12
عامله على إقليم «حمير» يأمره: «ابعث إلي برأس هذا الرجل الذي بالحجاز.»
13
فقال النبي عندما بلغه ما فعله كسرى بكتابه: «مزق ملكه.» فكانت نبوءة ودعوة عليه، وما مضى بعد ذلك إلا زمن قصير حتى تحققت.
14
أما ما كان من أمر هرقل فلسنا ندري ما كان يدور بنفسه إذ هو خارج من مواكب الاحتفال عند مقدمه إلى عاصمة ملكه بعد فتوحه في آسيا، أو عندما كان يسير وفي ركابه الظفر يشق بلاد الشام نحو بيت المقدس حاملا معه الصليب الأعظم؛ أكان عند ذلك يذكر ما وقع له وهو في معسكره منذ حين، إذ طلع عليه جماعة من فرسان البدو وعليهم رئيسهم «دحية بن خليفة» الكلبي يحمل إليه كتاب النبي؟ لا شك أن الإمبراطور قد سمع بما أجاب به من قبل ملك الفرس، ولعله كان عند ذلك قد أتاه نبأ مقتل رسول النبي في مؤتة،
15
ولكنه مع ذلك أرسل ردا حسنا، حتى إن بعض مؤرخي العرب خلق من ذلك قصة منمقة سخيفة عجيبة يذكر بها إسلام هرقل، ولم يكن شيء أبعد من ذلك الأمر عنه. وماذا عسى كان يدفعه إلى تصديق ما أتى به زعيم عربي لم يعرفه، وذلك في حين كان ملكا سيد الكتائب الكثيرة التي عركتها الحرب فأصبحت ضارية صعبة المراس.
وعلى ذلك فقد سار هرقل في سبيله، ولم يعكر شيء صفاءه، ولم يعر أمر تلك الرسالة اهتماما، ولكن فيما كان هرقل يسير في موكبه من الباب الذهبي بين الطرق المتعرجة قاصدا إلى الكنيسة القائمة على جبل الزيتون ليقيم بها الصليب الذي استنقذه، وفيما كانت الناس في بيت المقدس يبكون مما في نفوسهم من سورة قد غلبت عليهم جميعا، حتى لقد بكى من كانوا منهم ينشدون أناشيد النصر؛
16
نامعلوم صفحہ