وما تكلم فيه إلا حاسد أو جاهل بحاله، فكان ذلك الكلام الباطل منهم موجبا لارتفاع شأنه وعلو قدره، وتلك سنة الله في عباده: {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها * يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا} [الأحزاب: 69/ 70].
عن أحمد بن صالح قال: قال لي الشافعي: تعبد من قبل أن ترأس فإنك إن ترأست لم تقدر أن تتعبد.
قال أحمد بن سلمة النيسابوري: تزوج إسحاق بن راهويه بامرأة رجل كان عنده كتب الشافعي، مات ولم يتزوج بها إلا للكتب، قال: فوضع «جامع الكبير» على كتاب الشافعي ووضع «جامع الصغير» على «جامع سفيان» فقدم أبو إسماعيل الترمذي نيسابور، وكان عنده كتب الشافعي عن البويطي، فقال له إسحاق، لا تحدث بكتب الشافعي ما دمت هنا فأجابه.
روى أبو الشيخ الحافظ وغيره من غير وجه: أن الشافعي لما دخل مصر أتاه جلة أصحاب مالك، وأقبلوا عليه، فلما أن رأوه يخالف مالكا وينقض عليه، جفوه وتنكروا له فأنشأ يقول:
أأنثر درا بين سارحة النعم ... وأنظم منثورا لراعية الغنم
لعمري لئن ضيعت في شر بلدة ... فلست مضيعا بينهم غرر الحكم
فإن فرج الله اللطيف بلطفه ... وصادفت أهلا للعلوم وللحكم
بثثت مفيدا واستفدت ودادهم ... وإلا فمخزون لدي ومكتتم
ومن منح الجهال علما أضاعه ... ومن منع المستوجبين فقد ظلم
وكاتم علم الدين عمن يريده ... يبوء بإثم زاد وإثم إذا كتم
عن الربيع قال: رأيت أشهب بن عبد العزيز ساجدا يقول في سجوده: اللهم أمت الشافعي لا يذهب علم مالك، فبلغ الشافعي، فأنشأ يقول:
تمنى رجال أن أموت وإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
صفحہ 19