Fath al-Mun'im: Sharh Sahih Muslim
فتح المنعم شرح صحيح مسلم
ناشر
دار الشروق
ایڈیشن نمبر
الأولى (لدار الشروق)
اشاعت کا سال
١٤٢٣ هـ - ٢٠٠٢ م
اصناف
هاتين علامة على لقياك لي، وبشر كل من لقيته وراء هذا الحائط يبحث عني، وهو يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله شهادة خالصة نابعة من تمكن الإيمان في قلبه. بشره أنه من أهل الجنة.
وخرج أبو هريرة -فرحا مسرورا- ليؤدي الرسالة، فكان أول رجل يلقاه عمر بن الخطاب، وأبو هريرة يتهيبه، كما يتهيبه كثير من الصحابة لشدته، فلم يشأ أن يلقي إليه الخبر إلقاء، بل رغب في أن يكون مفتتح الكلام عمر، فأبرز نعلي رسول الله ﷺ، فقال عمر: ما هاتان النعلان يا أبا هريرة؟ فقال: لقد لقيت رسول الله ﷺ بهذا البستان وهاتان نعلاه، وهو على خير ما نحب له، بعثني بهما لأبشر بالجنة كل من لقيت وراء هذا البستان ممن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، شهادة خالصة نابعة من صميم قلبه.
وخاف عمر من عاقبة هذه البشرى على صالح صفوة المسلمين، ومنزلتهم عند الله، وأراد أن يمنع أبا هريرة من التبشير حتى يراجع بشأنه رسول الله ﷺ، وأراد أن يشتد في المنع خشية أن يستهتر أبو هريرة بطلبه أمام أمر رسول الله ﷺ، فدفعه في صدره وهو يقول له: لا تفعل يا أبا هريرة، وارجع أمامي إلى رسول الله ﷺ.
ولم يتحمل أبو هريرة دفعة عمر الشديدة - بدون قصد- فسقط على الأرض، ووقع على عجزه، ثم قام تخنقه العبرات، وسار إلى رسول الله ﷺ وعمر يمشي من ورائه.
فقال له رسول الله ﷺ: ما لك يا أبا هريرة؟ فشكا له ما لقي من عمر.
فنظر ﷺ إلى عمر، وقال له: ما حملك على ما فعلت يا عمر؟
قال: يا رسول الله. أفديك بأبي وأمي. هل بعثت أبا هريرة بنعليك يبشر بالجنة من لقي وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مطمئنا بها قلبه؟ قال: نعم، قال عمر: لا تفعل هذا يا رسول الله، فإني أخشى أن يتكل الناس على هذه البشرى فلا يتسابقون إلى الخيرات، خلهم يعملون يا رسول الله.
وأمام وجهة نظر عمر، وخشيته من التقاعس عن عمل الخير، وعن التنافس في الطاعات رأى رسول الله ﷺ تأجيل هذه البشرى فقال: فخلهم يعملون، ﷺ ورضي عن عمر وأبي هريرة وعن الصحابة أجمعين.
-[المباحث العربية]-
(كنا قعودا) خبر "كان" مصدر مؤول بمشتق، أي قاعدين.
(حول النبي ﷺ قال أهل اللغة: يقال قعدنا حوله وحوليه، وحواليه، وحواله، بفتح الحاء واللام في جميعها، أي على جوانبه.
(ومعنا أبو بكر وعمر) "معنا" بفتح العين على اللغة المشهورة، ويجوز تسكينها في لغة، وهي للمصاحبة، قال صاحب المحكم "مع" اسم معناه الصحبة مفتوحة العين أو ساكنتها غير أن
1 / 117