فاتنة الإمبراطور
فاتنة الإمبراطور: فرانسوا جوزيف إمبراطور النمسا السابق وعشيقته كاترين شراط
اصناف
فعبس فيه الإمبراطور قائلا: أنا القانون. - ونحن نخضع لهذا القانون، فهل يأمر جلالة الإمبراطور بإصدار أمر عال بتعديل المادة؟ - عجبا عجبا، تناقشني في مسألة خاصة بي، الحكم سيصدر باسمي في قضية ضد متواقح على تاج النمسا، فيجب أن يكون شاب شراط عبرة لمن يعتبر.
فانحنى الوزير لدى الإمبراطور بكل إجلال، وخرج مكفهرا، وبقي الإمبراطور وحده يفكر ويقلب بعض الأوراق، وبعد بضع دقائق ضغط على الزر الكهربائي فدخل كاتب السر ودفع إلى الإمبراطور بعض الأوراق وتناول منه بعضا آخر. وأول ما وقع عليه نظر الإمبراطور بطاقة مذهبة الحواشي باسم مدام آلدار فون كيس، فسأل كاتب السر: ما شأن هذه المرأة؟ - ترجو يا مولاي أن ترفع بنفسها إلى مقامكم السامي عريضة استرحام، وهي تنتظر صدور أمركم الكريم بقبول امتثالها.
ففكر الإمبراطور هنيهة ثم قال: دع السيدة تنتظر في البهو. - سمعا وطاعة.
وخرج الكاتب وبقي الإمبراطور يقلب الأوراق، ثم جعل يقلب البطاقة الذهبية والرائحة العطرية تنبعث منها، وبعد دقائق نهض وتمشى في غرفته إلى أن بلغ مدخل البهو، وأزاح الستار قليلا؛ فلمح امرأة كأنها البدر على غصن يرتجف تحت خطرات النسيم، فأشفق على اضطراب المرأة ووجلها قبيل مقابلة الملك الذي تخفق لهيبته القلوب، ولما رآها قد لمحته تقدم، فتقدمت المرأة خطوتين وهي تتداعى تحت ثقل الرهبة، حتى لم تعد تحملها ساقاها، فارتمت جاثية ورفعت يديها بورقة ملفوفة كالدرج ولم تنبس ببنت شفة. فألقى الإمبراطور يده على كرسي وقال: إنك يا امرأة في حضرة ملك عادل، فما هي ظلامتك؟
فأجابت بصوت خافت متهدج: مولاي إني أخاف من العدل، وأرجو الرحمة وجلالتك رحوم وعادل معا. - ماذا تريدين؟ - أتوسل إلى رحمتك أن تعفو عن أخي، فما هو مذنب وإنما طيشه ونزقه مذنبان. فارحمه لكي يتعلم من رحمتك أن يكون حكيما وعاقلا. - من هو أخوك؟ - هو شاب شراط النادم المستغفر، وجلالتك أولى بالمغفرة والصفح.
فتقدم الإمبراطور خطوة واحدة وهو يبتسم، وأمسك تلك اليد العاجية التي ترفع العريضة ورفعها، فارتفعت المرأة معها وهي لا تزال ترتجف، وقال لها: لقد أجبت التماسك يا سيدة، وأنتظر أن تقدمي لي شكرك في حين آخر.
فانحنت المرأة لديه حتى كادت تبلغ الأرض، وتراجعت إلى الوراء، والإمبراطور عاد من حيث أتى وهو يفكر باسما متهللا.
بعد يومين جاء وزير الحقانية والتمس الامتثال لدى الإمبراطور، ولما وقف بين يديه دفع إليه صحيفة وقال: هذا نص الحكم على شاب شراط بالأشغال الشاقة عشر سنين يا مولاي.
فتناول الإمبراطور الحكم وتلاه، ثم تناول قلما وكتب تحته: «لقد عفونا عن شراط.» ووقعه بإمضائه ودفعه إلى الوزير، فلما اطلع الوزير على الكتابة بهت ونظر إلى الإمبراطور مستغربا، فابتسم الإمبراطور قائلا: أجل، يجب أن يعرف الناس أن قضاءهم صارم وأن إمبراطورهم حليم رحيم، فأصدر أمرك بإخراج شراط من السجن في هذه الساعة.
فانحنى الوزير وخرج مدهوشا.
نامعلوم صفحہ