فصل جمع النَّبِي فِي قَوْله فَاتَّقُوا الله وأجملوا فِي الطّلب بَين مصَالح
الدُّنْيَا وَالْآخِرَة وَنَعِيمهَا ولذاتها إِنَّمَا ينَال بتقوى الله وراحة الْقلب وَالْبدن وَترك الاهتمام والحرص الشَّديد والتعب والعناد والكد والشقاء فِي طلب الدُّنْيَا إِنَّمَا ينَال بالإجمال فِي الطّلب فَمن اتَّقى الله فَازَ بلذة الْآخِرَة وَنَعِيمهَا وَمن أجمل فِي الطّلب استراح من نكد الدُّنْيَا وهمومها فَالله الْمُسْتَعَان
قد نادت الدُّنْيَا على نَفسهَا ... لَو كَانَ فِي ذَا الْخلق من يسمع
كم واثق بالعيش أهلكته ... وجامع فرقت مَا يجمع
فَائِدَة جمع النَّبِي بَين المأثم والمغرم فَإِن المأثم يُوجب خسارة الْآخِرَة
والمغرم يُوجب خسارة الدُّنْيَا
فَائِدَة قَالَ تَعَالَى وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا علق سُبْحَانَهُ الْهِدَايَة
بِالْجِهَادِ فأكمل النَّاس هِدَايَة أعظمهم جهادا وأفرض الْجِهَاد جِهَاد النَّفس وَجِهَاد الْهوى وَجِهَاد الشَّيْطَان وَجِهَاد الدُّنْيَا فَمن جَاهد هَذِه الْأَرْبَعَة فِي الله هداه الله سبل رِضَاهُ الموصلة إِلَى جنته وَمن ترك الْجِهَاد فَاتَهُ من الْهدى بِحَسب مَا عطل من الْجِهَاد قَالَ الْجُنَيْد وَالَّذين جاهدوا أهواءهم فِينَا بِالتَّوْبَةِ لنهدينهم سبل الْإِخْلَاص وَلَا يتَمَكَّن من جِهَاد عدوه فِي الظَّاهِر إِلَّا من جَاهد هَذِه الْأَعْدَاء بَاطِنا فَمن نصر عَلَيْهَا نصر على عدوه وَمن نصرت عَلَيْهِ نصر عَلَيْهِ عدوه
1 / 59