وقبل هذا وذاك، جاء فرعون
فحشر فنادى * فقال أنا ربكم الأعلى . وجاء أبو نواس مصر بعد ذلك فقال:
محضتكم يا أهل مصر نصيحتي
ألا فخذوا من ناصح بنصيب
رماكم أمير المؤمنين بحية
أكول لحيات البلاد شروب
فإن يك باق إفك فرعون فيكم
فإن عصا موسى بكف خضيب
واشتهر المصريون عند المؤرخين بالانهماك في الشهوات وعدم النظر في العواقب. ولما رآهم ابن خلدون على هذه الحال قال فيهم: «كأنما فرغوا من الحساب» يريد أنهم لا يحاسبون أنفسهم على ما يصدر منهم، ولا يخافون من عاقبة أعمالهم، كأنما فرغوا من الحساب.
وظل مؤرخو العرب يرمون المصريين بالذل، وقبول الضيم في كل ما كتبوا، وكان من أشدهم المقريزي في أول خططه ، فقد عقد فصلا في أخلاق المصريين قال فيه : «وأما أخلاقهم فالغالب عليها اتباع الشهوات، والانهماك في اللذات، والاشتغال بالترهات، والتصديق بالمحالات، وضعف المرائر والعزمات، ولهم خبرة بالكيد والمكر، وفيهم بالفطرة قوة عليه، وتلطف فيه، وهداية إليه». ثم رماهم بالذل، وأخذ يحصي الأقوال في ذلك؛ فروي عن كعب الأحبار أن «الخصب قال: أنا لاحق بمصر، قال الذل: وأنا معك. وقال الشقاء: أنا لاحق بالبادية، فقالت الصحة: وأنا معك»، وروي أن ابن القرية وصف أهل مصر فقال: «عبيد لمن غلب، أكيس الناس صغارا، وأجهلهم كبارا».
نامعلوم صفحہ