فيلسوف العرب والمعلم الثاني
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
اصناف
والأشبه أن يكون الكندي قد بنى مذهبه على ما صح في نظره من الآراء المختلفة من غير تقيد بما نسب لأفلاطون ولا بما نسب لأرسطو، بيد أنه كان بلا شك يراهما إمامي هذا الشأن، فهو كما يقول «ده بور»: «بحق، كان من أهل الترجيح والتخير.»
وقد سار على نهجه أكثر من بعده من فلاسفة الإسلام.
الكندي هو «فيلسوف العرب» كما في كتاب «أخبار الحكماء» وكتاب «طبقات الأطباء»: «ولم يكن في الإسلام من اشتهر عند الناس بمعاناة علوم الفلسفة حتى سموه فيلسوفا غير يعقوب هذا»، وفي الفهرست: «وسمي فيلسوف العرب.»
ويقول ابن نباتة: «الكندي هو يعقوب بن الصباح المسمى في وقته فيلسوف الإسلام.»
والكندي كان جديرا بهذه التسمية في وقته وسيظل بها جديرا، فإنه أول عربي مسلم مهد للفلسفة سبيل الانتشار بين العرب وفي ظل الإسلام، فقد كان أمر الترجمة من قبله لنقلة حرصهم على الترجمة الحرفية مع ضعف بيانهم العربي يجعل تراجمهم رموزا يستعصى حلها، حتى جاء الكندي يترجم بنفسه ويصلح هذه التراجم ليسهل تناولها؛ ولكيلا تنفر من أساليبها أذواق العرب، ثم درس الكندي هذه الكتب المترجمة ويسر من موضوعاتها ما كان معسرا، واختار ما صح من آرائها في نظره فبسطه إن كان محتاجا لبسط، ولخصه إن كان محتاجا لتلخيص، وجاهد كما بينا من قبل في تزيين الفلسفة في أعين العرب جهادا مكللا بالنصر، بذل فيه كل ما يستطيع إنسان أن يبذله من نعيم الحياة وجاهلها، وصبر في سبيل ذلك على أذى أشرنا إلى بعضه فيما مضى.
والكندي هو الذي وجه الفلسفة الإسلامية في وجهتها فسارت في سبيلها على أيدي تلاميذه ومن أخذ عن تلاميذه.
وقد أورد صاحب الفهرست أسماء تلاميذ الكندي بقوله: «تلاميذ الكندي ووراقوه: حسنويه ونفطويه وسلمويه وآخر على هذا الوزن، ومن تلامذته: أحمد بن الطيب ونذكره فيما بعد، وأخذ عنه أبو معشر.»
71
وذكر في موضع آخر:
72 «دبيس تلميذ الكندي هو محمد بن يزيد ...» وفي ذلك دلالة على أن تلاميذ الكندي لم يعرف عددهم على استقصاء، كما غاب عنا أسماء من تلقى عنهم ضروب العلم المختلفة.
نامعلوم صفحہ