فاطمة الزهراء والفاطميون
فاطمة الزهراء والفاطميون
اصناف
لم تمض سنوات على هذه الآصرة
12
القدسية التي جمعت بين الزوجين الكريمين حتى طرأ طارئ لم يدخل لهما في حساب، واستجاش الغيب نفس رسوله فتحفزت لأداء الأمانة الجلى التي جاشت بها جوانح الدنيا مئات السنين.
فلم يجد محمد إلى جانبه فتاة غريرة تفزع ولا تدري ما تصنع، بل وجد إلى جانبه قلبا كريما وروحا عظيما وسكنا تهدأ عنده جائشة ضميره وتطمئن إليه خشية فؤاده، ولم يكن قصارى الأمان عند حليلته التي سكن إليها أنها حنكة السن وحنان الأمومة، ولكنه أمان الذي يعرف من نشأته ونشأة آله ما الرسالة وما أمانة الحق والفضيلة، وما عاقبة الصبر على العرواء
13
التي تندك لها عزائم وتطيش لها أحلام، ولا يتلقاها كما يتلقى البشارة المفرحة إلا من هو كفؤ لها من بني آدم وحواء.
وكل ما علمناه من سيرة خديجة عليها الرضوان خليق على قلته أن يجعلها بحق سيدة نساء قريش، ولكن هذا القليل الذي علمناه لو ذهب كله ولم يبق منه إلا أيام حضانتها لبشائر النبوة في طلعتها لضمن لها أن تتبوأ مقام السيادة بين نساء العالمين.
وقد بقي محمد يذكر لها تلك الأيام إلى مختتم أيامه، وظل يتفقدها ويتفقد مواطن ذكراها أعواما بعد أعوام، لقد كان فيها الشغل الشاغل عن أطيب الأيام وأصعب الأيام. وإن وفاء كهذا لهو وحده كفاية المستقصي في التعريف بحقها من زوجة بارة وأم رءوم، فما من شهادة لإنسانة هي أصدق من دوام الوفاء لها في قلب إنسان عظيم.
الفصل الثاني
نشأتها
نامعلوم صفحہ