وتأمل قوله: "إن المراد بحديث أبي هريرة مشركو العرب، ومن لا يوحد، فأما غيرهم ممن يقر بالتوحيد فلا يكتفي في عصمته بقول لا إله إلاّ الله. إذ كان يقولها في كفره وهي من اعتقاده".
وتأمل قول النووي: "ولا بد من الإيمان بما جاء به رسول الله ﷺ" وبالجملة فقوله ﷺ: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله" لا (^١) نعلم أحدًا من العلماء أجراه على ظاهره، وقال إن من قال لا إله إلاّ الله يكف عنه ولا يجوز قتاله وإن ترك الصلاة ومنع الزكاة. هذا لم يقل به أحد من العلماء. ولازم قولكم أن اليهود لا يجوز قتالهم لأنهم يقولون لا إله إلاّ الله. "وأن الخوارج الذين قاتلهم علي بن أبي طالب لا يجوز قتالهم، لأنهم يقولون لا إله إلاّ الله" (^٢) وأن الصحابة مخطئون في قتالهم لمانعي الزكاة لأنهم يقولون لا إله إلاّ الله. بل ولازم قولكم أن بني حنيفة مسلمون لا يجوز قتالهم لأنهم يقولون لا إله إلاّ الله. سبحان الله ما أعظم هذا الجهل ﴿كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الروم- ٥٩].
ومن العجب أنكم تقرؤون في صحيح البخاري هذا الباب الذي ذكره في كتاب الإيمان. حيث قال: باب ﴿فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ﴾ ثنا عبد الله بن محمد المسندي (^٣) ثنا أبو روح الحرمي (^٤) ثنا شعبة عن واقد بن محمد قال: سمعت أبي
_________
(^١) في "ب" "لم".
(^٢) ما بين قوسين من طبعة المنار.
(^٣) في طبعة المنار "السندي" وهو خطأ.
(^٤) في طبعة المنار "الجرمي" وفي "ب" "الحري" وكلاهما خطأ.
1 / 74