الفوائد
الفوائد
ناشر
دار الكتب العلمية
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
1393 ہجری
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
تصوف
الحقيرة والخسيسة بالضد من ذَلِك فَكل نفس تميل إِلَى مَا يُنَاسِبهَا ويشاكلها وَهَذَا معنى قَوْله تَعَالَى قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلَى شَاكِلَتِه أَي على مَا يشاكله ويناسبه فَهُوَ يعْمل على طَرِيقَته الَّتِي تناسب أخلاقه وطبيعته وكل إِنْسَان يجْرِي على طَرِيقَته ومذهبه وعادته الَّتِي ألفها وجبل عَلَيْهَا فالفاجر يعْمل بِمَا يشبه طَرِيقَته من مُقَابلَة النعم بِالْمَعَاصِي والإعراض عَن النعم وَالْمُؤمن يعْمل بِمَا يشاكله من شكر النعم ومحبته وَالثنَاء عَلَيْهِ والتودد إِلَيْهِ وَالْحيَاء مِنْهُ والمراقبة لَهُ وتعظيمه وإجلاله فصل
من لم يعرف نَفسه كَيفَ يعرف خالقه فَاعْلَم أَن الله تَعَالَى خلق فِي صدرك بَيْتا وَهُوَ الْقلب وَوضع فِي صَدره عرشا لمعرفته يَسْتَوِي عَلَيْهِ الْمثل الْأَعْلَى فَهُوَ مستو على عَرْشه بِذَاتِهِ بَائِن من خلقه والمثل الْأَعْلَى من مَعْرفَته ومحبته وتوحيده مستو على سَرِير الْقلب وعَلى السرير بِسَاط من الرِّضَا وَوضع عَن يَمِينه وشماله مرافق شرائعه وأوامره وَفتح إِلَيْهِ بَابا من جنَّة رَحمته والأنس بِهِ والشوق إِلَى لِقَائِه وأمطره من وابل كَلَامه مَا أنبت فِيهِ أَصْنَاف الرياحين وَالْأَشْجَار المثمرة من أَنْوَاع الطَّاعَات والتهليل وَالتَّسْبِيح والتحميد وَالتَّقْدِيس وَجعل فِي وسط الْبُسْتَان شَجَرَة معرفَة فَهِيَ تُؤْتِي أكلهَا كل حِين بِإِذْنِ رَبِّهَا من الْمحبَّة والإنابة والخشية والفرح بِهِ والابتهاج بِقُرْبِهِ وأجرى إِلَى تِلْكَ الشَّجَرَة مَا يسقيها من تَدْبِير كَلَامه وفهمه وَالْعَمَل بوصاياه وعلّق فِي ذَلِك الْبَيْت قِنْدِيلًا أسرجه بضياء مَعْرفَته وَالْإِيمَان بِهِ وتوحيده فَهُوَ يستمد من شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تمسسه نَار ثمَّ أحَاط عَلَيْهِ حَائِطا يمنعهُ من دُخُول الْآفَات والمفسدين وَمن يُؤْذِي الْبُسْتَان فَلَا يلْحقهُ إِذا هم وَأقَام عَلَيْهِ حرسا من الْمَلَائِكَة يَحْفَظُونَهُ فِي يقظته ومنامه ثمَّ أعلم صَاحب الْبَيْت والبستان بالساكن فِيهِ فَهُوَ دَائِما همه إصْلَاح السكن وَلم شعثه ليرضاه السَّاكِن منزلا وَإِذا أحس بِأَدْنَى شعث فِي السكن
1 / 178