فمن أصغى إلى كتاب الله وسنة رسوله وجد فيهما الهدي والشفا. وقد ذَمّ الله تعالى من أعرض عن كتابه ودعى عند التنازع إلى حكم غيره فقال تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ [النساء- ٦١].
إذا عُرِفَ هذا فنقول: الذي شرعه الله ورسوله ﷺ عند زيارة القبور إنما هو تذكرة الآخرة، والإحسان إلى الميت بالدعاء له، والترحم عليه، والإستغفار له، وسؤال العافية كما في صحيح مسلم عن بريدة قال: كان رسول الله ﷺ يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقولوا: "السلام على أهل الديار-
_________
= ٤٥"، وابن ماجة في سننه -المقدمة- "١/ ١٥ - ١٦ - ١٧"، وابن حبان في صحيحه "١/ ١٠٥"، والآجري في الشريعة "ص ٤٧"، والمروزي في السنة "ص ٢١ - ٢٢"، وابن أبي عاصم في السنة -مختصرًا ومطولًا- "١/ ١٧ - ١٨ - ١٩ - ٢٠ - ٢٦ - ٢٧ - ٢٩ - ٣٠"، والطبراني في الكبير "١٨/ ٢٤٥، ٢٤٦، ٢٤٧"، والحاكم في مستدركه "١/ ٩٥ - ٩٦ - ٩٧"، وفي المدخل إلى الصحيح "ص ٧٩ - ٨٠ - ٨١"، والبيهقي في دلائل النبوة "٦/ ٥٤١"، وفي مناقب الشافعي "١/ ١٠ - ١١". جميعهم من طرق عديدة عن أبي نجيح العرباض بن سارية قال: وعظنا رسول الله ﷺ موعظة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب. قلنا: يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا. قال: "قد تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلاّ هالك ومن يعش منك فسيرى اختلافًا كثيرًا فعليكم بما عرفتم من سنتي، وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، وعليكم بالطاعة … " الحديث.
قال الترمذي: حديث حسن صحيح. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح ليس له علة، وأقرّه الذهبي على هذا. وصححه شيخ الإسلام أبو العباس بن تيمية ﵀ "في اقتضاء الصراط المستقيم- ٢/ ٥٧٩"، وقال الحافظ ابن كثير في "تحفة الطالب ص ١٦٣" صححه الحافظ أبو نعيم الأصفهاني، والدُغولي، وقال شيخ الإسلام الأنصاري: هو أجود حديث في أهل الشام وأحسنه، اهـ.
1 / 31