إلى الله الوسيلة ويرجو رحمته، ويخاف عذابه، فكل من دعا ميتًا أو غائبًا من الأنبياء والصالحين فقد تناولته هذه الآية.
ومعلوم أن المشركين يسألون الصالحين بمعنى أنهم وسائط بينهم وبين الله، ومع هذا فقد نهى الله عن دعائهم، وبين أنهم لا يملكون كشف الضرّ عن الداعي (^١) ولا تحويله، لا يرفعونه بالكلية، ولا يحولونه من موضع إلى موضع، كتغيير صفته أو قدره، ولهذا قال ﴿وَلَا تَحْوِيلًا﴾ فذكَرَ نكرة (^٢) تعم أنواع التحويل، فكل من دعا ميتًا من الأنبياء، أو الصالحين، أو دعا الملائكة، أو دعا الجن فقد دعا من لا يغيثه، ولا يملك كشف الضر عنه ولا تحويلًا.
وهؤلاء المشركون اليوم منهم من إذا نزلت به شدّة (^٣) لا يدعو إلا شيخه، ولا يذكر إلى إسمه، قد لهج به كما يلهج (^٤) الصبي بذكر أمّه، فإذا تعس أحدهم قال: يا ابن عباس، أو يا محجوب، ومنهم من يحلف بالله ويكذب، ويحلف بابن عباس أو غيره فيصدق ولا يكذب، فيكون المخلوق في صدره أعظم من الخالق.
فإذا كان دعاء الموتى يتضمن هذا الاستهزاء بالدين، وهذه المحادة لرب العالمين (^٥)، فأي الفريقين أحق بالاستهزاء (^٦)
_________
(^١) في "ب" "الداعين".
(^٢) في "أ" "النكرة".
(^٣) في "ب" "الشدد".
(^٤) في "أ" "كما قد يلهج الضبي" وما في "ب" هو الموافق لما في "الردّ على البكري" لشيخ الإسلام "ص ٣٥٢" الذي نقل المؤلف منه هذه العبارة.
(^٥) في "ب": "لله ولكتابه".
(^٦) في "ب": "بالله" وهو خطأ.
1 / 39