يسع مسلمًا يقر بالتوحيد: أن يرجع عند التنازع إلى غير القرآن والخبر عن رسول الله ﷺ ولا أن يأبى عما وجد فيهما فإن فعل ذلك بعد قيام الحجة عليه فهو فاسق وأما من فعله مستحلًا للخروج عن أمرهما وموجبا لطاعة أحد دونهما فهو كافر لا شك عندنا في ذلك قال وقد ذكر محمَّد بن نصر المروزي: أن إسحاق بن راهويه كان يقول: من بلغه عن رسول الله ﷺ خبر يقر بصحته ثم رده بغير تقيّة فهو كافر وقال ولم نحتج في هذا بإسحاق وإنما أوردناه لئلا يظن جاهل أننا متفردون بهذا القول وإنما احتججنا في تفكيرنا: من استحل خلاف ما صح عنده عن رسول الله ﷺ يقول الله تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَينَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ هذه الآية كافية لمن عقل وحذر وآمن بالله واليوم الآخر وأيقن أن هذا العهد عهد ربه إليه ووصيته ﷿ الواردة عليه فليفتش الإِنسان نفسه فإن وجد في نفسه مما قضاه رسول الله ﷺ في كل خبر يصححه مما قد بلغه أو وجد نفسه غير مسلمة لما جاءه عن رسول الله ﷺ ووجد نفسه مائلة إلى قول فلان وفلان أو إلى قياسه واستحسانه أو وجد نفسه تحكم فيما نازعت فيه أحدًا دون رسول الله ﷺ من صاحب فمن دونه فليعلم أن الله قد أقسم وقوله الحق أنه ليس مؤمنًا وصدق الله تعالى وإذا لم يكن مؤمنًا فهو كافر ولا سبيل إلى قسم ثالث ثم ساق قول الله تعالى: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا﴾ (١) فليتق الله الذي إليه المعاد امرؤ على نفسه ولتوجل نفسه عند قراءة هذه الآية وليشتد إشفاقه من أن يكون مختارًا للدخول تحت هذه الصفة المذكورة المذمومة الموبقة الموجبة للنار، وقال: لو أن امرأ قال لا نأخذ إلا ما وجدنا في القرآن لكان كافرًا بإجماع الأمة ولكان لا يلزمه إلا ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل وأخرى عند الفجر لأن ذلك هو: أقل ما يقع عليه اسم صلاة ولا حد للأكثر في ذلك.
_________
(١) سورة النساء [٦١].
1 / 11