فيلسوف العرب والمعلم الثاني
فيلسوف العرب والمعلم الثاني
اصناف
متحدثا عن أسد بن جاني: «وكان طبيبا فأكسد مرة، فقال له قائل: السنة وبيئة، والأمراض فاشية، وأنت عالم ولك صبر وخدمة، ولك بيان ومعرفة، فمن أين تؤتي في هذا الكساد؟ قال: أما واحدة فإني عندهم مسلم، وقد اعتقد القوم قبل أن أتطبب، لا بل قبل أن أخلق أن المسلمين لا يفلحون في الطب، واسمي أسد، وكان ينبغي أن يكون اسمي صليبا، ومراسل، ويوحنا، وبيرا، وكنيتي أبو الحارث، وكان ينبغي أن تكون أبو عيسى، وأبو زكريا، وأبو إبراهيم، وعلي رداء قطن أبيض، وكان ينبغي أن يكون علي رداء حرير أسود، ولفظي لفظ عربي وكان ينبغي أن تكون لغتي لغة أهل جند يسابور.»
ثقافته
كان طبيعيا إذا أن تدفع أم الكندي طفلها إلى العلوم الدينية وآلاتها، فتعلم علوم اللغة والأدب وشدا من علوم الدين شيئا، ولكن الطفل كان بفطرته طلعة، يلتمس أن يدرك بعقله الأشياء وعللها ويريد أن يحيط بكل شيء علما، فما هو إلا أن بلغ رشده وأصبح أمره بيده، حتى انطلق يرضي شهوة عقله فيتصل بعلم الكلام، ويشارك المتكلمين في مباحثهم ويغلبه حب المعرفة، فلا يجد فيما تمارسه بيئته الإسلامية العربية ما يكفي حاجة عقله الطموح، ويقتحم غمار الفلسفة وما إليها من العلوم المنقولة عن يونان وفارس والهند، ولا يجد فيما يترجمه النقلة غنى، فيحاول أن يرد هذه العلوم في منابعها، ويتعلم اليونانية، ويترجم بها ويصلح ما يترجمه غيره، ويتصل بالثقافة اليونانية اتصالا ظاهر الأثر في عواطفه وفي تفكيره.
قال المسعودي في مروج الذهب:
23
وقد كان يعقوب الكندي يذهب في نسب يونان إلى ما ذكرنا: أنه أخ لقحطان، ويحتج لذلك بأخبار يذكرها في بدء الأشياء، ويوردها من حديث الآحاد والأفراد، لا من حديث الاستفاضة والكثرة، وقد رد عليه أبو العباس عبد الله بن محمد الناشي في قصيدة له طويلة، ووكد خلطه نسب «يونان» بقحطان على حسب ما ذكرنا آنفا في صدر هذا الباب فقال:
أبا يوسف إني نظرت فلم أجد
على الفحص رأيا صح منك ولا عقدا
وصرت حكيما عند قوم إذا امرؤ
بلاهم جميعا لم يجد عندهم عندا
نامعلوم صفحہ