وبالجملة فالكتاب والسنة يدلان على أن القتال ممدود إلى الشهادتين والصلاة والزكاة وقد أجمع العلماء على ذلك. قال في شرح الإقناع: أجمع العلماء على أن كل طائفة ممتنعة عن (^١) شريعة من شرائع الإسلام فإنه يجب قتالها حتى يكون الدين كله لله كالمحاربين وأولى انتهى.
وأما حديث أبي هريرة عن النبي ﷺ: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلاّ الله فإذا قالواها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها" فهذا لا إشكال فيه -بحمد الله- (^٢) وليس لكم فيه حجة بل هو حجة عليكم ولو لم يكن إلاّ قوله: "إلاّ بحقها" لكان كافيًا في إبطال قولكم وقد قال علماؤنا ﵏ إذا قال الكافر لا إله إلاّ الله، فقد شرع في العاصم (^٣) لدمه فيجب الكف عنه فإن تم ذلك تحققت العصمة وإلاّ بطلت ويكون النبي ﷺ قد قال كل حديث في وقت. فقال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلاّ الله" ليعلم المسلمون أن الكافر المحارب إذا قالها كُفّ عنه وصار دمه وماله معصومًا ثم بين ﷺ في الحديث الآخر أنّ القتال ممدود إلى الشهادتين والعبادتين فقال: "أمر أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلاّ الله. وأن محمدًا رسول الله. ويقيموا الصلاة. ويؤتوا الزكاة" فبين أن تمام العصمة وكمالها إنما يحصل بذلك ولئلا تقع الشبهة بأن مجرد الإقرار يعصم على الدوام كما وقعت لبعض الصحابة حتى جلاّها أبو بكر الصديق ثم وافقوه ﵃.
_________
(^١) في "أ" "من".
(^٢) سقطت من "أ".
(^٣) في "ب" "المعاصم".
1 / 67