فتح البيان في مقاصد القرآن
فتح البيان في مقاصد القرآن
ناشر
المَكتبة العصريَّة للطبَاعة والنّشْر
پبلشر کا مقام
صَيدَا - بَيروت
اصناف
تفسیر
باب الحذف والإيصال، وقيل معناه انتظرنا وتأن بنا، وقرأ الأعمش أنظرنا بمعنى أخرنا وأمهلنا حتى نفهم عنك، وأمرهم بعد هذا النهي والأمر بأمر آخر وهو قوله.
(واسمعوا) أي اسمعوا ما أمرتم به ونهيتم عنه، معناه أطيعوا الله في ترك خطاب النبي ﵌ بذلك اللفظ وخاطبوه بما أمرتم به، ولا تخاطبوه بما يسر اليهود، بل تخيروا لخطابه ﵌ من الألفاظ أحسنها ومن المعاني أدقها، ويحتمل أن يكون معناه اسمعوا ما يخاطبكم به الرسول من الشرع حتى يحصل لكم المطلوب بدون طلب للمراعاة.
قال ابن جرير والصواب من القول عندنا في ذلك أن الله نهى المؤمنين أن يقولوا لنبيه ﷺ راعنا لأنها كلمة كرهها الله أن يقولوها لنبيه ﷺ نظير الذي ذكر عن النبي ﷺ أنه قال " لا تقولوا للعنب الكرم ولكن قولوا الحبلة ولا تقولوا عبدي ولكن قولوا فتاي " وما أشبه ذلك، ثم توعد اليهود بقوله (وللكافرين عذاب أليم) ويحتمل أن يكون وعيدًا شاملًا لجنس الكفرة.
(ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم) فيه بيان شدة عداوة الكفار للمسلمين حيث لا يودون إنزال الخير عليهم من الله سبحانه، وقد قيل بأن الخير الوحي وقيل غير ذلك والظاهر أنهم لا يودون أن ينزل على المسلمين أي خير كان فهو لا يختص بنوع معين كما يفيده وقوع هذه النكرة في سياق النفي، وتأكيد العموم بدخول " من " المزيدة عليها وإن كان بعض أنواع الخير أعظم من بعض فذلك لا يوجب التخصيص.
(والله يختص برحمته) أي يميز (من يشاء) تمييزه والرحمة قيل هي القرآن والإسلام، وقيل النبوة وقيل جنس الرحمة من غير تعيين كما يفيد ذلك الإضافة إلى ضميره تعالى (والله ذو الفضل العظيم) فكيف لا يودون أن يختص برحمته من يشاء من عباده وكل خير ناله عباده في دينهم ودنياهم فإنه منه ابتداء وتفضلًا عليهم من غير استحقاق أحد منهم لذلك، بل له الفضل والمنة على خلقه.
1 / 244