وما أحرانا نحن بأن نتعهد أنفسنا بمثل هذه التربية فنعيش مدى حياتنا طلبة في جامعة العالم ندرس ونتفقه في حقائقه، ونتطور في الآراء والمذاهب وننظر في هذه الحضارة التي نعيش بين ظهرانيها، فندرس حقائقها وأحلامها وأديانها وآلاتها ومؤسساتها.
والدرس نوع من التوسع؛ ولذلك فإن طالب المعرفة كطالب المال لا يشبع لأن كلا منهما يشعر بنوع من السيادة في هذا التوسع يشبه الملوكية؛ إذ له شيء من كبريائها وكرامتها، ولكن قلما تجد رجلا يعمد إلى الدرس والتثقف ما لم يكن قد نزع هذه النزعة وهو شاب؛ ولذلك فإن تربية الرجل كبيرا تحتاج إلى تربيته صغيرا بحيث ينزع نزعة الدرس .
فيجب أن نقصد من تربية الصبي إلى غرضين:
أولهما:
أن نغذوه بالمعارف العامة.
والثاني:
أن نغرس فيه هذه النزعة إلى التوسع الذهني بحيث يكون هو المعلم لنفسه في المستقبل حتى يدأب في تربية نفسه وهو كبير.
وإنه لمن المآسي العظمى أن يرى الإنسان شابا أو شيخا وهو قاعد «يقتل» الوقت لأنه لا يعرف كيف يشغل ذهنه بما يفيده ويرفعه من اكتساب المعارف والتفكير في حقائق هذه الدنيا التي هي وطننا الأكبر، والتي يجب على كل منا أن يدرسها ويبحث في تنظيمها وتخليصها من الأغلال القديمة.
الفصل السابع والثلاثون
تحديد النسل
نامعلوم صفحہ