فیصل اول: سفرنامہ اور تاریخ
فيصل الأول: رحلات وتاريخ
اصناف
وقفنا أمام كشك يباع فيه التبغ، صاحبه شاب في ثوب إفرنجي وسدارة، وبينما كان فيصل، وقد فتح علبته فوجدها فارغة، يشتري حاجته من السكاير، سأل الخليفة الشاب رأيه في ملك العراق.
فقال وهو يبتسم: «هو أحسن ملوكنا.»
فقال هارون لفيصل: «ومن كان قبلك؟ إما أن هذا الفتى أبله، وإما أنه ذكي ظريف.»
ثم وجه إلى الشاب سؤالا آخر: «هل الملك فيصل مسلم سليم العقيدة تقي؟» - «وهل أنا إمام لأعرف هل عقيدته سليمة أم فاسدة؟! إما أنه تقي، فعندنا من هم أتقى منه، وعندنا من هم دونه. الكفار يملئون البلاد - لعنة الله عليهم - ولكن جلالة الملك يصلي الجمعة في الجامع، ويصوم رمضان أو بعضه، ويحسن إلى الفقراء وإلى من يحتاجون إلى المال لتعليم أولادهم، وبعد ذلك ... ألا يكفي؟»
فقال فيصل: «وماذا بعد ذلك، قل لنا بالله عليك.» - «لا والله لا علم لي بشيء محقق، وإن من الظن لإثما.»
وقف عندها ليعنى بحاجة رجل آخر ثم استأنف كلامه: «أظنكم غرباء، لهجة الشيخ بدوية، ولكنها غير عراقية، هي أقرب إلى لهجة أهل الحجاز.»
فقال هارون: «إنما أنا حجازي، والرفيقان من بلاد الشام. قل لنا الآن ماذا يقول أهل العراق في ملكهم فيصل؟» - «يقولون إنه كان أول عهده، منذ عشر سنين، مسلما تقيا زاهدا يحفظ الشرع ويرعى التقاليد، لا خمر في القصر، ولا مطامع دنيوية، ولا مكاتيب سرية، ولا قيل وقال.»
رمق هارون فيصلا بلحظة فيها غمزة، وسأل بائع التبغ سؤالا آخر، فقال متبرما: «اعفوني بالله عليكم، أنا لست من حزب المعارضة.»
استأنفنا السير، واستأنف الخليفة الحديث، فقال: «إن الفتى لنجيب وإنه لأديب، وقد ذكرتني كلمة قالها بمسألة مهمة يا فيصل، استرع لها نظرك، هي مهمة وهي مزعجة، ولكنك سيد البلاد - بارك الله فيك - وقطب من أقطاب الحكمة في زمانك، فوجبت عليك القدوة، ووجب على الرعية الاقتداء، يتغير كل شيء في الحياة، يا فيصل، إلا أولية في الرجل والمرأة؛ فالرجل يظل رجلا، والمرأة تظل امرأة، إلى آخر الدهر والصلة الجنسية تظل هي هي، مهما تبدلت الشرائع، وتلطفت النزعات والنزوات، وليس بين الحكماء والأنبياء من أدرك هذا السر إدراك نبينا عليه السلام، ولا حاجة إلى أن أذكرك بالآية.
الملك فيصل الأول ومعه أخوه جلالة الملك علي وربندراث طاغور، ويظهر في الرسم جعفر العسكري ونوري السعيد.
نامعلوم صفحہ