شغف صباحي
لا أتذكر متى ولد عشقي لك، أو كيف أصبح على مدى سنوات موعدك أهم طقوسي الصباحية، أسرع من تناول إفطاري حتى لا أتأخر عنه، وأحيانا أكتفي ببضع لقيمات أو ملعقة عسل؛ فموعدك مقدس لا يقبل التأخير.
أبدأ طقوس مقابلتك؛ أغلق ستائري، وزجاج شرفتي؛ لأهرب من المتلصصين. أسقي ورود شرفتي؛ زهور الياسمين، ووريقات الريحان؛ فأنا أحب أن أختلي بك في شرفتي؛ ليكون ثالثنا ضوء السماء. آنس بصحبتك؛ لترتوي روحي من عبقك.
حاضرة دائما في مسراتي وأحزاني، تتوسطين جلساتنا العائلية، وتشاركيننا سمرنا وضحكنا، وفي أعياد الميلاد تحضرين دائما، فأنت «صاحبة واجب».
ولم تسأمي مني في فترات اكتئابي، رغم كثرتها، فكنت رفيقة دائما، وكنت خير شاهد على إبداعاتي الكتابية.
زاد شغفي بك، فلم أعد أكتفي بلقاء واحد، ولم أعبأ يوما بهالاتي السوداء، أو ما تسببينه من فقدان لشهيتي؛ فكلها أعراض معتادة للعشق.
سقطت يوما من أثر عشقك، فاستعرض لي الطبيب شكوى جسدي بفعل هواك، وصدمني بقراره: «لا بد من إنهاء تلك العلاقة فورا.» حاولت مفاوضته؛ لقاءان في اليوم، أو لقاء واحد، فرفض وأصر. أحزنني قراره، وسكنت سريري أياما، لا أعلم إن كان للتداوي من عشقك أم لفراقك.
أمر على الواجهات الزجاجية، أتغزل بشبيهاتك، وأتتبع رائحتك، وأتابع وجهك المستدير على شاشة التلفاز، فأتعجب لهذا الكائن الصغير كيف له كل هذا السحر، أضعف، فأبحث عنك، وأتابع بشغف فورانك البطيء، وأعد فنجانك، وأختلس لحظاتك في شرفتي على شرف رائحة الياسمين والريحان.
في البحث عن بداية
في رحلتي ألملم متاعي؛ ورقا، وحواسا أشحذها جيدا. أتلصص إلى ثرثرة الجميع؛ لألتقط البدايات وأنسج بها الحبكات. أوصي هدهدي بتتبع الأخبار، وأن يأتيني بأنبائه العظيمة.
نامعلوم صفحہ