الصَّدْر والابتلاء بقرناء السوء الَّذين يفسدون الْقلب ويضيعون الْوَقْت وَطول الْهم وَالْغَم وضنك الْمَعيشَة وكسف البال تتولّد من الْمعْصِيَة والغفلة عَن ذكر الله كَمَا يتولّد الزَّرْع عَن المَاء والإحراق عَن النَّار وأضداد هَذِه تتولّد عَن الطَّاعَة
فصل طُوبَى لمن أنصف ربّه فَأقر لَهُ بِالْجَهْلِ فِي علمه والآفات فِي عمله
والعيوب فِي نَفسه والتفريط فِي حَقه وَالظُّلم فِي مُعَامَلَته فَإِن آخذه بذنوبه رأى عدله وَإِن لم يؤاخذه بهَا رأى فَضله وَإِن عمل حَسَنَة رَآهَا من منّته وصدقته عَلَيْهِ فَإِن قبلهَا فمنّة وَصدقَة ثَانِيَة وَإِن ردّها فلكون مثلهَا لَا يصلح أَن يواجه بِهِ وَإِن عمل سيّئة رَآهَا من تخلّيه عَنهُ وخذلانه لَهُ وإمساك عصمته عَنهُ وَذَلِكَ من عدله فِيهِ فَيرى فِي ذَلِك فقره إِلَى ربّه وظلمه فِي نَفسه فَإِن غفرها لَهُ فبمحض إحسانه وجوده وَكَرمه ونكتة الْمَسْأَلَة وسرّها أنّه لَا يرى ربه الامحسنا وَلَا يرى نَفسه إِلَّا مسيئا أَو مفرطا أَو مقصّرا فَيرى كل مَا يسرّه من فضل ربّه عَلَيْهِ وإحسانه إِلَيْهِ وكل مَا يسوءه من ذنُوبه وَعدل الله فِيهِ المحبّون إِذا خربَتْ منَازِل أحبّائهم قَالُوا سقيا لسكانها وَكَذَلِكَ الْمُحب إِذا أَتَت عَلَيْهِ الأعوام تَحت التُّرَاب ذكر حِينَئِذٍ حسن طَاعَته فِي الدُّنْيَا وتودده اليه وتجدد رَحمته وسقياه لمن كَانَ سَاكِنا فِي تِلْكَ الْأَجْسَام البالية
فَائِدَة الْغيرَة غيرتان غيرَة على الشَّيْء وغيرة من الشَّيْء فالغيرة على
المحبوب حرصك عَلَيْهِ والغيرة من الْمَكْرُوه أَن يزاحمك عَلَيْهِ فالغيرة على المحبوب لَا تتمّ إِلَّا بالغيرة من المزاحم وَهَذِه تحمد حَيْثُ يكون المحبوب تقبح الْمُشَاركَة فِي حبه كالمخلوق وَأما من تحسن الْمُشَاركَة فِي حبه كالرسول والعالم بل الحبيب الْقَرِيب سُبْحَانَهُ فَلَا
1 / 33