فتح باب العناية بشرح النقاية
فتح باب العناية بشرح النقاية
تحقیق کنندہ
محمد نزار تميم، هيثم نزار تميم
ناشر
دار الأرقم بن أبي الأرقم
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م
پبلشر کا مقام
بيروت
اصناف
فقہ حنفی
وغسل فمه بمياهٍ كأنفه،
===
(وغسلُ فمه) برفعه (بمياهٍ) متعلِّق به (كأنفه) أي بثلاثِ غَرَفات لكلّ منهما، لا بثلاثٍ لها كما قال الشافعي ومالك علَى الصحيح، لِما رُوِيَ «أنه ﵊ مضمض واستنشق (^١) ثلاثَ مرات من غَرفة واحدة».
ولنا صَريحُ ما رواه الطبراني بسنده إلى كعب بن عَمْرو الياميّ: أن رسول الله ﷺ توضأ فمضمض ثلاثًا، واستنشق ثلاثًا، يأخذ لكلّ واحدةٍ ماءً جديدًا، وغسلَ وجهَهُ، فلما مَسح رأسه قال هكذا وأومأ بيديه من مُقدَّم رأسِه حتى بَلغ بهما إلى أسفل عنقه مِنْ قِبَل قفاه. وروى الطبراني وأبو داود عن طلحة بن مصرِّف عن أبيه عن جدّه: أنَّ رسول الله ﷺ توضَّأ فمضمض واستنشق ثلاثًا، يأخذ لكلَّ مرةٍ ماءً جديدًا.
وتحقيقُ التوفيقِ بعد صحة الروايات كلّها: أنَّ كُلاًّ رَوَى ما رأى، ولا منافاة بينهما في حصولِ أصل السُّنَّة، وإنما الخلافُ في زيادة الفضيلة.
والحاصِلُ: أنه ﵊ واظَبَ على المضمضة والاستنشاق في غالب الأيام، إذْ أكثَرُ حُكاةِ وضوئه ﵊ قولًا وفعلًا - وهم اثنان وعشرون نفرًا من الصحابة - نَصُّوا عليهما، إلا أنَّ بعضَهم سكت عن ذكر العَدَد فيهما، وذكَرَ بعضُهم أنه مضمض واستنشق مرة، وبعضُهم وهو عبدُ الله بن زيد بن عاصم حكاه فعلًا، وفيه: «مضمض واستنشق واستنثر ثلاثًا بثلاثِ غَرَفاتٍ» وفيه: «فمسَحَ رأسه فأقبلَ بهما وأدبر مرةً واحدة». روى الأخيرَ الستةُ عنه. وقد بسطنا الكلامَ على هذا المرام في «المِرقاة شرح المِشكاة» (^٢).
وأمَّا المبالغةُ للمفطر فيهما فمستحبةٌ، لقوله ﵊ للَقِيط بن صَبِرَة: «أسبِغ الوضوءَ، وخَلَّلْ بين الأصابع، وبالِغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا» رواه أصحابُ «السنن الأربعة». وروى ابنُ القطّان بسندٍ صحيح: «وبالِغْ في المضمضة والاستنشاق».
وحَدُّ المضمضة استيعابُ جميع الفم. والمبالغةُ فيه أن يصل الماءُ إلى رأس الحلق.
وحَدُّ الاستنشاق أن يصل الماءُ إلى المارِن. والمبالغةُ فيه أن يُجاوِزَ المارِنَ (^٣)، وهو بكسر الراء: ما اشتدَّ من الأنف. وفي «المحيط»: يَفعلُ كلًا مِنَ المضمضةِ
_________
(^١) في المخطوطة: "واستنثر".
(^٢) ١/ ٣٠٩
(^٣) المارِنُ: ما لان من الأنف وفَضَلَ عن القَصَبَة. لسان العرب ١٣/ ٤٠٤، القاموس المحيط ص ١٥٩٢، مجمل اللغة ٣/ ٨٢٨، مادة (مرن). وهذا المعنى مخالف لما ذكره المؤلف ﵀.
1 / 50