Fath al-Qadeer Ala al-Hidayah

Ibn al-Humam d. 861 AH
179

Fath al-Qadeer Ala al-Hidayah

فتح القدير على الهداية

ناشر

دار الفكر

ایڈیشن نمبر

الثانية

پبلشر کا مقام

بيروت

اصناف

فقہ حنفی

وكثير من المشايخ اختاروا قول محمد وهو المختار لأن الشرع رتب وصف النجاسة على تلك الحقيقة وتنتفي الحقيقة بانتفاء بعض أجزاء مفهومها فكيف بالكل فإن الملح غير العظم واللحم فإذا صار ملحا ترتب حكم الملح ونظيره في الشرع النطفة نجسة وتصير علقة وهي نجسة وتصير مضغة فتطهر والعصير طاهر فيصير خمرا فينجس ويصير خلا فيظهر فعرفنا أن استحالة العين تستتبع زوال الوصف المرتب عليها وعلى قول محمد فرعوا الحكم بطهارة صابون صنع من زيت نجس وفرع بعضهم عليه أن الماء والتراب النجسين إذا اختلط وحصل الطين كان الطين طاهرا لأنه صار شيئا آخر وهذا بعيد فقد اختلف فيما لو كان أحدهما طاهرا فقيل العبرة للماء إن كان نجسا فالطين نجس وإلا فطاهر وقيل للتراب وقيل للغالب والأكثر على أن أيهما كان طاهرا فالطين طاهر فأهل هذه الأقوال كلها على نجاسته إذا كان نجسين بخلاف قولهم في الطين المعجون بتبن نجس بالطهارة فيصلى في المكان المطين به ولا ينجس الثوب المبلول إذا نشر عليه لأن ذلك إذا لم ير عين التبن لا إذا رؤيت وعلله في التجنيس بأن التبن مستهلك إذا لم تر عينه بخلاف ما إذا رؤيت ثم قال وإن تر طباعا نجسا انتهى وكأنه بناء على إحدى الروايتين في أمثاله وقال قبله في علامة النوازل إذا نزح الماء النجس من بئر كره أن يبل به الطين ليطين به المسجد أو أرضه لأن الطين يصير نجسا وإن كان البئر طاهرا ترجيحا للنجاسة احتياطا بعد إذ لا ضرورة إلى إسقاط اعتبارها بخلاف السرقين إذا جعل في الطين للتطيين لأن فيه ضرورة إلى إسقاط اعتباره إذ ذلك النوع لا يتهيأ إلا بذلك فعرفنا رأي المصنف في هذا إذ لم يتعقبه كما هو شأنه فيما يخالف مختاره وفي الخلاصة العبرة للنجس منهما أيهما كان نجسا فالطين نجس وبه أخذ الفقيه أبو الليث وكذا روى عن أبي يوسف وقال محمد بن سلام أيهما كان طاهرا فالطين طاهر هذا قول محمد حيث صار شيئا آخر واعلم أن الأرض إذا طهرت بالجفاف والخف بالدلك والثوب بفرك المنى والسكين بالمسح والبئر إذا غار ماؤها بعد تنجسها قبل النزح وجلد الميتة إذا دبغ تشميسا أو تتريبا ثم أصابها الماء هل تنجس إذا ابتلت بعد ذلك فيه روايتان عن أبي حنيفة والآجرة المفروشة إذا تنجست فجفت ثم قلعت هل تعود نجسة فيها الروايتان ومن المشايخ من يقتصر في بعضها على حكاية الخلاف والأولى طرد الروايتين في الكل لأنها نظائر وقد قال تصير في البئر بالطهارة ومحمد بن سلمة بالنجاسة وفي الينابيع وروى عن محمد مثل ما قال ابن سلمة واختار المصنف في التجنيس في السكين الطهارة فلو قطع البطيخ واللحم أكل وقيل لا يؤكل واختار قبله في مسئلة الفرك الطهارة وفي وفي مسئلة الجفاف النجاسة قال لأن النجس لا يطهر إلا بالتطهير والفرك تطهير كالغسل ولم يوجد في الأرض تطهير وفصل بعضهم في السكين والسيف بين كون المنجس بولا فلا بد من الغسل أو دما فيطهر بالمسح وفي شرح الكنز إذا فرك يحكم بطهارته عندهما وفي أظهر الروايتين عن أبي حنيفة تقل النجاسة ولا تطهر حتى لو أصابه ماء عاد نجسا عنده لا عندهما ولها أخوات فذكر ذلك الخف وجفاف الأرض والدباغة ومسئلة البئر قال فكلها على الروايتين وظاهره كون الظاهر النجاسة في الكل والأولى اعتبار الطهارة في الكل كما اختاره شارح المجمع في الأرض وهي أبعد الكل إذ لا صنع فيها أصلا ليكون تطهيرا لأنه محكوم بطهارتها شرعا بالجفاف على ما فسر به معنى الذكاة في الآثار وملاقاة الطاهر الطاهر لا يوجب التنجيس بخلاف المستنجي بالحجر ونحوه لو دخل في الماء القليل نجس على ما قالوا لأن غير المائع لم يعتبر مطهرا في البدن إلا في المنى على رواية والجواز بغيره لسقوط ذلك المقدار عفوا لا طهارته فعنه آخذوا كون قدر الدرهم في النجاسات عفوا قوله ولو أصاب الثوب قدر الدرهم الخ حاصل المذكور في هذا البحث إفادة كون قدر الدرهم لا يمنع في الغليظة وما لم يفحش في الخفيفة وتقدير الدرهم والفاحش وإعطاء ضابط الغليظة والخفيفة أما الأول ففيه الخلاف المنقول ووجه قولنا أن مالا يأخذه الطرف كوقع الذباب مخصص من نص التطهير اتفاقا فيخص أيضا قدر الدرهم بنص الإستنجاء بالحجر لأن محله قدره ولم يدخل حتى لو دخل في قليل ماء نجسه أو بدلالة الإجماع عليه ثم المعتبر وقت الإصابة فلو كان دهنا نجسا قدر درهم فانفرش فصار أكثر منه لا يمنع في اختيار المرغيناني وجماعة ومختار غيرهم المنع فلو صلى قبل اتساعه جازت وبعده لا ولا يعتبر نفوذ المقدار إلى الوجه الآخر إذا كان الثوب واحدا لأن النجاسة حينئذ واحد في الجانبين فلا يعتبر متعددا بخلاف ما إذا كان ذا طاقين لتعددها فيمنع وعن هذا فرع المنع لو صلى مع درهم متنجس الوجهين لوجود الفاصل بين وجهيه وهو جوهر سمكة ولأنه مما لا ينفذ نفس ما في أحد الوجهين فيه فلم تكن النجاسة فيهما متحدة ثم إنما يعتبر المانع مضافا إليه فلو جلس الصبي المتنجس الثوب والبدن في حجر المصلي وهو يستمسك أو الحمام المتنجس على رأسه جازت صلاته لأنه الذي يستعمله فلم يكن حامل النجاسة بخلاف ما لو حمل من لا يستمسك حيث يصير مضافا إليه فلا يجوز هذا والصلاة مكروهة مع ما لا يمنع حتى قيل لو علم قليل النجاسة عليه في الصلاة يرفضها ما لم يخف فوات الوقت أو الجماعة وأما الثاني فظاهر من الكتاب وقوله في الصحيح اختيار للتقدير بعرض الكف على الإطلاق واختار شارح الكنز تبعا لكثير من المشايخ ما قيل من التوفيق بين الروايتين وقاله أبو جعفر لأن إعمال الروايتين إذا أمكن أولى خصوصا مع مناسبة هذا التوزيع وقوله لأن التقدير فيه بالكثير الفاحش يفيد أن أصل المروي عن أبي حنيفة ذلك على ما هو دأبه في مثله من عدم التقدير فما عد فاحشا منع وما لا فلا حتى روى عنه أنه كره تقديره وقال الفاحش يختلف باختلاف طباع الناس فوقفه على عد طباع المبتلى إياه فاحشا وقد روى عنه تقديره بربع الثوب وربع أدنى ثوب يجوز فيه الصلاة وعن أبي يوسف شبر في شبر وعنه ذراع في ذراع ومثله عن محمد وعن محمد أن يستوعب القدمين ويظهر أن الأول أحسن لاعتبار الربع كثيرا كالكل في مسئلة الثوب ينجس الأربعة وانكشاف ربع العضو من العورة بخلاف ما دونه فيهما غير أن ذلك الثوب الذي هو عليه إن كان شاملا اعتبر ربعه وإن كان أدنى ما تجوز فيه الصلاة اعتبر ربعه لأنه الكثير بالنسبة إلى الثوب المصاب وأما الثالث فعندهما اختلاف العلماء في ذلك لأنه يورث شبهة وعنده تعارض النصين في الطهارة والنجاسة وإذا فالدم والخمر وخرء الدجاج والبط والإوز والغائط وبول الآدمي وما لا يؤكل لحمه إلا الفرس والقيء غليظ اتفاقا لعدم التعارض والخلاف والمراد بالدم غير الباقي في العروق وفي حكمه اللحم المهزول إذا قطع فالدم الذي فيه ليس نجسا وكذا الدم الذي في الكبد لا من غيره كذا قيل قال المصنف في التجنيس وفيه نظر لأنه إن لم يكن دما فقد جاور الدم والشيء ينجس بمجاورة النجس وعن أبي يوسف في الباقي أنه معفو في الأكل لا الثوب وغير دم الشهيد ما دام عليه حتى لو حمله ملطخا به في الصلاة صحت بخلاف قتيل غير شهيد لم يغسل أو غسل وكان كافرا لأنه لا يحكم بطهارته بالغسل بخلاف المسلم وعين المسك قالوا يجوز أكله والإنتفاع به مع ما اشتهر من كونه دما ولم أر له تعليلا وذاكرت بعض الإخوان من المغاربة في الزباد فقلت يقال إنه عرق حيوان محرم الأكل فقال ما يحيله الطبع إلى صلاح كالطيبية يخرج عن النجاسة كالمسك وليس دم البق والبراغيث والسمك بشيء وأما القيء فإذا كان ملء الفم فنجس فأما ما دونه فطاهر على ما هو المختار من قول أبي يوسف وفي فتاوى نجم الدين النسفي صبي ارتضع ثم قاء فأصاب ثياب الأم إن كان ملء الفم فنجس فإذا زاد على قدر الدرهم منع وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمه الله أنه لا يمنع ما لم يفحش لأنه لم يتغير من كل وجه كذا في غريب الرواية لأبي جعفر عن أبي حنيفة وهو الصحيح وما قدمناه في النواقض عن المجتبى وغيره يقتضي طهارة هذا القيسء فارجع إليه وقوله لأنها ثبتت بدليل مقطوع به معناه مقطوع بوجوب العمل به فالعمل بالظني واجب قطعا في الفروع وإن كان نفس وجوب مقتضاه ظنيا والأولى أنه يريد دليل الإجماع وثمرة الخلاف تظهر في الروث وهو للحمار والفرس والخثى وهو للبقر والبعر وهو للإبل والغنم فعنده غليظة لقوله عليه الصلاة والسلام في الروثة إنها ركس ولم يعارض وعندهما خفيفة فإن مالكا يرى طهارتها ولعموم البلوى لامتلاء الطرق بخلاف بول الحمار وغيره مما لا يؤكل لأن الأرض تنشفه حتى رجع محمد آخرا إلى أنه لا يمنع الروث وإن فحش لما دخل الري مع الخليفة ورأى بلوى الناس من امتلاء الطرق والخانات بها وقاس المشايخ على قوله هذا طين بخاري لأن مشي الناس والدواب فيها وعند ذلك يروي رجوعه في الخف حتى إذا أصابته عذرة يطهر بالدلك وفي الروث لا يحتاج إلى الدلك عنده وله أن الموجب للعمل النص لا الخلاف والبلوى في النعال وقد ظهر اثرها حتى طهرت بالدلك فإثبات أمر زائد على ذلك يكون بغير موجب وما قيل أن البلوى لا تعتبر في موضع النص عنده كبول الإنسان ممنوع بل تعتبر إذا تحققت بالنص النافي للحرج وهو ليس معارضة للنص بالرأي والبلوى في بول الإنسان في الإنتضاح كرءوس الإبر لا فيما سواه لأنها إنما تتحقق بأغلبية عسر الإنفكاك وذلك أن تحقق في بول الإنسان فكما قلنا وقد رتبنا مقتضاه إذ قد أسقطنا اعتباره ثم حديث رمي الروثة هو ما في البخاري من حديث ابن مسعود أتى النبي صلى الله عليه وسلم الغائط فأمرني أن آتيه بثلاثة أحجار فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم أجد فأخذت روثة فأتيته بها فأخذ الحجرين وألقى الروثة وقال هذا ركس وأما المراد بالنصين في قوله أو لتعارض النصين فحديث استنزهوا البول وحديث العرنيين وقد تقدما وفرق زفر إلحاق الروث كل شيء ببوله وفي مختصر الكرخي قال زفر روث ما يؤكل لحمه طاهر كقول مالك

صفحہ 205