الْحُكَمَاء برذونا يسقى عَلَيْهِ فَقَالَ لَو هملج هَذَا الركب أَقْدَام الْعَزْم بالسلوك انْدفع من بَين أيديها سد القواطع القواطع محن يتَبَيَّن بهَا الصَّادِق من الْكَاذِب فَإِذا خضتها انقلبت أعوانا لَك توصلك إِلَى الْمَقْصُود
فصل الدُّنْيَا كامرأة بغي لَا تثبت مَعَ زوج إِنَّمَا تخْطب الْأزْوَاج ليستحسنوا
عَلَيْهَا فَلَا ترْضى بالدياثة
ميزت بَين جمَالهَا وفعالها ... فَإِذا الملاحة بالقباحة لَا تفي
حَلَفت لنا أَن لَا تخون عُهُودنَا ... فَكَأَنَّهَا حَلَفت لنا أَن لَا تفي
السّير فِي طلبَهَا سير فِي أَرض مسبعَة والسباحة فِيهَا سباحة فِي غَدِير التمساح المفروح بِهِ مِنْهَا هُوَ عين المحزون عَلَيْهِ آلامها مُتَوَلّدَة من لذاتها وأحزانها من أفراحها
مآرب كَانَت فِي الشَّبَاب لأَهْلهَا ... عَذَاب فَصَارَت فِي المشيب عذَابا
طَائِر الطَّبْع يرى الْحبَّة وَعين الْعقل ترى الشّرك غير أَن عين الْهوى عميا
وَعين الرِّضَا عَن كل عيب كليلة ... كَمَا أَن عين السخط تبدي المساويا
تزخرفت الشَّهَوَات لأعين الطباع فغض عَنْهَا الَّذين يُؤمنُونَ بِالْغَيْبِ وَوَقع تابعوها فِي بيداء الحسرات وباؤلئك عَلَى هُدىً مِنْ رَبهم واؤلئك هم المفلحون وَهَؤُلَاء يُقَال لَهُم ﴿كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُم مجرمون﴾ لما عرف الموفقون قدر الْحَيَاة الدُّنْيَا وَقلة الْمقَام فِيهَا أما وافيها الْهوى طلبا لحياة الْأَبَد لما استيقظوا من نوم الْغَفْلَة استرجعوا بالجد مَا انهبه الْعَدو مِنْهُم فِي زمن البطالة فَلَمَّا طَالَتْ عَلَيْهِم الطَّرِيق تلمحوا الْمَقْصد فَقرب عَلَيْهِم الْبعيد وَكلما أمرت لَهُم الْحَيَاة حلى لَهُم تذكر ﴿هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُم توعدون﴾
وَركب سروا اللَّيْل ملق رواقه ... على كل مغْبرّ الْمطَالع قَائِم
حدوا عَزمَات ضَاعَت الأَرْض بَينهَا ... فَصَارَ سراهم فِي طُلُوع العزائم
1 / 46