التي عندهم ما ضعضع وِجْدهم، وجلب عليهم علتهم وجهدهم، فوطفت جباههم من العرق، لما داخلهم من الخجل والفرق، فلم يكن لهم حينئذ بدٌ ولا حيلة، حين قرؤا حجته ودليله، ولم يستطع منهم إنسان، على جحود ذلك البرهان، بل صار منهم إقرار وإذعان … إلى أن قال ﵀ ص ٢٠٣:
فلما انقضت تلك الأيام والليال، وتقضت ساعات المناظرة والجدال، طلبوا من حمد بن ناصر بن معمّر، تأصيل ما برهن به واحتج به وقرّر، وكَتْب ما سجله عليهم وسطر، فانتدب لذلك أدام الله نفعه وكثر، فجمع لديهم عجالة وعجل لهم في سُوحِهِم رسالة، أوجز فيها المقالة، وأتى فيها بما فيه كفاية في الحجة والدلالة، يذعن بعد سمعها كل منصف عاقل، ويشهد بفضل قائلها كل فاضل، ويقر بصدقها وصحة مضمونها الأمثل، ولا عبرة بمنافق أو غبي أو جاهل.
بنى للحق المبين على أساسها صرحًا، وأجاد فيما أحكمه من التحرير إضاحًا وشرحًا، فأفاد فيما نحاه من التحبير صدعًا وصدحًا، وترك مناظريه يعانون في الجواب عنها كدحًا، فلم يدركوا من سعيهم ربحًا، بل زادوا فيما زخرفوه عن الصواب بعدًا ونزحًا فهي عليك مجلوة، وحججها مقروءة ومتلوة، مميطة لوضيء حسنها النقاب، سافرة الوجه للنقاد والنقاب، خالية من شين الإسهاب والإطناب … انتهى بتصرف كثير.
ولقد صدق هذا الشيخ المنصف فيما قرره، وسيقف القارئ على هذا بقراءة ما كتبه الشيخ حمد وسطّره. والله المسؤول المرجو أن يرينا الحق حقًا ويرزقنا اتباعه، ويرينا الباطل باطلًا ويرزقنا اجتنابه
1 / 20