فتح دارفور
فتح دارفور سنة ١٩١٦م ونبذة من تاريخ سلطانها علي دينار
اصناف
5
ولبس أجمل ثيابه، ثم قال: «سأذهب للدواس
6
وأموت فداء لمولاي.» وهو يقصد من كل ذلك أنه لو قدر ومات، فسيموت شهيدا، وما تطيبه ولبسه الفاخر من الثياب إلا استعدادا لمقابلة حور الجنة. (36) إعجابي بالخليل وبشجاعته الخلقية
ومما أعجبني وراق نظري كثيرا ثبات الخليل على حب مولاه السلطان، ومدحه له، والمدافعة عنه، عندما قلت له: «إن السلطان كان جاهلا وسكيرا، هذا فضلا عن إرهاقه الرعية بالظلم، والجور، والحيف، ومع ذلك لا يخاف الله.» فاغتاظ الرجل، وأجابني في حدة مع تأدب، وقال: «إن ما بلغكم عنه لزور وبهتان وافتراء، ولو كان سكيرا كما تقول لما أمكنه أن يدير دفة هذا الملك الواسع ما يربو على التسعة عشر عاما بدقة، وإحكام، ولو كان ظالما فظا لانفض الناس من حوله.» وحينئذ كنت تراني أتلذذ من هذا الكلام الذي بلغ الغاية في الحكمة، والولاء، والذي أنضجه الذكاء الفطري، وسرعة الخاطر العجيب، ودل على وجود مبدأ سام شريف في الرجل، وزاد على ذلك: «إن السلطان كان رءوفا، رحيما، برعيته كريما، جوادا، كثير الإحسان مسلما تقيا، جمع كل صفات الخير، والبر، والرحمة.» فأكبرت الرجل في عيني، وصرت أنظر إليه منذ ذلك الوقت بعيني قلبي لا بذلك النظر السطحي.
هذا ما قاله الخليل مع علمه بأنه قد أصبح أسيرا، ولا سبيل - بل لا وسيلة - في نجاته. واعتقادي أنه لو كان رجل آخر مكانه لقال هكذا: «ما حيلتي وأنا غير مخير في نفسي، وما عملت كل ما عملت إلا مجبرا خوفا على دمي أن يريقه السلطان» غير أن الخليل كان في غاية الشجاعة الخلقية.
ولقد سأله المفتش - مفتش حكومة السودان - أمامي عن مكان عيش
7
السلطان المدفون، فقال بكل بساطة: «لا علم لي بذلك؛ لأن هذه ليست بلدتي، ويجب عليكم أن تسألوا شيخها؛ حيث إن صاحب الدار أدرى بالذي فيها.»
وعندئذ سألته: «ولماذا أنت هنا مع أنك تقول إن هذه ليست بلدك؟» فأجابني: «إن بلدتي تدعى فافا
نامعلوم صفحہ