لما صعبت التكاليف على الجهال والطغام، عدلوا عن أوضاع الشرع إلى تعظيم أوضاع وضعوها لأنفسهم، فسهلت عليهم، إذْ لم يدخلوا بها تحت أمر غيرهم، قال: وهم عندي كفار بهذه الأوضاع. مثل تعظيم القبور، وإكرامها، والتزامها (^١) بما نهى عنه الشرع، من إيقاد النيران، وأخذ تربتها تبركًا، وإفاضة الطيب على القبور، وشد الرحال إليها، وإلقاء الخِرق على الشجر اقتداء بمن عبد اللات والعزى. انتهى كلامه.
وقال الإمام البكري الشافعي ﵀ في تفسيره عند قوله
_________
= التشبيه وإثبات التنزيه" وغيره من كتبه، وتارة يثبت الصفات الخبرية، ويرد على النفاة والمعتزلة بأنواع من الأدلة الواضحات، وتارة يوجب التأويل كما فعله في "الواضح" وغيره، وتارة يحرّم التأويل ويذمه وينهي عنه، كما فعله في كتاب "الانتصار لأصحاب الحديث" فيوجد في كلامه من الكلام الحسن البليغ ما هو معظم مشكور، ومن الكلام المخالف للسنة والحق ما هو مذموم مدحور … الخ انتهى بتصرف.
وهذا يدل على أن الرجل متذبذب الاعتقاد. لكن قال ابن رجب في الذيل على الطبقات "١/ ١٤٤": ويظهر منه -أي ابن عقيل- في بعض الأحيان نوع انحراف عن السنة وتأويل لبعض الصفات، ولم يزل فيه بعض ذلك إلى أن مات ﵀، اهـ.
وقال الإمام الذهبي ﵀ في الميزان "٣/ ١٤٦": إلا أنه -أي ابن عقيل- خالف السلف، ووافق المعتزلة في عدة بدع نسأل الله العفو والسلامة، فإن كثرة التبحر في كلام ربما أضر بصاحبه، ومن حسن إسلام تركه ما لا يعنيه، اهـ.
وقد ذكر الذهبي أيضًا في "معرفة القرّاء الكبار" ١/ ٣٠٨ أن في ابن عقيل شائبة اعتزال وتجهم وانحراف عن السنة، اهـ.
واستقصاء كلام العلماء في هذا يطول. والمقصود إنما هو مجرد التنبيه.
(^١) في "أ" "وإلزامها".
1 / 43