعرض للاجساد مثل ضد للجليد، فانه ان جمد البخار الذى يصعد يكون منه جليد وان عفن يكون منه تكرش. ولذلك يكون هاذان العرضان فى ظاهر الاجساد، لأن البخار يكون فى ظاهر. وقد اصابت الشعراء حيث سموا الكبر والعجز تكرشا وجليدا، لأن احدهما بالجنس والآخر بالصورة هو فهو، لأن الجليد من البخار والتكرش ايضا منه، وكلاهما بالصورة عفونة. والعلامة الدليلة على ذلك من قبل ان كثيرا من الناس مرضوا امراضا شديدة فابيض شعر اجسادهم. فلما بروا ونقهوا اسود ذلك الشعر ايضا. وعلة ذلك من قبل نقص الحرارة الطباعية التى تعرض للاجساد فى تلك الامراض، فان ضعف تلك الحرارة يعرض لما صغر جدا من الاعضاء كما يعرض لما كبر منها. *** ولذلك يكون الشيب فى الامراض لحال الغذاء الذى فى اللحم اذا ضعفت الحرارة عن طبخه. فاذا جاء البرو وعادت القوة اسود ذلك الشعر ايضا، والذى يعرض له هذا العرض شبيه بشيخ تغير وصار شابا لحال تغير الجسد. وهو من القول المستقيم ان يسمى المرض كبرا عرضيا ويسمى الكبر والعجز مرضا طباعيا. فبعض الامراض تفعل مثل فعال الكبر. فاما شعر الصدغين فهو يبياض ويشيب اولا من قبل ان مؤخر الراس خال من الرطوبة لأنه ليس فيه دماغ، فاما ناحية اليافوخ ففيه رطوبة كثيرة واذا كثرت الرطوبة لا تسرع فيها العفونة. فاما الصدغان فليس فيهما رطوبة قليلة بقدر ما ينضج ولا فيهما رطوبة كثيرة بقدر ما لا يعفن. والصدغان فيما بين هاتين الآفتين ولذلك يبياض شعر الصدغين قبل غيره. فقد ذكرنا علة شيب الناس. 5- والعلة التى ذكرنا اعنى علة الصلع تكون علة عدم الشيب فى ساير الحيوان لحال تغير هذا الفن فان التغيير لا يكون بينا فى ساير الحيوان من قبل السن. وذلك لأن الدماغ الذى يكون فى رؤس ساير الحيوان قليل رطب ولذلك لا تضعف الحرارة عن طبخه. والشيب يظهر فى الخيل خاصة من بين ساير الحيوان لدقة عظام رؤسها بقدر قياسها الى عظم اجسادها، وانما اعنى دقة العظام المحيطة بالدماغ. والدليل على ذلك من قبل ان الضربة التى تصيب تلك العظام مميتة وخاصة الضربة التى تصيب الصدغين. وقد اصاب اميروس الشاعر حيث ذكر الصدغين فى شعره وقال حيث اول شعر الخيل النابت فى الصدغين وهى الاماكن المميتة جدا اذا اصابها جرح. فان الرطوبة التى فى الصدغين تسيل عاجلا لحال دقة العظم، فاذا نفدت الحرارة لحال السن يبياض شعر الصدغين. والشعر الاشقر يبياض اسرع من الشعر الاسود لأن الشقرة والحمرة مثل امراض تصيب الشعر. وجميع ما يضعف من الحيوان يشيب عاجلا. ويزعم بعض الناس ان الغرانيق اذا كبرت تكون الوانها سود. وعلة هذه الآفة من قبل ان طباع ريش الغرانيق ابيض، فاذا كبرت كثرت الرطوبة فى ريشها ولا تسرع اليها العفونة. والدليل على ان الشيب يكون بنوع من انواع العفونة وليس هو يبسا كما ظن بعض الناس من قبل ان الشعر الذى يغطى يشيب عاجلا، لأن الغطاء مما يمنع الرياح والرياح تدفع العفونة ومن الغطاء يكون عدم التنفس. والدهن بالماء والزيت المخلوط مما يدفع الداء الذى ذكرنا، لأن الماء*** ييبس عاجلا. فليس الشيب بيبس، ولا يبياض الشعر مثل ما يبياض كثير من الاجساد اذا يبس. وربما خرج الشعر وهو ابيض من اصله. *** وربما ابياضت اطراف الشعر، لأن الحرارة التى فى الاطراف قليلة. فاما ساير الحيوان الذى يكون فى جسده شعر ابيض فهو يكون من الطباع ليس من مرض. فاما علة الوان الشعر فمن قبل الجلد فى ساير الحيوان، لأنه اذا كان الجلد ابيض كان الشعر ابيض، واذا كان الجلد اسود كان الشعر اسود ايضا، واذا اختلفت الوان الجلد اختلفت الوان الشعر ايضا. فاما فى الناس فليس لون الجلد علة لون الشعر. فمن الناس من جلده ابيض جدا وشعره شديد السواد. وعلة ذلك من قبل ان جلد الانسان دقيق جدا اكثر من جلد ساير الحيوان بقدر عظمه، ولذلك لا يقوى جلد الانسان على تغيير الشعر بل يتغير لون الجلد ايضا لضعفه، ويتبدل لونه [ويكون ] من الشمس ومن الرياح الى السواد <اكثر> ما هو. فاما الشعر فلا يتغير مع تغير الجلد. فاما فى ساير الحيوان فلجلد قوة مثل قوة الارض لحال غلظه، ولذلك يتغير الشعر بتغيير الجلد ولا يتغير الجلد من الرياح والشمس. 6- ولبعض الحيوان لون واحد. وذلك اذا كان لكل جنس لون واحد مثل لون الاسد، فان لون جميع الاسد احمر، ولذلك يعرض هذا العرض للطير والسمك وحيوان أخر بمثل هذا النوع. ومن الحيوان ما يكون كثير الالوان، وربما كان لون كل جسده واحدا مثل البقر، فانه ربما كان كل جسد البقرة ابيض اللون، وربما كان اسود اللون وربما كان مختلف اللون. واختلاف الالوان يكون بنوعين، اعنى انه ربما كان من قبل الجنس مثل الفهد والطاوس وبعض السمك مثل الجنس الذى يسمى باليونانية تراطا. وربما لم يكن من قبل كلية الجنس بل يكون بعضه مختلف الالوان مثل ما يعرض للبقرة والمعزى وبعض الطير مثل الحمام واجناس أخر من اجناس الطير. والحيوان المنسوب الى كثرة الالوان يقبل تغير الالوان اكثر من الحيوان الذى ينسب الى اللون الواحد،*** فهو ينتقل من اللون الابيض الى اللون الاسود ومن الاسود الى الابيض لأن اللون مخلوط من كليهما، وذلك فى كلية الجنس اعنى ان فى الطباع ان يكون قابلا ليس للون واحد بل لالوان شتى، والطباع سريع الحركة التى تنقل بعض الالوان فى بعض. فاما جنس الحيوان الذى له لون واحد فعلى خلاف ما ذكرنا، لأنه لا يغير لونه الا لحال آفة او مرض وذلك فى الفرط. فقد ظهرت قبجة بيضاء وغراب، وعصفور ودب. وانما تعرض هذه الاعراض اذا انتقلت هذه الاصناف من وقت الولاد. والصغير سريع الحركة سريع الفساد والذى يكون انما يكون مثل هذا. والمبدأ يكون فى صغار الاشياء. وخاصة تغير الوان اجناس الحيوان التى تكون من قبل الطباع كثيرة الالوان ويكون تغيير الوانها لحال اختلاف المياه فان المياه الحارة تصير الشعر ابيض والمياه الباردة تصير الشعر اسود، كما يعرض لاصناف الشجر ايضا. وعلة ذلك من قبل ان فى المياه الحارة ريح اكثر من الماء. فاذا صفا الهواء صار منه بياض كما يعرض للزبد. فمثل اختلاف الوان الجلد التى تكون من الطباع والتى تكون من مرض يكون اختلاف الوان الشعر ايضا فان الوانه تختلف لحال مرض ولحال القرون ولحال الطباع. والبياض يعرض للشعر من جميع هذه العلل فربما كان البياض من الحرارة الطباعية وربما كان من الحرارة الغريبة، وانما يكون البياض من هواء بخارى محتبس فى جميع الاعضاء. ولهذه العلة تكون الوان ما تحت بطون الحيوان الذى لا ينسب الى لون واحد اشد بياضا من غيره. لأنه اكثر دفأ ولحمه اطيب والذ من غيره لحال العلة التى هى فهى، فان النضوج يصير اللحم طيبا وانما يكون النضوج من الحرارة. وهذه علة الحيوان المنسوب الى لون واحد ايضا اعنى الحيوان الاسود او الابيض اللون، فان الحرارة والبرودة علل طباع الجلد والشعر، لأن فى كل واحد من الاعضاء حرارة خاصة له. وايضا تختلف الالسن فى اجناس الحيوان المبسوطة والمختلفة الالوان اعنى بقولى المبسوطة الاجناس البيض الالوان والاجناس السود الالوان. وعلة ذلك ايضا العلة التى وصفنا فيما سلف اعنى ان جلود الحيوان الكثير الالوان مختلفة الالوان ايضا، واذا كان الجلد اسود اللون كان الشعر ايضا اسود اللون، واذا كان الجلد ابيض اللون كان الشعر ايضا ابيض اللون وينبغى ان نظن ان اللسان مثل عضو واحد من الاعضاء التى فى ظاهر البدن ولا ينظر ذلك لأن الفم يستره فهو مثل يد او رجل او شىء آخر من هذه الاعضاء. فاذا كان الجلد مختلف اللون يكون جلد اللسان مختلف اللون ايضا. وبعض اجناس الطير والحيوان البرى الذى له اربعة ارجل تغير الوانها بقدر تغيير الازمان. وعلة ذلك من قبل انه كما يصيب الناس التغيير من قبل القرون كذلك يصيب هذه الاصناف من تغيير الازمان. فان اختلاف الازمان اقوى من اختلاف القرون. والحيوان الذى يأكل اصنافا كثيرة من الطعام مختلفة الالوان اكثر ذلك، وهذا العرض يعرض بحق ولذلك صار لون النحل واحدا. فاما لون الدبر الاحمر والاصفر فمختلف. واصناف الطعام تكون عل تغير الالوان وبحق تكون حركات مختلفة وفضول غذى مختلفة من الطعام المختلف، ومن تلك الفضول يكون الجلد والشعر والقشور والريش. فقد ميزنا وبينا حال اللون والشعر بقدر هذا الفن. 7- فاما اختلاف الصوت، اعنى ان بعض الحيوان يكون ثقيل الصوت وبعضه حاد الصوت وبعضه قوى معتدل فيما بين الحدة والثقل وبعضه عظيم الصوت، وبعضه صغير الصوت وربما كان الصوت حسنا وربما كان على خلاف ذلك، فينبغى لنا ان ننظر ايضا علل كل واحد من الاختلاف الذى وصفنا. وينبغى ان نظن ان علة حدة وثقل الصوت من قبل التغيير الذى ذكرنا اعنى تغيير القرون. فان صوت ما حدث من الحيوان يكون احد من صوت المسن. وجميع اصناف الحيوان حادة الصوت فى حداثة سنها، فاما عجول البقر فعلى خلاف ذلك لأن اصواتها اثقل من اصوات ما كان من البقر مسنا. ومثل هذا العرض يعرض للذكورة والاناث، فان فى ساير الاجناس تكون اصوات الاناث احد من اصوات الذكورة. وذلك خاصة بين فى الناس، لأن الطباع وهب لهم هذه القوة لأن الناس فقط يستعملوا الكلام من بين ساير الحيوان، وانما هيولى الكلام الصوت. فاما فى البقر فهذا العرض يعرض على خلاف ما ذكرنا اعنى ان اناث البقر تصوت اصواتا اثقل من اصوات الذكورة. وقد ذكرنا فى الاقاويل التى وضعنا على الحس والاقاويل التى وضعنا فى النفس العلل التى من اجلها للحيوان صوت وماذا صوت وماذا دوى. فاما الصوت الثقيل فهو يكون من الحركة الثقيلة، والصوت الحاد يكون من الحركة السريعة. فلأن المحرك علة الحركة الثقيلة والسريعة مثل المحرل يهيج، ها هنا مسألة عويص. فان بعض الناس يزعم ان الكثير يتحرك حركة ثقيلة والقليل يتحرك حركة سريعة، وهذه العلة التى من اجلها يقال بعض الحيوان ثقيل الصوت وبعض الحيوان حاد الصوت. وفى قولهم صواب بنوع وخطأ بنوع. فقولهم ان الثقيل يكون من عظم المتحرك صواب، ولذلك يكون التصويت بصوت صغير ثقيل عسر جدا والتصويت بصوت كبير حاد ايضا غير ممكن. ونظن ان ثقل الصوت منسوب الى طباع الاقوى، وفى الالحان اللحن الثقيل اجود من غيره لأن التام يكون فى الزيادة وانما الثقل صنف من اصناف الزيادة. ولكن اذ قد علمنا ان الثقيل والحاد مختلفان ويكونان فى صوت الكبير وصوت الصغير، فانه يمكن ان تكون حدة صوت عظم صوت وصغر صوت ثقل صوت، وكذلك ايضا صوت الاوسط. <ف>ينبغى ان نبين هذه الاصناف تمييزا آخر اعنى عظم اصوات وصغر اصوات ولا نميز بكثرة وقلة المتحرك. فان كان الحاد والثقيل بقدر التميز الذى يقال له سيعرض ان يكون صغر الصوت*** وثقل الصوت شيئا واحدا هو فهو. وهذا كذب. وعلة ذلك من قبل ان الصغير والكبير <والكثير> والقليل تقال بانواع شتى لأنها تقال بنوع مبسوط وتقال بقياس بعضها الى بعض. فالصوت الكبير يكون اذا كان المتحرك كبيرا بقول مبسوط وصغر الصوت يكون اذا كان المتحرك قليلا بنوع مبسوط. فاما حدة الصوت وثقل الصوت <ف>يكونان من قياس بعضها ببعض، ولذلك تكون فيه هذه الفصول. فانه ان كانت قوة المتحرك زايدة على قوة المحرك باضطرار تكون حركة المتحرك ثقيلة، فاما إن كانت قوة المحرك غالبة على قوة المتحرك تكون الحركة سريعة. فاما القوى فلحال قوته ربما حرك حركة بطيئة وربما حرك حركة سريعة لحال غلبته. وبقدر هذا الفن تكون المحركة للمتحركة الضعيفة، فانها اذا حركت اكثر من القوة تكون الحركة بطيئة واذا حركت اقل من القوة تكون الحركة سريعة. فهذه علل هذه المضادات اعنى العلل التى من اجلها لا تكون جميع احداث الحيوان حادة الاصوات ولا ثقيلة الاصوات ولا ما طعن منها فى السن ولا الذكورة ولا الاناث. وربما كانت اصوات المرضى حادة واصوات الاصحاء كمثل، وربما كان الشيوخ احد صوتا من غيرهم وقرن يخالف لقرن الشباب. فكثير من الاناث وشباب الحيوان يصوت اصواتا حادة لأنها لحال الضعف تحرك هواء قليلا. والقليل يتحرك حركة سريعة والسريع فى الصوت حاد. فاما العجول واناث البقر فهى تصوت مثل الاصوات التى وصفنا العجول لحال القرن والاناث لحال طباعها، اعنى انه لضعفها ليس لها العضو الذى به تحرك قوى فاذا حركت كثيرا صارت اصواتها ثقيلة، لأن الذى يصوت صوتا بطيئا ثقيلا والهواء الكثير يتحرك حركة بطيئة. وهذه تحرك هواء كثيرا، فاما الاخرى فهى تحرك هواء قليلا لحال هذه الآلة وتكون حركة الروح سريعة، واذا كان البعد كبيرا باضطرار تكون حركة الهواء كثيرة***. فاما اذا جاز قرن الشباب فهذا العضو المحرك يكون قويا فى كل واحد مما وصفنا ولذلك تتغير الاصوات، والتى كانت حادة الصوت تصير ثقيلة الصوت والتى كانت ثقيلة الصوت تصير حادة الصوت، واذا قيست الى ذاتها. ولهذه العلة تكون الثيران احد اصواتا من العجول واناث البقر. وانما قوة جميع الحيوان فى العصب ولذلك يكون شباب الحيوان اقوى من الاحداث، لأن مفاصل الاحداث ليست بقوية ولا عصبهم ولم يقو عصب الاحداث القوة التى تنبغى وقوة عصب ما طعن فى السن ضعيف ليس بموافق للحركة. والثيران خاصة قوية العصب والقلب. ولذلك يكون العضو المحرك للهواء فى الثيران قويا مثل وتر من عصب ممتد. والدليل على ان طباع قلوب البقر على مثل هذه الحال انه ربما وجد فى قلوب بعضها عظام والعظام،*** العصب. وجميع الحيوان الذى يخصى يتغير وينتقل الى طباع الاناث فلحال ضعف واسترخاء العصب تكون اصوات الحيوان الذى يخصى شبيهة باصوات الاناث*** - فاما نبات الاسنان فهو يكون للحاجة الى قطع وطحن الطعام. وقد قال بعض الناس ان الرضاع يكون علة نبات الاسنان وذلك خطأ لأنه ليس الرضاع الذى يضطر نبات الاسنان بل حرارة اللبن وذلك بين واضح. وانما تنبت الاسنان الحادة قبل العريضة اعنى الاضراس وذلك لأنه يحتاج الى الاسنان الحادة لقطع الطعام اولا وقطع الطعام قبل الطحن وايضا نبات الاصغر يكون من الحرارة قبل نبات الاعظم. والاسنان الحادة اصغر من الاضراس كثيرا وعظم الفك فى ناحية الاضراس اعرض، فاما فى ناحية الفم فهو اضيق. وباضطرار يسيل غذى اكثر من الاعظم ومن الاصغر غذاء قليل. فاما الرضاع فليس يوافق نبات الاسنان بل حرارة اللبن تنبت الاسنان عاجلا. والعلامة الدليلة على ذلك من قبل الصبيان الذين يرضعون لبنا اسخن تنبت اسنانهم اسرع من نبات غيرهم، لأن الحار منشى مربى. والاسنان تقع بعد نباتها لحال الذى هو امثل واجود، فان الحاد تكل عاجلا. فينبغى ان تقع الاسنان التى تنبت اولا ثم تنبت غيرها لحال عملها الذى تحتاج اليه. فاما الاسنان العراض فليس تكل بل تسحق من طول الزمان فقط. والاسنان تقع باضطرار ولا سيما الحادة منها لأن الاضراس فى ناحية الفك العريضة القوية فاصولها نابتة فى عظم قوى. فاما مقاديم الاسنان فاصولها نابتة فى عظم دقيق ضعيف ولذلك تكون سريعة الحركة والوقوع وهى تنبت ايضا فى زمانها.***وربما تنبت الاضراس بعد زمان كثير، فاما اواخر الاضراس فهى تنبت لتام عشرين عاما. وربما تنبت عند الكبر والشيب لحال كثرة الغذاء الذى فى سعة العظم. فاما المقدم فهو يتم عاجلا لحال دقته وليس تكون فيه فضلة بل تفنى الفضلة فى غذائه. فاما ديموقريطوس فترك العلة التى من اجلها تكون الاسنان ونسبها الى الاضطرار ونحن نعلم ان نباتها من قبل الطباع وانما يكون نباتها من اجل شىء ولحال الذى هو امثل. وجميع ما ذكرنا يكون لحال التام وليس شىء يمنع نبات الاسنان ووقوعها ونباتها ثانية لأنها مثل محركة ومثل آلة ومثل هيولى تامة.*** وكذلك يستعمل كثير من آلة المهن فى اشياء كثيرة مثل ما تستعمل مهنة النحاس [و]المرزبة. وكذلك تعمل الروح فى الاشياء المقومة من الطباع. وقول القايل ان العلل باضطرار شبيه بقول القايل ان الماء الذى يخرج من اصحاب الحبن انما يخرج لحال الحديدة التى تبط وليس لحال الصحة.*** فقد ذكرنا علة نبات الاسنان ولماذا تقع بعضها وتنبت ايضا بعد وقوعه وبعضها لا تقع، وبقول كلى لأى علة تكون الاسنان، وقد ذكرنا علل ساير الآفات التى تصير كل واحد من الاعضاء اعنى الآفات التى تعرض ليس من الاضطرار بل لحال شىء ولحال العلة المحركة. تم تفسير القول التاسع عشر من كتاب ارسطاطليس الفيلسوف فى طبايع الحيوان بعون الله وتوفيقه وتم الكتاب والحمد لله دايما وصلى الله على محمد وآله وسلم كثيرا
نامعلوم صفحہ