فيلسوف العرب والمعلم الثاني
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
اصناف
وبذلك اجتمع على ابن تيمية المتكلمون والصوفية والفقهاء يكيدون له ويحسدونه ويتبرمون بتنقيصه لأقدار العلماء، وتجريحه لآرائهم.
بل يقول المؤرخون: إن أبا حيان النحوي حضر عند ابن تيمية لما قدم إلى القاهرة سنة سبعمائة، فقال: ما رأت عيناي مثل هذا الرجل ومدحه بأبيات. ثم دار بينهما كلام فجرى ذكر سيبويه؛ فقال ابن تيمية: «إيش سيبويه». ويقال: إن ابن تيمية قال له: «ما كان سيبويه نبي النحو ولا كان معصوما؛ بل أخطأ في الكتاب في ثمانين موضعا ما تفهمها أنت». فنافره أبو حيان وقطعه، وذكره في تفسيره البحر بكل سوء، وكذلك في مختصره النهر.
فابن تيمية قد أثار على نفسه الحفيظة من كل علماء عصره حتى علماء النحو.
وما زال القوم يدبرون له الكيد في السر والعلن حتى نبشوا له فتوى كان مضى عليها عهد طويل ، وهي فتواه في شد الرحال إلى زيارة القبور. وهو يرى أن نذر السفر إلى قبر الخليل - عليه السلام - أو قبر النبي
صلى الله عليه وسلم
نذر لا يجب الوفاء به باتفاق الأئمة الأربعة؛ فإن السفر إلى هذه المواضع منهي عنه. ويقول ابن تيمية: وقد رخص بعض المتأخرين في السفر إلى المشاهد، ولم ينقلوا ذلك عن أحد من الأئمة، ولا احتجوا بحجة شرعية.
وكان لنشر هذه الفتوى بين الناس مع إحاطتها بالكيد والتشنيع وقع في النفوس لم يطفئ نار فتنته إلا اعتقال الشيخ.
وإذا كان خصوم ابن تيمية لم يتقوا الله فيه حين طعنوا في دينه، وهو الرجل التقي الذي نشأ معما في الدين ومخولا، فإن ابن تيمية قد أعان على نفسه.
نقل ابن حجر العسقلاني في كتاب الدرر الكامنة عن الذهبي ما نصه:
فإنه كان، مع سعة علمه، وفرط شجاعته، وسيلان ذهنه، وتعظيمه لحرمات الدين بشرا من البشر، تعتريه حدة في البحث وغضب منه، وصدمة للخصم تزرع له عداوة في النفوس.
نامعلوم صفحہ