(23) العلم (بالعادة) أى بجرى عادة الله تعالى بأن يحدث العلم عقيب النظر (إذ لا مؤثر) في الوجود عنده (إلا الله) كما نطقت به الشريعة الحقة بحيث لا مساغ للإرتياب فيه فالمؤثر في وجود العلم هو الله تعالى (بلا وجوب منه تعالى) على زعم الأشعرى (ولا عليه) فبالعادة ولم يدر أن الوجود من غير وجوب ترجيح بل ترجح من غير مرجح (و) قال (المعتزلة أنه) أى حصول العلم بعد النظر (بالتوليد) فإن الناظر يخلق النظر فيتولد منه فعل آخر من غير صنع الله تعالى عقيبه (كحركة المفتاح عند حركة اليد) وهذا رأى باطل لا ينبغى للمسلم أن يلتفت إليه (و) قال (الحكماء أنه) أى حصول العلم بعده (بالأعداد فإنه) أى النظر (يعد الذهن إعدادا تاما) فإذا تم استعداد الذهن لقبول العلم بهذا الإعداد (تفيض عليه النتيجة من مبدأ الفيض وجوبا منه) فإن الوجود بلا وجوب باطل فعلى هذا النظر علة معدة لحصول العلم (واختار الإمام) فخر الدين (الرازى) من الأشعرية (أنه) أى حصول العلم (واجب عقيبه) أى عقيب النظر بأن جرت عادته تعالى بإيجاب وجود العلم وإحالة عدمه بخلاف الأشعرى فإنه لا يقول بالوجوب أصلا ولا دخل للنظر في هذا الإيجاب بل هو والنظر معلولان له سبحانه واجبان به بخلاف قول الفلاسفة (وأن لم يكن) حصول العلم (واجبا منه تعالى ابتداء) حتى لا يحتاج إلى النظر عند كون هذا العلم (غير متولد منه) أى من النظر بأن يكون المؤثر قدرة العبد بوساطة النظر (لأنه ليس لقدرة العبد تأثير) كما ظهر من الشرع الحق ظهور الشمس في نصف النهار وبما قررنا ظهر لك الفرق بين هذا القول والأقوال السابقة فلا تلتفت إلى ما قيل أن هذا لا محصل له إلا بالإرجاع إلى أحد الأقوال السابقة قال المصنف (وهذا أشبه) بالصواب (فإن) حاصل هذا يرجع إلى اللزوم و(لزوم بعض الأشياء للبعض مما لا ينكر ألا ترى أن وجود العرض بدون الجوهر) غير معقول (و) كذا ثبوت (الكلية بدون الأعظمية غير معقول) وكذلك وجود هيئة الشكل الأول مثلا مع تفطن الاندراج بدون العلم بالنتيجة غير معقول (هذا) .
(المقالة الثانية في الأحكام وفيها أبواب) أربعة لأن الأبحاث المتعلقة به أما متعلقة بالحاكم أو الحكم نفسه أو المحكوم
(24)
صفحہ 33