هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولو الألباب
على أن الأنبياء والأوصياء والأئمة هم الراسخون في العلم، وهم الذين يعلمون تأويله، وذهب علماؤهم إلى أن قوله تعالى:
والراسخون في العلم
نسق على الله؛ وقوله:
يقولون آمنا به
أخرجوه مخرج الحال بمعنى أنهم ليعلمونه ويقولون آمنا به؛ إذ لو لم يكن الراسخون في العلم يعلمونه لكان مستحيلا منهم أن يقولوا آمنا به؛ لأن الإيمان معناه التصديق، والتصديق بالشيء لا يثبت إلا بعد إحاطة العلم به، ولا يجوز تصديق المرء بما لم يعلمه. ثم إنه ليس يخلو من أن يكون النبي علم بتأويل ما أتى به أو لم يعلم، فإن كان علم به بطل الوقف بعد لفظ «الله» في الآية السابقة، ووجب دخول النبي في شرط من علمه، وهو أول الراسخين في العلم وأفضلهم، وعنه أخذ من أخذ من الراسخين في العلم؛ وإن كان النبي لم يعلم فإرسال الله تعالى إياه بشيء إذا سئل عنه لا يعلمه، خارج عن الحكمة والرسالة.
10
فالنبي كان يعلم بتأويل القرآن، ومن يقوم مقام النبي في كل عصر يعلم هذا التأويل أيضا، وضربوا مثلا بقصة موسى مع الرجل الصالح التي وردت في القرآن الكريم بأن الله خص الرجل الصالح بأسرار لم يعرف كنهها نبي ناطق من الأنبياء، وهو موسى، فقصة موسى هذه دليل عندهم على أن العامة من المسلمين أضعف وأقصر من النهوض بأعباء تأويل القرآن الذي اختص به الوصي والأئمة، وفي ذلك يقول المؤيد في الدين:
وإن أجزنا ظاهر الكلام
في ذاك أسلمناه للخصام
نامعلوم صفحہ